شاعر الجغرافيا ! افسد علما فجعلوه رمزا ! - 2

صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein‏)

الحوار المتمدن-العدد: 2371 - 2008 / 8 / 12 - 10:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يجب ان يعلم من لم يعلموا بعد . ان دولا كثيرة كانت متخلفة وتقدمت علي مصر ونهضت . كسنغافورة وماليزيا و..، و الخ . وأن الانسان المصري لم يعد يجد رغيف الخبز – الغذاء الرئيسي بسهولة ! ولم يعد يجد كوب الماء المضمون النظافة والصحية ، ولم يعد يعرف كيف لا يكفي بلده نفسه من القمح ، ولم يعد الشباب يجد أشغالا ولم تعد البنات تشاهدن أمامهن سوي رعب شبح العنوسة . وعشرات الآلاف من الأفدنة الزراعية تهلك عطشا في وجود سد عالي خضنا لأجله حربا وتجرعنا خرابا ..!! و.. و.. و مآاسي لا حصر لها ..
ومن هنا لم يعد هناك من حرج في اعادة النظر في كل ثوابتنا وفض مغاليق كافة رموزنا والتقليب في ثناياها والتفتيش في طواياها بحثا عن العلة التي أوصلتنا لتلك الحالة ..
لم يعد أمامنا سوي الا ندع رمزا من الرموز الناصرية العسكرتارية ، و البناوية ، والشعراوية ، الحمدانية ، - أو غيرها - ( نسبة الي عبد الناصر والشيخ حسن البنا ، والشيخ الشعراوي ، والدكتور جمال حمدان ) .

قبل أن نستطرد حديثنا عن شاعر الجغرافيا - دكتور جمال حمدان - ...
... وردا علي ما كان قد قاله الأستاذ احمد عباس صالح - وكنا قد استشهدنا به في الحلقة السابقة . عن كتاب شخصية مصر للدكتور حمدان - وهو ما أشرنا اليه في الحلقة السابقة . نقلا عن جريدة القاهرة : كتب الكتاب بعد هزيمة يونيه 1967 وما احدثته من احباط مفاجيء بلغ حد الياس وكراهية الذات لدي غالبية المصريين .
في دفاعه عن دكتور جمال حمدان ..
يقول الدكتور عبادة كحيلة . والذي ذكر انه كان قريبا من دكتور حمدان . في تلك الفترة وتربطه به علاقة امتدت لسنوات . في مقال بجريدة القاهرة يوم 7-9-2004 " ان ما يقوله الاستاذ احمد عباس صالح لا محل له من الاعراب ولا علاقة له بالتحليل النفسي ولا اي تحليل آخر غير نفسي لسبب بسيط هو ان حمدان انتهي من تأليف كتابه " في طبعته الاولي " قبيل هزيمة يونيه 1967 وصدر في اعقابها مباشرة ...

- تعليق : لم تكن نكسة 1967 هي اولي النكسات بل كانت تاج النكسات . وسبقتها نكسات لا تقل عنها بل كانت هي الممهد لتلك النكسة . كنكسة الديموقراطية علي أيادي ضباط انقلاب 1952 . و المذابح التي أجروها وعرفت بمذبحة القضاة ومذبحة اساتذة الجامعات ، ونكسة 1956 الي سترها ودلس عليها الاعلام الضال المضلل لضباط انقلاب 23 يوليو52 . ونكسة نزيف اقتصاد ودماء شباب مصر في اليمن . لهدف دكترة وعسكرة دول المنطقة لصالح عبد الناصر ولصالح مستقبله في السلطة ... ونكسة تحويل المجتمع المصري والدولة لدولة بوليسية تفتح المعتقلات وتكمم الأفواه وتقييد الألسنة . وغيرها من النكسات غير المنظورة والتي لا مجال لسردها .

ونضيف أيضا : وأنا كنت اظن قصيدة الأبنودي " عدا النهار والمغربية جاية تتخفي ورا ضهر الشجر " وتعبر عن النكسة تماما .. ظننتها كتبت عقب النكسة . - غناها عبد الحليم حافظ - . وسالت الأبنودي في ندوة بدار الادباء بالقاهرة . في منتصف السبعينبات من القرن الماضي حسبما اتذكر – فقال لي بل كتبتها قبل النكسة ! .
وهي تصور حال النكسة بالضبط . ولكن كيف لا يعرف ولا يشعر شاعر او مفكر و مثقف كبير وحساس . بقدوم نكسة النكسات قبل قدومها في عام 1967 ؟!

لذا فسواء صدر كتاب دكتور جمال حمدان – شخصية مصر – قبل نكسة 1967 أو عقبها .. فلا يوجد فارق موضوعي في قول الأستاذ أحمد عباس صالح عن كتاب " شخصية مصر " للدكتور جمال حمدان . ( كتب الكتاب بعد هزيمة يونيه 1967 وما احدثته من احباط مفاجيء بلغ حد الياس وكراهية الذات لدي غالبية المصريين ) .

ويقول دكتور كحيلة : " .. فما تزال الجغرافيا عنصرا فاعلا بين جملة واخري من العناصر الفاعلة . لقد انتصر جنرالات هتلر علي جنرالات اوربا الي أن صادف هؤلاء الجنرالات . امام بوابات موسكو . جنرالا اسمه الشتاء . وتحولت انتصاراتهم الي هزائم . "

تعقيب : ليس جنرال الجغرافيا – جنرال الشتاء – هو الذي انتصر . وانما سؤ تحسب وحسابات جنرالات هتلر . لقدوم الشتاء وسقوط الجليد وما سينتج عنه ... أليس كذلك ؟! فالمقبل علي حرب في ظروف جبلية يجب أن يتحسب لظروف ميدان المعركة . والمقبل علي معركة في فصل الشتاء وسقوط الجليد عليه يجب ان يعي ذلك . والمقدم علي حرب بارض مكشوفة . يجب أن يفهم معني ذلك .. أي ان الجغرافيا ليست لها جنرالات تنتصر في الحروب وانما هي واقع متنوع وعلي الانسان ان يعرف طبيعة جغرافيا هذا الواقع - بما فيه المفاجيء - ويتعامل معه بما يضمن له السلامة والنجاح . ولا يترك زمامه لعوامل الجغرافيا تفعل به ما تشاء . ولا ننفي دور وأهمية الجغرافيا كطبيعة تروضها ونقودها باكثر مما تقودنا هي .

ويختم الدكتور عبادة كحيلة . مقاله محتجا علي انتقاد كتاب دكتور جمال حمدان . بالقول : لست ادري الي اين تمضي بنا هذه الكتابات والهدف منها . في زمان ضاع منا كل شيء " الشرف الرفيع والقلاع والحصون والمال والبنون . كما يقول نزار قباني . ولم يتبق لنا سوي ثقافتنا . و " جمال حمدان معلم من معالم هذه الثقافة .
متي نكف عن جحد العلماء . ولا حول ولا قوة الا بالله .

ونعقب : ما دامت الجريدة التي نشرت نقدا لكتاب دكتور جمال حمدان . قد اعطت حق الرد .. فلماذا يراد تحريم النقد والراي المخالف . طالما الباب مفتوحا للراي الآخر .. فلماذ نريد حجب شمس حرية النقد واعاقة حرية الراي ومنع تجديد الهواء حول الافكار ..؟ الا ان كان هذا هو بعينه صناعة مقدسات ثقافية فوق النقد وفوق المراجعة وجعل المساس بها كفرا وخيانة ..!! ألا يكفينا السلفيون العقائديون والسلفيون السياسيون الذين أوصلونا لما أوصلونا اليه بثوابتهم المقدسة التي لا تتزحزح وبرموزهم الحجرية .. حتي نضيف اليها سلفية ثقافية ... ؟؟!!

#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل