أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - السلطة والتبعية -تحالف- الأمير والأميركان















المزيد.....

السلطة والتبعية -تحالف- الأمير والأميركان


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 660 - 2003 / 11 / 22 - 07:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس هناك دول عربية حليفة للأميركيين أو شريكة لهم، هناك فقط دول عربية تابعة للأميركيين. وهذا الوضع ليس مسؤولية الولايات المتحدة وإن ناسبها كثيرا الحفاظ عليه؛ إنه أولا مسؤولية نخب السلطة في هذه الدول. والمشكلة ليست في وجود علاقات سياسية ودبلوماسية واقتصادية أو حتى عسكرية وأمنية بين الدول العربية والولايات المتحدة، ولا حتى في انحياز أكثرية الدول العربية للنظرة الأميركية إلى العالم، بل في نوعية السياسات والاستراتيجيات الوطنية التي تندرج هذه العلاقات ضمن إطارها. والسؤال الفيصل هنا هو : هل تندرج علاقات الدول العربية مع الولايات المتحدة في سياق استراتيجيات وطنية واضحة للتطور الاقتصادي وتدعيم قوتها العسكرية وأمنها الوطني والتحديث الحقيقي لمجتمعاتها، أي في إطار ترقية سيطرة هذه الدول على شروط استقرارها الخارجية والداخلية؟ وهل يشغل نخب الحكم العربية الجهد-العسير دون شك- لتأمين حد أدنى من التواؤم والانسجام بين مصالح الأميركيين في منطقتنا وحماية مصالح دولهم في هذه المنطقة وفي العالم؟
 وجوابنا العام على هذا السؤال هو النفي. فتركيب الأولويات السياسية لنخب السلطة العربية يتعارض كما سنرى مع بلورة استراتيجات وطنية كبرى مستقلة، بل إن الإيمان بالفكرة الوطنية والاستقلالية يتراجع دون أن تعوضه أية فكرة أخرى. المسألة ببساطة أن نخب السلطة العربية لا تؤمن بأي شيئ على الإطلاق، وهي متحررة من جميع الأوهام ولا تعتقد إلا بالقوة المادية، أي بالمال والسلطة.
لذلك من الخطأ أن نعتبر علاقات مصر أو السعودية (كأبرز "الحلفاء" العرب للأميركان) مع الولايات المتحدة من نوع علاقات تركيا أو حتى باكستان معها، دع عنك إسرائيل. فرغم ما في علاقة الأتراك والباكستانيين مع الأميركيين من عدم تكافؤ ومن لي الأخيرين أذرع الأولين فإن هناك محاولات جادة ومساومات مضنية لوضع هذه العلاقة في إطار استراتيجيتي البلدين الوطنية. ويتمتع البلدان في هذه العلاقة بهامش مناورة واضح وقد يصل إلى حد قول كلمة لا كما حصل بالفعل حيال الغزو الأمريكي للعراق، ولهما كذلك خطوط حمر يحترمانها على العموم ولا يتراجعان عنها تحت الضغط إلا بثمن كبير. لربما كانت السياسة التركية قبل حرب الخليج الثالثة غير أخلاقية لكن لا شك في أنها سياسة دولة وطنية وضعت نصب عينيها مصالح تركيا المادية والاستراتيجية. خلافا لذلك لم تستطع قيادة مبارك إلا أن تحمل العراق وحده المسؤولية عن الغزو جاعلة من القرار الأمريكي أشبه بقانون طبيعي لا يمكن التأثير فيه أو الاعتراض عليه. ولم يستطع رئيس أكبر دولة عربية أن يتخذ ولو موقفا مثل موقف باكستان التي رفض برلمانها المشاركة في الحرب والحرب ذاتها. ولم يكتف بأن منع شعبه من فرصة التعبير عن موقفه المتضامن مع إخوانه بل دس عددا من أصحاب السوابق بين المتظاهرين ليحرقوا بعض الأملاك العامة والخاصة وليستطيع هو اتهام شعبه بعدم التحضر[1]. وليس من الضروري الحديث عن ازدواجية الموقف السعودي ونفاقه الذي أصبح هوية ثابتة للسلطنة السعودية.
الجذر المشترك في استسلام معظم الدول العربية في الحرب الحالية والمساهمة بسلاح البترول[2] في المجهود الحربي الأمريكي لخفض كلفة قتل العراقيين على الأميركان، وقبل ذلك لعلاقات التبعية بين الدول العربية والولايات المتحدة، هو في تقديري تمحور تفكير نخب السلطة في العالم العربي حول مبدأ السلطة أولاً، أعني أن "رسالتها" السياسية هي الحفاظ على السلطة والبقاء فيها أطول مدة ممكنة. فالأولوية المطلقة الممنوحة لهذه المهمة تقود بمنطقها الذاتي إلى تسخير الدولة لمصلحة الحاكم وخلق فراغ سياسي أو بيداء سياسية حوله في المجتمع.
 أول ما يفكر فيه الحاكم العربي حين يستولي على السلطة هو كيف يمنع الانقلاب عليه. والجواب متشعب الأبعاد موحد المفعول: تخريب الجيش[3] وتكثير أجهزة الأمن ووضع الجميع في حالة شك وارتياب في الجميع وتعميم الخوف وإبقائه ملموسا من الجميع ووفرض العزلة على الجميع وجعل الوشاية معيارا للوطنية وإفساد الأحزاب السياسية أو تدميرها والتضييق على الناس في العيش وقتل إمكانية بروز قيادات سياسية أو معنوية جديدة وعدم الاعتراف بحق الانتظام الاجتماعي الذاتي والطوعي والمستقل وعدم القبول بأية حصانات او سلطات اجتماعية مستقلة- فكل الرؤوس قابلة للكسر سواء كانوا مثقفين مرموقين أو رجال دين كبار أو قادة سياسيين معارضين. وبقدر ما ينسجم هذا البرنامج أو "الرسالة التدميرية" مع أعمق رغبات القوى المعادية فإنه ستشيع في أوساط واسعة من مجتمعاتنا فكرة أن حكامنا عملاء مأجورون للمخابرات الأمريكية. هذا أصل نظرية المؤامرة. والحال يكفي إدمان السلطة لتفسير الخراب الوطني العام. فكما قد يقوم المدمن على القمار أو المخدرات ببيع بيته وربما بيع زوجته وأولاده وسرقة أصدقائه وصولا في النهاية المحتومة إلى تدمير ذاته فإن إدمان السلطة، وهو أقوى بكثير، يدفع إلى تدمير البيت الوطني وبيع موارده ورهن مقدراته لمن يدفعون المال اللازم لاستمرار اللعبة والبقاء على الكرسي. وهذا الإدمان يفسر التماثل المريع لخراب البيوت العربية جميعا، خراب يبهج قلب العنصريين الجدد لدينا وفي الغرب لأنه "يبرهن" على قصور ونقص العرب بما هم عرب.
   وبينما تثمر رسالة السلطة الخالدة هذه تعقيم المجتمع وجعله قاعا صفصفا فإنها ترتد على السلطة ذاتها تدهورا في مستوى النخب الماسكة بزمامها، إن على مستوى الكفاءة أو الأمانة أو القدرة القيادية. ثم أن قطع الرؤوس السياسية المستقلة أو المعارضة وتجريد أجهزة الدولة بالذات (وليس المجتمع وحده) من السياسة وحصر القرار السياسي بحلقة ضيقة جدا أو برأس السلطة وحده، كل ذلك يقوض قدرة المجتمع على ضبط مصيره السياسي ويقتل إبداعيته السياسية ويجعل من توريث السلطة على خط النسب حلا وحيدا لتجنب موت الدولة أو موت الوطن مع موت الحاكم.
حين يقال أنه ليس في مصر كفاءات قيادية مقنعة لشغل منصب نائب رئيس الجمهورية فإن أسوأ ما في الأمر ليس إهانة مصر بملايينها السبعين وبالآلاف السبعة من سنوات حضارتها، الأسوأ والأشد إيلاما ومهانة هو أن هذا الكلام قد يكون صحيحا. إذ من أين تأتي القيادات المقنعة حين تخنق الأحزاب السياسية وتدمر النقابات ويحتل الشارع وتحبس الجامعة وراء جدرانها. في هذه "الأرض اليباب" لا يمكن أن ينبت إلا "الرجال الجوف". وهكذا تخلق السلطة المشكلة التي لا حل لها إلا لديها، وتحرس الفراغ المناسب كيلا يملأه أحد غير... الابن.
 هنا الحاكم هو الوحيد الحر إذا استعدنا الحكم العنصري لهيغل عن الشرق، وهو الحكم الذي لم يعد يقدم غير سلاطيننا في "الشرق الأوسط" براهين ساطعة على صحته. وليس وصف الحاكم بالعبقرية والعظمة والحكمة والاستثنائية إلا كناية عن حريته المطلقة التي لا تكتمل دون عبودية سياسية مطلقة لرعاياه. ومن الطبيعي والعادل والمنطقي والحالة هذه أن يكون من تربوا في كنفه ونهلوا من معينه وتعلموا في مدرسته وتحلوا بفضائله وتخلقوا بأخلاقه السامية هم الأجدر بحكم البلاد من بعده.
ومع تعطيل مفعول الاصطفاء الطبيعي (وقد تكفلت به يوما الانقلابات العسكرية المأسوف على أيامها) ورفض الانتخاب السياسي الحضاري على حد سواء لن يكون مفاجئا التدني المريع لمستوى المراتب العليا من النخبة السياسية إلى درجة مخجلة ومكشوفة أكثر وأكثر. فالحاكم الجاهل يحاول أن يظهر مثقفا، والملك الفاسد حاميا لحمى الدين، ووزير الخارجية لا يزيد على مستوى "خبير بشؤون الشرق الأوسط" في جريدة أجنبية من الدرجة الثانية، ووزير الدفاع يخلط بين الحرب والحب ويظن فتوحاته الغرامية انتصارات وطنية، ولا يشعر وزير خارجية آخر بأن تسول أمريكا كسياسة قومية يلغي أي مبرر لوجوده... وهكذا يجد العالم العربي نفسه في بداية قرن عاصف جديد بلا قيادات محترمة، بلا توجه واضح، و حتى بلا وعود غامضة بمستقبل أحسن. وبالفعل بلغ من انحطاط مستوى النخب الحاكمة في العالم العربي أنها كفت حتى عن إطلاق وعود شكلية لشعوبها بالتنمية أو العدالة أو التعاون العربي ناهيك عن التحرير أو الحرية. وغاية ما تطمح إليه وما تسعى إلى تطبيع شعوبها عليه هو تجنب الأسوأ من عدوان الغير أو من تفتت البلاد أو تفكك المجتمع. ومن البدهي أن يغدو التكيف السياسي هو المثل الأعلى، وأن تصبح هذه النخب كالبهلوانات لفرط ما انحنت للعواصف وتقولبت ضمن أضيق القوالب.
قانون السلوك الأساسي هنا هو ما قد يصح أن نسميه قانون التطبيع، أي غرس المنعكسات الشرطية الصحيحة عند الناس وتصنيع طبيعتهم "الأصيلة" المناسبة. فالسلطة ترسخ منهجيا منعكسات الخوف والطاعة عند الناس وتربيهم على الخنوع والهوان والمداراة. أي في الواقع تقتل فيهم الشعور بالقيمة والكرامة الإنسانية وتجعل منهم رعاعا. ومن فقد احترامه لنفسه يمكن أن يفعل كل شيئ كما فعلت غوغاء بغداد. ومن جهتها السلطة مطبعة على الانحناء والخضوع وصولا إلى أسفل دركات التبعية الشخصية والمباشرة تجاه أجهزة السلطة العالمية العليا. وما يجعلها مطبوعة على الخضوع والطاعة للأقوى هو ذاته ما يجعلها طابعة لمجتمعها على الخضوع والطاعة أيضا: قانونها الأول، أي قانون البقاء في الحكم. فهذا القانون الأول، وخصوصا منذ نهاية الحرب الباردة، يقودها بصورة محتومة ومنهجية إلى قمع الداخل والخضوع للخارج، أي إلى استبطان الخارج كضمير سياسي داخلي وإخراج الداخل من السياسة نحو التطرف والهمجية.
هناك بالتأكيد طريق مستقيم يصل بين السلطة القمعية المؤبدة وبين التبعية الوثيقة للولايات المتحدة، والأرجح أن أول مفعول لإزاحة النظام العراقي سيكون تعبيد هذا الطريق- وربما يصبح السراط المستقيم. إذ لم يعد الخلود في الحكم ممكنا دون قمع الشعب والتبعية للولايات المتحدة في آن معا. وما قد يثبت هذه المعادلة أكثر وأكثر اقتناع الأميركيين المتزايد أن الديمقراطية في العالم العربي ستعزز استقلال البلاد العربية حيالهم وانتهاج سياسات متعارضة مع الأولويات الأميركية. لكن هذا لا يعني أن الأميركيين أسرى هذه المعادلة، فقد يطورون صيغة لحكم أقل أبدية وأكثر تمثيلية دون أن يكون أكثر ديمقراطية كإطار لتحقيق مصالحهم. ولاشك أن العراق سيكون حقل استنبات تجريبي لهذه الصيغة الجديدة.
يبقى صحيحا الآن أنه يصعب الجمع بين الحكم المؤبد وما يقتضيه من قمع منهجي للشعب وبين مقاومة السياسة الأمريكية أو الاعتراض عليها أو الاستقلال عنها. وبالعكس يصعب الجمع بين التبعية للولايات المتحدة وبين حكم ديمقراطي غير قمعي وغير مؤبد. ومن اللافت أن التبعية الجديدة متدنية النوعية باطراد، وتقترب من كرنها تبعية شخصية ومباشرة واستخباراتية بقدر ما تبتعد عن نموذج التبعية "البنيوية". ولعل جذر هذا التدني أن التمفصل الرئيسي لهذه التبعية تمفصل سياسي وليس اقتصادي. فقد أزيحت التبعية الاقتصادية إلى مستوى أعمق لتندرج ضمن هياكل التبعية السياسية والعسكرية والأمنية وأقنيتها المتعددة. وعلى العموم تتراكب أشكال التبعية فوق بعضها، فالشكل القديم لا يزول بل يصبح أعمق وأثبت. ويترتب على الترابط الجديد بين التبعية والدكتاتورية ترابط بعدي معركة التحرر الداخلي والخارجي، الاستقلال والديمقراطية، وتقاربهما من بعضهما إلى درجة الاندماج. ولعل إدراك هذه الحقيقة هو الدافع وراء ما يقوم به مثقفون براغماتيون بلا مبادئ ومعادون لأية مبادئ من رد الديمقراطية إلى نوع من التقنية السياسية الفوقية القابلة للنقل والفك والتركيب والمفرغة من مضامينها القيمية والوطنية والمنفصلة بصورة أخص عن نداء الحرية والانعتاق الإنساني. سيكون لدينا "ديمقراطية بلا شعب" أو بعد حذف مبدأ السيادة الشعبية منها. والأرجح أن حذف السيادة الشعبية سيتم من خلال شطب فكرة الشعب كإرادة عامة وطنية لمصلحة فكرة الفسيفساء كتساكن بين إرادات جمعية الأصل بينها التنازع. ف"الديمقراطية" الأميركية المعربة أو "المعرقة" ذات تمحور إثني وليس سياسي، وهي هدنة بين الطوائف والإثنيات والعشائر وليست إطارا للمواطنة والمساواة والحريات العامة. غير أنه يجب القول إن الأميركيين استلموا بلادا ردها ماكبث بغداد إلى طوائف وعشائر وإثنيات.  
أما المجد الأعظم لهذه الديمقراطية فسيكون على الأرجح كونها "أحسن" من أنظمة الطغيان العبثي، البعثي وما شاكله. فسيكون زعماء "الفرق" العراقية طبقة سياسية لأصحابها أسماء خلافا لعراق لم يتسع لغير صدام وصوره وتماثيله. وسيكون ثمة حراك سياسي وإعلامي للشريحة العليا من الطبقة الوسطى وما فوقها بما يعطي غلافا براقا للعراق ويحسن من صورته. وإذا عاد المثقفون العراقيون إلى بلادهم فستستعيد بغداد حياتها الثقافية النشطة التي دمرت منذ ثلاين عاما. وسيجد عراقيون وعراقيات كثر طريقهم إلى صفحات المجتمع في المجلات واسماءهم في منتديات رجال الأعمال وحضور لهجتهم وهواتفهم الخليوية في الفضائيات. لكن الأرجح أن بؤساء العراق سيزدادون بؤسا، وضحايا صدام سيثابرون على احتكار وضع الضحايا في عهد خلفائه الكومبرادوريين.
ليس للأمركة السياسية لنخب السلطة العربية أية آثار تحديثية حقيقية على مجتمعاتها. العكس تماما هو الصحيح. فهذه التبعية الكثيفة تحتاج إلى معاوضة "أصليانية" موازية معبرا عنها بلغة دينية تستعيد الإسلام الغريزي إن جاز التعبير، أي إسلاما شديد المحافظة شديد التشكك حيال "البدع" معاديا لاستقلال الفكر وتعدد الآراء، وإسلام السلطة هذا هو الذي يحتل المشهد العام بوصفه الإسلام. باختصار تقود التبعية السياسية إلى تعميم حالة من الازدواجية الثقافية والقيمية. وتتحالف هذه التبعية مع أولوية البقاء في السلطة لتخريب المؤسسات الاجتماعية بدء من الدولة نفسها مرورا بالجيش والقضاء ووسائل الإعلام وكل ذلك لتفريغ المجتمع من مراكز الحصانة المستقلة التي قد تكون مواطن للاعتراض أو لتقديم قول أو موقف مختلف. والمشهد العام هو تخريب عميق للدولة والمجتمع، إذ لا تستطيع هذه النخب الفاسدة والعدمية تدمير المجتمع دون أن تدمر قبله الدولة فكرة ومؤسسة.  
 لقد آلت هذه الدولة في ظل أولوية قانون البقاء المطلقة إلى آلة لعبادة الفرد وتقديسه وقمع المجتمع وتفكيكه. فليس غير المعبود المقدس يستحق السلطة المطلقة والمؤبدة معا. والمشهد الذي حاولنا وصفه هو مشهد مجتمعات وأمة تعرضت لقصف كثيف ومديد بأشد أسلحة التدمير الشامل فتكا: السلطة المطلقة المؤبدة.
 
دمشق 15/4/2003 
 
 
[1] هذا يبرر حالة الطوارئ المؤبدة وأبدية الرئيس ثم توريث ابنه من بعده. وعلى النسق نفسه اجتهدت وسائل الإعلام الأميركية في إبراز مظاهر النهب والسلب لرعاع بغداد وسمّتهم في الأيام الأولى التالية لسقوط بغداد- ووراءها معظم وسائل الإعلام اليمينية العربية- الشعب العراقي، فهذا يثبت الأحكام العنصرية لدى صقور المحافظين الجدد عن العرب، ويقدم تسويغا مسبقا لأية إجراءات قمعية قد يلجا إليها الأميركيون وحلفائهم، وتسويغا لاحقا للحرب والجرائم الأميركية، ويجسم الفرق بين همجية العرب وتحضر الأميركيين، ويصرف الانتباه عن الاحتلال الأميركي والخطط الأميركية، فضلا عن أن حُسْن التدمير يؤمّن عقود إعادة بناء مجزية للعراق لصالح الشركات الأميركية. لكن هذا كله لا يمس بأية حال مسؤولية نظام صدام عن "تهميج" أو "ترعيع" قطاعات من الشعب العراقي.
[2] الذي لم يعد منذ 30 عاما قابلا للاستخدام طبعا في معارك العرب!
[3]  بتقسيمه إلى جيش عام من الجنود الجياع سيئي التسليح ومن الضباط الفاسدين واللصوص وعديمي الكفاءة مهنيا، وجيش خاص عقيدته العسكرية حماية السلطة، وميليشيات امتيازية موالية.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب العربي-: بعض الأصول والمحددات
- احتلال من باطن نظام إقليمي جديد في -الشرق الأوسط-؟
- ندوة حول الارهاب وعالم ما بعد 11 ايلول - المشاركون: د. صادق ...
- الشــرط الإرهــابي تمزق معنى العالم
- تغيير الأنظمة- و-إعادة رسم الخرائط
- المعارضة السورية والعلاقات السورية اللبنانية
- ديمقراطية بالوكالة
- الشــرط الإرهــابي تمزق معنى العالم
- التجمع الوطني الديمقراطي .. إلى أين؟
- رياض سيف والإصلاح السوري
- الفلسطيني الذي فجّر الهويات
- السلطة و... التوبة
- السياسة المبدئية والسلطة والدستور
- الاستبداد والطغيان تأملات سياسية
- المكاسب العالمية من المساواة
- سورية وعراق ما بعد صدام: التفاعلات الإيديولوجية لسقوط نظام ا ...
- سورية وعراق ما بعد صدام: الآثار الجيوسياسية للسيطرة الأمريكي ...
- انفصال الأكراد هو الحل
- ما وراء حرب البترول الثالثة
- الحرب الأمريكية والديمقراطية العراقية


المزيد.....




- الدوما يصوت لميشوستين رئيسا للوزراء
- تضاعف معدل سرقة الأسلحة من السيارات ثلاث مرات في الولايات ال ...
- حديقة حيوانات صينية تُواجه انتقادات واسعة بعد عرض كلاب مصبوغ ...
- شرق سوريا.. -أيادٍ إيرانية- تحرك -عباءة العشائر- على ضفتي ال ...
- تكالة في بلا قيود: اعتراف عقيلة بحكومة حمّاد مناكفة سياسية
- الجزائر وفرنسا: سيوف الأمير عبد القادر تعيد جدل الذاكرة من ...
- هل يمكن تخيل السكين السويسرية من دون شفرة؟
- هل تتأثر إسرائيل بسبب وقف نقل صواريخ أمريكية؟
- ألمانيا - الشرطة تغلق طريقا رئيسياً مرتين لمرور عائلة إوز
- إثر الخلاف بينه وبين وزير المالية.. وزير الدفاع الإسرائيلي ي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - السلطة والتبعية -تحالف- الأمير والأميركان