أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حمزه ألجناحي - في بلاد النهرين كيلو طماطة بدولارين















المزيد.....

في بلاد النهرين كيلو طماطة بدولارين


حمزه ألجناحي

الحوار المتمدن-العدد: 2257 - 2008 / 4 / 20 - 04:59
المحور: كتابات ساخرة
    


كل صباح وقبل خروجي الى باب الله العالي للبحث عن الرزق أدس بيدي الى جيبي وهي عند دخولها الى ذالك الجيب الخاوي مرتجفة وتخرج منه وهي ترتجف بشدة ليس من البرد الذي فارق العراق وأصبحت الفصول كلها صيفا تخرج ومعها بعض من الاوراق النقدية العراقية وليست الامريكية أعاذنا الله منها ومن اهلها ولأختفاء العملة النقدية المعدنية لاتخرج تلك اليد الا ومعها اوراق نقدية لاتدخل ذالك الجيب الابعد شق الانفس والجهد ودلق الماء من يد زوجتي صباحا للعودة سالما في وطن أكدت حكايات جداتنا فية درب (الصد مارد والدرب الي تفوت بيه لاترد بيه ترة الجماعه راصديه وحتى لو ايغني بجيبك احضيري أبو عزيز وداخل حسن أغنية لا لا) لأن الاخوة اذا التقو فيك صدفة ( هاي الي الله كاتبه عليك وعلى مرتك الي شمرت طاسة الماي وراك ) وعندها سيضاف رقم جديد الى الايتام والارامل في العراق الحبيب..
نعود لحكايتنا ويقولون الاهل(المعيدي ماينسه سالفته) وبما اننا من اصل هندي ومنحدريين مع الجاموس الى العراق ويسموننا الشروكية لذالك اننا من معدان الهند اللذين لانعرف عنهم غير الافلام الحزينه ولذالك قضينا العمر نعيش الحزن مثل اجدادنا الهنود وافلامهم ...
لا اخفيكم سرا بعض الاحيان ادير بوجهي عن عيون ابنائي وزوجتي وهم يطوقون ذالك الجيب واليد بنظراتهم الثاقبة على تلك اليد التي يطول أنتظارها وهي تخرج ومعها بعض الارباع من الدنانير ويبدأ هجوم الايدي المنتظرة عليها وانا واقف متسمر العن واسب واشتم والجميع يضحك وكل يوم على هذه الشاكلة وانا وانا مسرور لأني سأعود وهناك رغيف خبز ورائحة زكية مهما كان الغداء المعد لأني اعود وقد اعياني الجوع والتعب فكل شيء يقدم لي هو اشهى والذ واطعم غذاء وكما يقال ان الجوع هو امهر الطباخين والسبب الاخر هو اني لا اعرف أي اكلة غير التي ااكلها في البيت ...لكن وبالامس عندما دسست يدي لأخرج ورقة من فئة الخمسة الاف دينار لم أجد من يراقب يدي ولا تلك العيون الثاقية الصغيرة العبثة فالجميع تركوني غير ابهين بيدي المرتجفة وورقتي بيدي وانا مسرور اصرخ بعد كل خروج لتلك اليد المنتصرة التي تخرج من جيبي الممتلئ بعشرات العقارب وأصيح بعالي الصوت(هييييييييه) لم اجد من يضحك ويبتسم الا زوجتي التي لم ارى على ملامحها قسوة مثل هذه القسوة من قبل وهي تقول (هاي شنو عيني روح انته اتسوك اليوم محد ايروح يسوك وشجيب هاي الخمسةعيني)ياللهول انها خمسة الاف دينار انا اتذكر ان البيت الذي اسكنه اليوم والذي ورثته من ابي عن جدي اشتراه جدي بخمسة الاف دينار انها خمسة الاف دينار ياعالم..
المهم ذهبت الى السوق واعلم ان هذا اليوم سيكون من الايام السوداء وما اكثرها ولا ادري هل هناك ايام بيضاء في العراق فكلها سوداء لأني سأتأخر عن رب العمل وسيهدد ويتوعد بسبب التأخير. دخلت الى السوق وانا اردد اغنية قديمة يغنيها العراقيون عند دخولهم السوق وهي (مالي شغل بالسوك مريت اشوفك )ويالجمال السوق في مدينتي كل شيء فيه متوفر وهذه حقيقة وليس للمزاح فكل شيء فيه جميل ومسلفن وملفوف بأوراق ملونة ومرتبة بشكل هندسي فني حتى الباذنجان والطماطة وذهب القول المأثور (عمت البانية اتنفخ طماطة ادور حتى البانية مسلفنة )وليست على شكل اكوام كما عهدناها عندما يأتون فلاحينا من القرى المجاورة وهم حامليين مزروعاتهم بشكل (سوابل واكياس )حقيقة هذه الصور الجميلة ليست غريبة علينا لكني لم اكن اتبحر بها سابقا وانتبه لها وكنت امر عليها مرورا او يكفيني ابني الكر للذهاب الى السوق ..لم ارى الخضراوات العراقية مثل الكرفس والفجل ولرشاد وهي معروضة بهذا الشكل الهندسي بعد ان كان الجيران يكفونا ويكرمونا بها ولا نشتري من السوق لوفرتها وزراعتها حتى في البيوت وكذالك بعض المعروضات التي عرضها يفوق معروضات محل الكماليات من الملابس والعطور والاحذية ...اقتربت من البقال وسألته عن سعر الطماطة علما ان المعروض وفير وانواع مختلفة وهي طماطة بكم الكيلو واصبعي أشار الى جهة فيها طماطة اجابني البقال(هذه عمي سورية)الكيلو بالفي دينار وحركت اصبعي لجهة اخرى فيها طماطة ايضا وهذه عمي ايرانية الكيلو بالفي دينار وربع واخذ اصبعي يشير الى كل شيء احمر والبقال يرد علي هذه عمي (طركاعية بثلاث الاف دينار ) سالته (وليدي ماكو طماطة عراكيةعراكية)
وكان سؤالي كاالصاروخ من نوع كراد الايراني على ذالك البقال الذي تركني وانشغل بحاله وعمله ضنا منه اني امازحه. اقول انه لأمر غريب فانا بالامس أشتريت ومن نفس السوق ومن المحل المقابل لذالك البقال قميص صيني بثلاثة الاف دينار هل يعقل هذا كيلو الطماطة بثلاث الاف دينار ؟؟؟
ناديت على البقال ثانية وبنعومة لم اعهدها على نفسي وانا اعرف هذا الشاب البقال فأبوه صديقي رحمه الله(وليدي الله يرحم ابوك خوش زلمة وبدأ لساني يتملق له وهو لم يتجاوز بعد عمر ابني البكر لكني لابد من العودة الى البيت منتصر وظافر في معركة الطماطة والباذنجان التي كانت ترمى في النهر القريب من سوق المدينة والذي يسمى بنهر الهندي ايام زمان عندما يأتي بها الفلاح ولا احد من البقاليين يشتريها لوفرتها ولرخص ثمنها (خمسة بعانة)(وليدي هذا كل السوك هيج ونفس السعر)اجابني ابن صديقي بعد ان فرغ من عمله (أي والله عمي هو احنا جاي نشتري من مستورد واحد وكل السوك ياخذ منه)
يعني أن كل مافي السوق من الطماطة هو ذات السعر الواحد بعدها لم اسال عن أي منتوج اخر خوفا من الاصابة بجلطة او توقف في عمل البنكرياس واصبح مصاب بمرض السكري والظاهر ان هذا الامراض (السكري و التجلط لاتعرف دول اخرى ولا ناس الا العراقيين فاصبحت من الامراض المستوطنه في العراق )بسبب الطماطة والباذنجان .
ماهذا ماذا يجري في عراقنا الحبيب؟؟ اتذكر عندما كنت اذهب مع والدي الى السوق حاملا معي سلة من النايلون لاعود بها وهي ممتلئة وانوء من حملها الثقيل كل شيء كان فيها ...من الطماطة والباذنجان والخيار (العطروزي رحمه الله الذي لم اجد له اثر في السوق لعله هاجر مع العراقيين الى دول الجوار) وبعض من الفواكه واحيانا يشتري والدي شروات كبيرة بعد ان يضرب البقال عن شراءها لوفرتها في السوق فيشتري كيس(ابو الخط الحمر)من الباميا او الباذنجان فاعود مرتين او ثلاث مرات الى السوق لنقل هذه الخضروات وتصيح والدتي وبصوت متذمر (كل لأبوك هاي وين انوديه)فأرجع بالجواب من والدي لها (كل لمك خل اتيبسه للشته)وتتعاون امي واخواتي لتصنع قلائد من الباميا والباذنجان وتعلقها في باحة الدار او تصنع المعجون من الطماطة بيديها اتذكر والله اتذكر كان ابي يشتري مع اصدقاءه سيارة من الرقي وتقسم السيارة الممتلئة بالرقي (البيكب)على الاصدقاء وبسعر زهيد لايتجاوز الدنانير الخمسة وليست الخمسة الاف التي لازالت بجيبي وهي حائرة وانا حائر معها ويشبع من في البيت والجيران والجميع مسرور ويسأل ويسأل والدي هل ارسلتم لبيت فلان من الرقي (لك بابا وديلهم من هذا الخير وكللهم يقرون الفاتحة لروح اجدادك)وحتى اللحوم اذهب مع والدي الى القصاب القريب رحمه الله (نجم القصاب ) يشتري الوالد منه ربع كيلو لحم يوم كان لاتوجد لدينا برادات لحفظ اللحوم والفواكه ارى بأم عيني ان ميزان نجم القصاب يرجح لجهة اللحم وبشدة (الربع كيلو)فيصرخ به والدي ( هاي شنو ابو سهيل عيار ذهب خو مو ذهب )فيرد عليه القصاب ابو حمزه خويه هذا ودكول عيار ذهب )فيذهب غاضبا الى عقاله الذي علقه بالقرب منه ويضعه على كفة الربع كيلو ويقص بسكينه الحاد من اللحم ويضعه فوق اللحم ويصيح (ها يبو حمزه هاي هية لوبعد) والجميع من الزبائن ينادون (عفيه ابو سهيل والله عفية اعيارك ورد وما تقصر)
كان كل شيء جميل وابو سهيل القصاب لايمكن ان يفرط بزبون مثل والدي الذي كان كل اسبوع يشتري منه ربع كيلو لحم ...
مالذي يجري اليوم في بلد الخير يقف مواطنه عاجز عن شراء كيلو واحد من الطماطة يستنزف الوطن والمواطن وتهرب ثرواته وامواله الى دول كانت بالامس القريب يعيش مواطنها من خير العراق وسلة ذالك المواطن العربي لاتخلو من خير البلد المعطاء هل من المعقول نستورد طماطة وخيار من الكويت وسوريا والصين وايران واراضينا بور هل تحتاج الكويت الى الاموال ام هي السياسة والتطور الذي يعيشه العالم الذي لا يمكن ان يعيش على النفط وحده ولابد ان يواكب ويسير مع الركب(فلا خير في أمة تأكل أكثر مما تنتج )اين ذهب الفلاح العراقي اين ذهبت خيرات العراق هل ارضنا تحتاج الى الماء ام الهواء ام تحتاج الى يد خشنة احبها الله واوصى بها لتنتج ..
فلاحنا اليوم يخرج صباحا الى السوق ليشتري المنتج الزراعي المستورد وهو غير خجل من نفسه ومن ارضه الذي وهبها الله له ..
لقد عدت الى البيت واعدت الخمسة الاف دينار الى جيبي وعدت محملا بذكريات سوقنا وقصابة ابو سهيل والله يرحم ايام زمان ...
ويمكن اليوم ماكو غده,,وناكل حو ,,,
اقول ليست هناك مشكلة ..فليس بالطماطه وحدها يحيا العراقيون وهم يعيشون ايام الصولات
وانا عائد شاهدت احد اقاربي وهو يحمل في كيسه الطماطة والباذنجان اللذي اشتراه من السوق وهو الفلاح الذي ورث عن أبيه عشرات الدونمات من الأرض وعلى ضفة النهر ..
لماذا لا يزرع لقد اكتفى برواتب ابناءه الذين تطوعوا في جيش العراق الذي يعطي لجنوده البواسل ملايين الدنانير ليذودوا عن حياض الوطن ليست على الحدود بل في ازقة ودرابين المدن العراقية ...
والله ايساعد اهل العراق من اهل العراق...



#حمزه_ألجناحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليد ري يدري والما يدري كضبة عدس
- أيتام العراق ...رقم قياسي لا يمكن تجاهله
- بدأ الرجل فلا تمنعوه
- في الذكرى الرابعة والسبعين
- بلادي وان جارت علي عزيزة...وأهلي وان
- آخر تقليعات الإخوة الكرد
- المطران بولص فرج....
- ثمانية ملايين قطعة سلاح في الشارع العراقي
- منذ 6000ستةوليومنا بابل عاصمة العراق الثقافية
- خمسة عجيبات غريبات
- خمسة ملايين طفل عراقي يتيم
- صرخات المواطن العراقي يرجعها الصدى منحورة
- بأي عيد عدت يا عيد
- والله .. والله ..والله انها الوحيدة التي تستحق التهنئة ومن ا ...
- إنها السياسة يا عرب..إنها المصالح يا عرب
- إلى كتاب جينز للأرقام القياسية
- ما كنا نخشاه وقع ...الاجتياح التركي رسالة واضحة
- قانون مؤسسة الشهداء العراقي...لازال بلا حياة
- النخلة العراقية ...اهزوجة ورمز العراق...
- كركوك مدينة عراقية لها خصوصية مختلفة


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حمزه ألجناحي - في بلاد النهرين كيلو طماطة بدولارين