أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جواد البشيتي - -قصة التيه- في نسختها اللبنانية!














المزيد.....

-قصة التيه- في نسختها اللبنانية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2279 - 2008 / 5 / 12 - 11:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ليس لكل عبارة معنى، ولو كانت سليمة نحوياً، فهل من معنى لعبارة "شربتُ ماءً مُثَلَّثاً"؟! وهل من معنى لعبارة "المرأة الحامل لم تَحْمِل بعد"؟! وهل من معنى لعبارة "القراران الصادران لم يصدرا بعد"؟!

على أنَّ افتقاد المعنى، أو تناقضه منطقياً، لا يلغي، وإنَّما يؤكِّد، الحاجة إلى التفسير والتعليل، فرئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة كان مدعوَّاً إلى تلبية شرطين لـ "حزب الله"، توصُّلاً إلى حل الأزمة الأخيرة، أحدهما هو إلغاء القرار الصادر عن حكومته ضد شبكة الاتصال السلكي (الأمنية) الخاصة بالحزب، فلو أعلن إلغاء القرار لعنى ذلك السقوط السيادي لحكومته؛ وكان "الحل"، الذي أشاروا عليه به هو أن ينفي "وجود" القرار، أو القرارين، فإذا قال إنَّهما "غير موجودين"، أو "لم يصدرا بعد"، فليس من المنطق في شيء أن يُعْلِن "إلغاء شيء غير موجود". ولا شكَّ في أنَّ التناقض في الواقع السياسي الجديد لحكومة السنيورة هو الذي أنْتَج هذا التناقض في المنطق إذ قال إنَّ "القرارين الصادرين" عن حكومته "لم يصدرا بعد".. إنَّ "المرأة الحامل"، على ما أكد الطبيب، "لم تَحْمِل بعد"!

ولكن، من ذا الذي يتحمَّل المسؤولية الكبرى عن هذا الخلل في المنطق؟ إنَّه إدارة الرئيس بوش التي أقنعتها تجربتها في العراق، وتجربة إسرائيل في "حرب تموز ـ آب"، بأنَّ خير خيار لها، في أوقات الضيق والشدة، وعندما يتحدَّاها الواقع أن تكون "نمراً حقيقياً"، هو أن تكون "نمراً من ورق"، وأن تتعلَّم من لبنان ما نسيه هو، وهو أنَّ "قوَّتها في ضعفها"!

تلك الإدارة حرصت، على ما يبدو، على نشر وتعميم ما أصابها من غباء سياسي، فهي اقتنعت، وأقنعت غيرها، بأنَّ "القرار"، أي قرار ضرب وتقويض "الشبكة"، لن يتسبَّب بإرغام "حزب الله" على "تحليل" ما "حرَّمه" من قبل، وهو استخدام سلاحه في الداخل، وضد بعض من هذا الداخل، وكأنَّ الحاجة ليست بأُمِّ الاختراع أو الابتكار، فكانت النتيجة، التي ذهبت بتوقُّع إدارة الرئيس بوش، هي ابتكار نظرية "استخدام السلاح للدفاع عن السلاح". ثمَّ وقعت "المفاجأة" وهي استخدام هذا السلاح بما يطفئ، وليس بما يُشْعِل، فتيل حرب طائفية أو مذهبية في بيروت (الغربية) وانطلاقاً منها.

ثمَّ جاءت "الصدمة"، فالسنيورة طلب "المساعدة"، فأجابوه بما أقنعه بأنَّهم إنْ ساعدوه فلن يساعدوه بالسيوف وإنَّما بالدعاء، فهم حسبوا الأمر جيداً، وتوصَّلوا إلى أنَّ "تنفيذ القرار" لن يكون بأقل من 150 ألف مقاتل من "المارينز"، وأنَّ "محاولة التنفيذ"، المستوفية لهذا الشرط العسكري، تظل محاولة، يتعادل فيها احتمال النجاح واحتمال الفشل.

لقد ارتكب الرئيس بوش جريمة في حق حلفائه اللبنانيين إذ زيَّن لهم الطريق إلى الحرب، فلمَّا خطوا خطوتهم الأولى والكبرى فيها قال لهم بما يُذكِّهم بـ "قصة التيه".. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، "يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون".

"إنَّا ها هنا قاعدون".. لقد أبلغ بوش إلى السنيورة بما يشبه معنى الآية، فكان هذا "التيه السياسي"، الذي كان أوله قرار "تَرْك القرارين (اللذين لم يصدرا بعد!) في عهدة الجيش". و"العهدة" هي ما يوكل حفظه من أشياء إلى مسؤول، فَتَرْك المصاغي عهدة في المصرف إنَّما يعني تركها في كفالته.

واستمر "التيه" واتَّسع، فكيف تترك قرارين لم يصدرا بعد في عهدة الجيش؟! وما معنى ذلك إذا ما كانت الحكومة هي التي تقرِّر، وإذا ما كانت مهمة الجيش هي أن يُنفِّذ؟! هل معناه أنَّ الحكومة تقرِّر، وأنَّ الجيش هو السلطة التي يحق لها أن تقرِّر المصير النهائي للقرار الحكومي؟! هل معناه أنَّ على الجيش أن يشرع يُنفِّذ أم أن يقرِّر متى، وأين، وكيف، يُنفِّذ؟! هل معناه أن يحتفظ الجيش بالقرار، وأن يبقيه في الحفظ والصون، إلى أن يحين التنفيذ؟!

ثمَّ بدأ "حوار التيه"، فالجيش، الذي قرَّرت الحكومة ترك القرارين في عهدته، خاطب الحكومة وكأنَّه يقول لها: "سأقبل ترك القرارين في عهدتي على أن تقوم الحكومة، قبل ذلك، ومن أجل ذلك، بإلغاء القرارين"!

ولكن، هل من معنى لقبول الجيش أن يُتْرَك القراران في عهدته إذا ما لبَّت الحكومة طلبه، وقامت بإلغائهما؟!

الحكومة (وحتى كتابة هذا السطر) لم تُعْلِن إلغاء القرارين؛ أمَّا الجيش فأعلن قبوله تَرْك القرارين في عهدته؛ ولكن على اعتبار "أنَّهما لم يصدرا بعد"، وأنَّ تنفيذه لهما لن يكون إلاَّ بما يوافق وجهة نظره.

قبل أن يُعْلِن السنيورة أنَّ "القرارين اللذين صدرا لم يصدرا بعد"، سُئِل أكثر المتكلمين في السياسة، وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت، عمَّا إذا كان محتملاً أن تُعْلِن الحكومة إلغاء القرارين، فأجاب قائلا: "إنَّ استقالة الحكومة أهون كثيراً من أن تُعْلِن إلغاءهما"، فَلِمَ لم يَقُلْ، عندئذٍ، إنَّهما لم يصدرا بعد حتى تُعْلِن الحكومة إلغاءهما؟!

لقد نجح "حزب الله" في أمر لم يكن في عداد أهدافه إذ أقام لكثير من العرب الدليل على أنَّ الولايات المتحدة، بعد وبفضل تجربتها في العراق، ما عادت بالجدار الذي يمكنهم الاستناد إليه، فهل ما زالوا يطلبون مزيداً من الأدلة على وجود النهار؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس صراعاً بين عليٍّ وعُمَر!
- كيف تُشْعَل الحروب.. لبنان مثالاً!
- لو كان اقتصادنا الحُرُّ.. حُرَّاً!
- -المسخ عبر التعريف- في مفاوضات سرية!
- حرب حكومية على -أفيون الفقراء-!
- فوضى الكلام عن السلام!
- أما حان لعمال العالم أن يتَّحِدوا؟!
- تعريف جديد ل -المرأة الزانية-!
- -حماس- تتحدَّث بلسانين!
- من بروكسل جاء الجواب!
- طوفان التصويب وأحزاب سفينة نوح!
- الكامن في شروط إسرائيل -غير التعجيزية-!
- -أحكام عرفية- ضدَّ -الغلاء-!
- مأساة تَحْبَل بانفجار!
- -عالم شايلوك يهوه- أم -عالم شكسبير-؟!
- هل تَعْرِف مَنْ أنتَ؟!
- بن اليعازر يتكلَّم ب -لسان نووي-!
- الغلاء يُولِّد الإضراب!
- -قرارٌ-.. أسأنا فهمه كثيراً!
- الجوع يَحْكُم العالَم!


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - جواد البشيتي - -قصة التيه- في نسختها اللبنانية!