ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2313 - 2008 / 6 / 15 - 10:34
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يحاول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي البرهنة أنه الزعيم الأكثر وفاءً وإخلاصاً لإسرائيل ، بطريقة لا تثير الاستهجان ، أقرب ما تكون إلى الديبلوماسية الصامتة منها إلى فجاجة ورعونة نظيره الأميركي جورج بوش، الذي أثار حنق العرب وسخطهم ، بعدما أفرغ ما في جعبته من مديح ورثاء تحت قبة الكنيست الإسرائيلي منتصف مايو الفائت الذي تصادف مع مرور ستين عاماً على النكبة .
حرص ساركوزي على إسرائيل ، ليس عائداً إلى جذور أجداده الدينية ، فهو نفى ذلك مراراً ، إنما هو شعور يعصف بذهن أي زعيم غربي تجاه الالتزام السياسي بأمن إسرائيل المطلق ، ولعل ما يدور في ذهن ساركوزي من أفكار يسبق ويتجاوز ما دار في ذهن أسلافه ، والزمن وحده مَن سيحكم عليها ، فإما أن تذهب أدراج الرياح كسابقاتها ، أو أن تصيب في اتجاهين .
الاتجاه الأول نحو تحصين إسرائيل أمنياً ، الاتجاه الثاني تعزيز مكانة فرنسا المتوسطية ، وبالتالي العربية والشرق أوسطية ، فالمتوسط الذي سماه التاريخ بحر الروم ، ازدهرت على شواطئه حضارات وسقطت أخرى ، وفي أعماقه أبحرت الأساطيل غزواً وسلباً ، يراد له اليوم أن يكون بحر السلام .
ربما استخلص ساركوزي استحالة الوصول إلى السلام ، من دون مرور العرب بمحطة التطبيع مع إسرائيل ، ويدرك أنه تطبيع بثمن ، وليس بلا ثمن كما تريد إسرائيل دائماً ، وكأن ثمة تصور يداور عقله من زاوية نظره وقراءته المتأنية لتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي على الأرض .
هذا التصور وجد أن جميع المبادرات والخطط التي رعاها المجتمع الدولي لم تصل إلى مبتغاها (الأرض مقابل السلام) فما الذي يمنع سواء أتى السلام من البحر أو من الأرض؟ المهم لدى ساركوزي أن يبدأ بالتطبيع أولاً من خلال الاتحاد المتوسطي ، ولا مشكلة إن جاء عبر البحر بعد أن تعثر على الأرض .
صراحة ساركوزي ، استوعبها عرب المتوسط ، لهذا سارعوا إلى عقد قمة مصغرة في العاصمة الليبية ، ولم يكن مستغرباً التنديد بفكرة الاتحاد المتوسطي واعتباره يمثل اهانة لمشاعر العرب ، بداعي أنه يعمل على تمزيق (الوحدة العربية) في حين أن ما لم يتم ذكره ، أنه يفتح باب تطبيع لا يريده العرب .
هذا يجعلنا نفهم الأحكام المسبقة التي أطلقتها قمة طرابلس المصغرة على الاتحاد بالفشل المشابه لفشل عملية برشلونة بين شمال المتوسط وجنوبه عام 1995 ، لكن هل حقاً أن الشعوب العربية الواقعة جنوب المتوسط ، ليست جائعة وأن التنمية في أحسن أحوالها والنمو في أعلى مستوياته ، أم أن الفقر بات يفرخ أجيالاً مشبعة بروح التعصب والتطرف ؟.
انفجار الشرق الأوسط ، سببه استفحال الصراع العربي الإسرائيلي ، ويخشى انتقاله إلى حوض المتوسط ، فإذا ما انفجر ، فإن نيرانه ستصل إلى شواطئ أوروبا الآمنة ، فهل ما لدى ساركوزي من أفكار ستحول دون ذلك ؟.
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟