أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - البسيط والهيئة العليا - 7 - سيرة














المزيد.....

البسيط والهيئة العليا - 7 - سيرة


ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2278 - 2008 / 5 / 11 - 07:52
المحور: الادب والفن
    



الصخرة والجزيرة الخضراء قريبتان من سبتة بل هما على مرمى بصر . إذن بيتي قريب مني لا تفصله إلا كيلومترات معدودة. علي أن أقوم بزيارة أهلي وفتاتي التي لم أتذكرها ولو برسالة واحدة أخبرها عن حالي
لكنها كانت تستقي أخباري عن طريق والدتي وإخوتي فقد كانوا يحبونها ويحترمونها لدماثة أخلاقها العالية
إشتريت من الصخرة بعض الحاجيات بثمن بخس لأتاجر فيها ببيعها بتطوان وأعود أدراجي . تطوان مسقط
رأسي كنت أحبها كثيرا ولم أكن أتوقع أنها سوف تتحول من حمامة إلى غراب كما هي عليه اليوم .
كان حلولي بتطوان بلا هدايا للأحباب وكان لي عذ ر في ذلك لأنني رجعت خالي الوفاض إلا من بؤسي
وخيبتي . لقد عاد الطائر الحزين إلى عشه يجر فشله . وكان ذلك بالنسبة لسكان الحي بمثابة العار . لأن أوربا
بالنسبة لهم مصدر الغني والرفاهية ومن يعود من هناك عليه أن يبرهن على ذلك وإلا أصبح مثلي حديث
الخاص والعام ( لقد عاد الفتى الخائب يجر خيبته ) هذا ما كان يقولونه عني . أما أنا فلم أكن أبالي بهذه
التفاهات .
وصلت البيت ليلا . كان ذلك مفاجئا وصادما لوالدتي وإخوتي . عانقتهم بحرارة وكانت جدتي حاضرة تلك
الجدة الحنونة التي في الحقيقة هي أمي الأولى . كانت دائما تدافع عني وتداري شغبي وزلاتي المتعد دة
والمتكررة . بيتها القابع بالجبل المتاخم للمدينة جهة الشمال كان هو ملاذي حينما أهرب من عقاب الوالدين .
تحلق حولي إخوتي وهم متشوقون لما سأحكيه لهم عن بلاد الغربة وأدركوا من خلال حديثي أن تلك الحاجيات
التي أتيت بها لم تكن هدايا لهم بل من أجل المتاجرة فيها وأعود أدراجي إلى الصخرة من جديد كما فهموا بأن
المال الذي أخذته منهم بددته ولم يعد لدي شيئا أتركه لهم بعدما نضب ما كان لديهم من رصيد تركه الراحل .
صارت والدتي تبكي وسمعت جدتي تواسيها قائلة ( لا تبكي ياإبنتي فما دمت أنا حية فلا تخشين شيئا ولنحمد الله
على عود ته بالسلامة ) فكرت بأن الأمر صعب ولابد لي من العمل لأتحمل مسؤولية إخوتي القاصرين ووالدتي
الأرملة . فشقيقتي الأكبر سنا والتي كانت مدرسة بالمدينة تركت العمل قبل وفاة والدنا ورافقت زوجها لتهتم بأسرتها وهي بعيدة عن البيت . وثمن السومة الكرائية للسكنى السفلى التي تتوصل بها الوالدة كل شهر لا تغطي مصاريف البيت . إذن ما العمل ؟
شاع خبر رجوعي خائبا ( بين ساكنة الحي) وأصبحت حديث الأهالي . وكنت أعترف مع نفسي ومع غير ي بأنني
بالفعل فشلت في إيجاد العمل .
بعت تلك الحاجيات وبقي لي مكسب بسيط بد د ته بين حانات المدينة ولم أحتفظ إلا بتكاليف السفر . إلتقيت
بفتاتي وصارحتها بحالتي وبؤسي ففهمت ظروفي وتأثرت لحالي وطلبت مني البقاء لتتوسط لي كي أعمل
بجانبها في إحدى الشركات بالمدينة حيث هي تعمل فقد توفي والدها قبل وفاة والدي واضطرت إلى العمل بمتجر
من متاجر الشركة في بيع قطع الغيار وكانت تدير شؤون المحل كإدارية وعرضت علي العمل وفي الحقيقة كانت
فكرة منقذة لكنني بأنانيتي كنت أرى هذه الوظيفة لا تناسب مستواي الدراسي أو الإجتماعي لأنني كنت حائزا على
الشهادة الثانوية ( البروفي ) وكانت قيمتها آنذاك رفيعة وبوساطة ما توصلك إلى مناصب محترمة . ( 1967 ) .
بمناسبة سفري أقامت فتاتي حفلة راقصة بالموسيقى الأجنبية ببيتها تم استدعاء شلة الفتيان والفتيات من مجموعتنا
حيث كانت تجمعنا حياة راقية آنذاك لا يعرفها غيرنا في الحي برمته أو بأحياء أخرى بالمدينة . كنا نعشق السينما
ونقيم الحفلات والرحلات لقد كانت أيام زاهية لا تنسى . وفتاتي كانت مدللة لأنها وحيدة والديها . وكان والدها يشتغل
في القضاء كموظف . وكان من السكان العريقين بالمدينة وإسمه الشخصي هو نفس الإسم الذي أحمله . كان يحب إبنته حبا جما . كما كان غرامنا مكشوفا للمدينة كلها وإسمينا على لسان الجميع . لذا كان الكل يتنبأ لنا بخاتمة الزواج لكن القد ر كان له حكم آخر .
أقيمت الحفلة في بيت فتاتي وكانت حفلة وداع رقصنا ومرحنا وضحكنا وخلال صخب الموسيقى والرقص قالت لي فتاتي بأن والدتها تريد استفساري عن شيئ ما ولما انفردت بي الوالدة سألتني إن كنت آخذ منها مبلغا
ماليا لشراء هدية لإبنتها عند عودتي . ففهمت الرسالة . إنها عتاب لعدم تقديم هدية كما يقتضي الواجب لحبيبتي
لكنني لم أشرح لها ظروفي بل اكتفيت فقط بأن قلت لها ( سأفعل إن شاء الله عند عودتي ولا داعي لأخذ المبلغ)
فهي لم تكن تعلم بظروفي وبأنني أعظم بائس في هذا الكون .
ناقشت فتاتي بخصوص هذا الإحراج مع والدتها ففهمت أنها لم تكن تعلم بما يدور في رأس والدتها .
إنتهت الحفلة وانسحب الجميع بعد توديعي وبقينا لوحدنا حزينين ترقبنا الوالدة من مسافة غير بعيدة كانت تأخذ بيدي رغم وجود والدتها لم تكن تخفي حبها عن أحد كانت نبيلة صادقة وطييبة وحليمة وسمراء جميلة ويأخلاق
حميدة . ودعتها وودعت أهلي وودعت المدينة وانتقل الطائر الحزين بحزنه ولوعته نحو الضفة الأخرى وهناك
كان على موعد مع أحداث وأحداث وأحداث .....
--- يتبع ---



#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحظة ضعف
- أبو الهول
- البسيط والهيئة العليا - 6 - سيرة
- سأكتب قصيدة
- البسيط والهيئة العليا - 5 - سيرة
- اللغو
- البسيط والهيئة العليا - 4 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 3 - سيرة
- أوتار الكمنجة
- البسيط والهيئة العليا - 2 - سيرة -
- تيه ومتاهة
- للاعربية
- نفاق عل سهول المرآة
- وادي الزمن الأخير
- البسيط والهيئة العليا
- حان la esmeralda
- تيه وتفاهة
- سلوك
- حان las fuentecitas
- عودة الحرية من الماء


المزيد.....




- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - البسيط والهيئة العليا - 7 - سيرة