الحميراء في رضاع الكبير: صراع النساء مع سلطة الفقهاء

مؤيد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 2263 - 2008 / 4 / 26 - 10:21
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

كان المجتمع العربي في العصر الجاهلي مجتمعا بسيطا ، تحكمه تقاليد واعراف بدوية وقبلية ، وكانت الحواضر المدينية مثل مكة ويثرب قبلة القبائل البدوية في الحج والتجارة لتبادل البضائع والعبادة واقامة الطقوس والشعائر الدينية ، وكان من طقس الحج ان يجتمع الرجال والنساء يقضون ليلتهم على جبل عرفة يمارسون طقس الاخصاب ، ومن طقوس الحج ايضا الطواف عراة رجالا ونساء في مكة ، وكانت الجواري تهدى لمكة ، وكانت متعة الحج معروفة في مكة حتى في الاسلام ، نهى عنها عمر بن الخطاب بقوله : متعتان كانتا على عهد رسول الله وانا انهي عنهما واعاقب عليهما متعة الحج ومتعة النساء ، ولم تكن المرأة مثقلة بالقيود الاجتماعية التي تمنعها من الخروج الى الاسواق والحج والعمل . كما كانت الحياة الجنسية ذات سمات مشاعية بدائية ، وكان الزنا معروفا في الحواضر مثل مكة ويثرب، فحاول النبي محمد بعد نجاح دعوته الاسلامية في المدينة فرض قيود على النساء والحياة الجنسية، فنزلت ايات صريحة في القران تمنع نساء النبي من التبرج .
وكانت العلاقات الجنسية الواسعة للرجل محل فخر فيدعى فحلا ، وانتقل مفهوم الفحولة للشعر واصبح صفة كل شاعر بارز فيقولون عنه شاعر فحل ، حتى انهم الفوا كتابا بعنوان الشعراء الفحول .
كما كان الرجل في العصر الجاهلي يفتخر بفحولته وانه يستطيع طرق من يشاء من النساء ، فيقول الشاعر الجاهلي امرؤ القيس :
ومثلك حبلى قد طرقت ومرضع .... فالهيتها عن ذي تمائم محول
حتى اللواط كان معروفا في مكة والمدينة ، جاء في السيرة ان ابي جهل ضرب النبي بحجر فشج رأسه ، وان الحمزة غضب فذهب الى نادي قريش عند الكعبة وقال لابي جهل : يامصفر استه ، تشتم ابن اخي . اي ان العرب عرفوا اللواط في مكة ومنهم من كان يخضب استه للاغراء .
الجنس في الاسلام
ظل الزنا يمارس في مكة ويثرب بعد ظهور الاسلام . يروي النسائي عن عبد الله بن عمر ان اسباب نزول اية (الزاني لاينكح الا زانية او مشركة – سورة النور / 3) ما يلي : كانت امرأة يقال لها أم مهزول ، وكانت تسافح ، فأراد رجل من اصحاب النبي أن يتزوجها ، فأنزل الله الاية ، كما روى الترمذي وابو داود والنسائي حديثا يقول : كان رجل يقال له مزيد يحمل من الانبار الى مكة حتى يأتيهم ، وكانت امرأة بمكة صديقة له يقال لها عناق ، فاستأذن النبي أن ينكحها- يتزوجها - فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت الاية ( الزاني لاينكح الا زانية ..) فقال له يامزيد لاتنكحها.
واخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال : لما حرم الله الزنا ، فكان زوان عندهن جمال ، فقال الناس : لينطلقن فليتزوجن ، فنزلت الاية : الزاني لاينكح الا زانية او مشركة . انظر تفسير الجلالين - تفسير سورة النور وسورة الاحزاب – على سبيل المثال لا الحصر .
اي ان اية سورة النور – الزاني لاينكح الا زانية - منعت الرجال من الزواج بالزانيات ، وربما كانت هذه الاية مقدمة لعقوبة رجم الزاني والزانية .
اما آية ( ولاتكرهوا فتياتكم على البغاء ، سورة النور / 33) فتدل على ان بعض الاباء واولياء الاماء كانوا يكرهون بناتهم وامائهم على البغاء من اجل كسب المال، وقصة نزول هذه الاية كما وردت عن مسلم و الطبراني عن ابن عباس – بروايات متشابهة - انه كانت لعبد الله بن ابي امتان هما مسيكة واميمة فكان يكرههما على الزنا فشكتا ذلك الى النبي فانزل الله ولاتكرهوا فتياتكم على البغاء / الاية . وهنا نشير الى ان اكراه الفتيات على البغاء لابد وان يكون شائعا والا فهو ليس بحاجة الى اية من الله للنهي عنه ، فان كان حالة شاذة او فردية كان بالامكان منعه بامر من النبي دون الحاجة الى اية ، ومثله الزنا فلو كان حالة فردية او شاذة لم يكن بحاجة الى ايات قرانية للنهي عنه والمعاقبة عليه وردعه باشد العقوبات .
ان اساطير العرب والميثولوجيا واخبار الحج حافلة بالقصص والحكايات التي تكشف علاقة الدين بالجنس وربط الناس بين الدين والاخصاب شائع في جميع المجتمعات، ولاباس للاطلاع على علاقة الدين والجنس في الهند على سبيل المثال الرجوع الى مقالنا حول الجنس في المعابد الهندوسية – رابط المقال اسفل هذه المقالة - للاطلاع على واقع الاديان القديمة ورؤيتها للجنس وهو ماكان شائعا ايضا في بابل والديانات العراقية القديمة، كما ان دور المعبد معروف في الحياة الجنسية ومن وظائف كاهنة المعبد – العارفة – الاشراف على ممارسة الجنس و تعليم الحب.
ومن الجدير بالذكر ان نشير الى ان من العادات القديمة التي ظلت سارية في العراق حتى العصر الحديث هو دخول امرأة كبيرة – عجوز – الى مخدع العرس ، للاشراف على فض البكارة ليلة الدخلة.
وقد انتشرت عبادة الاعضاء التناسلية انتشارا واسعا في الهند و بابل وبلاد الاغريق ومصر وايطاليا وروسيا وبلدان اوربا الشرقية والمملكة المتحدة ونصبت في كنائس اوربا تماثيل لنساء عاريات خلال العصور الوسطى.
تبرج ا لجاهلية الاولى
واولى الايات التي عالجت موضوع الحياة الجنسية ونهت عن الزينة آية تحريم تبرج الجاهلية ، وتبرج الجاهلية حسب ما ذكره مجاهد هو: اذا كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال فذلك تبرج الجاهلية .
ويشرح قتادة الامر اكثر بقوله : اذا خرج النساء من بيوتهن مائلات مميلات وكانت لهن مشية متكسرة وكلام فيه غنج ، فذلك تبرج الجاهلية الذي نهى الله عنه.
اما مقاتل فقال : التبرج هو ان تلقي المرأة الخمار على رأسها ولا تسنده فتبدو قلائدها وقرطها وعنقها .
وعمم المبرد الامر وقال التبرج هو ان تبدي المرأة من محاسنها مايجب عليها ستره.
وقيل ان التبرج هو ان تلبس المرأة الدروع الرقاق وتخرج تمشي وسط الطريق .
كما يصف المبرد التبرج فيقول : كانت المرأة تجمع بين زوجها وخدنها للزوج نصفها الاسفل ، وللخدن – الحبيب - نصفها الاعلى ، يتمتع به في التقبيل والترشف .
وقال ابو العالية : كان للمرأة قميص غير مخيط الجانبين تظهر منه الاكعاب والسوأتان.
والظاهر ان وصف ابو العالية اكثر صراحة من جميع الاوصاف الاخرى ففيه دلالة على التعري الفاضح.
هذه باختصار بعض اخبار الرواة عن التبرج في الجاهلية التي وردت في اغلب كتب التفسير، واغلبها تبين الحياة الاجتماعية والعلاقات الجنسية للمرأة في المجتمع .
ان ماجاء من صريح القول في القران حول التبرج ( يانساء النبي لستن كأحد من النساء .....وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى .الاحزاب آية 32 و 33) فتح الباب واسعا امام علماء المسلمين كي يفرضوا قيودا حسب اهوائهم على المرأة ، بالرغم من ان الخطاب في القران كان موجها لنساء النبي فقط ، ولا يشمل النساء عموما ، اذ ان التخصيص صريح وواضح ، حددهن واشار الى انهن لسن مثل الاخريات من النساء ، لانهن زوجات النبي عليهن حدود وقيود مضافة ، اذا تجاوزنها تقع عليهن عقوبات مضاعفة ، بدليل الاية 30 من سورة الاحزاب ايضا والتي جاء فيها ( يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا ) ان هذا النص صريح لا مجال فيه للاجتهاد ، الا ان الفقهاء وجدوا طرقا اخرى لتعميم الحكم على جميع النساء، منها انهم يتخذون من اخلاق النبي وسيرته اسوة لهم ، وتشبها بما فرضه على نسائه فرضوا الامر على بقية النساء المسسلمات وغير المسلمات.
قيود الحميراء
وكان ان عانت السيدة عائشة العديد من قيود الاسلام المستحدثة اثر زواجها من النبي وهي صغيرة السن ، من ذلك مثلا ماورد في الاية ( ياايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ... الاية 59 سورة الاحزاب) لذلك رعاها النبي رعاية خاصة للتخفيف عن معاناتها ، فعبارة – وقرن في بيوتكن – اي الزمن بيوتكن ولا تخرجن منها لم تكن عرفا قبل الاسلام ، وكانت المرأة تستطيع الخروج والعمل ومطارحة الرجال الهوى والغزل ومن اشهره الغزل الذي كان شائعا في قبيلة بني عذرة العربية المعروفة التي حفظ لنا الرواة قصائدها الغزلية الجميلة.
لاشك ان زوجات النبي كن يتنافسن على شيئين ، الاول الحصول على مكانة خاصة لدى النبي ، والثانية الحصول على مكانة خاصة لدى المسلمين ، وحول المكانة لدى النبي نرى ان زينب بنت جحش التي طلقها زيد ثم تزوجها النبي باية نزلت من الله في سورة الاحزاب تقول ( بعد ان قضى زيد منها وطرا زوجناكها ... الاية 37 الاحزاب ) كانت تفتخر على بقية زوجات النبي بقولها ان الله هو الذي زو جها للنبي ، اما عائشة فكانت تفتخر بانها الوحيدة من بين نساء النبي التي تزوجها وهي بكر ، اما المكانة لدى المسلمين ، فحظيت عائشة لذكائها وقوة حافظتها لصغر سنها ، برعاية النبي فاطلق عليها لقب ام المؤمنين ، وارى ان عائشة كانت تطمح لان تحتل مكانة خليفة النبي بعد وفاته ، ولكن صغر سنها وكونها امراة منعها من الكشف عن مثل هذه الرغبة . وفوق ذلك القت قضية الافك بظلالها على علاقتها باقرب الناس الى النبي وهو علي بن ابي طالب ، وتؤكد حرب الجمل التي خرجت فيها عائشة لتحارب الخليفة الرابع انها كانت تطمح للحصول على مكانة موازية للخليفة .
وتؤكد سيرة حياتها على انها استغلت حفظها لاقوال واحاديث وتصرفات النبي في احتلال موقع الراوية الاولى لاحاديثه، خاصة وان المجتمع العربي مجتمع شفاهي ، يطرب لرواية الشعر التي انحسرت بعد ظهور الاسلام ، فشاعت قراءة القران ورواية الاحاديث النبوية بين المسلمين، وبرعت ام المؤمنين برواية الحديث فحققت مكانة كبيرة في المجتمع العربي والاسلامي حتى اليوم .
كما ان معاناة عائشة كانت في عدم امكانها الزواج بعد وفاة النبي ، فالاية القرانية ( وماكان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا ان ذلك كان عند الله عظيما . الاية 35 الاحزاب ) اغلقت باب الزواج امام الحميراء رغم صغر سنها ، ولابأس ان نذكر ان سبب نزول هذه الاية هو تصريح البعض خلال حياة النبي عن رغبتهم بالزواج من نساء النبي بعد وفاته ، والظاهر ان النبي تعرض لضغوط كبيرة جراء تحرش الرجال بنسائه ، فالعديد من الرواة مثل ابن ابي حاتم وابن عباس وسفيان والسدي ذكروا اخبارا تبين ان البعض كان قد كشف عن رغبته بالزواج من نساء النبي ومن عائشة بالذات ، ويروي السدي ان طلحة بن عبيد الله قال : أيحجبنا محمد عن بنات عمنا ويتزوج نساءنا ، لئن حدث به حدث لنتزوج نساءه من بعده . ويقول ابي بكر بن عمرو بن حزم : ان طلحة قال : اذا توفي رسول الله تزوجت عائشة . ويروي جويبر عن ابن عباس ان رجلا اتى بعض ازواج النبي فكلمها وهو ابن عمها ، فقال النبي لاتقومن هذا المقام بعد يومك هذا .... فقال : يمنعني من كلام ابنة عمي لاتزوجنها من بعده .
والظاهر ان العديد من اصحاب النبي كان يأمل الزواج من احدى زوجاته بعد وفاته ربما لبلوغه سن الشيخوخه أولجمال بعضهن مثل ام المؤمنين التي كان يصفها بالحميراء . فنزلت الاية السابقة لتمنع الناس من زواجهن بعد رحيله .
وواجهت عائشة قضايا اخرى عويصة ، تمنعها من لقاء الناس وجها لوجه والتاثير فيهم وكسبهم الى جانبها في معركتها من اجل مكانتها كأم للمؤمنين ، اي خليفة غير متوجة ، تمنعها قضية لزوم البيت ، و شرط عدم الزواج ، وعدم التبرج ، وادناء الجلابيب .
رضاع الكبير
ولذكاء عائشة وحصافتها تمكنت من الخلاص من بعض القيود التي برع الفقهاء في فرضها على النساء ، فاستندت مثلا على حادث عابر و امر لم يكن أحد قد سجله او دونه أو رواه ، ولم يرد في القرآن ، ملخص الامر الذي ترويه عائشة هو : ان مولى ابي حذيفة ويدعى سالم كان قد بلغ الرشد ، وان ابنة سهيل جاءت الى النبي واخبرته عن دخول سالم عليهن فاشار النبي عليها ان ترضعه ليحرم عليها. ولربما كان رضاع الكبير تقليدا معروفا في الجاهلية تصبح المرأة فيه اما لمن ترضعه من اجل غايات اقتصادية او دينية .
استخدمت عائشة هذه الرواية التي روتها بنفسها – انظر الهامش – وطلبت من اختها التي تكبرها بعشر سنوات ونساء اخريات ارضاع من يدخل عليها كي يصبح اخا لها تستطيع الجلوس معه وكشف زينتها امامه ، وتلك كانت وسيلة عائشة لمواجهة الفقهاء الذين ارادوا تحديد حركتها وحجزها في دارها وتكميم فمها ، فكانت اشطر منهم ، واستطاعت رواية اكثر من الفي حديث عن النبي محمد وقالت ما شاءت ان تقول وقابلت من ارادت ان تقابل رغم انف الفقهاء .
ومثلها لدينا امرأة اخرى هي سكينة بنت الحسين كانت صاحبة مجلس ادبي يروي الرواة اخباره – انظر كتاب الاغاني مثلا.
اثبتت عائشة في فتوى رضاع الكبير انها داهية بزت رجال عصرها الذين حاولوا حجز المرأة في الدار وانهاء دورها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، فانتصرت عليهم لانهم لم يجرؤا على الوقوف ازاءها لتاريخها ومكانتها وسعة معرفتها بالقرآن والاحاديث والشعر وسرعة بديهتها في الاتيان بالاحاديث والاخبار التي تستطيع بها دعم ارائها ، واثبتت انها منافحة عنيدة عن حقوقها ، استخدمت سلاح المعرفة في دحض حجج الفقهاء الذين لم يستطيعوا ازاحتها عن مكانتها التي صنعتها لنفسها اثناء حياة النبي وبعد وفاته، رغم اكبر قضية زلزلت حياتها وكادت ان تطيح بمستقبلها الديني والسياسي لولا ان انزل الله براءتها من قضية الافك ، والسؤال هل نحن بحاجة اليوم الى فتوى رضاع الكبير لعائشة والتي اذاعها من جديد شيخ من شيوخ الازهر يريد العمل بها !؟‍
ان التطور الاجتماعي الغى هذه الفتوى التي لجأت اليها ام المؤمنين واستغنت عنها المرأة في العصر الحاضر اما التطورالعلمي والتقدم التكنلوجي الحديث فهو الكفيل بالرد على الفقهاء باشد من فتوى الحميراء .
* للاطلاع على علاقة الجنس والمعابد في الهند انظر مقالنا المنشور في صحيفة الاتحاد على الرابط التالي:
http://www.alitthad.com/paper.php?name=News&file=article&sid=26000

‏* * الرضاع في الفقه والسنة عن المواقع الاسلامية :
جاء في صحيح مسلم الذي يعد مع صحيح البخاري أصدق كتابين مدونين بعد القرآن عند اهل السنة : عَنْ ‏عَائِشَةَ ‏‏أَنَّ ‏‏سَالِمًا ‏‏مَوْلَى ‏أَبِي حُذَيْفَةَ ‏‏كَانَ مَعَ ‏‏أَبِي حُذَيْفَةَ ‏‏وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ فَأَتَتْ( تَعْنِي ابْنَةَ ‏ ‏سُهَيْلٍ ‏‏)النَّبِيَّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏فَقَالَتْ : إِنَّ ‏‏سَالِمًا ‏‏قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا ، وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا ، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ ‏‏أَبِي حُذَيْفَةَ ‏‏مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ ، وَيَذْهَبْ الَّذِي فِي نَفْسِ ‏‏أَبِي حُذَيْفَةَ ‏ ، ‏فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ : إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ ‏‏ أَبِي حُذَيْفَةَ . !!!
و من المعلوم أن سالما مولى أبي حذيفة كان رجلا بالغا ” كبيرا ” !!! و يروى أيضا أن رضاع الكبير كانت مما يقرأ من القرآن في زمن محمد فقد جاء في مسند أحمد : ” …. عن عائشة زوج النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قالت : لقد ‏أنزلت آية الرجم و رضعات الكبير عشرا فكانت في ورقة تحت سرير في بيتي فلما اشتكى رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏تشاغلنا بأمره ودخلت ‏ ‏دويبة ‏ ‏لنا فأكلتها ” !!! .. و من هنا فقد عدها بعض فقهاء المسلمين آية نسخ لفظها و بقي حكمها .. حالها كحال أختها المنسوخة لفظا فقط ( آية الرجم ) و التي لازالت تطبق كحد شرعي بحق الزاني و الزانية المحصنين في بعض الدول الإسلامية … و تذكر لنا كتب التراث الإسلامي أن عائشة كانت قد أصرت على العمل برضاع الكبير بعد وفاة محمد رغم أن زوجات محمد الأخريات قد نفين علمهن بتلك الآية المأكولة أو المنسوخة .. و كن أيضا يعتقدن أن رضاع الكبير ربما كانت رخصة لسالم فقط .. إلا أن عائشة التي تنسب إليها رواية ( آية رضاع الكبير ) كانت تأمر بنات أخوانها و أخواتها أن يرضعن الرجال ( المؤمنين ) الذين يرغبون بالإنفراد بأمهم عائشة يستفتونها في أمور شرعية كثيرة .. فيختلون بأمهم خلوة شرعية بعد أن يرضعون أثداء بنات أخوات و إخوان عائشة خمس رضعات مشبعات.
إنقسم فقهاء المسلمين الى ثلاث فرق .. منهم من طعن كليا بصحة ( رضاع الكبير ) و هم الشيعة و بعض المعتزلة و منهم من أخذ برأي زوجات محمد الأخريات اللواتي حصرن تلك الرضعات بحالة سالم فقط .. و منهم من أخذ برأي عائشة و هم غالبية الفقهاء !!!
كان د.عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر قد فجر مفاجأة حيث أباح للمرأة العاملة أن تقوم بإرضاع زميلها في العمل منعاً للخلوة المحرمة، إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسطة أحدهما. (المصدر- العربية نت ).
و قد سببت تلك الفتوى صدمة كبيرة لدى عوام الناس !! بعد أن إنتشرت بشكل كبير في وسائل الإعلام المختلفة .. و قد دفع د. عطية ثمنا باهضا بفتواه حيث تهجم عليه مشايخ الأزهر و قدموه الى محاكمة ( شرعية ) أدت الى تنازله عن فتواه و الى فصله من منصبه ؛ على الرغم من أن ما أفتى به عطية هو من ثوابت ” السنة “… فيما حاول البعض ممن صدموا بحقيقة صحة الحديث أن يتملصوا منه و يدعوا أن المقصود برضاع الكبير هو أن تسكب المرأة لبنا من ثدييها في إناء يشربه الرجل البالغ ” الكبير ” .. و هذا الرأي سبق أن قال به من قبل البعض من الفقهاء مثل ابن عبد البر : ” صفة رضاع الكبير أن يحلب له اللبن ويسقاه ، فأما أن تلقمه المرأة ثديها ، فلا ينبغي عند أحد من العلماء ” .. و كذلك عياض الذي قال : ” ولعل سهلة حلبت لبنها فشربه ( سالم ) من غير أن يمس ثديها ، ولا التقت بشرتاهما ، إذ لا يجوز رؤية الثدي ، ولا مسه ببعض الأعضاء “. و أمثال هؤلاء الفقهاء لا يعتد برأيهم كثيرا .. إضافة الى أن كلمة ” يرضع اللبن ” واضحة المعنى و لا تعني بالطبع ” يشرب اللبن ” !!!
لكن هنالك عدد كبير من مشايخ الإسلام ممن أقروا بالحديث و صحته و عمومية حكمه تبنوا وجهة النظر التي تقول : الرضاع يعني إلتقام حلمة الثدي .. و أن الحكم عام و لايختص بحالة ( سالم ) فقط .. حيث لم يرد ما يؤكد بخصوصية هذا الحكم ...

#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات