ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2333 - 2008 / 7 / 5 - 10:21
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لا ينظر إلى سورية وحدها كبلد يراد تقسيمه ، إنما هناك قائمة طويلة من البلدان معظمها يقع في الشرق الاوسط ، بعضها قابل للتقسيم والتفتيت من الداخل والخارج ، وآخر يستحيل تقسيمه أياً كانت الحجج والذرائع .
أين تقع سورية من ضمن هذه القائمة ؟ هي في قلب الشرق الأوسط القديم والجديد ، وفشل محاولات تقسيمها إلى أربع دويلات صغيرة على يد الاحتلال الفرنسي سابقاً ، خير شاهد على صحة تموضعها في قائمة البلاد التي يستحيل تقسيمها .
لا علاقة للأجزاء المقتطعة من جسمها ( الجولان - لواء اسكندرون) نتيجة الاحتلال ، بهذا التقسيم ، فهذه الأجزاء أضحت ميتة كونها محتلة ، والمطالبة باستردادها مشروعة ، لا تسقط أبداً ، كما ولا يمكن اعتبارها مقدمة نحو التقسيم ، فاللتقسيم شروط كثيرة ، غير متوافرة في الحد الأدنى ، عندما يتعلق الأمر بسورية .
يتجاهل الذين يفكرون بعقلية تقسيمية ممن يصح تسميتهم بأصحاب الفكر التقسيمي ، الحقائق والوقائع ، ولا يدركون أن ثمة نسيجاً يقي سورية من موجات التقسيم وما شابه ، وأنّ هذا النسيج لا علاقة للنظام في صنعه ، فالتجانس بين المكونات المذهبية والطائفية والعشائرية ، إحدى أهم سمات ذلك النسيج المتراص ، والتقسيم لا يتم إلا بموات التجانس وإحياء التنافر .
إذاً، عامل التقسيم بطابعه العام اجتماعي بحت ، لكن فعله يأتي في سياق سياسي مبرمج من الداخل والخارج ، وغالباً ما يتم بدفع من الخارج ، كون الداخل مشغول في لحظة ما قبل التقسيم بتنافر يصل حد الاقتتال ، ولا نظن أن النسيج المحلي السوري بلغ تلك الدرجة من السوء، وبات مشغولاً كما هو العراق اليوم الذي تنطبق عليه سمات وعوامل التقسيم الآنفة .
من هنا لا ينظر إلى دعوة بعض الأكراد السوريين ، كدعوة شيركو عباس رئيس المجلس الكردي تقسيم سورية إلى خمس دويلات ، إلا من زاوية العمى والجهل بحقائق التاريخ والجغرافيا ومعهما الاجتماع السياسي ، فالتبرم من سياسات النظام ، لا تعني أن الكل صار يفكر بمنطق تقسيمي ، إذا جرى ذلك المنطق ، فإن عواقبه مردودة على أصحابه .
التقسيم قد يكون داء وداوء في آن واحد , داء في حالة ألمانيا سابقاً ، ودواء في حالة الهند – باكستان ، وبمطلق الأحوال لن يقبل أن يكون داءً يضاف إلى الداءات الآخر في سورية ، ولا دواءً ، لأنه إذا كان كذلك كما يراهن البعض ، فإن مفعوله سيكون ساماً لنا ولهم .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟