أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - البسيط والهيئة العليا - 3 - سيرة














المزيد.....

البسيط والهيئة العليا - 3 - سيرة


ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2253 - 2008 / 4 / 16 - 06:11
المحور: الادب والفن
    


لم أنم تلك الليلة
لكنني غفوت عند ظهور خيوط الفجر الأولى . فاستيقظت متأخرا ودون أن افطن لخروج العمال الى عملهم بالسكك الحديدية كما فهمت من حوارهم ليلة
البارحة . فجأة فتح مرافقي الباب وأفهمني بأنه لم يوقظني من النوم حتى أرتاح من أعباء السفر . ثم تناولنا الفطور بمطبخ البيت الذي يستعمله جل
الساكنة . وخرجنا للبحث عن العمل . وعلى بعد أمتار غير قليلة من البيت نبهني مرافقي إلى معمل صغير لم أتمكن من معرفة إختصاصه وطلب
مني أن أدخل إليه للإستفسار عن العمل . كيف سأفعل وأنا لا أتكلم اللغة الهولندية ؟ ثم أنني أجد نفسي عاجزا عن القيام بذلك . فأنا لم أقم بشيء
مماثل من قبل بل كنت طالبا مدللا لا أجيد إلا قراءة الشعر والخروج مع فتاتي والإدمان على الأفلام السينمائية . لكن الأمور تغيرت الآن نحو
الأسوأ ويجب أن أستعد لها وأتكيف مع الواقع . صار مرافقي يشجعني لكن بدون جدوى . إنه يحس بالإحباط وبأنه وضع نفسه في ورطة
عندما جاء بطفل مثلي إلى الغربة ( يجب إرجاعه إلى أحضان أمه ) ربما هذا ما كان يفكر فيه . عدنا أدراجنا وداخل البيت تسلل هو الى حجرة أخيه
أو قريبه - لست متأكدا - بينما أنا بقيت ساهما لا أدري ما أفعل حينئذ سمعت وشوشة جعلتني أقترب من الباب فاختلست كلمات من الحديث الذي
كان يدور بينهما ( عليك أن تتخلص من هذه المصيبة التي جئت بها من المروك ) أحسست كأن خنجرا طعنني في قلبي . أخيرا أصبحت عبئا على
الناس رغم نقودي فمابالك لو كنت بدونها . أحسست بالرعب . تسربت الى الحجرة حيث نمت بالأمس ولفني الذهول وقبل أن أجمع شتاتي
فوجئت بمرافقي يدخل علي ويبادرني بهذا السؤال ( قلت لي من قبل أن صديقا لك يوجد ببلجيكا أعندك عنوانه ؟ تأكدت حينئذ بشكل قطعي أن
الرجل يريد التخلص مني بكل صراحة . قلت نعم لدي عنوانه .
وجدت نفسي بحقيبتي داخل محطة القطار ولم أستطع تمالك نفسي فقد هزمتني دموعي من جديد كالعادة - المجهول ينتظرني - قال مرافقي
لا تبكي .. قلت له .. هل النقود التي لدي كفيلة بإيصالي إلى المغرب ؟ إبتسم ثم قال ’ لديك مبلغ مالي يأخذك إلى أمريكا ثم يعيدك مرتين.
ثم أضاف ( إذا لم تعجبك بلجيكا سافر إلى جبل طارق وهناك إسأل عن شخص معروف في تلك الصخرة وهو صديقي إسمه (.....) فسوف
يساعدك عندما يعرف بأنني أرسلتك إليه .
وصلت بروكسيل فبدت لي أقل جمالا وأهمية من أوطريخت الهولاندية . تفقدت صديقي فوجدته بسهولة كما لو أنه كان في إنتظاري . فرح
كثيرا مثل طفل . وفعلا كلانا كنا طفلان لا نتجاوز السابعة عشرة ربيعا .لكنه كان أيضا تائها بلا مأوى وبلا عمل ويعيش حياة عبثية يأخذ
كل شيء بالمزاح وانعدام الجدية . فقد كان يسكن مع شخص متزوج وله أولاد رق لحاله فآواه ربما إلى حين .فقصدناه باقتراح من صديقي لكي
يسمح لي أن أشاركه مأواه ببيته . فما أن سمع الطلب حتى ثارت ثائرته وانفجر غاضبا وأمرنا بالإغراب عن وجهه.
إلتقينا ببعض الأشخاص من مدينتنا وكانوا أيضا مشردين تائهين .. ساعدوني على إيجاد سكن يأويني داخل بناية مهترئة مليئة بالمهاجرين منهم من
يتوفر على رخصة العمل والإقامة ومنهم من هم بدونهما مثلنا . تجندنا أربعة للبحث عن العمل فكنا يوميا ندرع العاصمة ذهابا وإيابا مشيا على
الأقدام الى أن تضررت أقدامنا لكن بدو جدوى . في نهاية الأمر عثرنا على العمل بورشة كبيرة داخل العاصمة كان واحد منا هو اذي يقوم بدور
المستفسر عن العمل أما الثلاثة ننتظره بعيدا قليلا كما لو أننا حريم .تم تسجيلنا والإحتفاظ بجوازات سفرنا لتسوية وضعيتنا القانونية .
استأنفنا العمل يم غد فتفرقنا داخل الورشة بعد تحديد مهمة كل واحد منا . وكانت مهمتي هي نقل الأخشاب الطويلة والثقيلة من مكان إلى آخر ولما
حملت خشبة واحدة وهممت بنقلها جاءني مسؤول الورش وأمرني بإضافة أخرى .حملت الخشبتين على كتفي- وكمبتديء - كان التوازن يختل مع كل
خطوة فأبدو كما لو أنني أرقص إتقاءا لأي تصادم مع الأشخاص المنتشرين بساحة الورشة . تحاشيت شخصا من خلفي فإذا بي أصدم الباطرون
صاحب الورشة وكان فلامانيا عنصريا أصبته بالخشبتين في قلبه فتألم واضعا يده عليه وهو يصرخ من الغضب والألم باللغة الفلامانية لم أع منها
سوى كلمة ( passport ) فهمت حينئذ أنني مطرود حتما . دخلت حجرة خلع الملابس للم مستلزماتي من أجل الرحيل فغلبتني دموعي من جديد
ولم أستطع إيقافها كنت أبكي بحرقة شديدة وكنت لا أريد أن يراني أحد على تلك الحال . فجأة دخل شخص إسباني الجنسية كان بناءا يشتغل في
الورشة وما أن رآني على تلك الحال حتى بادرني بكلمته الطيبة .. no llores Hijo . tu heres hombre y los hombres no lloran . hay que
.aceptar tu testino
لا تبكي يابني .. أنت رجل والرجال لا تبكي .. عليك القبول بقدرك .



#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوتار الكمنجة
- البسيط والهيئة العليا - 2 - سيرة -
- تيه ومتاهة
- للاعربية
- نفاق عل سهول المرآة
- وادي الزمن الأخير
- البسيط والهيئة العليا
- حان la esmeralda
- تيه وتفاهة
- سلوك
- حان las fuentecitas
- عودة الحرية من الماء
- نبوة الشعر من خلال قصائد الشاعر الكبير عبد الكريم الطبال
- الدورة
- لعبة يانصيب
- قبعتي
- مشرحة
- جراحي جراحكم
- الغريق
- روض العنكبوت


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - البسيط والهيئة العليا - 3 - سيرة