أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - نهاية الوطنية العسكرية















المزيد.....

نهاية الوطنية العسكرية


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 687 - 2003 / 12 / 19 - 08:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


زمن السقوط
سقطت بغداد قبل أن تسقط. سقطت لأنها لم تكن قادرة على النصر ولم تكن تستحقه. ولكان انتصارها لو حصل إهانة للعقل والعمل الإنساني، ولأي معنى معقول للتاريخ، وقبلها جميعا للنصر ذاته.
وسقوط بغداد يتجاوز اتساعا وعمقا وقوع العراق تحت الاحتلال الأميركي. فهو نهاية عالم ونهاية نظام ونهاية معنى. إنه أولاً خطوة إضافية على طريق تحلل النظام العربي كما تبلور بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وهو ثانيا نهاية ما نسميه نظام الوطنية الوطنية العسكرية الذي يقوم على تجييش المجتمع وإقصاء السياسة منه، وعلى مركزة السلطة واقتصاد "القطاع العام"، إضافة إلى خطاب تعبوي محارب. وبقدر ما استصلح هذا النظام من "العروبوية"، أو المعنى الشامي للقومية العربية إيديولوجية حسب تعبير منح الصلح، إيديولوجية مشرعة له فقد جعل من سقوطه سقوطا لها.    
 
أصول الوطنية العسكرية
الأصل في عسكرة الوطنية لقاء مجموعة من الأوضاع التاريخية والاستعدادات الثقافية والمصالح النخبوية: (آ) الحاجة إلى اللحاق بالركب العالمي المتقدم التي تزكي مركزة السلطة ومركزة الحقيقة وتضييق دائرة اتخاذ القرار، وذلك بهدف تسريع الإنجاز و"حرق المراحل"؛ (ب) الزرع القسري لكيان عسكري، مسلح، متعصب، دشن وجوده بالقتل والطرد ومراكمة القوة؛ (ج) مجتمعات ضعيفة الاندماج ومفتقرة إلى المفعول الدمجي للسوق بحكم تخلفها الاقتصادي، ما يقتضي رفع منسوب السلطة لتغمر تضاريس الخريطة الاجتماعية الوعرة؛ (د) استعداد ثقافي أو انحياز ثقافي نحو مواقف التدشين والتأسيس والقطع تستعيد السابقة الإسلامية المدشنة، وتستجيب بسهولة للخطابات البطولية والتعبوية؛ (ه) وبالتأكيد مصالح وتطلعات النخب العسكرية والبيروقراطية الحاكمة التي وجدت في استنفار المجتمع وطرد الاختلاف والتعدد منه ونشر ثقافة تعبوية وعسكرية ما يناسب إطلاق يدها في المجتمع وتشريع سلطتها المطلقة.
وفر هذا الشرط التاريخي المناخ المناسب لوثوب العسكر الشعبويين إلى السلطة مع تبني خطاب استنفاري يقيني غير متسامح مع الاختلاف. وكانت العروبة "اليعقوبية" من النموذج البعثي، المفهوم "الشامي" للقومية العربية، هي العقيدة الأنسب لنظام الوطنية العسكرية المستلهم في كثير من ملامحه من نظم أوربا الشرقية الشيوعية، والذي يعوض فيه العسكر عن الافتقار إلى حزب "تقدمي" عقائدي كالحزب الشيوعي. فهذه أقوى نزوعا اندماجيا وأشد عداء للتعدد الاجتماعي والسياسي وأسهل تحولا إلى عقيدة يقينية وأكثر ملائمة للتعبئة والتجييش، وبالتالي أكثر قابلية للعسكرة. أما العروبة الإثنية في الخليج والعروبة غير الدمجية في الأردن والمغرب فأقل قابلية للتسييس والعسكرة معا.
 
أزمة الوطنية العسكرية
تلقت الوطنية العسكرية التي مثلت مصر الناصرية نموذجها الأصفى ضربة عنيفة هزت شرعيتها في هزيمة حزيران 1967. لكنها لم تنتقل من أزمة الشرعية إلى أزمة الانحلال إلا حين فشلت في "تصفية آثار العدوان" باستعادة الأرض ورد الاعتبار في حرب 1973. وقد مثل الفشل في الثأر من إسرائيل في تلك الحرب نهاية الرد العسكري على هزيمة حزيران والتحدي الإسرائيلي، وبالتالي نهاية موضوعية للوطنية العسكرية التي استمدت مسوغات وجودها من مواجهة العدو الإسرائيلي.
وما كان لتنظيمات الوطنية العسكرية أن تستمر بعد فناء شرعيتها التاريخية إلا بخضوعها لتحول وظيفي بدء من أواسط السبعينات من القرن العشرين بالاتفاق الصريح أو التفاهم الضمني مع الأميركيين. وقد قربها هذا التحول من نموذج الدولة الوظيفية الذي تمثله الأردن (فصل منطقة الصراع العربي الإسرائيلي الملتهبة عن منطقة الخليج النفطية سهلة الالتهاب) والسعودية (محاربة الحركة القومية الاستقلالية، و"الشيوعية الدولية"، والتحكم بأسعار النفط في السوق الدولية). فمصر ستتنخرط في الحرب الباردة ضمن معسكر أتباع أميركا وتضمن انتهاء الحرب العربية الإسرائيلية من طرف واحد. وستقوم سورية بضبط الساحة اللبنانية والفلسطينية ومنع تفاعلاتها المتقلبة ومتعددة الأطراف من الخروج عن السيطرة. فيما سيقترب نظام صدام حسين من النموذج الوظيفي أثناء حربه مع إيران. وفي كل الأحوال كان التحول نحو نموذج الدولة الوظيفية هو الوجه الآخر لموجة التدويل الجديدة التي عرفها المشرق العربي إثر حرب تشرين والثورة النفطية ولجوء العرب إلى الأميركيين فيما بات يعرف منذ أواسط السبعينات بـ"عملية السلام".
ومنذ ذلك الوقت أخذت الوطنية العربية، العقيدة المشتركة لأنظمة الوطنية العسكرية، تتفرغ بسرعة من مضمونها التحرري الديمقراطي موضوعيا لتكتسب مضمونا استبداديا التحاقيا ومحافظا. وانقلبت صورة العربي من مكافح من أجل الحرية ومقاوم للامبريالية إلى صورة تلتقي فيها انطباعات عن الثروة والهوس الجنسي وسوء الذوق، قبل أن تغلب عليها الملامح الإرهابية خلال العقد الأخير.
 ومنذ أواسط السبعينات، أخذت آلة الموت تعمل بأقصى طاقتها: في لبنان، ثم في سورية، وفي العراق ومصر والسودان وصولا إلى الجزائر في التسعينات. فبغياب أية أرضية للإجماع الوطني بعد أزمة الوطنية العسكرية المحاربة أخذت تنظيماتها تتفجر ولا يضبطها إلا التحول نحو دكتاتوريات دموية لم يشهد العالم العربي لها مثيلا من قبل. ومن مزيج الدكتاتورية والدولة الوظيفية سيتكون تاريخ المشرق العربي في الربع الأخير من القرن العشرين، تاريخ تفسخ الوطنية العسكرية.
ساعد على التحول نحو الدكتاتورية والدولة الوظيفية، وموّله أيضا، بلايين الدولارات التي كانت تنتظر في السماء (التعبير لعدنان الخاشقجي أثناء زيارة الملك فيصل لأميركا عام 1966) وهطلت بعد حرب 1973 لتصنع الربيع الريعي العربي.

تفسخ الوطنية العسكرية
وهكذا يمكن أن نميز بين مرحلتين في تاريخ الوطنية العسكرية العربية تفصل بينهما حرب 1973. فبعد خسران دول الوطنية العسكرية لشرعيتها حين لم تستطع استعادة الأرض المحتلة ارتسم طريقان: الاستمرار كأن شيئا لم يكن، وهو ما يحتاج إلى أساليب دكتاتورية في الداخل وتفاهمات "وظيفية" مع الأميركيين (وقد دفع اللبنانيون والفلسطينيون والسوريون والعراقيون ثمن الوطنية العسكرية التي انتهت لكنها لم تسقط)؛ أو نزع الوطنية العسكرية وهو مااختاره أنور السادات لكن في إطار صلح مع إسرائيل، والتحاق بأميركا القوة المرجعية في "الشرق الأوسط"، وتخل عن العروبة السياسية. أما الأفق الديمقراطي لنزع الوطنية العسكرية فقد كان احتمالا نظريا فحسب. لكن في ذلك الوقت بدأت تعود فكرة الديمقراطية إلى النقاش السياسي بعد 20 أو 25 عاما من سوء سمعتها وخروجها من التداول لحساب الاشتراكية والديمقراطية الشعبية.
في مرحلة ما قبل 1973 كانت أنظمة الوطنية العسكرية الشعبوية قمعية مثل غيرها لكن قمعيتها أقل من قدرتها على القمع لأنها مهيمنة. وهيمنتها تعني أن خصومها بالذات يتصورون الدولة والوطنية والسياسة والتنظيم الاجتماعي على الأرضية ذاتها لتصورها هي. ولذلك كان ضحايا قمعيتها بالعشرات او بالمئات، وليس بعشرات الألوف ومئاتها على يد دكتاتوريات ما بعد 1973. وهي في الواقع استمرار لمرحلة وبرنامج التحرر الوطني. في المرحلة الثانية وصلت حركة التحرر الوطني إلى طريق مسدود لم تستطع الخروج منه فبدأت بالانقلاب على نفسها. وبدءا من هنا دخلت الوطنية العسكرية التي انتهت صلاحيتها طور تفسخها الذي سيقود إلى سقوط بغداد. فقد بقي المجتمع مجيشا ومفرغا من السياسة، لكن الجيش تسيس ونزعت عسكريته وتم تفكيكه كيلا ينقلب على السلطة. وبقي الاقتصاد مؤمما، لكن "الدولة ضد الأمة" وهي قطاع خاص لنخبة لم تعد تؤمن بشيئ. وبقيت السلطة ممركزة بشدة لكن المجتمع "تطيّف" ولم يعد يجتمع على شيء. وبقي الخطاب عقائديا وتعبويا لكن الخوف وحده يضب الناس إلى بعضهم. وبقيت الحرب مستمرة لكن خطوط الجبهة تحولت نحو الداخل.
وفي هذه المرحلة تشكل النظام وفقا لنموذج فريد يقوم على تعددية أمنية وعسكرية مع واحدية سياسية-عقائدية (واحدية متعالية إن جاز التعبير تتجسد في الزعيم). فالأجهزة الأمنية الكثيرة والمتنافسة تشكل ما يشبه دولا لكل منها عدالتها الاعتباطية الخاصة بها. بينما يتم تخريب الجيش بتقسيمه إلى جيش عام كبير مهمل، وقوات خاصة أصغر حجما لكنها أفضل تسليحا وتدريبا وأكثر دلالا. كان في سورية مثلا في الثمانينات سرايا الدفاع (انحلت أواخر 1984 حين حاول قائدها رفعت الأسد وراثة شقيقه الرئيس الراحل وهو حي) والوحدات الخاصة وسرايا الصراع إضافة إلى ميلشيات خاصة بحزب البعث وأخرى طلابية وأخرى عمالية...عدا الجيش النظامي العادي. وفي العراق الحرس الجمهوري الشهير وميليشيات حزب البعث وجيش القدس فضلا عن الجيش النظامي. وكان النظامان إضافة إلى نظام القذافي آخر ممثلي الوطنية العسكرية في العالم العربي. ولا يفاجئنا أن الجيش الكبير منزوعة عسكريته والجيوش المدللة منزوعة وطنيتها. وتشكل الواحدية السياسية-العقائدية حلا لمشكلة التعددية العسكرية والأمنية (وليس للتعددية السياسية والاجتماعية الملغاة). والأرجح أن هناك صلة بين نوعية هذا المشكلة وبين القداسة والاستثنائية المنسوبة إلى الحاكم.
وهناك تناسب طردي بين تفسخ نظام الوطنية العسكرية وقداسة الزعيم الكارزمي المرفوع فوق السياسة والإنسانية. وتناسب آخر بين قداسته وبين تطبيع القمع وانتشاره وفظاعته التي تصل حد العبثية والتمير الذاتي. فقداسة الحاكم تخرج الاعتراض عليه من السياسة لتجعله خيانة وكفرا، وتشرع تاليا التعذيب والقتل والمقابر الجماعية. هناك أيضا تناسب بين القداسة، التي تغدو وحدها معيارا للوطنية، والفساد الذي يصل بالدولة إلى درجة التدمير الذاتي توازي التدمير الذاتي بالقمع. وهكذا لم تنتج أنظمة الوطنية العسكرية المتأخرة غير القداسة والخراب.
وإذا كانت الحقيقة هي الضحية الأولى للحرب فإن دولة الحرب الدائمة هي دولة الكذب الدائم والمنهجي. وبقدر ما إن الوطنية العسكرية تقترب من نموذج الدولة الوظيفية، التي تستند في استقرارها إلى ما تقوم به من وظيفة لمصلحة المسيطرين في النظام الدولي، فإن حروبها بالذات تصبح حروبا وظيفية تخدم دوام السلطة.
وهكذا نرى أن الوطنية العسكرية تنتهي بالضبط إلى عكس "مقاصدها الأصلية": دولة غير وطنية ("وظيفية" وفئوية معا) وغير محاربة؛ تستعبد مجتمعها بقدر ما تعجز عن تحرير أرضها،؛ فاسدة وامتيازية و"إقطاعية" أكثر من أية إقطاعية سابقة.

لماذا لا تسقط الأنظمة في "الشرق الأوسط"؟
لماذا سقطت الوطنية العسكرية في امتحان 1973 ولم تسقط؟ لماذا لا تسقط الأنظمة لدينا رغم التفسخ والتدمير الذاتي؟ لماذا لا يفضي تكاثر الأزمات إلى تراكم تغييري؟
بدأ نظام الوطنية العسكرية بالتفسخ لأنه استمر بعد انتهاء موسمه. فهو مثل ثمرة نضجت ولم تقطف. لكن لماذا لم تسقط هذه الثمرة؟ لأنها حولت تفسخها إلى المجتمع المحكوم، وبذلك شلت قدرته على الاعتراض والمقاومة والتغيير رغم الهزائم العسكرية والانهيار الاقتصادي والتفكك الاجتماعي.
لكن كيف استطاعت تحقيق ذلك؟
قد يكون الأمر الجوهري هنا هو أن أنظمة الوطنية العسكرية المتأخرة تفتقر إلى أية آلية تغيير ذاتية، بل إنها لا تقوم دون منع التغيير وتحويل الدوام إلى قيمة عليا. فقد خربت الجيش كيلا يقوم بانقلاب عسكري، ودمرت الأحزاب السياسية كيلا تطالب بالديمقراطية. لا بل احتالت حتى على المفعول التغييري المحتمل لموت الحاكم، فقامت  بتوريث السلطة عبر خط النسب. لكن التغيير هواء المجتمعات الحديثة، وبغيابه تختنق وتتحلل و...تموت.
في مرحلة الوطنية العسكرية المحاربة كانت آلية التغيير السائدة هي القوة والانقلاب العسكري، ما يمكن تسميته الاصطفاء الطبيعي السياسي. وتتفوق الديمقراطية على غيرها من النظم السياسي لأنها تقدم للمجتمعات آليات تغيير ذاتية منظمة ومسيطر عليها اجتماعيا هي الانتخابات العامة أو الاصطفاء السياسي الواعي. وأدخل سقوط بغداد آلية تغيير جديدة قديمة، عمدها الأميركيون بكل بساطة باسم "تغيير الأنظمة": التدخل الخارجي واحتلال البلد.
هناك أربع آليات بقاء أو دوام ساعدت الوطنيات العسكرية المتأخرة والدول الوظيفية على تحويل التفسخ إلى مجتمعها: (1) التدويل العميق لدول إقليم "الشرق الأوسط". ففي زمن الحرب الباردة استندت دول المنطقة إلى أحد القطبين أو إلى التوازن بينهما دون أن تهتم ببناء داخل وطني حقيقي فيها (اقتصاد منتج، مؤسسات اجتماعية، حريات سياسية، سلطة دستورية، رأي عام...) يحتوي تأثير الخارج ويضبطه ويحيده. وبعد نهاية الحرب الباردة، وبعد 11 أيلول 2001، وبعد سقوط بغداد، بات "الشرق الأوسط" الخارج الخاص للولايات المتحدة، الخارج الممنوع من الإلتئام على نفسه عبر استتباع نخب السلطة فيه؛ (2) الريعية: سواء الريع الاستخراجي  النفطي أو الريع السياسي، أي تأجير الدولة لنفسها كما في حرب الخليج الثالثة أو بيع موقفها السياسي كما جرى بصورة بازارية في حرب الخليج الثانية؛ (3) الطائفية، أي تدمير الوطنية بتنشيط الهويات الضيقة وجعل السلطة نفسها المرجع الأوحد للتماهي العام والاستفادة من منابع العصبيات غير المستنفدة لضمان الولاء وإدامة النظام الساقط؛ (4) وبالطبع القمع السافر والدموي الذي يكسر ظهر المجتمع ويدمر اجتماعيته أي قدرته على إنتاج إرادة عامة.
تتوحد الآليات الأربعة في مفعول ريعي يغني نخب السلطة عن المجتمع أو يضعف حاجتها إليه ويبقيها دائما في موقع المبادرة إزاءه. فهي ترشوه بالريع، وتفككه بالطائفية، وتروِّعه بالدكتاتورية، وتحصن موقعها بالتفاهم مع سادة النظام الدولي.

فرص الوطنية الديمقراطية
بقدر ما كانت الوطنية العسكرية المتأخرة مطلقة وعنيفة وضد سياسية فقد استثارت مقاومة دينية عنيفة وضد سياسية. فسلطة المطلق (الديني) هي الأقدر على مقاومة مطلق السلطة (السياسية)، وبخاصة بعد أن أفضى تدمير المجتمع المدني والأحزاب السياسية إلى بقاء الدين حاملا وحيد لإرادة جمعية. ثم أن العروبوية المرتدة إلى سياسة هوية والمفرغة من الحقوق السياسية والبرامج الاجتماعية لا يمكن أن تصمد أمام الإسلاموية الأنسب منها لتلبية تطلب الهوية. لكن إذا كانت الوطنية العسكرية إقصائية حيال الأقليات القومية حتى حين كانت في مرحلة التحرر الوطني (قبل عام 1967)، فإن الطابع الإقصائي للوطنية الدينية أشد بروزا، وهو يتخطى الجماعات الدينية غير الإسلامية ليشمل الأقليات الإسلانية ذاتها. والأهم من ذلك أن الوطنية الدينية نظام شعبوي بإيديولوجية إسلامية. بل هي بالفعل تجديد لشباب الوطنية العسكرية المأزومة وفقا لنموذج رأيناه في السودان.
هل هناك فرص واقعية للوطنية الديمقراطية؟ لوطنية استيعابية (غير إقصائية) ومدنية (منزوعة العسكرية)؟ الاقتناع بأن الوطنية الديمقراطية هي الأصلح لا يكفي. فالمسألة هي كيف تتحول الديمقراطية إلى عنوان للمطالب الاجتماعية بالمساواة والتنمية وحقوق الإنسان، وكيف تتكون كتلة تاريخية للتغيير تستطيع حمل خيار الوطنية الديمقراطية والمضي فيه حتى النهاية.
هذا سؤال عملي أولا، وعناصر الجواب عليه ستبدأ بالبروز خلال الشهور لا السنوات القادمة.
دمشق 16/7/2003



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الإرهاب هو نمط الصراع الدولي المناسب لصراع الحضارات؟
- ربـيـع حـقـيـقـي فـي سـوريـا أم سـنـونـوة تـائـهـة؟
- عـقـد مـع ســوريــا
- القوة الامبراطورية والضعف العربي أية استراتيجية ممكنة؟
- نهاية الدولة الوظيفية العربية
- نافذة يسارية
- خريف دمشـــــق
- بعض عناصر خطاب الحرب الأمريكي
- المهاجرون في الأرض
- ثقافة الطوارئ نقد الثقافة السياسية السورية
- الحكم العضوض والتغيير الممنوع
- نحو إعادة بناء الإجماع الوطني في سوريا
- بعد دكتاتورية صدام ديمقراطية فسيفسائية في العراق
- صدام الحضارات: صراع طائفي على الصعيد العالمي
- ماكبث بغداد...وإخوته
- أزمة الإبداع في الثقافة العربية المعاصرة
- السلطة والتبعية -تحالف- الأمير والأميركان
- الإرهاب العربي-: بعض الأصول والمحددات
- احتلال من باطن نظام إقليمي جديد في -الشرق الأوسط-؟
- ندوة حول الارهاب وعالم ما بعد 11 ايلول - المشاركون: د. صادق ...


المزيد.....




- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا لـ-حزب الله- في جنوب لبنان (فيد ...
- مسؤول قطري كبير يكشف كواليس مفاوضات حرب غزة والجهة التي تعطل ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع ومظاهرات في إسرائيل ضد حكومة ن ...
- كبح العطس: هل هو خطير حقا أم أنه مجرد قصة رعب من نسج الخيال؟ ...
- الرئيس يعد والحكومة تتهرب.. البرتغال ترفض دفع تعويضات العبود ...
- الجيش البريطاني يخطط للتسلح بصواريخ فرط صوتية محلية الصنع


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - نهاية الوطنية العسكرية