أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعدون محسن ضمد - أوهام (الكائن البشري)














المزيد.....

أوهام (الكائن البشري)


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2087 - 2007 / 11 / 2 - 07:47
المحور: كتابات ساخرة
    


حتماً سيأتي يوم يتبخر فيه المنجز الإنساني. وحتماً ستأتي اللحظة التي تَلُفُّ خلالها عباءة العدم كل تأريخنا وحضارتنا وضحكاتنا وأوهامنا وعلومنا وكل ما يتعلق بنا نـحن البشر. فبعد أن ينتهي عمر كوكب الأرض، لن تعود هنالك إمكانية للإمساك بآثارنا. هذه الحقيقة تنطوي على الكثير من السخرية، خاصة مع الحقائق العلمية التي تقول بأن الكوارث الطبيعية التي تهددنا ستكون بمستوى من الدمار لن يبقي على أي أثر يمكن أن يدل علينا.
إذن؛ في نهاية المطاف ستنفجر فقاعتنا، فقاعتنا التي انتفخت حدَّ أنها أوهمتنا بأن كل الوجود مجبول من أجلنا ومسخر لخدمتنا. كل الأبحاث العلمية تقول بأن للأجرام السماوية أعماراً محدودة، وها هي المراصد الفكلية ترصد يوماً بعد آخر انفجارات النجوم وتحولها لثقوب سوداء تلتهم الكواكب الدائرة حولها. وما أن نضيف إلى ذلك العلاقة العكسية بين تطور الحضارة الإنسانية وتضرر الواقع البيئي المحيط بها، حتى تتأكد حقيقة أننا نهدم كوكبنا ونسرِّع من عملية عجزه عن الاستمرار بنا.
مشكلتنا ككائنات بشرية تأتي من استمرار إيماننا بأننا محور الوجود وشغله الشاغل، وبأن وقت الآلهة كان وسيبقى مكرساً لخلقنا ومراقبتنا وعدِّ خطايانا والإعداد للقيامة التي ستيم خلالها إجراء مراسيم منحنا الوجود الخالد. لكن الحقيقة التي يجب أن نواجهها تقول بأن: ليس هناك من واقع موضوعي يملي تميزنا عن باقي الكائنات الحية، فعمرنا تافه وحقير بالنسبة لامتداد الزمن المرعب، ومكاننا الذي نعيش فيه صغير لدرجة مخيفة بالنسبة لمساحة الكون الهائلة. هذا فضلاً عن أن الكثير من الكائنات الأرضية انقرضت لسبب أو لآخر ولم تجد بانتظارها غير مصير العدم. كائنات جاءت وذهبت هكذا ببساطة بالغة من دون أن تثير أدنى ضجيج أو صخب. فلماذا يأتي الإنسان ليفترض بعد ذلك بأنه وحده من سيكون له مصير ممتد ولا نهائي، مصير يتجدد وخلق لا يبلى ولا يفنى.
الوجود والتاريخ يشهدان بأن الكون كان وليس فيه إنسان، فلماذا لن يكون إلا وفيه إنسان؟ حجم الكون مخيف وعدد كواكبه الصالحة للحياة هائل، ما يحتم وجود كائنات أخرى حية، ويزيد من احتمال انشغال الآلهة بغيرنا، وربما نكون نـحن الأتفه من بين الكائنات الحية، وربما الأكثر إثارة للشغب أو العطب أو الملل. وقد تكون الآلهة نسيت أمرنا منذ زمن بعيد، وتركتنا نعبث بمصائرنا كيفما اتفق، ما يعني بأننا غارقون بأحلام الأهمية ونـحن لا نعلم بأننا مهدورون بزاوية مظلمة من زوايا هذا الوجود المخيف. ميزة الإنسان الوحيدة أنه يفكر، وتفكيره هو الذي أوهمه بالأهمية، حبه للحياة جعله يهرب من مصير العدم ـ الذي يلاحقه كما الكائنات الأخرى ـ إلى مصير الخلود، ولأنه كائن يبحث عن الطمأنينة فقد تخيل بأنه أزلي وبأن الموت ليس سوى بوابه تنقله للأزلية التي يستحقها.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروزخون
- الكتابة عن الموت.. بكاء المقبرة الموحش
- وطن بلا اسيجة.. تفكيك مفهوم الوطن وتشريح عمقه الدلالي
- الثقافة العار
- حاجات الجسد أطهر من حاجات الروح
- قلق الأديان... العودة بالدين لمربع الحاجات البشرية
- الكتابة عن الموت... الموت يركب خيوله
- الكتابة عن الموت.. الحنين إلى الرحم الأول والملاذ الأخير
- الكتابة عن الموت... تداعيات ما قبل الشروع بالنهاية
- تفاحة آدم.. نبش العمق الانثروبولوجي للتميز والاقصاء (2-2)
- تفاحة آدم.. نبش العمق الانثروبولوجي للتمييز والاقصاء (1-2)
- عقلية المواجهة... قراءة في كتاب (امبراطورية العقل الأميركي) ...
- قرية العراق.. الحاجة للانثروبولوجيا السياسية
- العائد مع الذات
- مرض الزعامة
- سرد الشياطين
- العودة إلى القرية
- الواقع الافتراضي.. الانترنت بوابة العالم الخيالي الجديد
- محكمة الاطفال
- حصاد السنين


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعدون محسن ضمد - أوهام (الكائن البشري)