أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - البسيط والهيئة العليا -16-سيرة














المزيد.....

البسيط والهيئة العليا -16-سيرة


ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2305 - 2008 / 6 / 7 - 10:08
المحور: الادب والفن
    



كان لي نصيب آخر من تلك الأحداث . هذه المرة مع مديرة المدرسة . فقد أصدرت أمرا لكل التلاميذ بأقسام المؤسسة لكي يأتوا بدرهم أو درهمين لكل فرد
من أجل تجيير وصباغة جدران وأبواب المؤسسة . غير أن هذا الفعل يتكرر الآن ولا صباغة أو تجيير ولا هم يحزنون . أصدرت أمر ي أنا كذلك لتلامذتي
لكي لا يدفعوا ولو سنتيما واحدا. ولكنها لما أن دخلت إلى قسمي أدهلتها المفاجأة . فبادرتني قائلة ( كيف ياأستاذ ؟ ولو تلميذ واحد ؟ قلت إن تلامذتي أبناء
فقراء . ونحن من يجب أن نساعدهم وليس العكس هو الصحيح . فاستشاطت غضبا ثم أضافت ( أنت لست إلا معلما مؤقتا ومع ذلك تبحث عن الأتعاب لنفسك) قلت ( أفضل أن أكون مؤقتا وأتنازل لكم عن أن أكون معلما رسميا في ظل هذه الأجواء . لأنني راحل ولا يشرفني أن أكون بينكم ) وأضفت
( إخرجي من القسم فورا ) وصفقت الباب من ورائها .
قرأت في عيون تلامذتي علامة الحيرة والذهول ليس استغرابا من تصرفي وإنما خوفا علي من عواقب هذا السلوك . فعلى الأقل كان علي أن أتصرف
بهدوء وبلا غضب وبدبلوماسية حتى .
كان زوج السيدة المديرة رجل أعمال له مشاريع بالبيضاء قيل أنها معامل النسيج . هكدا سمعت من بعض معلمي المدرسة . كان لا يفارق زوجته يظل بجانبها طوال اليوم يساعدها من حين لآخر كما لو أنه موظف بالمؤسسة . وكان رجلا مهذبا مثلها ولا يتدخل أبدا في شؤون المؤسسة . فرغم الخلاف الذي
نشب بيني وبين مديرة المدرسة وأحداث أخرى اختزلتها في حدث واحد لضيق الوقت . لم يتدخل أبدا في شأننا هذا كأنه غير موجود . وقد مر زمن طويل على هذه الأحداث فأجدني نادما على تصرفي مع هذه
السيدة فلقد كانت أخلاقها عالية . وكان علي أن أترك السيدة وشأنها مع تلامذة القسم فأنا لست وصيا على أحد. توالت الأيام والشهور على هذه الأحداث وأحداث أخرى شبيهة . وأصبحنا قاب قوسين من إجراء الإمتحانات والعطلة الصيفية . جاءتني السيدة المديرة وسلمت لي أمر ا بتوقيفي من طرف نيابة
التعليم . علي أن أرحل دون السهر على امتحانات تلامذتي لكنني أصررت على البقاء لأجل تحديد النقط ولكي لا يتم الإنتقام منهم بسبب خلافاتي مع المشرفة على المؤسسة . لكنها فرضت نظاما جديدا
يتمثل في تبادل الأقسام بين المعلمين فلم أجد بدا من ذلك سوى وصايتي لمن يبادلني القسم والتلاميذ.
كنت أشعر بالمهانة وبرغبة جامحة في البكاء لقد كنت مدمرا . لم تتح لي فرصة توديع تلامذتي . رحلت دون أن أتمكن من الإطلاع على قائمة الناجحين أو أ ساهم في كتابتها .
داخل الثكنة العسكرية كان لنا ناديا خاصا بنا . تباع لنا فيه الجعة بثمن بخس . شربت كثيرا مع الشاربين وشاركتهم في لعبة الأوراق ( لعبة القمار ) وكنا جميعا تسلمنا أجورنا كاملة وانتهت مدة التجنيد مع انتهاء الموسم الدراسي . وسوف لا نعود مجددا للثكنة أو للتدريس بعد أن تم فحصنا صحيا وتم الإحتفاظ ببعض الأفراد الذين ثبت إصابتهم بمرض السل .
إندمجت في لعبة القمار وخسرت كل ما لدي من نقود ولم يفضل لي سوى عشرة دراهم أخيرة . كنت يائسا من استرجاع فلوسي لكنني قطعت الورق وناديت على ( sota ) وهي عبارة عن فتاة
في لعبة الأوراق تلك . ففوجئت بخروجها في الورقة الأولى ضاحكة في وجهي فقفزت من الفرحة وتسلمت الورق لأقوم بالتفريق عند كل عملية قطع فكنت أربح وأربح بسرعة فائقة كما لو أن كل شيء
انقلب لفائدتي فكثرت النقود بين يدي وفي جيوبي وتم إنقاذ الموقف . لدي الآن ما يكفي للسفر إلى أوربا . توقفت تماما عن الإستمرار في اللعب تفاديا لأي انقلاب مفاجيء في اللعبة وذلك كثيرا ما
يحدث لبعض المحظوظين فيتحولون إلى خاسرين . ألح علي بعضهم لكي أستمر لكنني توقفت وامتنعت عن المزايدة . تحسست جيوبي وانتقلت الى حجرتي وانا مبتهج بالتحول الذي لم يكن يخطر لي على بال
ونمت نوما عميقا إلى غاية الصباح . وقد أخبرني بعضهم بأنني كنت أصرخ من داخل حجرتي بأعلى صوتي ( أنا الله أنا الله ) . ذلك ما أقوم به أيضا حينما أشرب أكثر من اللازم ويخونني العقل .
هكذا تفرق شمل المعلمين المجندين والتحقت بأوربا من جديد حيث سأمضي سنوات من عمري عابرا للقارات كبحار . بينما رفاقي المجندين تم دمجهم في وزارة التربية الوطنية التي كانت تسمى وزارة
التعليم آنذاك . ومنهم من وصل إلى أعلى المناصب كمدراء ومفتشين ليحالوا على التقاعد وهم في مستوى مادي محترم .

- يتبع -



#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارق الضوء
- البسيط والهيئة العليا - 13 - سيرة
- الدائرة
- البسيط والهيئة العليا - 12 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 11 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا -10- سيرة
- مثلا
- البسيط والهيئة العليا - 9 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا -8- سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 7 - سيرة
- لحظة ضعف
- أبو الهول
- البسيط والهيئة العليا - 6 - سيرة
- سأكتب قصيدة
- البسيط والهيئة العليا - 5 - سيرة
- اللغو
- البسيط والهيئة العليا - 4 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 3 - سيرة
- أوتار الكمنجة
- البسيط والهيئة العليا - 2 - سيرة -


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - البسيط والهيئة العليا -16-سيرة