أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - القوميون العرب الجُدُد!















المزيد.....

القوميون العرب الجُدُد!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2288 - 2008 / 5 / 21 - 10:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المعركة التي وقعت في بيروت (الغربية) والتي برَّرها "حزب الله" بما يسمح بتسميتها "معركة استعمال السلاح دفاعاً عن السلاح"، تسبَّبت، على ما سمعنا من كلام، بشيء من "الصحوة القومية العربية"، فأزمة لبنان فُهِمَت وفُسِّرت بما يشدِّد الحاجة إلى حلِّها الآن، وسريعاً؛ ولكن بما يجعل لبنان، وقواه المتصارعة المتحاربة بمنأى عن "الطموح القومي غير العربي"؛ أمَّا جعجع، الذي جُبِل على العداء لكل ما يمتُّ بصلة إلى الانتماء القومي العربي، فغدا قاب قوسين أو أدنى من إشهار انتمائه إلى "القومية العربية"؛ ولقد قال في الدوحة: "إنَّ فشل الحوار (في العاصمة القطرية) يعني أنَّ طلب إرسال، أو استقدام، قوَّة حفظ سلام عربية إلى بيروت أصبح من الضرورة بمكان".

إنَّ بعضاً من "القوميين العرب الجُدُد" كان مِمَّن ابتنى له فكراً سياسياً يقوم على تحريم استعمال تعبير، أو مصطلح، "القومية العربية"، فإذا كان لا بدَّ من الإتيان على ذِكْر ما يشبه، قليلاً، معنى هذا التعبير، أو المصطلح، فاختياره يقع، عندئذٍ، على ألفاظ من قبيل "العرب"، و"العروبة"؛ ذلك لأنَّ القول بـ "القومية العربية" له من المعاني ما يتنافى مع جوهر الفكر السياسي الذي أسَّس له، وتوفَّر على حمايته زمناً طويلاً.

ولكن، لماذا الآن، وليس من قبل؛ ولماذا على هذا النحو، وليس على نحو آخر، قرَّروا إحياء عظام القومية العربية وهي رميم؟!

حتى في ثقافة المواطن العربي العادي، أو العامَّة من المواطنين العرب، لا نقف على شيء من المعاني الحقيقية للانتماء القومي، فإذا نبغ مصري أو سوري أو أردني أو مغربي.. في علم ما قُلْنا في تفاخر ومباهاة إنَّه مصري أو سوري أو أردني أو مغربي..

أمَّا إذا رأيناه يَبول في الشارع فنقول إنَّه عربي، فكل مثلبة ننسبها إلى الانتماء القومي العربي، الذي كان كفقاعة وُخِزَت بإبرة "الهزيمة الحزيرانية" فانفقأت؛ ومُذْ انفقأت ونحن في ارتداد متزايد ومتسارع إلى القبلية والطائفية والمذهبية، أي إلى كل دركة من دركات سُلَّم "الحيوانية السياسية"، وكأنَّنا نفضِّل الهبوط على الصعود في سُلَّم "الداروينية الاجتماعية ـ السياسية"!

ما أصعب أن تُشْعِل، في مجتمعاتنا، فتيل صراع يتسامى عن كل عصبية كريهة منافية للانتماء القومي، ولحقِّنا في التطوُّر الديمقراطي، وما أسهل أن تُخْرِج هذا الصراع، إذا ما بدأ، عن سكَّته بقوى العصبية الحيوانية والعمياء، فيتحوَّل هذا الصراع، الذي تكمن فيها مصلحة عامة، ويضرُّ بذوي المصالح الفئوية الضيقة، إلى ما يشبه "حرب الكل ضد الكل".

وهذا ما حدث في العراق، ويراد له أن يحدث في لبنان، فنحن ما زلنا في أسر قوى تتوفَّر على إنتاج، وإعادة إنتاج، كل عصبية كريهة، لتبيعنا إيَّاها في أوقات الأزمات على وجه الخصوص؛ وما زلنا نرغب في شرائها ولو بدمائنا وأرواحنا!

اسألْ أي عراقي أو لبناني.. عن رأيه في العصبية الطائفية والمذهبية، وعن موقفه منها، تسمع كلاماً يجعلك تعتقد أنَّ أُمَّتنا في خير وعافية، وأن لا خوف عليها من أن تقع في فخِّ اقتتال طائفي أو مذهبي..

على أنَّ هذا ليس سوى أحد طرفي تناقضنا الداخلي، ففي طرفه الآخر نرى أنَّ كل من يسمعكَ كلاماً من هذا القبيل يمكنه أن يتحوَّل سريعاً إلى وقود في "حرب الكل ضد الكل"؛ ولديه من قوَّة الدافع إلى التضحية بالنفس، وبذل الغالي والنفيس، في الحرب ضد المختلف عنه، قبلياً وطائفياً ومذهبياً، ما يفوق أضعافاً مضاعفة قوَّة دافعه إلى خوض الصراع الذي له مصلحة حقيقية، وليس مصلحة وهمية، في خوضه والفوز فيه.

ويكفي أن تشوِّه وتمسخ صراعاً ما بقوى العصبية القبلية والطائفية والمذهبية حتى تَخْرُج من أجداثها سِراعاً قيادات من النمط الذي بفضله يستمر حُكْم الأموات للأحياء، فترى القيادة تأتي إلى زعماء القبائل والطوائف والمذاهب منقادة، إليهم تجرجر أذيالها!

الآن، يراد لنا أن ننحاز إلى "قوميتنا العربية"؛ ولكن ضدَّ من؟ ليس ضد عدونا القومي الأوَّل وهو إسرائيل مع حليفها الاستراتيجي ضدنا وهو الولايات المتحدة التي يحكمها أناس يتَّخِذون التلمود مرجعية لهم في مواقفهم منَّا.

هذا العدو القومي الأوَّل لا يَحْملنا على أن نغدو "قوميين عرب" في مواجهته، ففي هذا "الصراع" نفضِّل أن نكون "معتدلين عرب"!

أمَّا إذا حوصِر مليون ونصف المليون إنسان من أبناء جلدتنا في قطاع غزة، وأمعنت إسرائيل في نشر الموت والدمار بينهم، وفي تجويعهم، ومنع وسائل العيش من الوصول إليهم، فعندئذٍ نضرب صفحاً عن الانتماء القومي، ونضيف إلى الحصار الإسرائيلي حصاراً عربياً، ثمَّ نتحوَّل من شقيق إلى "وسيط".

لنفاد الوقود مات أطفالنا على أسرَّة الشفاء، ونحن الأمَّة النفطية العظمى؛ أمَّا إذا أسرفت سيارات مواطني الرئيس بوش في استهلاك البنزين، وغلا، بالتالي، سعره، فإننا نُسْرِع في إنتاج مزيد من النفط حتى يظل المسرفون على إسرافهم. إننا نُسْرِع في عمل الخير هذا وكأنَّ هذا الرئيس لم يأتِ إلينا بعدما أسمع عدونا القومي الأول قصيدته الجديدة.. قصيدة "وطن الشعب المختار"!

ثمَّ نتساءل في سذاجةً هي منَّا ونحن منها عن السبب الذي يجعل الولايات المتحدة في هذا الانحياز الأعمى إلى جانب إسرائيل!

ويكفي أن نفعل ما نفعل، وأن نتساءل من ثمَّ عن سرِّ فرعنة فرعون ضدنا، حتى يُقال لنا "لقد عُرِف السبب فَلِمَ العجب؟!"!

لِنَعُدْ إلى انتمائنا القومي، ولِنُشْهِر إيماننا بـ "القومية العربية"؛ ولكن في مواجهة عدونا القومي الأول والحقيقي، وضدَّه. لِنَعُدْ إليه؛ على أن نعيد خلقه في أحسن تقويم؛ من الديمقراطية نتَّخِذ له قدمين، ومن نبذ الشوفينية نتَّخِذ له وجهاً، ومن الانحياز إلى المصالح العامة للأمة ضد ذوي المصالح الفئوية الضيقة نتَّخِذ له مذهباً.

"القومية العربية" ليس لها دين، وإن كان الإسلام دين غالبية العرب؛ ولا تقوم لها قائمة مع التعصُّب الطائفي والمذهبي..

"القومية العربية" تضم المسلم والمسيحي، السني والشيعي؛ ولكنَّها ليست باتِّحاد أديان وطوائف ومذاهب، فـ "المواطنة" بكل ما تعنيه هي جوهرها وقوامها.

و"القومية العربية" تظلُّ كلمة حق يراد بها باطل إذا لم تُتَرْجَم بالاقتصاد أوَّلاً، وإذا لم نُسيِّر رياح العولمة الاقتصادية بما تشتهي سفينة السوق العربية المشترَكة.

ولـ "القومية العربية" حكمتها، التي لا يضيرنا أن نأخذها ولو من فاه مجنون. لقد غضبوا على الخطاب الذي ألقاه الرئيس بوش في افتتاح المنتدى الاقتصادي الدولي في شرم الشيخ، قائلين في تبرير غضبهم إنَّ الخطاب تضمَّن أقوالاً تخدم نظرية "صراع الحضارات". ولقد حاولوا أن يُظْهِروا الخطاب على أنَّه خطاب "الديمقراطية في مواجهة الإسلام".

كلاَّ، ليس هذا هو الذي أغضبهم. ما أغضبهم إنَّما هو قوله (الذي هو الحكمة نأخذها من فاه مجنون) على مسامعهم إنَّ الحياة السياسية العربية تقوم على ركنين: زعيم واحد في السلطة، ومعارضة في السجن.

إنَّهم لم يجرؤا على أن يكشفوا عن السبب الحقيقي لغضبهم، وهو هذا القول، فاختلقوا ذلك السبب الذي قد يُظْهِرَهم على أنَّهم منافحون عن الإسلام!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما -يُعرِّف- الرئيس بوش الدول!
- سنة فلسطينية حاسمة!
- إنَّما -التعريب- كلمة يراد بها -التدويل-!
- ذاك انقلاب.. أمَّا هذا فلا!
- -قصة التيه- في نسختها اللبنانية!
- ليس صراعاً بين عليٍّ وعُمَر!
- كيف تُشْعَل الحروب.. لبنان مثالاً!
- لو كان اقتصادنا الحُرُّ.. حُرَّاً!
- -المسخ عبر التعريف- في مفاوضات سرية!
- حرب حكومية على -أفيون الفقراء-!
- فوضى الكلام عن السلام!
- أما حان لعمال العالم أن يتَّحِدوا؟!
- تعريف جديد ل -المرأة الزانية-!
- -حماس- تتحدَّث بلسانين!
- من بروكسل جاء الجواب!
- طوفان التصويب وأحزاب سفينة نوح!
- الكامن في شروط إسرائيل -غير التعجيزية-!
- -أحكام عرفية- ضدَّ -الغلاء-!
- مأساة تَحْبَل بانفجار!
- -عالم شايلوك يهوه- أم -عالم شكسبير-؟!


المزيد.....




- -كيف يمكنك أن تكون حراً إذا لم تتمكن من العودة إلى بلدك؟-
- شرق ألمانيا: حلول إبداعية لمواجهة مشكلة تراجع عدد السكان
- -ريبوبليكا-: إيطاليا تعرض على حفتر صفقة لكي ترفض ليبيا العمل ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تواجه عطلا بمدرج مطار اسطنبول وتهبط ...
- الرئيس الروماني يكشف موقف بلاده من إرسال أنظمة -باتريوت- إلى ...
- -التعاون الإسلامي-: اجتياح رفح قد يوسع نطاق التوتر في المنطق ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد لا يتبنى موقفا موحدا بشأن الاعتراف بال ...
- الشرطة الألمانية تقمع تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في جامعة برلي ...
- دونيتسك وذكرى النصر على النازية
- الجيش الإسرائيلي يعلن حصيلة ضحاياه منذ 7 أكتوبر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - القوميون العرب الجُدُد!