أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - مفاوضات للسلام أم لاجتناب مخاطر حرب؟!















المزيد.....

مفاوضات للسلام أم لاجتناب مخاطر حرب؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2292 - 2008 / 5 / 25 - 03:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل، ومن أجل، بدء، أو استئناف، "المفاوضات المباشرة"، التي هي الطريق إلى سلام تحدَّد إطاره واتُّفِق عليه في مؤتمر مدريد، بدأت "مفاوضات غير مباشرة"، بوساطة تركية؛ ولكن، بين من ومن كانت تلك "المفاوضات غير المباشرة"؟ هل هي بين سورية وإسرائيل أم بين سورية ورئيس وزراء إسرائيل؟ إنَّها ليست مفاوضات سوريةٍ مع إسرائيل، وإنَّما مع رئيس وزرائها، الذي هو أوَّل رئيس وزراء إسرائيلي لا يملك شيئاً من قراري السلم والحرب؛ وقد يلقى، عمَّا قريب، مصير رابين؛ ولكن بـ "رصاصة الفساد وتلقِّي الرشاوى".

رابين ذهب، وذهبت معه "وديعته"؛ واولمرت سيأخذ معه "التزامه"، فوزير الخارجية السوري وليد المعلم أكَّد، في خلال زيارة له للمنامة، أنَّ دمشق "حصلت، عبر مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، في تركيا، على التزام (إسرائيلي) بانسحاب (إسرائيلي) من الجولان حتى خط 4 حزيران 1967"؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ إسرائيل ستنهي، في إطار هذا الانسحاب الشامل، سيطرتها على الضفة الشرقية لبحيرة طبرية، خزَّان المياه العذبة الرئيس في إسرائيل؛ وهذا إنَّما يعني، أيضاً، أنَّ "بند الانسحاب" لن يكون جزءاً من "المفاوضات المباشرة"، التي ستبدأ بعد استنفاد "المفاوضات غير المباشرة".

لقد لبَّت إسرائيل، أي رئيس وزرائها، الشرط ، أو المطلب، السوري الرئيس، وهو التزام الانسحاب حتى خط 4 حزيران 1967؛ ولكن من غير أن يُعْرَف بعد ما إذا كان هذا الالتزام "مكتوباً". والاستنتاج، بعد ذلك، إنَّما هو أنَّ المفاوضات غير المباشرة، والمباشرة، ستشمل، فحسب، أو في المقام الأوَّل، الشروط والمطالب الإسرائيلية، أي الثمن الذي ينبغي لسورية دفعه قبل، ومن أجل، حصولها على الجولان كاملة.

ولا شكَّ في أنَّ جزءاً كبيراً من هذا الثمن يجب أن يكون على شكل "أمن استراتيجي إضافي" لإسرائيل، فعلاقة سورية بإيران، و"حزب الله"، و"حماس"، على وجه الخصوص، يجب أن تتغيَّر بما يُشْعِر إسرائيل، ويقنعها، بأنَّ أمنها الاستراتيجي قد تعزَّز، ولم يضعف، بعد، وبسبب، تخليها عن الجولان، التي ضمَّتها إليها سنة 1981. ولا شكَّ، أيضاً، في أنَّ إسرائيل لن تشتري سمكاً في بحر، فالثمن السوري لانسحابها من الجولان يجب أن تحصل عليه كاملاً قبل أن تتخلى عن هذا الموقع الاستراتيجي.

دمشق ماهرة في اقتناص "الأوراق التفاوضية"، وفي زيادة مخزونها منها؛ ولكنَّ "اللعبة التفاوضية" تقوم على مبدأ "امتلاك ورقة تفاوضية ثمَّ التخلي عنها"، فالمفاوض ينبغي له أوَّلاً أن يملك "ورقة تفاوضية"، على أن يعرف متى، وأين، وكيف، يتخلى عنها، فإذا هو لم يمتلكها لن يكون مفاوضاً حقيقياً؛ وإذا هو امتلكها رافضاً التنازل عنها فلن يكون مفاوضاً حقيقياً، إلاَّ إذا كان شريكه، أو الطرف الآخر، في حالٍ من الضعف الشديد.

واحسب أنَّ إسرائيل، إذا ما افترضنا أنَّها هي التي تفاوض سورية الآن، مدعوة إلى أن تملك إجابة عن السؤال الرئيس الآتي: إذا اضْطُّرَت سورية إلى المفاضلة فهل تُفضِّل "البضاعة" على "الثمن"، أم "الثمن" على "البضاعة"؟ حتى الآن، ليس ثمَّة ما يؤكِّد أنَّ دمشق يمكن أن تفضِّل استعادة الجولان، ولو كاملةً، على المزايا الاستراتيجية لعلاقتها بإيران و"حزب الله" و"حماس".

أمَّا سورية فهي أكثر اقتناعاً من اولمرت نفسه بأنَّ وراء الأكمة ما وراءها، وبأنَّ "السلام" ليس هو الذي يقف وراء أكمة "المفاوضات غير المباشرة" في تركيا، وبوساطتها.

إنَّها مفاوضات يراد لها في الظاهر فحسب أن تكون "مفاوضات سلام"؛ أمَّا في الباطن فهي مناورة سياسية لاجتناب مخاطر حرب، يَعْتَقِد المتفاوضان ومعهما الوسيط، وقوى أخرى، أنَّ الرئيس بوش يمكن أن يشعل فتيلها في ربع الساعة الأخير من حكمه. ونضيف إلى هذا سبباً يخصُّ اولمرت شخصياً، وهو الرغبة، التي تتلاشى الآن واقعيتها، في اجتناب خطر السقوط السياسي، أي السقوط الأخلاقي الذي يوشك أن يتحوَّل إلى سقوط سياسي. وقد تتحوَّل مفاوضاته غير المباشرة مع دمشق إلى سبب لتسريع تحوُّل سقوطه الأخلاقي إلى سقوط سياسي، فانسحابه (الفعلي) من ملعب المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين إلى ملعب المفاوضات غير المباشرة مع السوريين سيُقَصِّر، ولن يطيل، عمره السياسي.

أمران لا يجرؤ عليهما اولمرت: أن يشنَّ حرباً جديدة على "حزب الله"، ممتثلاً لإرادة الرئيس بوش، الذي غدت الحرب قصيده، أو أن يشنَّ "السلام" على عباس، ممتثلاً لإرادة رايس. لقد فاضل بين أمرين أحلاهما مُرُّ، ففضَّل، في آخر المطاف، أمراً ثالثاً، هو هذه المناورة السياسية، التي تسمى "المفاوضات غير المباشرة" مع بشار الأسد.

وليس بالأمر الذي يحتاج إلى دليل أن نقول إنَّ الطرفين المتفاوضين (سورية واولمرت) والوسيط التركي متًّفِقون، ضمناً، على أنَّهم جميعاً في حاجة إلى مناورة "المفاوضات غير المباشرة"، فربع الساعة الأخير من عهد الرئيس بوش قد يعرف من "الشمشونية" ما يُلْحِق ضرراً كبيراً بمصالح المتفاوضيْن والوسيط، وبمصالح آخرين.

على أنَّ هذا لا يعني أنَّ إسرائيل لا تنتظر على أحرِّ من الجمر أن يفعلها الرئيس بوش، فالدولة اليهودية تود، وتتوقَّع، وتتمنى، أن توجِّه الولايات المتحدة ضربة عسكرية كبرى إلى إيران، قبل مغادرة الرئيس بوش البيت الأبيض، وأن يترتَّب على هذه الضربة إصابة إيران بعجزٍ طويل الأمد عن امتلاك سلاح نووي. وهي، أي إسرائيل، تسعى في حَمْل إدارة الرئيس بوش على أن يفعلها قبل أن يذهب إلى بيته.

وتتوقَّع إسرائيل الآن، أي بعد، وبفضل، "المفاوضات غير المباشرة" مع سورية، والتوصُّل إلى "اتِّفاق الدوحة"، أن يستمر الهدوء على حدودها مع لبنان وسورية إذا ما وُجِّهت تلك الضربة، وفي أثنائها.

وبعد توجيهها، وإذا ما انتهت إلى إلحاق ضرر كبير بالوضع العسكري والاقتصادي الاستراتيجي لإيران، فإنَّ استمرار ذاك الهدوء قد يغدو أمراً منافياً للميول الإسرائيلية.

إنَّ لإسرائيل مصلحة الآن، أي حتى مغادرة الرئيس بوش البيت الأبيض، في اجتناب الدخول في حرب، وفي اجتناب مخاطر وعواقب حرب قد تخوضها الولايات المتحدة ضد إيران؛ وهذه المصلحة الإسرائيلية العامة تلتقي مع المصلحة الشخصية لاولمرت في أن يجتنب، إذا ما استطاع إلى ذلك سبيلا، خطر تحوُّل سقوطه الأخلاقي إلى سقوط سياسي.

ويخطئ من يعتقد أنَّ هذه المصلحة الإسرائيلية تتعارَض من الوجهة الاستراتيجية مع مصالح الولايات المتحدة، فإدارة الرئيس بوش، ومهما اشتد ميلها إلى الحرب، وإلى المغامرات العسكرية، لن تذهب إلى الحرب ضد إيران قبل أن تهيئ من المناخ السياسي الإقليمي ما يجعل إيران أقل قدرة على "الردِّ المؤذي"، فثمة أشياء ثلاثة يجب أن تتحقق قبل، ومن أجل، توجيه الولايات المتحدة ضربة عسكرية إلى إيران.

إنَّ إسرائيل يجب أن تكون بمنأى عن أي خطر عسكري سوري أو لبناني، وإنَّ جيشها، أي جيش الولايات المتحدة، في العراق يجب أن يكون في وضع يسمح له باتِّقاء شر رد عسكري إيراني انطلاقاً من العراق، أو عبره، وإنَّ إمدادات النفط عبر مضيق هرمز يجب أن تكون في أمن وأمان.

وأحسب أنَّ عجز إدارة الرئيس بوش حتى الآن عن التوصُّل إلى استنتاج مؤدَّاه أنَّ المناخ السياسي الإقليمي قد تهيَّأ بما يجعلها قادرة على توجيه ضربتها العسكرية إلى إيران مع شلِّ قدرة طهران على الرد الانتقامي الموجع هو ما يحول بينها وبين الأخذ بالخيار العسكري.





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الأمن الغذائي- أوَّلاً!
- القوميون العرب الجُدُد!
- عندما -يُعرِّف- الرئيس بوش الدول!
- سنة فلسطينية حاسمة!
- إنَّما -التعريب- كلمة يراد بها -التدويل-!
- ذاك انقلاب.. أمَّا هذا فلا!
- -قصة التيه- في نسختها اللبنانية!
- ليس صراعاً بين عليٍّ وعُمَر!
- كيف تُشْعَل الحروب.. لبنان مثالاً!
- لو كان اقتصادنا الحُرُّ.. حُرَّاً!
- -المسخ عبر التعريف- في مفاوضات سرية!
- حرب حكومية على -أفيون الفقراء-!
- فوضى الكلام عن السلام!
- أما حان لعمال العالم أن يتَّحِدوا؟!
- تعريف جديد ل -المرأة الزانية-!
- -حماس- تتحدَّث بلسانين!
- من بروكسل جاء الجواب!
- طوفان التصويب وأحزاب سفينة نوح!
- الكامن في شروط إسرائيل -غير التعجيزية-!
- -أحكام عرفية- ضدَّ -الغلاء-!


المزيد.....




- متى تتوقعون الهجوم على رفح؟ شاهد كيف أجاب سامح شكري لـCNN
- السعودية.. القبض على شخصين لترويجهما مواد مخدرة بفيديو عبر و ...
- مئات الغزيين على شاطئ دير البلح.. والمشهد يستفز الإسرائيليين ...
- بايدن يعلن فرض الولايات المتحدة وحلفائها عقوبات على إيران بس ...
- لماذا تعد انتخابات الهند مهمة بالنسبة للعالم؟
- تلخص المأساة الفلسطينية في غزة.. هذه هي الصورة التي فازت بجا ...
- شاهد: لقطات نشرها حزب الله توثق لحظة استهدافه بمُسيرة موقعًا ...
- ألمانيا تطالب بعزل إيران.. وطهران تهدد بمراجعة عقيدتها النوو ...
- مهمات جديدة أمام القوات الروسية
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - مفاوضات للسلام أم لاجتناب مخاطر حرب؟!