أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعدون محسن ضمد - حاجات الجسد أطهر من حاجات الروح














المزيد.....

حاجات الجسد أطهر من حاجات الروح


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2049 - 2007 / 9 / 25 - 10:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا أعرف لماذا فوجئت وأنا أشاهد التراب قبل أيام حيث كنت أتجول بمنطقة زراعية. ومع أنني أُدرك أن قسماً كبيراً من تلك المفاجأة راجع للزمن الطويل الذي مرَّ علي ولم أشاهد فيه الوجه الطبيعي للأرض. لكنني من جهة أخرى أعرف أيضاً أن جانباً آخر من هذه المفاجأة راجع لانشغالي آنذاك بالتساؤل عن معنى الجسد... وحقاً ما معنى الجسد؟ كيف نُعرِّفه وأين نقف من حاجاته؟
مع أن هذا السؤال شغل مفكري الحضارات الأخرى منذ زمن طويل، إلا أننا لا نزال نقف على التل منه. بالنسبة للآخرين كان محل جدل واسع بين مدارسهم الفلسفية التي وصل الأمر عند بعضها حدَّ اختصار الوجود الإنساني بالجسد فقط، وعند بعضها الآخر حدّ تهميش الجسد لدرجة مساواته بِمَرْكَب نهري لا يفعل شيئاً أكثر من نقل راكبه من ضفة الى اخرى.
مشهد الوجه (الترابي) للآرض نقل التساؤل عندي من حدّه البشري إلى حدّه الكوني، وكان الجواب لحظتها بسيطاً لهذه الدرجة:
فبمجرد أن لمست التراب أدركت بأن الجسد هو الواقع، هو الحقيقي، وهو التراب الساخن، المادة التي اقشعر بدني لحظة تحسسها، البعيد في وضوحه ومباشرته. الخارجي والمكشوف والنافع والقابل للتحكم هو الجسد.
الجسد هو المسؤول عن إدامة البقاء وتمويل الحياة بكل ما هو ضروري ونافع. الجسد كل شيء، وليس وراءه إلا الفراغ. البقاء وصراعه، البناء بكل جدله، الديمومة بنبضها الجامح... الجسد كل هذه الأشياء.
مع ذلك نـحن نتعامل مع الجسد بمنطق آخر. أي بمنطق النفي، فنحن ننفي الجسد، ونتبتل بمحراب الماوراء. ربما لذلك يسهل علينا جداً أن نذبحه أو نفخخه. نـحن لا ندرك معنى أن الجسد مملكة، كما أننا لا ندرك بأن فرصة الحياة داخل هذه المملكة لا تتكرر أبداً. وهذا ما يسهل علينا تدميرها.
العلاقة بيننا وبين الجسد محكومة بمنطق الثأر فبيننا وبين الجسد ثأر الخطيئة ربما، الوجود الجسدي عندنا خطيئة يجب التكفير عنها بالتجرد عنه. رداء نستعجل نزعه، لكن علينا أن نتساءل: ماذا سيبقى من الإنسان إذا نزع لحمه وعظمه ودمه ونبضه ووعيه ووووالخ.. هل سيبقى منه شيء غير الفراغ؟
لأننا تجاوزنا الجسد لماوراءه صارت منجزات حضاراتنا ما ورائية وليست جسدية. لدينا أنبياء وأولياء ولدينا سحرة ومنجمون وروحانيون، لكن ليس لدينا مخترعين، والسبب كما قلت أننا منهمكون باستكشاف ماوراء الواقع على حساب الواقع. والمشكلة أننا لم نـحقق على صعيد استكشاف الماوراء شيئاً ذي بال. نعم النبوة إنجاز، وهي إنجاز خاص بالحضارات الشرقية. هذه حقيقة، ومن المؤكد أن الحضارات الغربية لا تزال مُخْتَرقة بالنبوة الشرقية وخاضعة لأديانها. لكن المخيف، أننا لدينا ثلاث أنبياء فقط، منذ أكثر من خمسة آلاف سنة لم تنجب حضارات ماوراء الواقع أكثر من ثلاثة أنبياء فقط، بينما أنجزت حضارات الواقع آلاف المخترعين، وهذه حقيقة مضحكة مبكية بنفس الآن. من جهة أهم نجد بأن المتبتلين بمحراب الروح ـ بالأخص منهم الذين يحاولون التنكر للجسد بالتجرد عنه ـ ومنذ آلاف السنين لم يحققوا شيئاً ذي بال أكثر من الارتفاع عن الأرض لعدة أمتار أو المشي على الجمر، أو ما إلى ذلك، حسناً لنعترف بأنها إنجازات، لكنها إنجازات غير مفيدة من جهة ومن جهة أهم هي غير متطورة، هذه الإنجازات تتكرر بشكل بائس. غير أن الأمر على خلافه بالنسبة للمتبتلين بمحراب الجسد، فهؤلاء طوروا من عملية ارتفاعهم عن سطح الأرض حتى أنهم وصلوا المريخ. فأية مقارنة مخزية بين التبتلين؟



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلق الأديان... العودة بالدين لمربع الحاجات البشرية
- الكتابة عن الموت... الموت يركب خيوله
- الكتابة عن الموت.. الحنين إلى الرحم الأول والملاذ الأخير
- الكتابة عن الموت... تداعيات ما قبل الشروع بالنهاية
- تفاحة آدم.. نبش العمق الانثروبولوجي للتميز والاقصاء (2-2)
- تفاحة آدم.. نبش العمق الانثروبولوجي للتمييز والاقصاء (1-2)
- عقلية المواجهة... قراءة في كتاب (امبراطورية العقل الأميركي) ...
- قرية العراق.. الحاجة للانثروبولوجيا السياسية
- العائد مع الذات
- مرض الزعامة
- سرد الشياطين
- العودة إلى القرية
- الواقع الافتراضي.. الانترنت بوابة العالم الخيالي الجديد
- محكمة الاطفال
- حصاد السنين
- وحده الحيوان لم يتغير
- التنين العربي (مشنوقا)
- منطق الثور الهائج
- الاختلاف والدين.. كيف يمكن إجراء مصالحة بين الدين والاختلاف؟
- يوم كان الرب أنثى


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعدون محسن ضمد - حاجات الجسد أطهر من حاجات الروح