أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فاطمه قاسم - الأنفاق بوابة للحياة ومختنق للموت














المزيد.....

الأنفاق بوابة للحياة ومختنق للموت


فاطمه قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2274 - 2008 / 5 / 7 - 11:05
المحور: القضية الفلسطينية
    


للحصار ألف وجه ,
و للموت بسبب الحصار ألف وجه أيضا
من بين هذه الوجوه للموت والحصار أو الحصار المؤدي إلى الموت هو وجه غريب عجيب يستحق متابعة أدق , و عناية أرقى , وصدقا أكثر شجاعة , و اعترافا أكثر شمولية , انه الأنفاق , تلك الأنفاق التي نحفرها بأيدينا بالرمل وليس في الصخر , لو كانت في الصخر على صعوبتها لكانت أفضل ألف مرة ولكنها وآسفاه , أنفاق نحفرها في الرمل , و كل ما يحفر تحت الرمل من أنفاق أو يبنى من فوق الرمل من قصور الوهم سرعان ما ينهار و يرسم بدلا عنه إشارة موت كبيرة , الأنفاق لعبة قديمة , و خاصة في هذا السجن الصغير المزدحم الذي اسمه قطاع غزة , ولان الأنفاق لعبة , فان لها وجها قاتلا وخاصة ذلك المتعلق بأحد اللاعبين وهو الشعب الفلسطيني , و في زمن الحصار الذي يفرضه الاسرائييون على قطاع غزة تصبح لعبة الأنفاق المميتة لعبة إجبارية , ولعله من اشد وقائع العجب و صور النفاق أن يدعي الذين صنعوا الحصار أنهم متفاجئون بالأنفاق! , تخنقني ثم تستغرب محاولاتي في الحصول على الماء والهواء , فكيف يكون ذلك ؟ و هكذا فان الخالق الأول لظاهرة الأنفاق هو نفسه الصانع الأول لجريمة الحصار , و نحن , في محاولات شبه يائسة , نريد من هذه الأنفاق أن تكون بوابة للحياة , و هو الآخر يريد من هذه الأنفاق أن تكون سراديب خانقة للموت , انه سباق يتعدى حدود الأساطير , سباق محموم , سباق يتجلى فيه ببشاعة قصوى اختلال موازين القوى , عربدة القوى التي بلا حق ضد الحق العاجز الذي يفتقد القوة , و انظروا كيف أن الأقوياء في العالم , يتهمون الفلسطينيين الذين يديرون حياتهم "من نفق " ويحصلون على الحد الأدنى للحد الأدنى من متطلبات حياتهم عبر الأنفاق ,يتهمونهم بأنهم بهذا العمل , و بهذه المحاولة شبه المستحيلة للهروب من الموت المحتم , بأنهم لا يحترمون القوانين , و أنهم بعيدون عن الطهارة وأنهم يقومون بإجراء تجارب إرهابية خطرة جدا , وأنهم لا يمتثلون لقرارات الشرعية الدولية , وأنهم و أنهم و أنهم إلى أخر المسلسل الطويل من الاتهامات القاسية التي تعادلها عقوبات قاسية من بينها أن يتركوا هذه الأنفاق الرملية تنهدم فوق رؤوس عابريها , كثبان الرمل تنطبق عليهم ,
آه يا الهي , موت صامت مثل صمت الرمال , حتى الرياح نفسها لا تستطيع النوح عليهم , عموما الفلسطينيون لا بكائين عليهم , و لا جوائز إبداع , لا ينتظرهم سوى الاتهامات , و هذا الموت المتنوع في فصوله وأشكاله و مواسمه , موت من شدة القصف , وموت من ندرة العلاج , و موت من الحصار , و موت من الانفجار وعبث الانتظار , وموت من المقاومة , و موت من المساومة , وموت في قلب الأنفاق , ومن محاولات الهروب إلى الحرية , ثم الموت حزنا من إدراك و معرفة ذلك كله , دون أن يفعل أحدا شيء .
و اسمحوا لي بهذه المناسبة :
أن اهمس همسة عتاب في أذن كل الجهات التي توثق حالتنا الفلسطينية تحت سقف هذا الحصار القاتل الذي يقترب من إنهاء سنته الأولى .
و العتاب هو :
لماذا لا توثقون أعداد القتلى بسبب الأنفاق ؟
آخر رقم تم إعلانه عن الذين ماتوا بسبب عدم تلقي العلاج كان الرقم 145, و كانت الجهات المحلية والدولية التي توثق أرقام القتلى في السجون الإسرائيلية و في مخيمات الحدود , و بسبب القصف الإسرائيلي , والاجتياح الإسرائيلي , وبسبب الرصاص الفلسطيني نفسه , قد قطعة أشواطا كثيرة و كبيرة قي عملها , فكيف يغيب عن هذه الجهات المحلية والدولية توثيق عدد الذين يموتون خنقا في الأنفاق على الحدود الفلسطينية المصرية في رفح ,
كل واحدا منهم له حكاية
كل واحدا منهم له عائلة , له قصة حب , وله حكاية أمل , كل واحدا منهم له الحق في أن يموت ولكن ليس اختناقا تحت طبقات الرمال .
ومادامت هذه الجهات المحلية والدولية لا تفعل ذلك , فانا ادعوكم أبها المبدعون , أيها الشعراء , أيها الروائيون , يا كتاب المسرح , أيها الفنانون التشكيليون , لماذا لا تملأون الذاكرة بالصور الزاخرة من التراجيديا الفلسطينية ؟
ولماذا لا تيموا هذه المشاهد بكل جلالها وجنونها في بستان الذاكرة الفلسطينية ؟
قتلى الأنفاق
موتى الأنفاق
شهداء الأنفاق
ضحايا الأنفاق
مهما يكن الاسم الذي ستختارونه , أو العنوان الذي تستظلون به , لا يهم , المهم أن تفتحوا عقولكم وقلوبكم على نوع خاص و خارق من ألوان الموت الفلسطيني .
أواه يا سفوكليس، يا هوميروس، يا كل عباقرة الإبداع في الأزمنة القديمة، كيف كنتم ستصورون لنا اشتباك آلهة الأولومب مع بعضهم، لو أن رامي الشاعر ابن العشرين سنة،مات في زمانهم مختنقاَ تحت طبقات الرمل بينما كان ذاهباَ في النفق المعتم تحت الصهباء ليحضر لشعبه المحاصر جرعة من ماء.



#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق المراة بين حضور الواقع وهروب الاعتراف
- صديق ومسافة
- مقلى الفلافل محطة وقود !
- الاقوياء دائما يكذبون
- الوطن حين يتحول الى سجال
- سأغادر مدينتك
- هذه انا
- اشواك في العلاقات العربية
- إلى متى هذا الغياب؟
- هل ما زال هناك وقت
- الى متى هذا الغياب ؟
- اخر الحصون ام القرى فلسطين
- القمة العربية والبحث عن بداية جديدة
- حوار أم انتحار
- المرأة العربية بين التغريب والتغييب
- المأزق الفلسطيني انقاذ ممكن أم الذهاب الى الابعد
- إرهاب الدولة أم دولة الإرهاب
- العنف ضد المرأة بين التشخيص والمواجهه
- امريكا وفلسطين والنفط
- زارعة الأمل حاضنة الأجيال


المزيد.....




- مشهد مؤلم.. طفل في السابعة محاصر في غزة بعد غارة جوية إسرائي ...
- -رويترز-: مايك والتز أجبر على ترك منصبه
- -حادثة خطيرة- في غزة والجيش الإسرائيلي ينوي استخلاص الدروس م ...
- زاخاروفا تعلق على احتجاز مراسل RT في رومانيا وترد على شائعات ...
- تقارير إعلامية تفضح -كذب- نتنياهو بخصوص حرائق القدس
- أوكرانيا: نارٌ ودمار وإجلاءٌ للمدنيين إثر غارات روسية على مد ...
- حكمت الهجري يطالب بحماية دولية بعد اشتباكات صحنايا وريف السو ...
- المرصد يتحدث عن عشرات القتلى في اشتباكات -طائفية- بسوريا.. و ...
- إيران تعلن تأجيل جولة المفاوضات المقبلة بشأن برنامجها النووي ...
- في عيد العمال.. اشتباكات في إسطنبول ومغربيات يطالبن بالمساوا ...


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فاطمه قاسم - الأنفاق بوابة للحياة ومختنق للموت