أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - ارضنة الدين














المزيد.....

ارضنة الدين


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2189 - 2008 / 2 / 12 - 02:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثيرة هي الفلسفات التي تناولت الدين وحاولت ان تتحدث عن طبيعة الشرعية فيه وعلاقتها بالانسان، ومن تعدد المدارس الفلسفية تعددت الرؤى المطروحة بهذا الخصوص لكن الملاحظ ان اغلب هذه الرؤى واكثرها قرباً من المؤسسات الدينية تواطأت على مقولة مشتركة مفادها عدم اهلية الانسان للتشريع، وان الاصل في الاحكام انها مُنَزَّلة من السماء وأن الغرض من سماويتها منع الانسان من توريط نفسه. ومن هذا المنطلق ووفق هذا المنطق تفرعت كل الثقافات القائمة على اقصاء الانسان والنظر اليه بدونية. ومنها فلسفة السياسية الشرقية القائمة على مقولة الاختيار السماوي للحاكم. فهذه الفلسفة هي الاخرى (مترفعة على الانسان) ذلك انها تعتبر الشعب غير مؤهل لا للتشريع ولا حتى لاختيار الحاكم المناسب ولذلك يجب ان تتولى السماء ـ ممثلة برجال هذه الفلسفة ـ كلا هاتين الفعاليتين.
لكن هناك تناقضا وقعت فيه فلسفة الترفع هذه يتجلى بعودتها الدائمة الى الانسان مضطرة الى الاحتكام اليه بخصوص الكثير من الموضوعات التي تعجز هي عن ايجاد احكام (فوق انسانية) مناسبة لها. فالنصوص المتضمنة للاحكام الشرعية متناهية والموضوعات التي يجب الحكم بشأنها غير متناهية، ومن هذه الاشكالية نشأت العقدة التي سمتها هذه الفلسفة بـ(منطقة الفراغ التشريعي).
ثلاثة ارباع الاحكام الفقهية، تقريباً، هي احكام اجتهادية/ ظاهرية، بمعنى انها ليست احكام الله مائة بالمائة، فمصدر الحكم الظاهري ـ ومهما حاولت فلسفة (الترفع) ان تؤلهنه ـ هو العقل الانساني. ولذلك يقر الفقيه في نهاية المطاف باحتمال اختلاف فتواه عن حكم الله، وهذا يعني ان ثلاثة ارباع الاحكام الفقهية، تقريباً، هي احكام انسانية. ماذا تعني اذن مقولة ان الشعب غير مؤهل للتشريع وان الدين يجب ان يكون المصدر الوحيد له؟
بعبارة اخرى نستطيع ان نقول بان الفلسفة التي ترفعت على الانسان كانت غير واقعية وخيالية لدرجة انها لم تدرك ان فعّالية الاجتهاد، التي أقرتها هي، تتضمن الاعتراف بأهلية الإنسان للتشريع، وبشرعية أحكامه، وان الغرض من الدين تعليم الإنسان كيف يتحكم بخياراته.
لكن كيف يمكن لفلسفة ما ان تكون مغفلة لهذه الدرجة؟
حسناً... اذن قد يكون للموضوع ابعاد اخرى. ربما من اهمها ان هذه الفلسفة ليست مغفلة بقدر ما انها تسعى لاحتكار السلطة على الانسان. لذلك نجدها حريصة على ابقائه فاقداً الاهلية على الاختيار والحكم!.
قبل اقل من خمسين سنة كان تشريع (الفلسفة المترفعة) الخاص بالكافر هو أنه نجس ولا يجوز التعاطي معه بل ويجوز قتله ونهب ماله (سرقته بالاحرى). وكان تشريع الانسان عليه بانه انسان يتمتع بحقه في الاختلاف ليس اكثر. الآن تنازلت هذه الفلسفة عن حكم (الدين) لصالح حكم الانسان. ونزلت ممثلة برجالاتها لتصافح (الكافر) وتصالحه بل وتحتكم له.
نفس الموضوع ينطبق على نزول تلك الفلسفة عن احكامها (المؤلهنة) المتعلقة بعدم اهلية المرأة لاي شيء، الى حكم الانسان عليها بانها النوع الثاني من جنس الانسان، وانها تمتلك القدرة لان تكون مؤهلة لاي شيء. وهناك سلسلة طويلة من تنازلات هذه الفلسفة عن احكامها (المؤلهنة) غير الواقعية، الى الاحكام الانسانية الارضية والواقعية.
اهم ما يجب ان نتعلمه من تجربتنا التاريخية ان لا ننخدع بالشعارات، ومنها شعار (الحكم لله) الذي رفع سابقاً بوجه علي بن ابي طالب (الانسان) فقال عنه جملته المشهورة (هذه كلمة حق يراد بها باطل) اذ لا يمكن لله ان يحكم الا من خلال الانسان، ولا يكون ذلك الا بترك هذا الانسان يستخدم عقله ويخوض تجربته ويتعلم من اخطائه.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوسف.. لا تُعرض عن هذا
- أصالة العبودية
- هل نتمكن؟
- أحمر الشفاه
- التعاكس بين منطق العلم و منطق الخرافة
- أنياب العصافير
- الجينوم العربي
- ال(دي أن أي)
- كريم منصور
- الأنف (المغرور)
- لمثقف الجلاد
- عشائر السادة (الرؤوساء)
- عشائر السادة الرؤساء
- أوهام (الكائن البشري)
- الروزخون
- الكتابة عن الموت.. بكاء المقبرة الموحش
- وطن بلا اسيجة.. تفكيك مفهوم الوطن وتشريح عمقه الدلالي
- الثقافة العار
- حاجات الجسد أطهر من حاجات الروح
- قلق الأديان... العودة بالدين لمربع الحاجات البشرية


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - ارضنة الدين