|
العدالة المطلقة
إبتهال بليبل
الحوار المتمدن-العدد: 2372 - 2008 / 8 / 13 - 11:22
المحور:
كتابات ساخرة
صباحاً ، وكالعادة ، أذهب الى مقر عملي ، وفي طريقي المعتاد أمر من أمام مستشفى حكومي كبير ، الشوارع التي بمحاذات هذه المستشفى ، يجتاحها الازدحام المُمل ، الذي يثير أعصاب كل سواق المركبات ، حقيقةً كلما أمُر من هناك ، ينتعلني إحساس غريب وأنا أشاهد مناظر مختلفة لمرضى وعاجزين وجرحى ووغيرها من المناظر المؤلمة ، كل يوم مرتين ، صباحاُ ومساءً ، ولسنين ، كانت هناك بداخلي كلمات كنت ، أرددها ، وأقولها دائماً ، لماذا لا نغلق كافة المستشفيات ؟؟ نحن لسنا بحاجة الى علاج أو تضميد ، فكل من دخل هذه المستشفى مصاب يخرج منها محمولاً بجنازه ، إذن نحن لسنا بحاجة اليها ، ولا داعي الذهاب اليها عند الاصابة ، حاول فقط أن تريح أعصابك ولكي لا تموت بالهم والقهر من جراء هذا الازدحام ، وأنت تحاول دخول المستشفى ، فوالله كن على يقين أنكَ ستتلف أعصابك في هذه الشوارع ، وعليه يكون أفضل لكَ الموت بهدوء وبأعصاب مستقرة بدلاً من الموت وبأعصاب تالفة .... إن مايجعلني أليوم أتحدث عن هذا الموضوع ، هو ماحصل أمامي اليوم صباحاُ ، من موقف محزن ، رغم الازدحامات ، وسيارات الاسعاف ، ومواكب الجيش والحرس ، ناهيك عن المواكب المقدسة لسيارات الاحتلال الامريكي ، نسمع صراخاً مدوياً ، فنحاول معرفة جهة هذا الصراخ ولكن دون جدوى فأبواق ( الكيات ) حالت دون ذلك ، ألا أن لآحظنا أثنين من الشباب في مقتبل العمر يتراكضون بسرعة جنونية بين المركبات وهم حفاة ، يحاولون تفتيت هذا الازدحام ، والدموع تتقافز من أعينهم ، ويتوسلون بسواق المركبات ، يتوسلون بضعف وخوف ، لكي يساعدوهم على فتح المجال لمركبتين ممتلىء بالمصابين نساء ورجاء ، بعضهم عاري بدون ملابس ، حقاً أن الذي يعيش المأساة ليس كمن يسمعها ، أن أسلوب معيشتنا يشبه الكثير من الرويات التي طرحت في الفترة الاخيرة ، روايات عنف وقسوة ... قضية هذا الصباح ، هي أحدى السطور المؤثرة التي خطت على أقدارنا ، نعيش فيها ونخرج منها بحزن بعدما ذبح مصيرنا بوجع ، مواقف لا أنسانية أجتمع فيها، الأسلوب الذكي الحضاري ، لمخاطبة الناس ، بحس مطعون ... القهر يأكلني لأجل هذه المواقف المستباحة ، التي تنسفنا الغام واحداً تلو الاخر ، حرارة صيفنا تلهب أنفسنا فتكاد يتفجر غضب أعمى ، مجال القوانين لدينا شيء خرافي ، في جمع الاموال وفرض المخالفات والمحاسبة ، وكسلها لا بل اختفاءها في حالة تأدية الخدمات ، أننا نعيش حالة عدالة مطلقة ، شعب يمارس فيه أدنى حق من حقوق العدالة النسبية تجاه المواطن العراقي .. لماذا نريد من المواطن العراقي أن يذهب ضحية ممارسة العدالة المطلقة ، ولا نسمح له ولأنفسنا بممارسة عدالة العالم الحالي ، والعصر الحالي ... أنا لا اؤمن بالعدالة التي نعيشها اليوم ، أما أن نموت وهم يحيون واما ان نحيا وهم يموتون ، ورغم ايماني بكل ماأقول ، يظل منطق العقل مشلولاً ، أمام حسرة الفؤاد ، ولغتي مدحورة أمام نزف الآعماق ، وأضل أهذي بأشياء مفككة ، عن هذه الممارسات ويصيبني التحجر والذهول ، وحتى الحقد والشراسة ..
#إبتهال_بليبل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أرهاب سحري ...
-
من المسؤول .....عن جرائم القتل والخطف
-
هموم أمراة ..( اليوم الاول )
-
عبث أمراة ...
-
حذار من أحتراق أوراقنا مرة أخرى
-
الديمقراطية سمكة غربية استحالت حوتاً
-
عربة مجهولة الملامح
-
أتغوص في بحور ،،، جنيةُ نصفُها يشبُهكَ
-
مقابر الغدر
-
تحرير المرأة بطريقة الأحزمة الناسفة
-
نكبة أعيادنا وأحزاننا
-
خليخ خراف نومكَ
-
تجارالموت المجاني
-
الاختراق المر للحزن العراقي
-
قرارات إيجابية وتطبيقها سلبي
-
مسلسل سنوات الضياع وتأثيره على الديمقراطية
-
الجات مكان لا سقف لهُ
-
شبح غلاء الاسعار .....يُعمق ثلاثية ( الفقر والمرض والجهل )
-
ليلة من ليالينا ...
-
تزوير بزي رسمي
المزيد.....
-
موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي
...
-
التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
-
1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا
...
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|