أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم علاء الدين - حوار مع حزب الخرافة لكشف الهرطقة والتضليل – 4 من 5)















المزيد.....


حوار مع حزب الخرافة لكشف الهرطقة والتضليل – 4 من 5)


ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2337 - 2008 / 7 / 9 - 10:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دأبت التيارات والاحزاب والجماعات الاسلامية ومنها حزب الخرافة على رمي كل من يعارضها بالكفر والضلال، واتهام مناوئيها ومنتقديها وكاشفي هرطقتهم وادعائاتهم واوهامهم وزغلهم بانهم يتهجمون على الاسلام وعلى المسلمين.
وفي قولهم هذا اول تحريف للدين وتعارض مع كلام الله لان الاسلام شيء والمسلمين شيء اخر، ولان المسلمين شيء ، والتيارات والاحزاب والجماعات الاسلامية بما فيها حزب التحرير شيء اخر.
ولا بد من التنويه الى انني لست بفقيه او عالم في الدين وانما مجتهد لا اكثر ولا اقل وبالتالي فمن المنطقي ان اقع في الخطأ مثلي كمثل أي انسان مهما كان، والاجتهاد في الدين ليس منافيا للدين بل هو واجبا على كل مسلم ان يجتهد لفهم دينه وكلما اجتهد ازداد ثباتا وايمانا.
و لايشترط حتى تكون مسلما ان تكون منتميا لهذا الحزب او تلك الجماعة، فالاسلام نزل للبشرية جمعاء، كما انه لا يجوز على الاطلاق ان يدعي أي كان فردا او جماعة غير رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نزل عليه الوحي ، بانه كلي المعرفة والعلم ، وانه يمتلك الحقيقة المطلقة، ومن غير المنطقي ان يدعي شخص ايا كان انه اكثر اسلاما او ايمانا من الاخرين، لان ذلك فيه نوع من العلم بالغيب الذي لا يعلمه الا الله.
ومن القواعد الاساسية في الاسلام ان الناس كلهم سواسية امام الله لا فرق بين عربي وعجمي الا بالتقوى ولا يجوز ابدا ان تعطي جماعة او حزبا لنفسها الحق بوصف المسلمين هذا تقي وهذا ليس تقيا، لان التقوى مسالة ايمانية قلبية، ولا يعلم ما في القلوب الا الله، فالتقوى ليست ممارسة الفروض الصلاة والصوم والزكاة والحج ، فكم من الذين لا يتركوا فرضا يمارسون الرذيلة والموبقات والمعاصي وخلافها مما يتنافى مع جوهر الدين وروحه.
ان ما سبق يشير الى ان ليس من حق احد ان يدعي احتكاره المعرفة، وان افكاره هي الصحيحة وان على الاخرين اتباعها طوعا او قسرا، وبالتالي فمن حق أي كان ان يختلف مع أي كان ، ومن حق الجميع بلا استثناء حتى غير المسلمين ان يحاوروا ويجادلوا وينتقدوا الافكار التي يتبناها البشر، وبالتالي امر طبيعي ان يقوم أي شخص كان بالتعبير عن رايه بموضوع الخلافة ويعتبرها وهما وخرافة لم ينزل بها الله من سلطان.
فالتعبير عن الراي يمثل واحدا من الاسس الرئيسية التي جاء بها الاسلام ، والخلاف بالراي موجود منذ ان خلق الله ادم، ومن واجب كل من يعنيهم شان هذه الامة ان يطرح رأيه باسباب تخلفها وضعفها وهوانها ، ومن وجهة نظري ان الافكار التي تدعو البشرية للعودة الى الماضي كتلك التي يطرحها حزب التحرير والمتمثله بكفاحه من اجل عودة الخلافة أي العودة الى الماضي تمثل احد اهم الاسباب الثلاثة في هزيمة الامة وازمتها التاريخية منذ اكثر من الف سنة الى جانب تدني مستوى وعي العامة والعداء المستفحل للعلم والعلوم.
اول الأوهام
واول الاوهام التي يشيعها حزب التحرير هي ادعائه بان مبدأه هوالاسلام وانه يسير على هدي القران الكريم ، والسنة النبوية الشريفة، للاستيلاء على السلطة في أي بلد يستطيع من بلاد المسلمين ، ومن ثم يوحدها تحت لواء الخليفة المنتظر.
فعندما يقول حزب التحرير ان مبدأه هو الاسلام فماذا يعني ذلك؟ ، فهذه عبارة مطاطة وقابلة لالف تفسير وتفسير، فكل التيارات والمجموعات والاحزاب والتنظيمات المتأسلمة تدعي ان مبدأها الاسلام ، فاي اسلام هو مبدأ حزب التحرير؟ هل هو اسلام بن لادن؟ ام اسلام الخميني، ام اسلام الاخوان المسلمين، ام اسلام السلف، ام اسلام البهائيين ام الحشاشين ام الدروز او العلويين او أي من الثلاثة وسبعين فرقة اسلامية المعروفة وعشرات الجماعات والطرق غير المعروفة؟؟؟ ما هو المنهج الاسلامي الذي يعبر عنه جزب التحرير بقوله (مبدانا الاسلام)؟.
وما هي عقيدة حزب التحرير هل هي العقيدة الجبرية ام التفويضية ام الاختيارية، ام ان له عقيدته الخاصة ، واذا كانت له عقيدته الخاصة فلماذا لا يكشف عنها ليعرف المسلمون ان هناك عقيدة جديدة ابتدعها حزب التحرير هي افضل من تلك العقائد التي صيغت مبادئها قبل نحو الف سنة؟
ان الاكتفاء بالقول ان حزب التحرير مبدأه الاسلام ، هو قول مضلل مخادع فيه الكثير من الدجل والضحك على المسلمين.
وحزب التحرير هو الوحيد الذي لا يعلن عن عقيدته ، فالسلف يقولون علنا انهم يتبعون كتاب الله وسنة رسوله، وجماعة الاخوان تقول انها تتبع السنة والجماعة، والامامية تتبع (الشيعة) يتبعون عقيدة الاختيار وبعض مباديء المعتزله، اما حزب التحرير فلا احد يعرف عقيدته .
ونجد لزاما هنا ان نعرف العقائد الاساسية الثلاث التي انقسم اليها علماء المسلمين بشان السلوك الانساني وقسموا العالم الاسلامي على ضوئها وهي (الجبر، والتفويض، والاختيار).
الجبر : هو: "اجبار" الله تعالى عباده على ما يفعلون. خيراً كان أو قبيحاً، دون ان يكون للعبد ارادة واختيار الرفض والامتناع، ويرى علماء الجبرية أن كل ما يحدث للانسان قد قدر عليه ازلاً فهو مسير لا مخير.
وهي العقيدة الاشعرية " أو الاشاعرة" التي وضعها (ابو الحسن الاشعري "أبو الحسن علي بن إسماعيل" وهو ابن امير البصرة ، ولد بالبصرة سنة 270هـ و توفي في بغداد سنة 324هـ وكان أحد أعلام المعتزلة و من المقربين لأبي علي الجبائي شيخ المعتزلة ، لكنه انفصل عن الفكر المعتزلي و اعتنق عقيدة أهل السنة و الجماعة التي كان يتصدرها في ذلك الوقت الإمام أحمد بن حنبل) ويعتبر الاشعري من ائمة الكلام وقد تتلمذ على يد أبو الحسن الطبري، الذي توفي بحدود سنة 380هـ.).
التفويض : هي العقيدة التي يقول علمائها «ان الله تعالى فوّض أعمال العباد اليهم يفعلون ما يشاؤون على وجه الاستقلال ودون ان يكون لله سلطان على افعالهم»(4) وهو قول المعتزلة وهي (فرقة كلامية ظهرت في بداية القرن الثاني الهجري(80هـ- 131هـ) في البصرة (في أواخر العصر الأموي) وقد ازدهرت في العصر العباسي ، اعتمدت على العقل في تأسيس عقائدها و قدمته على النقل، و قالت بأنّ العقل والفطرة السليمة قادران على تمييز الحلال من الحرام بشكل تلقائي . ومن اشهر علماء المعتزلة الجاحظ والخليفة العباسي المأمون والرازي.
الاختيار : يقول علمائه «أن الله كلّف عباده بواسطة الانبياء والرسل ببعض الافعال ونهاهم عن بعض آخر. وأمرهم بطاعته في ما أمر به ونهى عنه بعد أن منحهم القوة والارادة على الفعل» ومن ابرز اتباعه جماعة (الامامية) اتباع علي بن ابي طالب. (الشيعة وفرقها).
الجبرية عقيدة خلافة الاستبداد
ومن المعروف حسب المراجع التاريخية ان العقيدة الجبرية انتشرت في بلاد الشام مع بداية الخلافة الاموية ، الذي اعتمد استراتيجية إخضاع الأمة لإرادة الحاكم المستبد. (فالسطان: ظل الله في الأرض، وما يقع من ظلم وفساد وشر ومعاص إنّما هو بإرادة الله وفعله. والإنسان مجبر، مسير لا حول ولا قوة له، إنه كالقشة التي تلعب بها الرياح الإلهية).
وتعزز مفهوم الجبر، واعتبر المذهب الأدق تعبيراً عن روح الإسلام ومن ثم فقد تم إسقاط كلّ مسؤولية يمكن أنّ تضعها الأمة على كاهل الّذين يتلاعبوا بمقدراتها، ومصيرها، ويسلبوها حريتها، ويتتهكوا حقوقها. فكل ما يفعله الخلفاء بحريتهم وإرادتهم مهما كان طغيانهم، يلقون بتبعاته على الله، وكل ما كان يمكن أنّ تقوم به الأمة من اعمال للاحتجاج على الطغيان يتم قمعها وذبحها بدعوى: أنّ الثورة عليهم عصيان لإرادة الله وتمرد على ما أوجد.
واعتمد جميع خلفاء بني امية والخلفاء العباسيين المذهب الجبري ، بينما اعتمدت جميع قوى المعارضة للخلفاء تقريبا عقيدة الاختيار(مذهب حرية الاختيار او حرية الارادة). وقام تقارب بين الفكر الشيعي وارتباطاته وبين مدارس المعتزلة .
وكان اول من تصدى لمذهب الجبر هو الخليفة علي بن ابي طالب ، ودافع عن مذهب الاختيار (حرية الاراده) داعيا الى عودة الاوضاع الى ما قبل "الانقلاب الاموي" الذي بدأ في عصر الخليفة عثمان بن عفان (الخليفة الراشدي الثالث)
عقدة الخنوع والعبودية
وبناء على عقيدة او فلسفة او مذهب الجبر (كلها مسميات لنفس المضمون) والتي تبنتها دولة الخلافة (الاموية والعباسية والايوبية واستمرت مع اختلاطها بالافكار الصوفية في عصر الخلافة المملوكية والعثمانية) ، صار ليس ضروريا تفسير الاحداث او الاعتراض عليها او معرفة اسبابها ، فالله يفعل ما يشاء، متى شاء، وكيف شاء ولا يحق لاحد ان يسأل: لم اغتنى فلان ؟ فالله يرزق من يشاء بغير حساب، و لم وقع هذا الفساد في الإدارة والمال ؟ لأن ما وقع قد وقع بإرادة الله وفعله، وقد يكون عقاباً أو مقدمة لخير لا نعلمه، وهكذا أفقدوا المواطن حقه في الرقابة على موظفي الدولة، من خلال تصويرهم لأحداث الكون وكأنها وليدة الإرادة الإلهية المستعصية على الفهم، وليست وليد مجموعة من الأسباب الممكن إدراكها بالعلم.
وبهذا سيطرت اللاعقلانية على الفكر الإسلامي، وتلاشت معها كلّ إمكانية لتبني التخطيط، أو العمل على التنمية والتقدم. وظهر منظرون (علماء المسلمبن) يسوغوا التخلف والارتجالية، فليس في الإمكان أبدع مما هو كائن. والتفاوت الطبقي، ومفاسد الحكام كلها مرادة من الله.
في ظل سيادة عقيدة الجبر (الجبرية، الاجبارية) وامام الضربات التي كان يوجهها الخلفاء للمعتزلة ، غير ابو الحسن الاشعري مبادئه من المعزلة الى الجبرية، واصبح منظر السلطة الغاشمة (حلفاء بني العباس) وبثته السلطة عبر المدارس الرسمية.

وفي مقابل "الفسلفة" السابقة قامت المعارضة، وأقوى ممثليها المعتزلة والإمامية تنادي بحرية الإرادة الإنسانية، وقدرة الإنسان على الفعل، بمعنى: أن الفساد الواقع في الدولة والمجتمع ليس من الله، بل من رجال الحكم، وأن من حق المواطنين الثورة عليهم، وتغير الواقع وإصلاح المجتمع، فالله هو الخير، ولا ياتي منه القبيح، وهو لا يغير ما بالإنسان حتّى يغير الإنسان ما به. وكل شيءٍ يقع وفقاً لأسبابه، فالله قد جعل لكل شيءٍ سبباً، (سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً) الاية.
فليس من فساد أو صلاح، وخير أو شر، وغنى أو فقر، وعدل أو ظلم إلاّ وهو واقع بأسباب محددة يقدر العقل على اكتشافها ليصلح بها الفساد، ويحقق الخير والتقدم للإنسان. واعتبر علماء (حرية الاختيار) ان هذا هو التصور العلمي العقلاني القادر على تبني التخطيط، وتنمية المجتمع، وتفسير التخلف والتخلص منه، واقامة دولة القانون والمؤسسات بديلا لدولة إرادة الحاكم المستبد وارتجاليته، مما يكفل العدالة للجميع، ويمحو التباين غير المسوغ بين فئات المجتمع.
وقد اختلفت الفلسفات الاسلامية الثلاث في الكثير جدا من مكونات الدين الاسلامي وشرائعه ختى في كيفية ممارسة طقوس العبادة، وكل منها ادعى ان مبدأه هو الاسلام، فيما ديننا الاسلامي العظيم والعقل والمنطق يقول ان المسالة ليست ماذا تعتنق امام الناس بل ما تؤمن به حقا.
فهل يقول لنا حزب التحرير ما يؤمن به حقا ، لأن تعبير(مبدأنا هو الاسلام) الذي يقال للناس لا يكفي للتعبير عما يؤمن به حزب التحرير حقا.

مفهوم مضلل للحرية والتحرير
من تسمية الحزب وادبياته ومنشوراته نفهم ان الحزب يسعى للتحرير، ويقول انه يعني بالتحرير تخليص الامة من الفساد والجهل والفقر والتبعية للغرب الكافر ومن الحكام الفاسدين، ويتم التحرير باقامة الخلافة الاسلامية على منهج الخلافة الراشدة.
فما هو مفهوم الحرية الذي يؤمن به حزب التحرير؟ فمفهوم الحرية عليه اختلاف كبير جدا سواء بين المدارس الفقهية والمذاهب الفلسفية الاسلامية نفسها ، أوغير الاسلامية.
فلا يكفي ان يقول البعض انه يسعى الى تحرير الامة ، او الى الحرية، يجب ان يحدد مفهومه للتحرير وللحرية، والا كان قوله هذا نوعا من التضليل والزغل والتزييف. يجب ان يحدد حزب التحرير ما مفهومه لحرية العقيدة مثلا ، فادبياته تعج بما هو مناقض لحرية العقيدة في الاسلام، فهو يؤكد تصميمه على الكفاح من اجل نشر راية الاسلام في كل الدنيا ، وان احد فرسانه سيبول على كرسي بابا الفاتيكان، وسيرفع علم الخلافة الاسلامية على بقاع الارض كلها، وفي ذلك ما ينافي قول الله عز وجل: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) ( ونفس وما سواها. فألهمها فجورها وتقواها. قد أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها) ( أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟) ( لست عليهم بجبار) ( لست عليهم بمسيطر).
كما ان البحث في مفهوم الحرية ظل غريبا نوعا ما عن تراث الإسلام إذ لم يطرح إلا في سياقين: (اجتماعي طرحت فيه الحرية مقابل الرق، وغيبي في سياق علاقة الإنسان بربه ومدى حريته في الفعل، حيث احتدم جدل "المتكلمين" بين مؤكد لحرية للإنسان لدرجة تنال من قدرة الله المطلقة (المعتزلة) وبين مدافع عن مشيئة الله المطلقة إلى حد نفي أي فارق حقيقي بين فعل الإنسان وحركة ظواهر الطبيعة) .
وطرف ثالث حاول التوسط بين الفريقين فقال بـ"الجبر" للإنسان، فكان موقفه مثلا للغموض وأقرب الى الموقف الثاني الذي كاد يعم الساحة الإسلامية منذ القرن الخامس (الأشاعرة)
الدين حجة على الانسان وليس العكس
فالدين .. أى دين -- بنصوصه وقيمه وشعائره وشرائعه ومبادئه يصبح حجة على أى إنسان تابع له وليس العكس ابدا فلا يوجد إنسان حجة على دينه بحيث يستطيع التحكم فى أيديولوجياته من حيث التبديل والتغيير والإضافة والحذف لأن الدين السماوى ملك لله وحده وهو المتصرف فيه كيفما يشاء.
وهؤلاء الذين اجتهدوا وتفكروا فى الدين لا يمكن بحال أن يكونوا مرجعا أبديأ للفكر الدينى على مر التاريخ وإلى يوم القيامة ذلك لأنهم عاشوا عصورأ تختلف عن عصرنا وظروفا تغاير ظروفنا وأفكارا وطموحات لا تمت لعصرنا بصلة
هم قد اجتهدوا لأنفسهم وليس لنا وكانوا يعلمون تمام العلم أن ذلك كله إجتهادات وليست مقدسات لأن من يجتهد ليصبح إجتهاده مقدسأ لا يصح أن يحسب من العلماء او المجتهدين أو المفكرين فالمفكر الحقيقي هو الذى يعلم أن إجتهاده جهدا بشريا ، قد يصيب وقد يخطيْ ولن تتعطل عقول البشر لأن حضرته فكر واجتهد ، فكل من له عقل من حقه ان يفكر ويجتهد.
فالواجب على كل انسان بغض النظر عن دينه او لونه او جنسه أن يجتهد ويفكر وفقا لاحوال عصره وبما يتلاءم مع العصر ومع تناقضاته وايجابياته وسلبياته.
كفار مجتهدون
فالسيد اديسون (الكافر) ازال نور القمر من ثقافتنا باختراعه لمبة الكهرباء التي انارت الدنيا ولم يعد احدا يتنبه اذا كان القمر بدرا او هلالا، ولم يعد الشعراء يتغنون بجماله، ولم تعد البشرية تصحوا مع شروق الشمس وتنام عند مغيبها.
والسيد كارير (الكافر طبعا) الذي اخترع اشهر اجهزة التكييف (تبريد الهواء) سيطر على حرارة الشمس المحرقة، وجعل المباني والمساكن العصرية كانها جنان وارفه بالهواء العليل على مدار الساعة. ومن اخترع العجلة الغى كل النواميس ذات العلاقة بالمواصلات، لياتي اختراع الطائرة النفاثة ليجعل عواصم الدنيا اقرب لبعضها البعض من منزل الشيخ الى المسجد.
وهذه كلها والاف الاف الاسماء معظمهم من "الكفار" للاسف اجتهدوا وفكروا واخترعوا وجاؤوا بالخير للبشرية، فاين علماء الدين ، الذين يحفظون قول الل : (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) [سورة البقرة].
اليست هذه هي الحرية الحقيقية التي اعطاها الله لعباده ..حرية البحث والتفكير والاجتهاد بالدين والدنيا معا.
اذن هل يمكن ان تنسجم هذه الحرية مع افكار حزب التحرير التي تريد ارجاع البشرية لعصر الخلافة؟؟
الخليفة المستبد الذي يصدر اوامره بايعاز من الله ولا يجوز معارضته او الاعتراض على اي شيء يقوم به؟ هل هذه هي الحرية التي يعد المسلمين بها حزب التحرير؟
انا اعرف جيدا ان حزب التحرير لم يشغل نفسه بكل هذه الامور فالناس "جهله" ولا يعرفون شيئا يكفي ان نضحك عليهم بتعابير عامة غامضة لنسودهم ونسيطر عليهم، وستكون السيطرة على عقول "الجهلة" ايسر اذا استخدمنا بعض النصوص من القران والسنة وفسرناها بغير مضمونها مثل " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة" التي يقصد بها الله سبحانه وتعالى انه استخلف الانسان ..( البشر كل البشر) ليعمروا الارض ويرتقوا بها ويحسنوا من اوضاعهم وحياتهم ، وليس كما يدعي زورا وبهتنا حزب التحرير ان هذه الاية تعني ان الله امر بوجوب وجود خليفة يحكم المسلمين.
ولماذا يرهق نفسه حزب التحرير بالاجتهاد والتفكير والبحث عن منهج جديد يناسب عصرنا ، ويساير التطورات والمنجزات الهائلة التي يصنعها الانسان (الكافر) للاسف.
فالافكار موجودة وضعها فلاسفة وعلماء القرون الهجرية الثلاثة الاولى، وما على حزب التحرير كغيره من الجماعات والاحزاب الدينية الاخرى سوى الغرف من منهلها ، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
التعارض مع جوهر الرسالة
وهذا يتعارض تعارضا جوهريا مع سنة الرسول عليه السلام ومنهجه ودوره وما قام به،
وفي ذلك يكون ادعاء حزب التحرير بانه يهتدي بمنهج الرسول فيه زورا وبهتنا وتجن
على الرسول وقبله على الله سبحانه وتعالى.
وحتى لا نلقي الكلام على عواهنه ليخرج علينا بعض الشتامين الذين يحملون بيدهم اليمنى سيف التكفير وباليسرى سيف البذائة والدناءة والسفاهة علينا ان نبين كيف ان ما يدعيه حزب التحرير منافيا لمنهج الرسول ورسالته ودوره.
فالاقتداء بالرسول الكريم يتطلب فهم حقيقة الدعوة المحمدية ورسالة الاسلام وما اراده الله بتنزيله لدين الاسلام.
فالله سبحانه وتعالى انزل الديانات الثلاث ليغير حال البشرية الذي كان سائدا قبل نزول الرسالة، ومعنى التغيير وجوهره انه يعني تغييرا شاملا لعقائد البشر وعباداتهم وسلوكهم الانساني ومعاملاتهم.
اي ان الرسائل السماوية كان هدفها الرئيسي هو الارتقاء بحالة البشر وتحسين معيشتهم وربط الله سبحانه هذا الرقي بعبادته والايمان بما انزل.
وكلما وصلت حالة البشرية الى الحضيض (وفق وجهة نظر اصحاب الديانات الثلاث) كان الله يبعث رسولا ليبلغ رسالة مفادها ان حياتكم بائسة وانه حتى يتم تغييرها فعليكم بتقوى الله الواحد الاحد والا تتشركوا به شيئا.
وهذا مضمون رسالة الاسلام فجاء النبي عليه الصلاة والسلام ليقوم بثورة يسياسية وفكرية واجتماعية واقتصادية وعلى كافة الاصعدة.
جاء من اجل التغيير والتطوير ، من اجل ان يصنع مجتمعا متحضرا يمتلك اساس استمرارية الرقي والتطور الحضاري في كافة الميادين .
جاء معلما للناس فعلمهم كيف ياكلوا بطريقة متحضرة بدلا من الطريقة الهمجية (ان ياكل الانسان من امامه وليس من منتصف الصحن، وان يدخلوا الابواب بارجلهم اليمين حتى لا يسقط الواحد منهم عندما تصدطم رجل الداخل بقدمه اليمنى مع الداخل بقدمه اليسرى، وعلمهم كيف يستاذنوا عند دخول البيوت، وعلمهم كيف يتطهروا وينظفوا انفسهم وقال "النظافة من الايمان" لان المجتمع البدوي البربري لا يعرف ما هي النظافة، وجميع اداب السلوك التي دعا اليه الرسول استهدفت الانتقال من المجتمع البربري الى المجتمع التحضر الراقي وفق واقع ذاك العصر.
وكذلك كان الامر سواء في ميدان السياسة او الفكر او العلم او العلاقات الاجتماعية كان يهدف الرسول الى الارتقاء بالحياة الانسانية من حال التخلف والهمجية الى حال الرقي والتحضر.
وحارب الرسول بشتى السبل اولئك الذيم قالوا " لن نتخلى عما كان له اباؤنا عابدون"
بل كان قائدا للتغيير والتجديد والارتقاء.
تجديد ماذا ؟؟ الجواب تجديد المجتمع وفق واقع ذاك العصر الاقتصادي والفكري والاجتماعي ، فجاء بنظام اكثر تطورا من النظام الذي سبقه.
وبالتالي فان العمل بمنهج الرسول يعني العمل بتغيير الاوضع السائدة بالمجتمع القائم الى اوضاع احسن منها ، وهذا يعني ان على كل مسلم ومسلمة ان يعمل على تحسين احوال مجتمعه والارتقاء به، وعلى هذا الاساس فكل انسان مهما كانت ملته او دينه او لونه او جنسه يعمل على الارتقاء بمجتمعه انا هو يعمل بهدي رسول الله حتى لو لم يكن يعلم ، بل وحتى لو لم يسمع بالدين الاسلامي كله.
فجوهر الدين الاسلامي هو التغيير والتجديد وليس ارجاع الزمن القهقرى والعودة بالبشرية الى العصور السحيقة.
لذا فان دعوة حزب التحرير لعودة الخلافة هي دعوة منافية لمنهج الاسلام ومبدأ الاسلام، بل ان منهج الجزب القائم على (لن نتخلى عما كان له ابائنا عابدون) قد حاربه الرسول بل كان جوهر دعوته هي ان يتخلى مجتمع قريش ثم المدينة وغيرها من المدن والبلاد عما كان اياؤهم له عابدون. والعبادة هنا ليست فقط عبادة الله بل العبادة بمفهومها الشامل (تادية الفروض عبادة والعمل عبادة والاخلاص عباده والتقوى عبادة والصدق والتصدق والاحسان وعتق الرقبة والجهاد والدفاع عن ديار المسلمين وبر الوالدين واطعام المسكين الى اخره مجموعة الاداب والقيم كلها عبادة) اي ان الرسول جاء ليغير سلوك البشر ومعتقداتهم الى عبادة الله والى سلوك حضاري حديث بمقاييس ذاك العصر.
فاين حزب التحرير من الاقتداء برسول الله ؟؟؟
اين هي العلوم الجديدة التي يدعوا الناس الي تعلمها؟، اين هي الاختراعات الجديدة التي يقدمها اعضاء حزب التحرير للمسلمين؟ اين هي السلوكيات الاجتماعية الحديثة التي يدعو لها حزب التحرير ؟ وقائمة الاسئلة طويلة جدا.
حزب التحرير ليس له علاقة بكل ذلك انه حزب ماضوي يدعو للردة عن مستوى الحضارة والتحضر التي وصلت اليها البشرية بما فيها المسلمين الذين ينعمون بنتائج العلوم التي ينجزها العلماء الكفرة في الغرب الكافر.
وعلى المسلمين المؤمنين ان ينتظروا عودة الخليفة ، وعندها ستتفجر ينابيع العلم والحضارة والابداع .
هل يمكن وصف كل هذه القناعات سوى بانها خرافية مضلله تبث الوهم والزيف في نفوس المسلمين .
فالإسلام جاء ليرفع من كرامة الإنسان (كل إنسان) ـ فكرمه بالعقل وكفل له الرزق والطيبات، وحقق له أفضلية حتى على الملائكة بان طلب منهم السجود لآدم ، يقول تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).
ووضع الإسلام الأسس التي تكفل التخلص من نظام الرق، وأبطل استعباد الإنسان لأخيه الإنسان، فلا عبودية إلا لله الفرد الصمد (...وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ...) وأعلن أن الناس سواسية لا يتفاضلون إلا بالتقوى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) .. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) .
فالاسلام دين الانسان من اجل الانسان والارتقاء بالانسان وحرية الانسان وتطور الانسان ، وهو دين التغيير الى الامام الى الافضل الى الاستفادة من كل ما هو قائم والبناء عليه والانتقال الى ما هو احسن منه، وليس بالرجوع بالانسان 1400 سنة الى عصر الخلافة.

والى اللقاء بالجزء الخامس ان شاء الله
ابراهيم علاء الدين
[email protected]






#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع حزب الخرافة لكشف الهرطقة والتضليل – 3 من 5)
- حوار مع حزب الخرافة الاسلامية – لكشف الهرطقة والتضليل (2 من ...
- حوار مع حزب الخرافة الاسلامية – لكشف الهرطقة والتضليل (1 من ...
- تحية الى استاذتي الدكتورة نادية الشيوعية المصرية
- تحالف حماسي ... الهدنة مع العدو اهم من الوحدة الوطنية
- حزب الخرافه يهاجم السلطة
- لست مع ابن تيمية في تحريم الكيمياء واعترض على كيمياء اللغة
- ليس كل انسان .... انسان .. احدهما عنده عقل واحد والاخر اثنان
- الاسلام السياسي : بالايمان نقضي على الادمان
- في اجتماع خاص بالكويت .. الهدوء بالعراق يحتاج عشر سنوات
- ما هي المواصفات والمهام المطلوبة من القيادة الفلسطينية
- ام انس : من يجلس على المقاعد او الكراسي سيذهب الى جهنم
- شكرا ابو مازن .. نعم نريدها دولة ديمقراطية ليبرالية..
- سميره وجدت حلا للصراع الابدي
- سيدة مصرية : ديار الكفر احسن من ديار المسلمين
- الفلسطيني طرد الجن (شرلوك) من البدوية ام فهد
- هكذا يتخذ خلفاء المسلمين قرارتهم وهكذا يلغونها
- المستقبل المفقود .. امة تفتقد الى القادة رغم اعدادهم الغفيرة
- الرسول امر بقطع راس الاعلامي
- الاخلاق الاسلامية لا تختلف عما جاء في الديانات الاخرى السماو ...


المزيد.....




- -بعد استعمال الإسلام انكشف قناع جديد-.. مقتدى الصدر يعلق على ...
- ماما جابت بيبي.. تردد قناة طيور الجنة الجديد الحديث على القم ...
- معظم الفلسطينيين واليهود يريدون السلام، أما النرجسيون فيعرقل ...
- معركة اليرموك.. فاتحة الإسلام في الشام وكبرى هزائم الروم
- مصر.. شهادة -صادمة- لجيران قاتل -طفل شبرا-: متدين يؤدي الصلو ...
- السعودية.. عائض القرني يثر ضجة بتعداد 10 -أخطاء قاتلة غير مع ...
- كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط ...
- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم علاء الدين - حوار مع حزب الخرافة لكشف الهرطقة والتضليل – 4 من 5)