أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - العودة إلى القرية














المزيد.....

العودة إلى القرية


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 1922 - 2007 / 5 / 21 - 08:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للقرابة معنى آخر غير كونها علاقة دم تربط بين شخصين أو أكثر، ومعناها الثاني يشير إلى أنها نسق اجتماعي يجعل من علاقة الدم أساساً في تكون الجماعة وكيان المجتمع، وفي هذا السياق تعمل القرابة بالنسبة للقبيلة في القرية وغيرها، عمل المواطنة بالنسبة للدولة؛ أي كما أن المواطنة مبرر الانتماء والتمتع بالحقوق بالنسبة للدولة، تكون القرابة في العشيرة كذلك. ومن الطبيعي أننا نعتبر المواطنة تطوراً تاريخياً للقرابة، حيث مرت الإنسانية بمرحلة احتاجت فيها لعلاقات الدم عندما كانت المجتمعات مقتصرة على العائلة الكبيرة في القرى الصغيرة مثلاً، أو العشيرة في القرى الأكبر من ذلك، وفي تلك الأوقات لم تتواجد بعد المؤسسات العامة الراعية لمصالح الأفراد الأمر الذي يدفع بهؤلاء الأفراد للاعتماد على حماية القبيلة من خلال علاقة القرابة. مجتمعات (القرابة) تحولت بمرحلة لاحقة إلى مجتمعات مواطنة عندما لم تعد القرابة متناسبة مع الحياة المدنية التي تعقد المجتمع فيها وضم بين جنبيه عشائر مختلفة من جهة، ومن جهة أهم وفَّر للأفراد المؤسسات الراعية لهم (مؤسسات التكافل، أو الحماية)، مما جعل الفرد يستغني عن العشيرة.
إذن القرابة أسلوب اجتماعي يتناسب وحياة الريف فقط. لأن الظروف التي استدعته هي ظروف الريف، فتشَّكل لهذا السبب على وفق مقاساتها فقط. والدليل على ذلك أن مؤسسة العشيرة القائمة على القرابة كثيراً ما يتقاطع أدائها مع أداء أجهزة الدولة، خاصة عندما تفزع هذه العشيرة لحماية أفرادها، الأمر الذي يجعلها مصدر إرباك للقانون وإضعاف لسلطته؛ لأن الدولة لا تتحمل أكثر من سلطة تشريعية واحدة وأخرى تنفيذية، لكن العشيرة تمارس هاتين الفعاليتين داخل إطار الدولة، فهي تشِّرع قانونها الخاص بها، وتطبقه خارج نطاق الدولة؛ مما يجعل منها سلطة أخرى غير سلطة الدولة.
هناك مشكلة أخطر من مشكلة الأمن، يسببها شيوع النسق القرابي وهي أن النسق القرابي يدفع باتجاه تحويل مجتمع الدولة لمجتمع أبوي، تهيمن عليه سلطة الزعيم، إذ النسق القرابي منبثق عن العائلة التي تتأسس على سلطة وولاية الأب، ثم يتفرع من ذلك سلطة ورعاية الأب الأكبر في العائلة الكبيرة وصولاً لرئيس الفخذ أو شيخ القبيلة. هذا النمط من التجمعات البشرية يخلق مجتمعات تابعة وليست قائدة، ففي العشيرة تسود علاقة التابع والمتبوع بين الشيخ وأتباعه، لأنه بمنزلة الأب، والأب لا يناقش في قراراته، ومن هنا تكون مثل هذه المجتمعات ميتة الإرادة وخالية من الفعاليات الاجتماعية الخلاقة. والخطورة تكمن في عدم انسجام المجتمعات (القرابية) مع الحالة الديمقراطية، فالديمقراطية هي حكم الشعب، والمجتمع (القرابي) مجتمع محكوم، وليس حاكم.
لقد وجد صدام حسين نفسه بعد الانتفاضة الشعبانية من الضعف بحيث لم يعد يستطيع السيطرة على المتجمع المتمرد، الأمر الذي دفع به اتجاه دعم سلطة العشيرة، من أجل أن يستخدمها في ضبط المجتمع، فكان يأخذ على شيخ أي عشيرة تعهداً خطياً يلزمه بتحمل أي تمرد يقوم به أي فرد من أفراد العشيرة. ذلك التحول بسياسة صدام أعاد المجتمع العراقي إلى الوراء وحوله من مجتمع دولة (عراق السبعينيات) إلى مجتمع قرية (عراق التسعينيات وما بعدها).
المشكلة تكمن كما قلنا بالأبوية التي أصبحت ميزة في مجتمعنا، فقادة الأحزاب أو الكتل النيابية يعاملون معاملة الآباء من قبل جماهيرهم، أو بالأحرى (أتباعهم)، فلا يُسألون عما يفعلون. أتباع كل كتلة أو تجمع سياسي يقدمون الدعم الكامل لزعيمهم وهم في في غفلة عمّا يفعل، ولهذا فنحن ندور في حلقة مفرغة. إذ نحن لا نصنع مصيرنا، بل يصنع لنا من قبل مجموعة أنانيين لا يهتمون بغير مصالحهم. نحن لا ننتظر من جماهير كتلة التوافق أنها تنتفض على زعيمها في يوم ما وتطالبه بالاعتدال مثلاً؛ فهي جماهير تابعة. ولا ننتظر ذلك من جماهير كتلة الإئتلاف فهي الأخرى تابعة، ولا من جماهير أي حزب، فالزعيم عندنا أب لا يناقش. حجم المشكلة يتضح أكثر عندما نلاحظ بأن جماهيرنا تنتفض عندما يأمرها زعيمها وتنام عندما يريد منها أن تنام، أي أن شعبنا مختصر بمجموعة أفراد.. مصالحه مرهونة بمصالحهم ومستقبله رهن بتقلب مزاجهم.





#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقع الافتراضي.. الانترنت بوابة العالم الخيالي الجديد
- محكمة الاطفال
- حصاد السنين
- وحده الحيوان لم يتغير
- التنين العربي (مشنوقا)
- منطق الثور الهائج
- الاختلاف والدين.. كيف يمكن إجراء مصالحة بين الدين والاختلاف؟
- يوم كان الرب أنثى
- حدود الإدراك في منظومة التلقي الإنساني... الحلقة الثالثة وال ...
- حدود الإدراك في منظومة التلقي الإنساني... الحلقة الثانية
- حدود الإدراك في منظومة التلقي الإنساني... الحلقة الأولى
- جريمة أنني أفكر/ أفكر؛ أنني مجرم
- كذبة كبيرة أسمها.... العراق
- وداعاً شهاب الفضلي.. ما دمت هناك وأنا هنا
- الإسقاط الرمزي لشكل الأعضاء التناسلية.. دراسة في عدوانية الذ ...
- ولمية عفاريت
- مدفع الشرق الأوسط الكبير... الدرع الأميركي بمواجهة القذيفة ا ...
- تحضُّر العجرفة... ضريبة أننا لا نريد الاعتراف بالعجز
- تجريم الإسلام.. دعوة للتنقيب بحثاً عن كل جذور العنف في العرا ...
- تهافت المنهج في العلوم الإنسانية


المزيد.....




- البحرين.. جملة قالها الشيخ ناصر أمام بوتين وردة فعل الأخير ت ...
- مردخاي فعنونو: كيف عرف العالِم سر الترسانة النووية الإسرائيل ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي: أخرنا إمكانية امتلاك إيران لسلاح ن ...
- إسرائيل تضرب وسط إيران.. قصف مبنى في قم وانفجارات في أصفهان ...
- -تمويل بغباء-.. ترامب يكشف سرا عن سد النهضة
- سفن وصواريخ.. كيف تساعد أميركا إسرائيل في صد هجمات إيران؟
- -شالداغ-.. خطة إسرائيل البديلة للتعامل مع منشأة -فوردو-
- إسرائيل تعلن اغتيال قائد لواء المسيّرات الثاني بالحرس الثوري ...
- عراقجي لشبكة إن بي سي: خيار التفاوض أو الحرب متروك للأميركيي ...
- الجامعة العربية تدين الهجوم الإسرائيلي على إيران وتدعو للتهد ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - العودة إلى القرية