|
البسيط والهيئة العليا - 13 - سيرة
ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2301 - 2008 / 6 / 3 - 08:19
المحور:
الادب والفن
نزلت من الباخرة في الجزيرة الخضراء . بعدما تخلى عني مرافقي ( تمودة ) بمدينة سبتة . خمنت أن ظنه ذهب بعيدا ربما حسب رفقته لي لن يخرج منها بسلام وعاد أدراجه مع الصديق ( محمد الطويل ) . وإلا كيف أنه قبل السفر فكان يناشدني أن أسمح له باصطحابي وبعد الحدث صار يطلب مني أن أقبل اعتذاره ويرجع من حيث أتى ؟ كانت وجهتي هذه المرة نحو مدينة سان سيبسطيان بمنطقة (guipuzcoa ) . سمعت أن هذه المنطقة يتوفر فيها الشغل بكثرة ككل مناطق الشمال بالإضافة إلى وجود عدد من معارفي وأصدقاء الحي الذي أسكنه بتطوان يعملون هناك منذ مدة . هناك مثلا ( البرنوصي ومصطفى ولد القايد ميمون .و الملقب ب - عريجة - لأنه يعرج قليلا . وعبد السلام المسمى ب _ الشرفة - وغيرهم . وصلت هذه المدينة السياحية التي تنام جنب البحر مدينة جميلة وهادئة رغم الوجود الثوري البسكي الذي يطالب بالإنفصال . قصدت ( barrio iguia ) وهو حي شعبي يأوي مهاجرين إسبان جنوبيين ومهاجرين مغاربة وبعض البرتغاليين المتخلفين أكثر منا آنذاك . لم أجد صعوبة في إيجاد معارفي وأولاد الدرب كما يقال في الجنوب عندنا بالمغرب . قاموا بإكرام وفادتي وقارعنا الكؤوس في العديد من الحانات بذلك الحي الشعبي الجميل . في حين كان مصطفى ولد القائد يختفي من حين لآخر ثم يحضر . عرفت فيما بعد أنه إتصل بسيدة البيت الإسبانية وحجز لي مكان داخل الحجرة التي ينام فيها وتم وضع فراش إضافي لي . كما تم أيضا مهاتفة رئيس الورش الذي يشتغل به يطلب منه الإذن لإحضار ي للعمل بجانبه بنفس الورش وكان هو أي مصطفى له الكلمة المسموعة من طرف رئيسه لأنه يتمتع بالجنسية الإسبانية مررت إليه عن طريق والده الذي كان قائدا بالجيش الإسباني ولهذا كان يسمى بولد القائد ميمون . كان هذا من حسن حظي أن اعاشر هذا الشخص النبيل والكريم لحد التبدير وكان رجلا شروبا لحد الموت . كل شيء تمت تسويته دون علمي . وانسجمت مع أصحاب الباريو بما في ذلك المهاجرين الإسبان .كانوا طيبين ومتسامحين إلا بعضا منهم كما يحصل في أي مكان .كانت تجر ى من حين لآخر حفلات تسمي بالإسبانية - verbena - حفلات للرقص . الرجل مع المرأة شبابا وشيوخا . وكانت الفتيات تسمح لنا بالرقص معهن . وبعضهن كانت تفضل المغربي على الإسباني بسبب حرارة جسمه إذ عندما يلتصق الجسدان كان يحدث لنا الإنتصاب .وتكونت صداقات بيننا . لكن تقاليدهم كانت حينذاك تقبر هذه الصداقات لأنهم لا يريدون أن تصل الى ما هو أكثر من الرقص .لأن فتاة تسمى - rosi - ضبطتها جارتي وهي في خلوة معي فوشت بها إلى والدتها فاختفت الفتاة إلى الأبد وكان ذلك بسببي . أما المنزل الذي كنت أقيم فيه مع مصطفى . كان بجانب حجرتنا. أخرى لزوجين إسبانيين حديثي العهد بالزواج بدون أولاد . يخططان لمستقبلهما ووجودهما هناك كان مؤقتا ريثما . كانا نبيلين وطيبين للغاية حتى أن الزوج كان يأتي بزوجته لحجرتنا أو في مطبخ البيت ونتبادل أطراف الحديث . أما صاحبة البيت كانت في الثلاثين من عمرها . لاهي جميلة ولا هي عكس ذلك . لها إبنة في ربيعها الخامس أو السادس لست أعرف بالضبط . كانت طيبة لكنها عاشقة لأنها تنتظرني كل سبت حينما احضر وأنا ثمل في الهزيع الأخير من الليل وهي بملابس شفافة كانت امرأة في الثلاثين تعشق شابا في العشرين من عمره أو ربما أقل . لم أبادلها عشقا بعشق ليس لأنني لا أريد . لا . فقط لأنني غبي فقد كنت أقول مع نفسي ( ربما المرأة ليست نيتها في ذلك ) لكنني تأكدت عندما عدت إلى المغرب وصلني خبر من مصطفى بأن شخصا يسمى ( علي ) انتقل إلى مكاني . وذات يوم دخل صديقي على حين غرة فضبطها غارقة بين أحضانه . وهذا ما جعلني حينما أعود لم أذهب إلى ذلك البيت لكي لا أعكر الجو على العاشقين . وشاءت الظروف والتقيت بها في الشارع يوما بعد العودة وسألتني لماذا لم أزرها بالبيت ؟ فوعدتها بالزيارة لكنني لم أفعل. ومرت الشهور على هذا المنوال متأقلما مع الحياة الجديدة وكنت قد نسيت العالم الذي أتيت منه وأستطيع أن أجزم بأن كل شيء كان يسير على ما يرام . لكنني لم أكن أكتب للأهل ولا لفتاتي فقد كنت نسيت نفسي . لكنني كنت أستقي الأخبار بطرق شتى .وقد قمت مرات قليلة بإرسال بعض النقود للأسرة لكن ذلك كان يتم نادرا .لأن أجرتي بالكاد كانت تغطي مصاريف العيش والتسكع أيام السبت إلى غاية آخر الليل. ذات يوم جئت للبيت مساءا فوجدت تليغرافا ينتظرني ويحثني على العودة عاجلا . وذلك من أجل التدريس كمعلم بالمرحلة الإبتدائية وقد أدلت شقيقتي الأكبر سنا بشهادة البروفي ( الثانوية ) في ملف للعمالة آنذاك وتم استدعائي لأستأنف التدريس . جمعت أغراضي وساعدني مصطفى ببعض النقود وكذلك فعلت صاحبة البيت لكنني رفضت استلام النقود منها بدعوى أنني أتوفر عليها وكان العكس هو الصحيح . وجدتني بتطوان تسلمت الدعوة والتذكرة التي كانت على حساب العمالة وأصبحت بسيدي سليمان بمعسكر مليء بالجنود والمجندين . وأصبحت مجندا خاصا لكننا لم نكن نلبس اللباس العسكري فكنا نقوم بتدريس الأطفال بالمدارس الإبتدائية الحكومية ونعود مساءا للثكنة حيث خصص لنا منطقة خاصة بنا وناديا خاصا بنا وكنا نتمتع برتبة ضابط صف شرفيا فقط وكانت لنا بطاقات عسكرية في حين لم نكن ننتسب للجيش لأن ورقة التعيين كانت من وزارة التربية الوطنية لكن الأجرة ( مائتي درهم ) شهريا كان القبطان الزيتوني والكومندان الحايك هما من يدفع لنا . أما المعلمين الأصليين بالمدارس التي كنا ندرس فيها فكانوا يتوجسون منا . وكنت أنا أدرس بمدرسة للامريم للبنين والبنات وهناك تعرفت على أنبل إنسان في حياتي كان هو الناقد المسرحي المعروف حاليا الأستاذ كويندي سالم . كان نبيلا وطيبا وثوريا . كنا نتفاهم كما لو أننا متشابهان في الأفكار .كان ذلك بالدار البيضاء سنة 1968 . - يتبع -
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدائرة
-
البسيط والهيئة العليا - 12 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 11 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا -10- سيرة
-
مثلا
-
البسيط والهيئة العليا - 9 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا -8- سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 7 - سيرة
-
لحظة ضعف
-
أبو الهول
-
البسيط والهيئة العليا - 6 - سيرة
-
سأكتب قصيدة
-
البسيط والهيئة العليا - 5 - سيرة
-
اللغو
-
البسيط والهيئة العليا - 4 - سيرة
-
البسيط والهيئة العليا - 3 - سيرة
-
أوتار الكمنجة
-
البسيط والهيئة العليا - 2 - سيرة -
-
تيه ومتاهة
-
للاعربية
المزيد.....
-
-فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل
...
-
باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي
...
-
“اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في
...
-
فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
-
حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
-
-بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
-
تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل
...
-
قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
-
وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا
...
-
“وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1
...
المزيد.....
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
المزيد.....
|