أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - دمشق عاصمة الثقافة: شجون فلسطين والفكر العربي















المزيد.....

دمشق عاصمة الثقافة: شجون فلسطين والفكر العربي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2267 - 2008 / 4 / 30 - 11:36
المحور: المجتمع المدني
    


التأم في دمشق جمع نخبة من المفكرين والمثقفين والباحثين العرب ليتدارسوا فكرة طرحتها الأديبة السورية الدكتورة نجاح العطار، نائب رئيس الجمهورية العربية السورية، ونعني بها «تجديد الفكر القومي والمصير العربي» التي كانت عنواناً لمؤتمر دام خمسة أيام وشمل 15 محوراً. وقد كانت شجون تجديد الفكر القومي قد حظيت بمناقشات واسعة، لاسيما الفارق بين القومية والهوية وبين القومية والعروبة. ونوقشت فكرة الدولة-الأمة، لاسيما فكرة الدولة العصرية المدنية.
وإذا كان هناك من نقد ومراجعة للفكر العربي، فقد انطلقت من محاولات التجديد والنهوض، لاسيما من خلال المشروع النهضوي الحداثي القائم على الديمقراطية باعتبارها أحد الأركان الأساسية التي لا يمكن بدونها ضمان استمرار نجاح التنمية والاستقلال السياسي والاقتصادي الناجزين، وإقامة أشكال من التكامل والتعاون والتنسيق والاتحاد بين البلدان العربية والعدالة الاجتماعية والانبعاث الحضاري.
وكانت شؤون وشجون فلسطين في القلب، حيث نوقشت «عروبة فلسطين» باستلهام الدرس التاريخي، لاسيما استعادة قراءة الواقع من خلال رؤية انتقادية طيلة القرن الماضي، ابتداءً من وعد بلفور وحتى الوقت الحاضر. فهل عروبة فلسطين بحاجة إلى تأكيد بالنسبة لنا نحن العرب، أم أن هناك ضرورة ماسة وحاجة ملحة لتأكيدها على النطاق الدولي، وهو ما تحاول هذه المقالة عرضه؟
في 2 نوفمبر 1917، أصدر آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا آنذاك تصريحاً عُرف باسم «وعد بلفور»، دعا فيه إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، من خلال رسالة وجهها إلى اللورد روتشيلد جاء فيها: «إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وسوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف. وليكن مفهوماً بجلاء أنه لن يتم شيء من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين، أو بالحقوق والأوضاع غير القانونية التي يتمتع بها اليهود في أية دولة أخرى». ولعل استخدام مصطلح الجماعات غير اليهودية، والمقصود بهم العرب، هي المحاولة الأولى العملية لابتلاع فلسطين واستبدالها لاحقاً بإسرائيل.
وقد استندت الحركة الصهيونية على هذا التصريح لتحقيق برنامجها الذي دعا إليه المؤتمر الصهيوني الذي انعقد في مدينة بال السويسرية عام 1897، بعد عام واحد من صدور كتاب الأب الروحي لها ثيودور هيرتزل «دولة اليهود The Jewish State». وبدأت تتحرك وفقاً لذلك، وتمهّد لاحتلال الأرض، وفيما بعد باحتلال العمل والإنتاج واحتلال السوق، خصوصاً بالهجرة المنظمة إلى فلسطين، ومن ثم عبر جهود دبلوماسية دولية، حتى نجحت في إصدار القرار 181 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والمعروف بقرار تقسيم فلسطين عام 1947، وعلى أساسه أعلن قيام دولة إسرائيل في 15 مايو 1948.

لقد استند الوعد البريطاني على فكرة خاطئة بالمطلق، ولا إنسانية بالكامل، مفادها التنكر لوجود شعب عربي يعيش في فلسطين. «فالوعد» اعتبر الشعب الفلسطيني مجرد «جماعات غير يهودية مقيمة في فلسطين»، وليس كياناً تاريخياً لشعب عريق يسكن على أرضه منذ آلاف السنين، وهو الأمر الذي اشتغلت عليه الحركة الصهيونية طيلة القرن الماضي.
لقد ترتّب ظلم تاريخي على الوعد البريطاني أدى إلى تشريد الشعب العربي الفلسطيني ومصادرة حقوقه الثابتة وغير القابلة للتصرف. واستندت الحركة الصهيونية على ذلك الوعد لإقامة الكيان الصهيوني، وانفتح الصراع على مصراعيه منذ ذلك التاريخ واستمر ما يزيد على 90 عاماً وللآن.
لقد سببت بريطانيا مآسي لا حدّ لها للأمة العربية جرّاء العدوان والحروب والنزاعات العسكرية وهدر الاموال وتعطيل التنمية والديمقراطية وخطط الإصلاح، الأمر الذي يتطلب تعويضاً مادياً ومعنوياً عن الأضرار والآلام التي لا حدّ لها والتي سببتها للشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية طيلة نحو قرن من الزمان.
وإذا كانت القمة العالمية ضد العنصرية في ديربن (جنوب إفريقيا) أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر 2001 قد طالبت الولايات المتحدة بالاعتذار إلى سكان البلاد الأصليين، وأوروبا من الشعوب الإفريقية خصوصاً موضوع الاتجار بالرقيق، وما ألحقته من أذى نفسي ومادي بتطورها بسبب السياسة الكولونيالية، وهو ما أقدمت بلجيكا على فعله بالاعتذار عن سياستها عام 2002، فإن على بريطانيا المسؤولة المباشرة، الاعتذار إلى العرب والفلسطينيين عن وعد بلفور، خصوصاً وأن هذه المأساة لا تزال مستمرة ومتعاظمة، حيث تتنكر إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية وبخاصة القرار 242 و338 و425 وغيرها، يضاف إليها القرار 181 الذي أقيمت إسرائيل على أساسه وتجاوزته لتحتل الأجزاء المتبقية من فلسطين وبعض الأراضي العربية والقرار 194 الخاص بحق عودة اللاجئين.
عندما صدر تصريح بلفور «الوعد»، لم تكن فلسطين فارغة من البشر، أي إن شعباً عربياً له امتدادات تاريخية كان يسكنها منذ الأزل ولم تكن أرضها بلا شعب كما صوّرت ذلك الدعاية الصهيونية، التي حاول شامير وزير خارجية إسرائيل أن يروّجها في عام 1991 لدى افتتاح مؤتمر مدريد للسلام، وهذا ما ذهب إليه مؤخراً حاييم رامون نائب رئيس وزراء إسرائيل حين وصف الجولان السوري بأنه كان فارغاً من السكان عام 1967.
إن الاعتذار البريطاني المطلوب له أكثر من دلالة: الأولى، هي الإقرار بأن إجحافاً بحق الشعب العربي الفلسطيني قد حصل، ولا بدّ من العمل على تصحيحه رغم مرور ما يزيد عن 90 عاماً. والثانية، أن أي سلام حقيقي يتطلّب الاعتراف بهذه الحقيقة كاملة وغير منقوصة، وتلك تقضي ردّ الاعتبار إلى الشرعية الدولية، خصوصاً وأن الأمم المتحدة كانت قد اشترطت لقيام إسرائيل التزامها باحترام ميثاق الأمم المتحدة. والثالثة، أن أي جرد حساب موضوعي سيظهر مدى مخالفة «الوعد» قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف لعام 1949 ولقواعد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. والرابعة، أن الاعتذار البريطاني يعني مقاربة مبادئ العدالة الدولية التي يعتبر إنشاء المحكمة الجنائية الدولية «ميثاق روما» الذي دخل حيّز التنفيذ في يوليو 2002 انتصاراً لها، خصوصاً وأن الاستيطان يعتبر جريمة دولية بموجب بروتوكولي جنيف لعام 1977، ناهيكم عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة وجريمة العدوان بحد ذاته.
وبهذه المناسبة، ولتجديد وتطوير الدعوة إلى استعادة وتأكيد عروبة فلسطين التي تتعرض إلى الطمس والإقصاء، فلابدّ من جهد عربي رسمي وشعبي ببرنامج عمل يمتد لعشر سنوات، الأمر الذي يتطلب مخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأوروبي ومنظمة الوحدة الإفريقية، بهدف إلغاء «وعد بلفور» وما ترتب عليه من غبن وإجحاف تاريخيين. الأمر الذي يتطلب من جامعة الدول العربية، ومعها المؤسسات الإعلامية وهيئات المجتمع المدني العربي، تبنّي الفكرة والتحرك بوسائل دولية ودبلوماسية وغير حكومية لإضاءة ما رتبّه الوعد من ظلم وإجحاف بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه، وعروبة فلسطين في دائرة الضوء، وليبقى حق العودة غير القابل للتصرف أساساً لمبدأ حق تقرير المصير واستعادة الحقوق المهضومة!
لعل في ذلك جزء من رسالة دمشق الثقافية بشأن فلسطين!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل قانوني أميركي!
- رحمة بالأبرياء العراقيين!
- بعيداً عن السياسة: سؤال الضحايا إلى أين؟
- الدولة والمواطنة «المنقوصة»!
- سلّة ساركوزي المتوسطية اتحاد أم شراكة؟!
- التسامح وأوروبا: فصل الخيط الأسود عن الخيط الأبيض!
- استحقاقات المواطنة «العضوية»
- حقوق الإنسان الصورة والظل!
- الثقافة الانتخابية... والمعايير الدولية!
- «ثقافة الاستقالة» في الفكر العربي السائد!
- ثقافة الانتخابات.. افتراض أم اعتراض؟
- علاقات واشنطن - طهران بين التصعيد والتجميد!!
- مسارات التدليس والتدنيس.. احتلال العراق في عامه السادس
- الميثاق العربي لحقوق الإنسان: السؤال والمآل!
- مجالس الصحوة ونظرية الضد النوعي
- تحطيم العراق كان أحد أهداف الاحتلال الأمريكي
- العرب والأكراد : بعيدا عن المجاملات أو الاحتقانات
- مفهوم المجتمع المدني ..بين التنوير والتشهير !!
- كامل الجادرجي حين يكون الاستثناء هو القاعدة !
- ضوء جديد في قضية المهدي بن بركة!!


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - دمشق عاصمة الثقافة: شجون فلسطين والفكر العربي