أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - ثقافة التنافس














المزيد.....

ثقافة التنافس


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2205 - 2008 / 2 / 28 - 01:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما يرفض راكب الكيا صباح كل يوم أن يدفع كامل الأجرة لسائقها وهو يلعن جشعه. فإنه لا يكشف سوى عن جشعه هو. كما أن السائق وهو يعتبر اعتراضات الركاب على تصاعد الأجرة نوعاً من أنواع اللصوصية فإنه يكشف عن لصوصيته هو. الأمر بسيط لأن كلاً منهما ينطلق عن نفس الدوافع ويحاول أن يحقق نفس الأهداف. كلا منهما يحاول أن يحقق القدر الأكبر من مصالحه.
وعندما يلعن العربي العراقي حرص الكردي العراقي على ضم كركوك لإقليم كردستان فإنه يلعن أيضاً حرصه هو على بقائها خارج الإقليم. فالموضوع ينطوي على تناقض مضحك جداً. ذلك أن الحرص على المصلحة دافع فطري وهو سلوك بشري متوقع. وهو كسلوك إما أن يكون مقبولاً على كل حال أو مرفوضاً على كل حال. بالتأكيد هذا الكلام لا يشمل حالات التنافس غير الشرعي. إذ هناك فرق واضح بين الراكب الذي يحاول أن يدفع أقل قدر ممكن من الأجرة، وبين الذي يحاول أن يجد وسيلة لسرقتها من السائق. الأول مُنافِس والثاني سارق.
نادراً ما يدرك أطراف الصراع داخل سيارة الكيا حقيقة أن الصراع بينهما حق مشروع لكليهما، وأن كلاهما محق في دوافعه وشرعي في أهدافه. ومثل هذا الجهل مقبول بحكم تلقائية الصراع ويوميته. لكن غير المقبول هو أن لا يدرك أطراف الصراع السياسي حقيقة أن التنافس حق مشروع لكليهما. فهذا النوع من أنواع الجهل غير مقبول إطلاقاً. فعندما يعتبر أحد الأطراف السياسية بأن سعيه لتحقيق مصالحه ومصالح ناخبيه مشروع وسعي الآخرين غير مشروع فهو إما أن يكون جاهلاً بمعنى الصراع وشرعية التنافس ومثله لا يستحق الدخول لعالم السياسة وتمثيل الناخبين لأنه قاصر. أو يكون ناكراً لحق الآخر. بمعنى أنه أحادي النظرة، ولا يرى غير شرعيته هو. وهذا الآخر لا يستحق أيضاً تمثيل الناخبين لأنه متطرف. هذا حدٌّ من حدود الشرعية في الجدل السياسي. وحتى المحاصصة سواء أكانت حزبية أم طائفية يمكن لها أن تكون منتجة في حال أنها استندت لثقافة الإقرار بحق الآخر في دخول ميدان الصراع وامتلاك كامل أدواته. خاصَّة المحاصصة الحتمية كما هي المحاصصة في العراق وهي تعشش حتى بالمفوضية العليا (المستقلة) للانتخابات. إذ لايمكن لنا في ظل الظرف العراقي الراهن أن ننشئ مفوضية انتخابات خالية من المحاصصة. هذا واقع علينا الإقرار به. إذن فلنحاول أن نتحول لخيار الانتقال بالمحاصصة من كونها سعياً للإقصاء إلى كونها حقاً في امتلاك أدوات التنافس. فعندما يكون مجلس المفوضين وباقي هرم المسؤولين فيها نزيهين لدرجة معقولة فإنهم سيتمكنون من تشكيل فريق مؤهل لمنع الانتخابات من أن تكون لقمة سائغة لحساب أي طرف من الأطراف التي يمثلونها. بمعنى أنهم سيتحولون لدائرة رصد مُمَثِلة للجميع. وبالنتيجة يجب أن يقتنع كل طرف بحصوله على حقه الكامل بالتنافس ما يرغمه على الرضا بالنتيجة التي تكشف عن الحجم الحقيقي لناخبيه.
ثقافة التنافس النزيه لا يمكن الوصول إليها بسهولة فهي تعبر عن أهلية اجتماعية تنطلق من الكيا باعتبارها بيئة صراع بين متنافسين على تحقيق المصلحة، وتنتهي بمجلس النواب. ومع الأسف الشديد لا تكشف المؤشرات التي تعبر عن واقع هذه الثقافة عن أننا مقبلون على تحقيقها. لكن مع ذلك فانتخابات مجالس المحافظات ما تزال بعيدة. ما يجعلنا نتمنى أن يتمكن الكادر المسؤول عن نزاهتها باتخاذ القرار الحازم بالتحول بالمحاصصة في المفوضية من مستواها اللصوصي إلى مستواها التنافسي.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيب عليك
- ارضنة الدين
- يوسف.. لا تُعرض عن هذا
- أصالة العبودية
- هل نتمكن؟
- أحمر الشفاه
- التعاكس بين منطق العلم و منطق الخرافة
- أنياب العصافير
- الجينوم العربي
- ال(دي أن أي)
- كريم منصور
- الأنف (المغرور)
- لمثقف الجلاد
- عشائر السادة (الرؤوساء)
- عشائر السادة الرؤساء
- أوهام (الكائن البشري)
- الروزخون
- الكتابة عن الموت.. بكاء المقبرة الموحش
- وطن بلا اسيجة.. تفكيك مفهوم الوطن وتشريح عمقه الدلالي
- الثقافة العار


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - ثقافة التنافس