أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي بداي - عشرون غابة ورد على اجساد ضحايا حلبجة














المزيد.....

عشرون غابة ورد على اجساد ضحايا حلبجة


علي بداي

الحوار المتمدن-العدد: 2223 - 2008 / 3 / 17 - 08:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


عشرون عاما مضت على تلك الليلة الكابوس، حين صورت كاميرا مصورغير ماهر اجساد مختلفة لاناس فارين منكفئين على وجوههم ، قالت الاخبار انها لأهل حلبجة ولم يألف الكثير من وكالات الانباء اسم المدينة فتحور الاسم وتغير من مدينة الى قصبة وقرية وبلدة حدودية تبعا لمصلحة الوكالة.
كانت الصورة من الهول بحيث يعجز المرء عن مشاهدتها منفردا، اجتمعنا في قاعة نتابع لقطات المصور تنتقل بين الاجساد. كان الناس المختنقون مرميين بلا انتظام ، على عتبات البيوت الحجرية، على السلالم، على قارعة الطريق، في كل مكان . لم يكن العالم فد رأى من قبل ضحايا تختنق بالغازات الكيماوية ، كان المنظر يشبه فيلما ، او حطاما لطائرة منكوبة، او وباء طاعون ،يشبه أشياء كثيرة، لكنه لايشبه حربا ولا الضحايا تشبه ضحايا حرب.
هذه الاجساد المتراكبة على بعضها في سيارة حمل ، الايادي المدلاة لعشرين او ثلاثين جسد راسمة شكلا خرافيا لايمكن لبشر ان يتصوره، ماجرم هذه الاجساد؟ ماذا فعلت لكي ينتقم منها بهذا الشكل المرعب؟
كان العالم اخرسا، كان العالم يتعامل مع حرب دولتين نفطيتين ، وكان الكلام ثمينا، كل كلمة لاتعجب صدام او قد لاتعجبه تكلف ذهبا ، وتكلف نفطا، وتكلف ملاحقة وكاتم صوت فكان الصمت صراخ الجبناء.
صمت العالم كله، صمت الكتاب، والمغنون، والصحفيون، صمت السياسيون وقادة الاحزاب، صمتت منظمات حقوق الانسان وائمة الاديان ، المساجد والكنائس، ماعدا الضحايا انفسهم وفلة من العرافيين الذين كانوا يناطحون صخور السياسة العالمية والمصالح الدولية وكاتمات الصوت الصدامية.
ذهبنا بوفد من مجموعة طلاب ثوريين لنقابل ممثلي الاحزاب الحاكمة في اوربا الشرفية ، تكلمنا، صرخنا ، طرحنا الصور المرعبة لضحايا حلبجة امام انظار المسؤلين الاوربيين قلنا لهم مافرق هذا الذي يحدث في كردستان عن مافعله هتلر باليهود؟؟ صرخنا بوجوه سفراء العرب مافرق هذا الذي فعله صدامكم عن مجزرة صبرا وشاتيلا ؟ لم لاتتكلمون؟ قلنا للمؤمنين كيف ستقابلون ربكم؟ وفلنا لعبدة الدولار كيف ستحافضون على دولاركم حين سيذهب صدام يوما ما؟ هل ترون أهل الضحايا سينسون؟ لم يكن لدى هؤلاء السادة ماينطقوا به ، كانت الصور تلجم قوة العقل ، اطفال منتفخون ، رجل يحتضن رضيعا كأنما تمثال من رخام ، نساء مرتميات على الارض بتبعثر يحكي هلعا ورعبا عصيين على الوصف. صورة طفل يحدق بالسماء ،ولعله كان يخاطب الله، ظلت تلاحقني اينما حللت ، كان الطفل يرتسم أمامي بهيئته المذعورة ورجليه الهاربتين من الاختناق، يستنطق كل مافي ،كان يصرخ بي ، وكنت اتحاشى النظر اليه ، لم اكن اعرف مااردبه على نظرة عينيه المرعوبتين المتوجهتين الى السماء، ولم اكن مستعدا بعد لتحمل استنجاده بي.. قررنا ان نعلق صورته المرعبة على بوابة الكلية، صدم الاوربيون وتوسلوا الينا ان نخفي الصورة رفقا بالذوق الاوربي وسلامته وحفاضا على استمرار الدراسة ، قلت لهم هذا ضحيتكم!!! ابتسموا باشفاق: ضحيتنا؟؟؟ انتم مسلمون وتتناحرون فيما بينكم!!
هددت سفارة صدام بالويل كل من يسمح بتنظيم فعل استنكار، قررنا الاستمرار
علقنا صورة عمر خاور ورضيعه الذي يحتضنه... استرجعت صورة الحسين وهو يرفع برضيعه الذبيح "عبد الله" الى السماء ، عجيب امر امة الاسلام هذه ، منذ اكثر من الف من السنين وهي ماتكف تذبح اطفالها بأسم الله مرة والعروبة مرة اخرى ، ومع هول المشهد ، وعجز اللسان عن التعليق، وبشاعة الجرم المرتكب ،كانت بعض ردود الافعال تؤشر على خسة اخلاق السياسة والسياسيين، كانوا يطالبوننا بالتاكد من ان نظام صدام وليس نظام الخميني هو الفاعل، هكذا ضاع الانسان بين جرائم السياسيين ودناءة زعماء الدول الكبرى والصغرى ومتوسطة الحجم.
في مساء اليوم التالي ،حملت لنا الانباء ان رونالد ريغان رفض ان يتعشى لهول الصدمة!! واحسرتاه على عشاء ريغان الذي لم يؤكل ، وعلى الرجل الذي بات على الطوى، خمسة الاف ضحية قضوا بشكل ليس له مثيل لم تكلف العالم سوى عشاء رونالد ريغان!! اما كان على ريغان ان يغير على صدام كما أغار على نوريغا؟؟ اما كان على الاوربيين ان يجرجروا صدام الى محاكم جرائم الحرب؟؟
اما كان على العالم ان ينصف الضحايا، اما كان على منظمة المؤتمر الاسلامي ان تغار على اسلامها الذي دنس؟ اما كان على جامعة العرب ان تجمع على قول الحق؟ اما كان وكان وكان.......
لقد كان يوم حلبجة، يوم تحول في حياتي حيث انكشف امامي زيف الانسان والاديان والايديولوجيا والمؤسسات والسياسات والشعارات والهتافات ومازالت صورة الطفل المحدق بالله تعشعش في تلافيف دماغي، هو يحدق بالله وكنت انا اقف بينهما، وكل جزء في كياني يصرخ.. ومازال للان..



#علي_بداي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة رأس مطارد.... عبير والوحش
- بأسم الحسين
- قولوا لا للغزاة العثمانيين ، نعم لشرق اوسط ديموقراطي لاامريك ...
- بالسلامة يامالكي .. ولكن من لسليمة الخبازة؟؟؟؟؟
- هدية تركيا المسلمة الى جيرانها المسلمين بمناسبة العيد!!
- انا ..مع حزب العمال الكردستاني
- الخارجون من دين الله
- محقة احلام منصور ام لا؟؟
- فوز عراقي... على الطائفيين والمتخلفين
- ماذا يريد حكام تركيا من حزب العمال الكردستاني؟
- من اجل قناة فضائية لليسار العراقي
- هل ياس المثقفون العراقيون من ا لعراق؟؟؟
- الطم ياشعبي الحبيب
- قدم بقطار امريكي وغادر بذات القطار ومنحه المتخلفون مجدا لا ي ...
- أمة عرب/أسلامية ...بلا قلب ولا ضمير
- ديمقراطية الطائفيين التي ستحرق العراق
- بعد تطاول المشهداني....باية لغة نتعامل مع الرجعيين؟
- قاضينا ......راضي
- جمهورية صدام الثالثة
- يسألونك عن الانفال يابشرى الخليل


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - علي بداي - عشرون غابة ورد على اجساد ضحايا حلبجة