أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - ثقوب في قبضة -الأخ الأكبر-














المزيد.....

ثقوب في قبضة -الأخ الأكبر-


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2236 - 2008 / 3 / 30 - 10:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في رائعة جورج أورويل الشهيرة "1984"، تحدث الكاتب عن "الأخ الأكبر" الذي يرصد جميع حركات المواطنين، في الشارع والمنزل وفي غرف النوم ولا يترك لهم أي مجال للحركة خارج نطاق المراقبة والرصد ولا التعبير عما يدور في رؤوسهم من أفكار ومشاعر. كان جورج أورويل يتنبأ بسلطة طاغية وشاملة تتابع كل ما يدور في المجتمع وتحكم قبضتها الحديدية على سلوك وأقوال ومشاعر وهواجس أفراده.

ويبدو أن نبوءة أورويل لم تكن من فراغ، فها هي الدولة تراقب أنفاس الناس وتحصيها عليهم، وها هي تكنولوجيا القمع تسخر كل ما توصل إليه العلم الحديث لخدمة أعمال المراقبة والسيطرة على المحكومين. وأصبحت وزارة الداخلية في مصر مسئولة عن كل صغيرة وكبيرة في هذا البلد، وفي الوقت الذي ينبغي أن يتقلص دورها إلى صيانة الأمن العام – خاصة أن الجرائم الجنائية من قتل وسرقة بالإكراه واغتصاب وغيرها في تزايد مستمر – نجد هذا الدور يتسع ويتشعب حتى شمل إنتاج الخبز وتوزيعه.

المواطن العادي يستطيع أن يلحظ بسهولة ذراع الأمن ودوره في كل مؤسسة أو هيئة في البلاد. فهاهم أساتذة الجامعات يؤكدون التدخل الأمني في تفاصيل الحياة الجامعية – بدءا من تعيين المعيدين ورؤساء الأقسام إلى تعيين رئيس الجامعة نفسه. الأمن يتدخل في النقابات، بل وأحيانا كثيرة يقوم بالتفاوض بين العمال وبين أصحاب الشركات لتسوية النزاعات بينهم، ناهيك عن التدخل بالقمع لإنهائها إن لم ينفع التفاوض. وفي كل انتخابات تجرى في مصر، يكون الأمن مسئولا ليس فقط عن تنظيمها وإنما عن تحديد نتائجها في أغلب الأحيان، من انتخابات الاتحادات الطلابية، إلى الانتخابات النقابية وانتخابات المحليات والانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وما لم يستطع أن يدركه أورويل أن هذا التوسع في اختصاصات الأمن وسلطاته في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية لابد أن يؤدي إلى إخفاق هنا أوهناك، فيفشل الأمن في القيام بالواجبات الكثيرة والمتشعبة التي ألقيت على عاتقه، وتفشل جميع المؤسسات الأخرى في العمل بفاعلية وملء الفراغ الذي يترتب على ترهل الجهاز الأمني أو فساده.

هكذا تفشل الأحزاب السياسية في التعبير عن طموح الجماهير لأنها منزوعة الصلة بهذه الجماهير التي لا تثق فيها ولا في قدرتها على المواجهة والتنظيم والحركة، كما لا تثق هذه الأحزاب في نفسها ولا في قدرتها على التفاعل المباشر مع جمهورها وتعتمد في كل صغيرة وكبيرة من نشاطها على التسامح الأمني معها وعلى دعم السلطة لها. وهكذا تفشل النقابات في أن تلعب دورها كوسيط بين أعضائها وبين الإدارة لأنها لم تعتمد في وجودها على إرادة وثقة الأعضاء في قياداتها ولا على كسب شرعية القيادة من خلال تبني مصالحهم والدفاع عنهم، وإنما اعتمدت على كسب ثقة الأجهزة الأمنية وتزكية المخبرين لقياداتها.

وما ينطبق على الأحزاب والنقابات ينطبق أيضا على المؤسسات النيابية الأخرى حتى أصبحنا دولة بلا مؤسسات، لأن مؤسساتنا شكلية تفتقر إلى ثقة الجمهور بها وإلى شرعية القيادة. وهكذا، دخلت كل فئات المجتمع المصري في مواجهة مع السلطة، لتكشف فشل هذه المؤسسات جميعها، وفشل سياسة الاعتماد على الذراع الطويلة لأجهزة الأمن في تكميم الأفواه وحبس الأنفاس. أساتذة الجامعات أضربوا من أجل زيادة الرواتب واستقلال الجامعة وتحجيم دور الأمن فيها. المهندسون يخوضون معركة مستمرة حتى الآن لرفع الحراسة عن نقابتهم وإجراء الانتخابات فيها. الفلاحون اشتبكوا مع قوات الأمن في المنيا احتجاجا على هدم منازلهم. العمال يضربون عن العمل من أجل زيادة رواتبهم ورفع يد الأمن عن الانتخابات النقابية. الأطباء يهددون بالإضراب ويقومون بوقفة احتجاجية تلو الأخرى من أجل تحسين أوضاعهم المالية والوظيفية. القضاة يطالبون باستقلالهم ورفع هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.

لا توجد فئة واحدة تعرب عن رضاها وسعادتها بالأوضاع الحالية إلا فئة محظوظة من رجال الأعمال والسلطة. بل إن ذلك أيضا مشكوك فيه لأننا لا نستطيع أن نتوقع أن يكون كل رجال الأعمال سعداء بهذه الأوضاع التي لا تسمح بتكافؤ الفرص في تحقيق الربح نظرا لانتشار الفساد، ولا نستطيع أن نتوقع أن يكون كل رجال الشرطة سعداء بكل هذه الأعباء الملقاة على عاتقهم حتى وإن كان بعضهم يستفيد من ذلك سلطة ونفوذا أو حتى فسادا، فبعضهم يكون كبش الفداء عند الأزمات أو الفضائح التي تهدد بالخروج عن السيطرة.

رواية جورج أورويل تصف طموحات الاستبداد أكثر مما تصف واقعه، لأن السلطة مهما بلغت قدرتها على القمع لا تستطيع أن تحاصر طموح الشعوب وأملها في التغيير.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عذرا يا شيخنا – نرفض الشهادة!
- رأسمالية وطنية وأخرى تابعة!
- معادلة الحرية
- لن نتسول حقوقنا يا رئيس الوزراء!
- قيادة نقابية أم موظف في جمعية دفن الموتى؟
- أبطال المعارك الوهمية
- الشرعية والقانون
- كاليجولا يحاصر الهواء
- حكومة رجال الأعمال لن تحمي مصر من استيراد التضخم
- مجلس الدكتور سرور
- هلفطة
- النظام والفوضى في مجتمع مقهور
- أوهام الأرقام وحقائق الواقع
- الإصلاح السياسي ورقص الصالونات والفنادق الفاخرة
- نقابة للصحفيين أم جهة إدارية
- نقابة الصحفيين تتحول لجهة إدارية تعاقب الصحفيين على سلوك الإ ...
- الصادرات المصرية حصان خاسر في سباق التنمية
- الانتخابات البرلمانية 2005: فزع السلطة وفزاعة الإخوان المسلم ...
- الاشتراكيون الثوريون تحالفوا مع الإخوان … يا لهوي!
- أزمة النظام الحاكم في مصر واحتمالات الانتفاضة - 1


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - ثقوب في قبضة -الأخ الأكبر-