أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - أزمة النظام الحاكم في مصر واحتمالات الانتفاضة - 1















المزيد.....



أزمة النظام الحاكم في مصر واحتمالات الانتفاضة - 1


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 1238 - 2005 / 6 / 24 - 09:14
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الانتفاضة أمل كل المقهورين، ويقترب هذا الأمل أكثر فأكثر كلما ضعفت النظم الحاكمة التي تستنزف المقهورين وتقمعهم بشتى السبل كما هو الحال في مصر، ولكن هناك دائما مسافة بين الأمل وبين الواقع لابد ألا يغفلها من يحلم بالتغيير الثوري، وكما أن الثورات هي أعياد المقهورين كما يقول لينين، فلا ينبغي أن نفت الكعك قبل العيد كما يقول المثل الشعبي الدارج في مصر. وقد تفاجئنا الجماهير المصرية بانتفاضتها في أي لحظة، خاصة وأن النظام الحاكم قد فقد كل مشروعية, وأصبح يتخبط في معالجة أبسط القضايا نتيجة لفقدانه الثقة في أي شيء وكل شيء ... خاصة وأن هذا النظام قد تعرى وجهه القبيح وبانت نتانته وتعفنه ليس فقط أمام شرائح واسعة من الطبقة العاملة والفلاحين والطبقة الوسطى، وإنما أيضا أمام داعميه في البيت الأبيض، وتبين لشرائح من الطبقة الحاكمة في مصر أن المؤسسة الحاكمة فقدت كل مبررات وجودها وأصبحت هشة وقد تتفكك أمام أي لحظة عاصفة. ومع ذلك، فإن تاريخ معظم الثورات والانتفاضات في العالم يؤكد أن الانتفاضة تأتي غالبا دون أن يتوقعها أحد، أو أنه لا يمكن لأي قوة سياسية، مهما بلغ ذكاء وعبقرية أعضائها وقياداتها، التأكد من وقوع انتفاضة في فترة معينة حتى وإن توفرت جميع الشروط التي تؤدي إلى حدوث الانتفاضة، والعكس صحيح، فلا يستطيع أحد أن يجزم بأن الانتفاضة لا يمكن أن تحدث خلال فترة معينة، حتى وإن غابت شروط كثيرة من تلك التي تساق عادة لقراءة أسباب الانتفاضات. فهناك دائما عدد هائل من التفاصيل التي لا يمكن توقعها أو توقع تأثيرها قد تحرك الأحداث في هذا الاتجاه أو ذاك، وتبقى عبقرية التاريخ والحياة دائما أن شجرتها خضراء إلى الأبد في مقابل رمادية النظرية التي ينبغي أن تكون مرشدا للعمل وليست أداة للدجل.
إن النظام المصري يعاني حقا من أزمة مركبة على المستوى الاقتصادي والسياسي والأيديولوجي، تجعله مرتبكا أمام كل طارئة تحدث على الحياة السياسية في مصر إلى درجة تدفع للاعتقاد بأن النظام قد أوشك على السقوط. وسوف أحاول في هذا الجزء التعرض لجوانب وأبعاد الأزمة الاقتصادية في مصر، على أن أستكمل الحديث عن الأزمة السياسية وقضايا أخرى في حلقات تالية من هذا المقال.
1) أزمة اقتصادية عميقة وتفاوت في توزيع الثروة:
بدأت الأزمة الاقتصادية تحتدم في عام 1998-1999، بعد فترة من التوسع والانتعاش المالي الهش وغير المستقر امتدت حوالي أربعة أو خمسة أعوام. وحتى ندرك أبعاد هذه الأزمة الاقتصادية نشير إلى بعض الملامح التي وردت في تقرير للبنك الدولي صدر في عام 1998 أوضح أن معدل البطالة في مصر بلغ 11.3% من قوة العمل في مصر، كما أن 51% من المصريين يعيشون على أقل من دولارين يوميا – أو تحت خط الفقر – وأن 7.6 % يعيشون على أقل من دولار واحد، كما أشار التقرير أيضا إلى التفاوت الشديد في توزيع الدخل، موضحا أن أغنى 20% من السكان يستحوذون على أكثر من 40% من الدخل القومي، وأن أفقر 20% من السكان يحصلون فقط على 8.7% من الدخل القومي، ورغم نمو السكان بحوالي 20 مليون نسمة، انخفض إنفاق الحكومة على التعليم إلى 4.8% من إجمالي الناتج القومي في عام 1996 مقابل 5.7% في عام 1980، كما أن مايزيد على 20% من المصريين لا يحصلون على المياه الصالحة للشرب، وفقا لتقرير البنك الدولي الذي يعتمد على أرقام تقدمها الحكومة المصرية. وعلاوة على ذلك، قامت الحكومة المصرية في موازنة عام 2004-5 بتخفيض جديد للإنفاق على التعليم والإنفاق الاجتماعي لتعويض تخفيض الضرائب بنسبة 50% لصالح رجال الأعمال.
وحول قضية البطالة تحديدا، تقول دراسة لمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية:
" تشير بيانات البنك الدولى إلى أن تعداد قوة العمل المحتملة فى مصر، بلغ 25.2 مليون نسمة فى عام 2001، بما يزيد بمقدار 5 ملايين نسمة عن تعدادها الرسمى فى مصر. وللعلم فإن هناك 39.8 مليون نسمة فى مصر فى سن العمل أى ما بين 15 و 64 عاما وذلك فى عام 2001. ولو أخذنا بحجم قوة العمل المحتملة فى مصر، وفقا لتقديرات البنك الدولى الذى قدرها بنحو 25.2 مليون نسمة عام 2001، ولو خصمنا منها، عدد العاملين فعليا، البالغ نحو 17.9 مليون نسمة فى العام المالى 2001/2002 وفقا للبيانات الرسمية المصرية التى ليس من مصلحتها تخفيض هذا العدد، فإن حجم العاطلين يمكن أن يرتفع إلى نحو 7.3 مليون عاطل، يشكلون نحو 29% من قوة العمل المصرية وفقا لتقديرات البنك الدولى لحجمها"
وتوضح الدراسة أن العاطلين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و40 عاما، يشكلون نحو 99% من عدد العاطلين فى مصر، وفقا للبيانات الرسمية. هذا بالإضافة إلى أن حوالي 800 ألف مصري يدخلون سنويا إلى سوق العمل في ظل عجز الاقتصاد عن إضافة 200 ألف فرصة عمل في سوق العمل سنويا مما يؤدي إلى تفاقم أزمة البطالة عاما بعد آخر. وحتى يستطيع الاقتصاد المصري توفير 800 ألف فرصة عمل سنويا يحتاج إلى تحقيق معدل نمو يزيد على 6 أو 7 % في إجمالي الناتج المحلي، في حين تؤكد بيانات صندوق النقد الدولي – اعتمادا على أرقام رسمية من الحكومة المصرية – أن معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى المصري، تراجع من 6.3% عام1999، إلى 5.1% فى عام 2000، وواصل التراجع ليبلغ نحو 3.5% عام 2001، ثم وصل لأدنى مستوياتـــه مسجلا 2% فقط عام 2002، قبل أن يرتفع قليلا إلى 2.8% عام 2003 وفقا للتقديرات الأولية للصندوق. وحتى يتبين لنا مدى عمق أزمة النمو في الاقتصاد المصري نورد هذه الفقرة أيضا من دراسة مركز الأهرام:
"فى عام 2002، تحسن الوضع على الصعيد العالمي، فارتفع معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى من 2.4% عام 2001، إلى 3% عام 2002، كما ارتفع المعدل بالنسبة للدول الصناعية المتقدمة من 1% إلى 1.8%، وارتفع فى الدول النامية من 4.1% إلى 4.6%، لكنه انخفض فى مصر من 3.5%، إلى 2% فقط، وكان هناك الكثير من التخبط والقرارات الخاطئة التى ساعدت على تزايد التباطؤ الاقتصادى ودخول بعض القطاعات فى ركود عميق بالفعل فى ذلك العام، مثل عمليات الخصخصة التى تقطع الطريق على نشوء استثمارات جديدة، وتحول الأموال التى كانت ستستخدم فيها، إلى تداول أصول قائمة بالفعل، فضلا عما انطوت عليه من فساد وضعف للشفافية..... ويضاف إلى كل ذلك أن تزايد اختلال توزيع الدخل فى مصر، يشكل عاملا دافعا للركود الاقتصادي، حيث أن الطبقتين الفقيرة والوسطى تنفقان كل أو الغالبية الساحقة من دخلهما، وبالتالى فإنه يتحول إلى طلب فعال فى السوق، ويشكل عاملا محفزا للاستثمارات الجديدة وللنمو الاقتصادي. أما فى حالة تزايد حصة الطبقة العليا من الدخل، فإن مدخراتها، إما أن يتم تهريبها للخارج، أو إخراجها بشكل رسمي، أو أن تستخدم فى تمويل استثمارات تعتمد فى تسويق إنتاجها على السوق الداخلية وبالتالى تواجه أزمة فى تصريف إنتاجها بسبب ضعف القدرات الشرائية للطبقتين الفقيرة والوسطى على ضوء تراجع حصتيهما من الدخل القومي. وفى عام 2003، استمرت كل عوامل التراجع الاقتصادي، ولم يكن هناك من أمور إيجابية سوى ارتفاع أسعار النفط إلى 28 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 1984 بفضل المقاومة الوطنية العراقية التى منعت قوات الاحتلال الأمريكية من السيطرة على قطــــاع النفط ورفع إنتاج وصادرات العراق منه."

ويرتبط تحقيق الزيادة في معدلات النمو بزيادة معدل الادخار والاستثمار أو زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية، وهي جميعا مؤشرات شهدت انخفاضا في مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة، فمصر تحقق واحدا من أدنى معدلات الادخار في العالم، بلغ حوالي 10% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2001، مقارنة بنحو 24% كمتوسط عالمي في نفس العام، وإذا أضفنا تحويلات العاملين المصريين بالخارج، يصل معدل الادخار القومي إلى 15.4 % وفقا لبيانات البنك الدولي الصادرة في عام 2003. أما معدل الادخار المحلي فقد تراوح حول 11.4% في عام 2001-2002 وذلك لعدة سنوات متتالية، وهو معدل شديد التدني بالنسبة للمتوسط العالمي، يجعل من الصعوبة تحقيق معدلات مرتفعة للاستثمار والنمو الاقتصادي إلا باللجوء إلى الاقتراض من الخارج أو جذب استثمارات أجنبية كبيرة، وهو ما لم تنجح مصر فيه طوال السنوات الخمس الماضية، بل أن نصيبها من الاستثمارات الأجنبية المباشرة انخفض من حوالي مليار دولار في النصف الأول من التسعينيات إلى أقل من 400 مليون في عام 2003-2004 وفقا لتقرير منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (اليونكتاد).
ففي عام 2002-2003 بلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر حوالي 700 مليون دولار مقابل 428 مليون دولار في عام 2001-2002، وحوالي 509 ملايين دولار في عام 2000-2001، ولكن هذه الاستثمارات تضمنت 350 مليون دولار لشراء أصول قائمة بالفعل (شركة الأهرام للمشروبات، وشركة فاميلي نيوتريشن)، مما يعني انخفاضا في تدفقات الاستثمارات الأجنبية الجديدة إلى 350 مليون دولار، وهو مستوى هزيل إذا قورن بتدفقات الاستثمارات الأحنبية المباشرة إلى بلدان أقل في حجم اقتصادها وسوقها وعدد سكانها من مصر. وتوضح الدراسة الصادرة عن مركز الأهرام أن رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتراكمة فى مصر وحصتها من الإجمالى العالمى ومعدلات التغير فيها منذ عام 1980 وحتى عام 2002 يكشف عن مدى تراجع نصيب مصر من الاستثمارات الأجنبية في العالم، فقد تراجعت حصة مصر من إجمالى رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتراكمة فى العالم من نحو 0.58% من الإجمالى العالمي فى عام 1985 إلى نحو 0.29% فى عام 2002، وهو ما يعكس تصاعد أهمية مناطق أخرى فى العالم فيما يتعلق باستقبال الاستثمارات الأجنبية المباشرة مثل الصين ودول شرق أوروبا منذ بداية تسعينيات القرن العشرين وحتى الآن، على حساب بلدان مثل مصر، لم تتمكن من تحقيق نمو سريع يجذب المستثمرين الأجانب إليها، بل دخلت فى حالة من التباطؤ طويل الأجل.
ومن ناحية أخرى تزايدت أزمة الديون، وخاصة الديون المحلية، للحكومة المصرية بسبب العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة الذي تجاوز 9.5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2000-2001 حسب بيانات الجهاز المركزي للمحاسبات، وحوالي 6.5% من إجمالي الناتج المحلي لعام 2002-2003 وفقا لتقديرات الحكومة. وقد ارتفع إجمالي الديون المحلية للحكومة المصرية إلى حوالي 90.6% من إجمالي الناتج المحلي وفقا لبيانات الحكومة مما يهدد بانفجار التضخم إلى مستويات كانت سائدة قبل تنفيذ برنامج التثبيت الذي بدأته الحكومة مع صندوق النقد الدولي في عام 1991. والغريب أن الحكومة المصرية رغم إدراكها لخطورة مشكلة الديون المحلية لجأت إلى تخفيض الضرائب على الأغنياء بنسبة 50% إلى 20% فقط مع بداية العام المالي 2005-2006 مما يزيد احتمالات العجز في الموازنة العامة، وتسعى الحكومة المصرية إلى النصب مرة أخرى على الفقراء من أجل التخلص من هذه الديون، حيث تحاول بيع أصول مملوكة للدولة إلى صندوق المعاشات مقابل الديون المستحقة لهذا الصندوق على الحكومة والتي استخدمتها في تمويل إنفاقها الجاري. أما بالنسبة للديون الخارجية، فقد شهدت تزايدا مستمرا منذ عام 2000 وحتى الآن، بعد انخفاضها من حوالي 50 مليار دولار في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي – وذلك بعد مشاركة مصر في الحرب الأمريكية ضد العراق في بداية التسعينيات مقابل إسقاط الديون العسكرية وإعادة جدولة الديون المدنية وتقديم قروض وتسهيلات ائتمانية جديدة للحكومة. وقد انخفضت هذه الديون في عام 2000-2001 إلى حوالي 26.6 مليار دولار، ولكنها أخذت فى الصعود بعد ذلك لتبلغ نحو 28.7 مليار دولار نهاية العام المالى 2001/2002، قبل أن ترتفع إلى 28.8 مليار دولار فى نهاية العام المالى 2002/2003، قبل أن تصل إلى نحو 29.2 مليار دولار فى نهاية سبتمبر 2003. وبالرغم من أن هذه الديون مازالت فى الحدود الآمنة كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي، ومازالت معدلات خدمتها معتدلة نسبيا حيث استهلكت نحو 11.7% من حصيلة صادرات السلع والخدمات فى العام المالى 2002/2003، فإن عودتها للتزايد، بدءا من العام المالى 2001/2002 وحتى الآن، ينذر بإمكانية تحولها لأزمة كبيرة مجددا.
ويعد ضعف معدلات الادخار والاستثمار المحلي أحد الملامح الرئيسية للتطور المركب واللامتكافيء في الدول الرأسمالية المتخلفة الذي تحدث عنه تروتسكي، حيث تلجأ الطبقات الحاكمة في هذه الدول إلى الاعتماد على الخارج – سواء عن طريق الاقتراض أو الاستثمارات المشتركة أو جذب الاستثمارات الأجنبية – لتعويض النقص الشديد في معدل التراكم الرأسمالي لديها، بما يترتب على ذلك من خلل هيكلي في الاقتصاد، والذي ينسحب أيضا على التكوينات الاجتماعية، ولكن لنركز الآن على الأزمة الاقتصادية، التي تتميز وفقا لنظرية التطور المركب اللامتكافئ بالركود شبه الدائم الذي تقطعه فترات انتعاش هشه وقصيرة.
وتشير أرقام البنك الدولي إلى أن قيمة الاستثمارات المنفذة في مصر خلال العام المالي 2002-2003 بلغت نحو 68.1 مليار جنيه مصري، منها نحو 35.8 مليار جنيه نفذها القطاع الخاص، بنسبة 52.6% من الإجمالي، ونحو 32.3 مليار جنيه نفذتها الحكومة وقطاعها العام وهيئاتها الاقتصادية بنسبة 47.4% من الإجمالي. وبما أن الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى المذكور، كان قد بلغ نحو 409 مليارات جنيه وفقا للبيانات الرسمية فإن معدل تكوين رأس المال الثابت فى العام المالى 2002/2003، بلغ 16.7% من الناتج المحلى الإجمالى وفقا للبيانات الرسمية. وترتيبا على المستوى الراهن لمعدلى الادخار والاستثمار فى مصر وفقا للبيانات الرسمية، فإنه من الصعب على الاقتصاد المصرىأو أى اقتصاد يحقق مثل هذه المعدلات المتواضعة للادخار والاستثمار، كما تشير دراسة مركز الأهرام، أن يحقق نموا اقتصاديا سريعا أو حتى متوسطا إذا لم تحدث طفرة فى الإنتاجية، بل إن قدره هو أن يحقق معدلات منخفضة للنمو تعكس حالة من التباطؤ يمكن أن تصل لحد الركود فى بعض الأحيان، بما يعنيه ذلك من تدهور مستوى التشغيل وتزايد معدلات البطالة.
الحل الذي تطرحه الحكومة المصرية منذ فترة طويلة لأزمة الركود والبطالة هو التركيز على أسواق التصدير من جانب وجذب الاستثمارات الأجنبية من جانب آخر، وقد رأينا كيف فشلت الحكومة المصرية في جذب الاستثمارات الأجنبية حتى الآن بالمعدلات المطلوبة لرفع مستوى النمو والخروج بالاقتصاد من حالة الركود، وقد فشلت الحكومة أيضا في معالجة الخلل في الموازين الخارجية بما يعكس فشل استراتيجية التصدير من السلع والخدمات والعمالة المصرية في معالجة الأزمات الهيكلية للاقتصاد المصري. حيث مازالت الصادرات المصرية للخارج لا تتجاوز ثلث حجم الواردات، وذلك على الرغم من تخفيض قيمة العملة المصرية في يناير 2003 الذي أفقدها حوالي 30% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي. وبالنسبة للعجز في ميزان السلع والخدمات (وهو الميزان الأساسي المعبر عن توازن المعاملات الخارجية للاقتصاد المصري) تقول دراسة مركز الأهرام أن:
" هذا الميزان أسفر عن عجز بلغ 1681.7 مليون دولار فى العام المالى 2002/2003، علما بأن هذا العجز يمكن أن يتزايد كثيرا لو تم تصويب البيانات الخاصة بالصادرات المصرية التى أوضحنا، فيما سبق، التناقض الهائل فى البيانات الرسمية بشأنها. وحتى إذا تغاضينا عن الخطأ فى البيانات الخاصة بالصادرات، فإن تحقيق التوازن فى ميزان المدفوعات الكلى من خلال المنح والقروض الأجنبية وتحويلات العمالة التى لا فضل للحكومة فيها، هو أمر بعيد عن كفاءة الإدارة الاقتصادية التى تظهر بالأساس فى قدرتها أو عجزها عن تحقيق التوازن فى الميزان التجارى وميزان السلع والخدمات إجمالا، وهما الميزانان اللذان تعانى مصر من عجز كبير فيهما."
وجاء صعود الحكومة الجديدة التي تضم عددا من الوزراء من بين أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني التي يرأسها جمال مبارك، ليعبر عن إصرار الطبقة الحاكمة في مصر إلى الاندفاع في نفس الاتجاه إلى نهايته، فقد كشفت هذه الحكومة عن نفسها منذ أيامها الأولى من خلال مجموعة من الإجراءات تركزت حول بيع المزيد من الشركات المملوكة للدولة، حتى وإن كان بأقل من قيمتها وفقا للتقديرات الحكومية نفسها، وتقديم تسهيلات أكثر لرجال الأعمال مثل تخفيض الضرائب والجمارك، والاندفاع نحو خصخصة البنوك، بل والاقتراض لدعم أنشطة طفيلية مثل نشاط الرهن العقاري، والسعي إلى خصخصة شركات التأمين، كما أنها أقدمت على عقد اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة مع إسرائيل والولايات المتحدة التي أكد كثير من المراقبين أنها لم تحقق أي إضافة للنشاط الصناعي في مصر والذي انكمش بمعدلات سريعة على مدار السنوات الخمس الماضية بسبب عدم قدرته على المنافسة في الأسواق العالمية وضعف السوق المحلية بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الواردات من السلع الوسيطة نتيجة لانخفاض قيمة الجنية انخفاضا حادا أمام العملات الأجنبية.
2) جذور وتفاعلات الأزمة الاقتصادية:

خرج النظام المصري من أزمة اقتصادية وسياسية طاحنة في نهاية الثمانينيات من القرن العشرين، وذلك بعد إلغاء الديون العسكرية بعد مشاركة الجيش المصري في حملة قادتها الولايات المتحدة ضد العراق لدى غزو صدام حسين للكويت عام 1990، وكذلك إلغاء جزء من الديون المدنية وإعادة جدولة الباقي ومنح مصر قروض جديدة ساهمت في توفير فوائض مالية ضخمة للحكومة كانت توجه من قبل لسداد أقساط الديون الخارجية وفوائدها. وبعد أن كان النظام المصري يحتضر في نهاية الثمانينيات بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة وتصاعد ونمو حركات الإسلام السياسي المسلحة، علاوة على تصاعد وتيرة الإضرابات العمالية بعد محاولة الشركات المملوكة للدولة خفض الإنفاق بخصم مبالغ هائلة من مكافآت ومزايا العمال، استطاع النظام بعد خروجه من المأزق التوجه بكل جبروت وثقة للهجوم العنيف على كافة القطاعات الفقيرة من عمال وفلاحين وفقراء مدن منذ مطلع التسعينيات بوتيرة تجاوزت كثيرا حدود الهجمات التدريجية التي تبنتها الدولة من قبل وتركزت ضد الفلاحين لدى إلغاء دعم الأسمدة والمبيدات وتعريض الفلاحين لأزمات السوق في ظروف معاكسة، فقد بدأت مشروعات الخصخصة التي احتاجت إلى بعض التمهيد ثم طرد الفلاحين المستأجرين الفقراء من الأرض بأساليب مبالغة في وحشيتها، ثم الهجوم على الأحياء الفقيرة في المدن بهدمها وزيادة القمع البوليسي فيها بحجة المشروعات الكبيرة ومكافحة الإرهاب. وربما يعلمنا خروج النظام من أزمة نهاية الثمانينات أن احتدام الأزمة الاقتصادية والسياسية وحده لا يكفي لتصور انهيار النظام الحاكم أو حتى حدوث الانتفاضة، فرغم تلك الأزمة الطاحنة، حدثت أمور لم يكن يتوقعها أحد أو يستطيع أن يتوقعها أحد، وهي غزو صدام حسين للكويت واستدعاء السعودية للجيش الأمريكي لمواجهته وإشراك الولايات المتحدة كلا من مصر وسوريا في هذه الحرب مقابل مساعدات اقتصادية وعسكرية وأمنية هائلة، مكنت النظام المصري من تجاوز الأزمة وإحكام قبضته على المجتمع المصري وفرض واقع من الإرهاب والقمع غير مسبوق في شراسته وهمجيته على مدى ما يقرب من عشر سنوات.
وتقدم سنوات التسعينيات نموذجا للأزمة الهيكلية المركبة التي يعاني منها الاقتصاد المصري، حيث كشفت عن التناقضات الهائلة في وضع الطبقة الحاكمة وعجزها عن خلق مركز قوي لتراكم رأس المال في مصر، فبعد تجاوز أزمة نهاية الثمانينيات وتوافر فوائض مالية هائلة لدى الحكومة المصرية في بداية التسعينيات، بدأت الطبقة الحاكمة تتحرك على محورين، الأول البدء بقوة في تنفيذ برامج التثبيت المالي بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي والذي كان يهدف إلى وقف التضخم وضبط الموازنة العامة للدولة، ثم بعد ذلك تطبيق حزمة الإصلاحات الهيكلية (برنامج التكيف الهيكلي) الذي يهدف إلى خصخصة المنشآت المملوكة للدولة وانسحاب الدولة من قطاع الخدمات وإلغاء ضمانات العمل وغيرها مما يدرج تحت بند السياسات المعارضة لقوى السوق، بالإضافة إلى تشجيع الانتاج من أجل التصدير وإعادة تخصيص الموارد في اتجاه الصناعات والخدمات التصديرية. كما اتجهت الطبقة الحاكمة من الناحية الأخرى لتبني موقف متشدد وهجومي تجاه الجماعات الإسلامية المسلحة، والتي كانت تسعى إلى احتوائها من قبل، وبدأت حملة عنيفة في مواجهتها.
تحمست الرموز السياسية للبرجوازية المصرية في السنوات الأولى من التسعينيات وتزايد غرورها حتى أعلن يوسف بطرس غالي الذي تولى آنذاك وزارة الاقتصاد إن مصر في سبيلها لأن تصبح نمرا على ضفاف النيل ينافس النمور الآسيوية على سواحل المحيط الهادي. وبينما كان العجز في موازنة الدولة وميزان المدفوعات والمعاملات الجارية ينكمش، كانت آمال وطموحات البرجوازية المصرية تتضخم وبدأت إعلانات التليفزيون تتحدث على "مدينة الأحلام" أو دريم لاند، ذلك المشروع الطموح الذي كان ينفذه رجل الأعمال الشاب أحمد بهجت بأموال طائلة اقترضها من البنوك، وفي الوقت الذي كانت الدولة تدمر بيوت الفقراء وكلها ثقة في قدرتها على بناء أبراج لرجال الأعمال والمستثمرين وفنادق للسائحين بدلا منها، كانت أموال المصارف تضخ بكثافة بدون أي ضمانات في تلك المشروعات حيث يستطيع أبناء الطبقة الحاكمة شراء الفيلات المجهزة بشبكات الألياف الضوئية والمراكز التجارية الراقية، ومدن الملاهي وملاعب الجولف والتي تبعد عن وسط القاهرة دقائق معدودة بعد أن قامت الدولة ببناء الكباري والجسور والطريق الدائري الذي يلف القاهرة الكبرى. وتوسعت المشروعات العقارية أيضا في منطقة المقطم وفي مشروعات أخرى مثل ميناء شرق التفريعة، وترعة السلام وأخيرا مشروع توشكى العملاق الذي كانت الطبقة الحاكمة تحلم بأن يكون واديا جديدا في جنوب مصر، وهاجمت كل من انتقد المشروع حتى وصل إلى حد اتهامات بعدم الوطنية في الصحف. وأصبحت لغة الإنجازات – التي قام بها مبارك طبعا – مرتبطة بالترويج والتهليل لهذه المشروعات العملاقة.
فبينما كانت شركات البناء والمقاولات تتوسع في مضاعفة مساحة القاهرة بالعقارات الفاخرة، أعلن حسني مبارك في أكتوبر من عام 1996 استدعاء خطط قديمة منذ الخمسينيات لإقامة وادي جديد عن طريق ضخ مياه بحيرة ناصر في جنوب الوادي عبر قناة عملاقة تتجه شمالا لري حوالي مليوني فدان في صحراء مصر الغربية. وفي نفس الوقت كانت الحكومة نفسها تقوم بأعمال بناء – خاصة الجيش المصري – الذي توسع في بناء وحدات للضباط. وبينما كان قطاع التشييد ينمو بخطوات متسارعة وبدعم من الدولة، استمر الخلل في الميزان التجاري المصري، وفي المعاملات الخارجية عموما حيث عجزت البرجوازية المصرية عن بناء صناعة قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية أو حتى السوق المحلية، بل تزايدت وتضخمت الواردات حتى تجاوزت ثلاثة أضعاف الصادرات في بعض الأحيان.
وبعد إعادة افتتاح البورصة المصرية لخدمة برامج الخصخصة، تدفقت بغزارة أموال المضاربة من الخارج، حيث كانت الحكومة المصرية تمتلك فوائض ضخمة في السنوات الأولى من التسعينيات كنتيجة لإلغاء الديون، وعلى عكس مزاعم التصورات النيوليبرالية، لم تؤد الإصلاحات المالية في سنوات التسعينيات إلى إلغاء الدعم الذي تقدمه الدولة، وإنما فقط أدت إلى تحويل مساره، فقد كانت الحكومة المصرية من قبل تقدم دعما هائلا للقطاع الصناعي الذي يعاني من تكدس المخزون والعجز عن المنافسة سواء في السوق المحلية أو الأسواق العالمية، ولكنها بعد ذلك بدأت تقدم دعما للقطاع المصرفي ليرتفع عدد البنوك التجارية بشكل متسارع والتي ركزت على تمويل القطاع الاستهلاكي فيما كانت البنوك الأربعة الكبرى المملوكة للدولة تمنح قروضا لشركات القطاع العام والتي تحولت معظمها إلى قروض رديئة مشكوك في تحصيلها، ولكن هذه البنوك أيضا من خلال مساهماتها في بنوك القطاع الخاص الصغيرة كانت تضخ أموالا طائلة لحفنة صغيرة من رجال الأعمال المتنفذين والأثرياء والذين هربوا بعد ذلك دون سداد مديونياتهم للبنوك، وتفجرت معهم فضائح نواب القروض وفساد قيادات البنوك.
واتجهت الدولة المصرية أيضا في نفس الفترة تقريبا إلى ضخ استثمارات هائلة في قطاع السياحة رغم حساسية هذا القطاع تحديدا لأي حوادث ومخاطر سياسية أو أمنية وغيرها وجاء ذلك على حساب القطاع الصناعي الذي تراجع نصيبه من الاستثمارات بحوالي 40 % خلال السنوات الخمس الماضية، مما جعل الاقتصاد أكثر حساسية للمخاطر الجيوسياسية والتي تجلت بشكل واضح بعد أحداث وادي الملكات عندما قامت إحدى الجماعات الإسلامية بمذبحة راح ضحيتها عددا كبيرا من الأجانب.
أصبح الاقتصاد المصري خلال هذه الفترة يعتمد بشكل أساسي على مصادر محددة من الدخل (عائد قناة السويس، إيرادات السياحة، تحويلات العاملين المصريين بالخارج، والصادرات النفطية)، وتراجعت أكثر فأكثر مساهمة الأنشطة الصناعية والزراعية في الاقتصاد.
عمدت الدولة المصرية أيضا خلال السنوات الأولى من التسعينيات إلى دعم البنوك المصرية، فبعد سماحها للعملة المصرية بالانهيار ووقف الإنفاق على المشروعات الصناعية والخدمات، قامت الحكومة في أوائل التسعينيات بضخ ما يعادل 5.5% من إجمالي الناتج المحلي في البنوك المصرية عن طريق إصدار سندات خزانة خلال عام واحد فقط، كما أعفت إيرادات البنوك من هذه الأموال من الضرائب لتبلغ نسبة الدعم حوالي 10% أخرى من أجمالي الناتج المحلي بحلول عام 1997. وحققت البنوك من وراء ذلك أرباحا هائلة حتى زاد العائد على حقوق الملكية عن 20 %، حيث قامت الحكومة برفع أسعار الفائدة على الائتمان لتصل إلى 14 %، وهو ما شجع على تدفق رأس المال المضارب من الخارج والذي حاولت الحكومة تفسيرة باعتباره نجاحا لسياستها الاقتصادية. وفي الواقع كان الأمر محصورا في تدفق هذه الأموال للاستفادة السريعة جدا من ارتفاع أسعار الفائدة وخروجها من السوق بأرباحها بعد أقل من عامين.
وكما ورد في مقال في تقرير الشرق الأوسط، قامت الحكومة في عام 1996 باصطناع رخاء مؤقت آخر عندما أعلنت خطة طموحة لخصخصة الشركات المملوكة للدولة، وقامت ببيع أسهم في هذه الشركات في البورصة المصرية، وبحلول يونيو 1997، بلغت إيرادات الحكومة من عمليات الخصخصة حوالي 5.2 مليار جنية استخدمت 40% منها في سداد ديون الشركات للقطاع المصرفي، ونتيجة لذلك حققت البورصة انتعاشا لفترة محدودة لم تتجاوز 18 شهرا، حيث فقد مؤشر هيرميس بعدها حوالي ثلث قيمته على مدى عام 1998. ومع تراجع البورصة أوقفت الحكومة عمليات الخصخصة – تحديدا في صيف عام 1998 – ورفضت مطالب صندوق النقد الدولي بخصخصة المؤسسات المالية، بل أنها حاولت وقف انهيار البورصة باستخدام المؤسسات المالية لتنشيط السوق، وفي الفترة بين ديسمبر 1997 وأكتوبر 1998 قامت البنوك المملوكة للدولة وصندوق المعاشات وشركات التأمين بضخ حوالي 600 مليون دولار في سوق الأوراق المالية لتجني من وراء ذلك خسائر هائلة. وسعت الحكومة إلى الاستحواذ من جديد على أسهم الشركات التي باعتها من قبل والتي كانت تحقق خسائر هائلة.
هذه السياسات كان لها تأثيرات اجتماعية هائلة، حيث نشأ قطاع من الشركات العائلية بعد أن أعادت الدولة توجيه الدعم لصالح مجموعة صغيرة من رجال الأعمال المتنفذين، فقد سحبت الدولة الاستثمارات من الزراعة والصناعة والتدريب والتشغيل والخدمات لتقوم بدعم قطاع المال والوسطاء والمضاربين. وقامت البنوك المشتركة بتقديم قروض هائلة معفاة من الضرائب لحفنة قليلة من عملائها، وكان الحد الأدنى للقرض الواحد عادة يزيد على 300 ألف دولار تقدم لأصحاب النفوذ من رجال الأعمال ومقابل رشاوى وعمولات ضخمة. وبرزت على السطح شركات مثل شركات أحمد بهجت ومجموعة أوراسكوم وغيرها، والتي شملت استثماراتها مجالات عديدة منها البناء والتشييد، والسياحة والاتصالات وصناعة مواد البناء (الحديد والأسمنت) وصناعات تجميع الأجهزة المنزلية والسيارات، علاوة على الأغذية والمشروبات. وتمتعت هذه الشركات بوضع احتكاري في السوق المصرية حيث كانت تعمل عادة تحت اسم شركات عالمية متعددة الجنسية. وقد ركزت استثمارات هذه الشركات العائلية على شريحة صغيرة من السوق _ من يستطيع أن يدفع ثمن العقارات الفاخرة التي تبنيها مثل دريم لاند، أو يأكل في مطاعم ماكدونالدز، أو يشتري سيارة ميرسيدس أو بي إم دبليو. وبخلال هذه الحفنة من الأثرياء الذين تدعمهم الدولة، لم يشعر بالقليل من أثر هذا الرخاء ما يزيد على 5% أو 10% من المصريين، حتى جاء ما عرف بأزمة السيولة بعد هروب عدد كبير من رجال الأعمال بالأموال التي اقترضوها من البنوك، وترددت البنوك في تقديم أي قروض جديدة وتوقف تماما المشروعات العملاقة بنهاية عام 2000، لتدخل البلاد في ركود اقتصادي عميق مازال قائما حتى اليوم.
وخلال هذه الفترة كانت أوضاع الغالبية العظمى من أبناء الطبقة العاملة والفلاحين في تدهور مستمر، فقد انخفضت الأجور الحقيقية في القطاع الصناعي المملوك للدولة بنسبة 8% خلال افترة من عام 1991 وحتى عام 1996، تردت بعدها أكثر فأكثر بسبب الانهيار السريع في قيمة الجنية المصري وارتفاع الأسعار بعد أزمة السيولة في عام 2000 وتعويم الجنية في بداية عام 2003. وتزايدت نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر خلال هذه الفترة من 40% في المناطق الحضرية إلى 45% وإلى أكثر من 50% في المناطق الريفية. ويشير أحد التقديرات إلى أن أغنى 3% من سكان مصر يستأثرون بحوالي 50% من الانفاق الاستهلاكي. وتتعاظم هذه الفجوة أكثر في المناطق الريفية، التي بدأت فيها سياسات "التحرير" في عام 1986 بإلغاء دعم الأسمدة والمبيدات والبذور ثم في عام 1997 بتطبيق قانون العلاقة بين المالك والمستأجر في الأراضي الزراعية الذي أنهي استقرار فقراء المستأجرين في الأراضي الزراعية وارتفع بأسعار الإيجارات بنسبة كبيرة رغم الركود الذي يعاني منه القطاع. وفيما كانت سياسات "التحرير الاقتصادي" في القطاع الزراعي تهدف إلى دفع الإنتاج الزراعي أكثر فأكثر نحو انتاج محاصيل سلعية توجه للتصدير، كانت نتيجة هذه السياسات عكسية تماما، حيث ابتعد الفلاحون عن زراعة القطن، وبدأوا في إنتاج محاصيل للاستهلاك الخاص وتربية المواشي، أما المحاصيل السلعية مثل الخضراوات والفاكهة فقد ظل إنتاجها محدودا مع تراجع مساحة الرقعة الزراعية، كما أنها مازالت تعاني من أزمات دورية من فائض في الإنتاج في بعض الأوقات والتي يتلوها نقص شديد في الإنتاج نتيجة لتقلبات أسواق التصدير.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمل المشترك بين اليسار مشروط بوحدة الرؤيا والهدف
- لن يموت فينا الأمل … ولكن!
- خرافة تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها من الحكومات المستبدة
- كفاية ظاهرة إعلامية وخطابها مسخرة، وأسعد التعيس سعيد باغتراب ...
- كفاية – دجل الرؤية الذاتية للتغيير وجدل الواقع
- الوجه الآخر للحرب الأنجلو-أمريكية ضد العراق وأفغانستان
- عام على الاحتلال الأمريكي للعراق نهاية الحرب الباردة والإمبر ...
- رسالة سندباد اليانكي – أيها الراعي، لابد أن تنسى
- الأزمة في هايتي وخرافة الديمقراطية الأمريكية في العراق - تصح ...
- أوهام وحقائق مشروع الشرق الأوسط الكبير
- تفجيرات أربيل وحق الأكراد في تقرير المصير
- أحيانا أندهش!
- متى تكون الديمقراطية من مصلحة الأمريكيين في العراق؟
- محكمة بلا ذراعين، وقادة بلا أنصار!
- طريق التغيير لا يمر عبر -مرآة أليس
- الطريق إلى الحرية – معادلة لم تجد لها حلا بعد!


المزيد.....




- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...
- -السداسية العربية- تعقد اجتماعا في السعودية وتحذر من أي هجوم ...
- ماكرون يأمل بتأثير المساعدات العسكرية الغربية على الوضع في أ ...
- خبير بريطاني يتحدث عن غضب قائد القوات الأوكرانية عقب استسلام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لمسيرات أوكرانية في سماء بريان ...
- مقتدى الصدر يعلق على الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريك ...
- ماكرون يدعو لمناقشة عناصر الدفاع الأوروبي بما في ذلك الأسلحة ...
- اللحظات الأخيرة من حياة فلسطيني قتل خنقا بغاز سام أطلقه الجي ...
- بيسكوف: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - أزمة النظام الحاكم في مصر واحتمالات الانتفاضة - 1