أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - رأسمالية وطنية وأخرى تابعة!















المزيد.....

رأسمالية وطنية وأخرى تابعة!


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2225 - 2008 / 3 / 19 - 10:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


مازال قطاع كبير من اليسار المصري ينتقد الدولة المصرية ليس من منطلق كونها ممثلا لمصالح البرجوازية المصرية وأداة لهذه البرجوازية في قمع الطبقة العاملة والدفاع عن مصالحها الكلية وجزء لا يتجزأ من البرجوازية الحاكمة بكل شرائحها، وإنما من منطلق المصالح الوطنية باعتبارها دولة عميلة متحالفة مع برجوازية تابعة وطفيلية لا تهتم بالتنمية بقدر ما تهتم بالربح السريع على حساب الرأسمالية المنتجة التي تعاني بسبب تحالف الدولة مع الطبقة الكمبرادورية التابعة وتضيع فرصتها في تحقيق التراكم الضروري من أجل تحقيق التنمية.

ومع ذلك، لا يوجد شيء اسمه رأسمالية وطنية منتجة غير مستغلة وأخرى طفيلية كمبرادورية تابعة، ولا توجد دولة يمكن أن نسميها وطنية مستقلة خالصة وأخرى عميلة وتابعة تماما خاصة في البلدان الرأسمالية المتأخرة اقتصاديا. هذه المقارنة التي تتم غالبا على أسس تصورات أيديولوجية خاطئة في هذه البلدان تكشف تناقضاتها بمجرد التدقيق قليلا في واقع الأمور. فإذا كان البعض يحلو له أن يصف الرأسمالية المصرية مثلا بأنها طفيلية كمبرادورية تابعة سوف يكون عليه أن يجد تفسيرا لبروز شركات مثل "حديد عز"، وهي شركة صناعية منتجة لحديد التسليح ومملوكة بالكامل لرأسمال مصري، بل وتسيطر على ما يقرب من 70% من سوق حديد التسليح في مصر، أو شركة أخرى مثل "المصرية للأسمنت" التي تملك شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة أكثر من 50% من أسهمها، وشركات صناعية أخرى عديدة إما مملوكة تماما لمصريين أو ملكية مشتركة بين مصريين وأجانب أو مملوكة للدولة او ملكية مشتركة بين الدولة المصرية وشركات أجنبية.

تحت أي ظرف، لا يمكن وصف هذه الشركات بأنها طفيلية كمبرادورية تابعة، يقتصر عملها على مجال خدمات الوساطة والسمسرة والوكالة التجارية لشركات أجنبية، كما لا يمكن وصفها بأنها ليست منتجة بالمفهوم الرأسمالي لعملية الإنتاج حيث تمتلك مصانع في مصر يشتغل بها آلاف العمال ينتجون سلعا صناعية تباع في الأسواق المحلية والعالمية. أما عن فكرة أنها "وطنية أو غير وطنية" فإنني لا أستطيع بالضبط أن أحدد لماذا تكون هذه الشركات أكثر أو أقل وطنية من الشركات المماثلة لها في بلد رأسمالي متقدم، فسواء في مصر أو في فرنسا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة، كل هذه النوعيات من الشركات تسعى دائما إلى تعظيم أرباحها وتقليل المخاطر التي تتعرض لها بكل الأساليب الممكنة. وعن مسألة كونها مستغلة من عدمه، فلا يمكن تصور وجود رأسمالية غير مستغلة بأي معنى لأن عملية الإنتاج الرأسمالية نفسها عملية قائمة على الاستغلال، وإلا ما تحققت الأرباح.

وبالنسبة لقطاع الخدمات المالية والوكالات التجارية والوساطة وغيرها، فهذه الأنشطة بطبيعتها طفيلية على عملية الإنتاج، ولكن الرأسماليين الذين يعملون في هذه المجالات لا ينفصلون تماما عن عملية الإنتاج إلا في التصورات الأيديولوجية الساذجة وغالبا ما يكون ممولو الشركات المنتجة هم أنفسهم الذين يتعاملون في قطاع الخدمات المالية والوكالة التجارية وغيرها، فرأس المال يبحث دائما عن فرص تعظيم العائد وأينما وجدت هذه الفرص يتوجه إليها الرأسماليون دون اعتبار لهذا الخط الوهمي الفاصل بين الرأسمالية الصناعية والرأسمالية المالية والتجارية. ذلك علاوة على أن نفس هذه الأنشطة الطفيلية (المالية وخلافه) تمثل قطاعا كبيرا من نشاط الرأسمالية في أكثر المراكز الرأسمالية تقدما في العالم سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا أو في اليابان أو الدول حديثة التصنيع في جنوب شرق آسيا. فهل يجوز لنا استنادا إلى ذلك أن نصف الرأسمالية الأمريكية مثلا بأنها رأسمالية طفيلية كمبرادورية تابعة غير منتجة؟!

ومع ذلك يظل هناك فرق بين الرأسمالية المصرية وبين الرأسمالية في المراكز المتقدمة في العالم، ولكن ذلك الفرق لا يتعلق بأنها منتجة أو غير منتجة، ولا كونها تابعة وطفيلية أو منتجة ووطنية، فهذه مصطلحات مجردة لا معنى لها بالنسبة لرأس المال الذي لا يعبأ إلا بالعائد الأفضل والمخاطر الأقل. إنما الفرق الحقيقي هو أن الرأسمالية المصرية أضعف تأثيرا وأصغر حجما من نظيرتها في المراكز المتقدمة، ولذلك فهي تحتاج إلى مساندة الدولة لها من جانب والتعاون والشراكة مع الرأسمالية المتقدمة من جانب آخر حتى تستطيع تحقيق أرباح وتتمكن من تحقيق مستوى من التراكم الرأسمالي يجعلها قادرة على الصمود في المنافسة سواء في أسواق الخارج أو أسواق الداخل. فهي تحتاج إلى دولة أكثر استبدادا وتسلطا تساندها وتقدم لها مختلف التسهيلات وتحميها من ضغوط الطبقة العاملة والمقهورين في المجتمع وتساعدها على تكثيف الاستغلال حتى تلحق بالمستويات العالمية في تحقيق التراكم المطلوب وتؤمنها من مخاطر الركود والإنهيار بفعل المنافسة أو الدمار بفعل ثورة وتمرد العمال. كما تحتاج أيضا إلى مشاركة الرأسمالية المتقدمة من أجل الحصول على التمويل والتكنولوجيا المتقدمة والأسواق، ولا تستطيع أن تفلت من شروط هذه الشراكة أو حدودها. ولا يمكن، ولم يحدث، أن تتطور رأسمالية في بلد متأخر اقتصاديا بدون هذه المحددات بدرجة أو بأخرى.

نستطيع أن نرى ذلك بوضوح في مصر الآن، كما نستطيع أن نراه أيضا قبل حركة الضباط الأحرار في بداية الخمسينيات، كما يمكن أن نتتبعه في كل الدول المتأخرة اقتصاديا، بل وفي تجربة الدول حديثة التصنيع في شرق آسيا وفي أمريكا اللاتينية.

أما عن مؤسسة الدولة المصرية، فلا نستطيع أن نصفها بأنها دولة عميلة وتابعة تتلقى أوامرها من الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل التي غالبا ما تكون ضد المصالح "الوطنية" للشعب المصري، ولا نستطبع أيضا أن نصفها بأنها دولة "وطنية" مستقلة تماما. أولا لأن مفهوم "الوطنية" نفسه مفهوم مجرد وغامض يصعب تحديده في إطار معين يمكن القياس عليه. فإذا كانت المصالح "الوطنية" تعني تأمين الحدود الجغرافية ضد العدوان الأجنبي، فلا نستطيع أن نصف الدولة المصرية بأنها غير وطنية، لأنه لا يوجد عدوان أجنبي على أراضيها وتخاذلت عن ردعه أو التعامل معه بطريقة أو بأخرى. وإذا كانت المصالح "الوطنية" تعني حماية تراكم رأس المال داخل حدود مصر ومساعدة الرأسمالية المصرية على النهوض بأفضل السبل الممكنة في ظل ظروفها التاريخية وظروف نشأتها ودرجة تطورها، فلا يستطيع أحد أن يزعم أن الدولة المصرية لا تساعد هذه الرأسمالية بكل ما يتوافر لها من قدرة وطاقة على تحقيق ذلك. بل أن أهم انتقاد يوجه للدولة حاليا أنها تنحاز بكل ثقلها وراء الطبقة الرأسمالية لتعظيم أرباحها وتأمين ثروتها على حساب أي اعتبارات أخرى. وإذا كانت الدولة تقوم برعاية المصالح الأجنبية داخل مصر وحمايتها، فإنها تقوم بذلك على أساس حاجتها إلى الشراكة مع هذه المصالح الأجنبية في تحقيق ما تراه "مصالح وطنية"، وهي في ذلك لا تدخل في تناقض حاد مع المطالب والمصالح الكلية للرأسمالية المصرية، ومن ضمنها الرأسمالية الصناعية. زد على ذلك أن مفهوم الشعب نفسه مفهوم غامض حيث يضع في بوتقة واحدة طبقات اجتماعية متناقضة في مصالحها ومتصارعة فيما بينها بصورة لا يمكن التوفيق بينها مما يفرغ فكرة المصالح "الوطنية" للشعب من أي مضمون حقيقي مقارنة بمفهوم مصالح الطبقة الحاكمة التي تعممها الدولة وتسميها مصلحة "عامة" أو مصلحة "عليا" للوطن.

هناك بالطبع مساحات كبيرة من الفساد والمحاباة لأفراد وشركات بعينها كما يتضح من اتفاقيات الغاز والنفط التي تعقدها الحكومة سواء مع دول أو شركات أجنبية أو محلية، ولكن هذا الفساد دائما ملازم للرأسمالية أينما وجدت ويزداد أكثر عندما يسود الاستبداد في أي دولة، والذي يرجع عادة إلى توازن ضعف أو قوة الطبقات الرئيسية، مما يعطي لمؤسسة الدولة قوة أكبر في مواجهة الداخل رغم كونها ضعيفة أمام القوى والمؤثرات الخارجية. علاوة على أن الفساد يعد شكلا من أشكال إعادة توزيع الثروة على مختلف مراكز القوة في النظام الرأسمالي، ويحتاج إليه الرأسماليون مالكو رأس المال الاقتصادي ومالكو رأس المال السياسي، ولا يتحول إلى مشكلة إلا عند الأزمات والصراع بين مختلف شرائح الرأسمالية على اقتسام عائد محدود.

أما فكرة أن تكون الدولة مستقلة في مواقفها السياسية عن المؤثرات الخارجية – سياسية واقتصادية – وإلا كانت دولة عميلة وتابعة، فهي فكرة وهمية لا تتفق وواقع وتاريخ النظام الرأسمالي المنقسم إلى دول قومية تتشابك مصالحها أحيانا وتتعارض في أحيان أخرى، تلتقي في أمور وفي أمور أخرى تتناقض، وتفرض تنازلات في بعض القضايا ومناورات وصراعات في قضايا أخرى. وكل دولة تتخذ القرار الملائم لها وفقا لتوازن القوى والمصالح بين الأخوة الأعداء، وهم أخوة وأعداء ليسوا على نفس الدرجة من القوة ويتصارعون على مصالح وفي قضايا ليست في نفس الدرجة من الأهمية. فالدولة المصرية شريك أصغر للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وعلى الشريك الأصغر أحيانا أن يقبل بعض الإملاءات والتنازلات وأحيانا أن يرفض بعضها الآخر، وأحيانا يشارك في خطط ومؤامرات مع الإمبريالية الكبرى وأحيانا يشارك في مناورات ومؤامرات ضد خطط هذه الإمبريالية، وفي كل حالة تخضع المسألة لحسابات المصالح والأهداف وتوازن القوى بين أطراف علاقة بطبيعتها غير متوازنة بسبب عدم تكافؤ أطرافها.

من هنا نستطيع أن نقرأ بهذا القدر أو ذاك من الوضوح سياسات الدولة المصرية ونتخذ موقفا منها إذا حددنا نقطة انطلاقنا في تفسير وفهم هذه السياسات، وبالنسبة لليسار، ينبغي أن تكون نقطة الانطلاق هي مصالح الطبقة العاملة وأهدافها في التحرر من الاستغلال والقهر، وسواء جرى استغلالها على أيدي رأسمالية مصرية أو أجنبية، أو تم نهب مواردها بواسطة شركة مصرية أو شركة أجنبية أو بشراكة بينهما، أو تم استغلالها بشكل مباشر من قبل رأسمالية إنتاجية أو بشكل غير مباشر من قبل رأسمالية تجارية أو مالية، أو من قبل رأس المال الخاص أو الدولة أوغير ذلك من اتفاقيات سيادية تقوم بها الدولة وتمثل إهدارا لموارد البلاد – فكل ذلك يتم على حساب الطبقة العاملة ولصالح البرجوازية اقتصاديا وسياسيا.





#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معادلة الحرية
- لن نتسول حقوقنا يا رئيس الوزراء!
- قيادة نقابية أم موظف في جمعية دفن الموتى؟
- أبطال المعارك الوهمية
- الشرعية والقانون
- كاليجولا يحاصر الهواء
- حكومة رجال الأعمال لن تحمي مصر من استيراد التضخم
- مجلس الدكتور سرور
- هلفطة
- النظام والفوضى في مجتمع مقهور
- أوهام الأرقام وحقائق الواقع
- الإصلاح السياسي ورقص الصالونات والفنادق الفاخرة
- نقابة للصحفيين أم جهة إدارية
- نقابة الصحفيين تتحول لجهة إدارية تعاقب الصحفيين على سلوك الإ ...
- الصادرات المصرية حصان خاسر في سباق التنمية
- الانتخابات البرلمانية 2005: فزع السلطة وفزاعة الإخوان المسلم ...
- الاشتراكيون الثوريون تحالفوا مع الإخوان … يا لهوي!
- أزمة النظام الحاكم في مصر واحتمالات الانتفاضة - 1
- العمل المشترك بين اليسار مشروط بوحدة الرؤيا والهدف
- لن يموت فينا الأمل … ولكن!


المزيد.....




- فعل فاضح لطباخ بأطباق الطعام يثير صدمة بأمريكا.. وهاتفه يكشف ...
- كلفته 35 مليار دولار.. حاكم دبي يكشف عن تصميم مبنى المسافرين ...
- السعودية.. 6 وزراء عرب يبحثون في الرياض -الحرب الإسرائيلية ف ...
- هل يهدد حراك الجامعات الأمريكية علاقات إسرائيل مع واشنطن في ...
- السودان يدعو مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة الاثنين لبحث -عدوان ...
- شاهد: قصف روسي لميكولايف بطائرات مسيرة يُلحق أضرارا بفندقين ...
- عباس: أخشى أن تتجه إسرائيل بعد غزة إلى الضفة الغربية لترحيل ...
- بيسكوف: الذعر ينتاب الجيش الأوكراني وعلينا المواصلة بنفس الو ...
- تركيا.. إصابة شخص بشجار مسلح في مركز تجاري
- وزير الخارجية البحريني يزور دمشق اليوم للمرة الأولى منذ اندل ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - رأسمالية وطنية وأخرى تابعة!