أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - بنفسج الغربة- الباقة الثالثة --- البنفسجة الأولى














المزيد.....

بنفسج الغربة- الباقة الثالثة --- البنفسجة الأولى


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 2186 - 2008 / 2 / 9 - 10:11
المحور: الادب والفن
    




ليلة اليوم الثالث قبل الغياب, رأيتني أدخلُ المرآة المغبَّرة برماد الحلم القديم, فإذا بي وجهًا لوجه مع كائن خرافيّ له وجه رجل , جسد بنفسجة وجناحيّ طائر وعلى جبينه وشمًُ البحر.
راح يتضخم شيئا فشيئا إلى أن صار في طول قامتي.
تورَّد وجهه وهو يبتسم ابتسامة ً عفويـّة ً كالأطفال.
فغرَ فاهُ فإذا بصوتٍ كصوتِ طيور ٍ كثيرة يـُوَشوشني :

" حبيبتي, أنا هنا ..,
لا تخافي.
حبيبتي , أنا هو..,
لا تجزعي..!
كنتُ ميتًا وقمتُ..,
وها أنا حيّ"

هممّتُ بالهرولة ِ إلى جناحيهِ الممتدَّان ِ نحوي, وإذا بأفاع ٍ كثيرة تنبشُ التربة تحت قدميّ, تسعى بسرعة ِ البرق إليّ وفحيحها يشلّ كياني الهشّ, تلتفُ حول عنقي, تعصرُ أنفاسي.
أحتضرُ ألمًا.
أتشظـَّى رعبًا.
بغتة, يخلعُ الطائرُ رداءَهُ الأثيريّ .
يتجسّدُ رجلا في جمال الآلهة.
يتناولُ فأسًا ويلاطمُ الأفاعي الحاقدة كمن يلاطمُ طواحين الهواء.
لكن, هيهات...



ها أنا أهوي قربَ قدميه, جثة متهالكة, مهزومة, في آخر طور حياة, وعلى شفتيّ عبارة:
- ايزوريس, كنْ بخير حبيبي -
...
..
.

صحوتُ على فجر ٍ مختلف النكهة. رحتُ ألمُّ شتات أوراقي وأقلامي وأجهز نفسي للسفر إلى الجامعة حيث افتتاح العام الدراسي.
تسبقني اللهفة إلى الحافلة.
كلّ شئ يسيرُ كما يجب هذا الصباح الخالد!
أتناول المرآة من الحقيبة.
كم هي مرآتي شهيّة اليوم!
تتهادى الحافلة وسط الأشجار المثمرة , وقلبي يزقزقُ ويطير من غصن ٍ إلى آخر.
إحساس غريب , غامض , خفيّ غمرني.

خالد... !!!
تــُراني رأيتهُ أم شُبــِّهَ لي ؟!
إنْ لم أرَه , فمِنْ أينَ لي هذا اليقين بأنّ طيفه لا يفارقني؟!
لمَ أحيا مثقلة ً بهِ كأنـّنا كائن واحد منشطر.
يسيرني, يأسرني .
يتناول القلم ويكتب على أوراقي فأنزوي في الركن أقرأ باعجابٍ ما تخطــُّهُ يدُهُ الخفيّة في جوف العتمة.

لا, لن أقصَّ هذي الهواجس على أحد, كي لا يكون في كشفِ الحقائق مقتلي, كي لا ترجمني القلوب الضريرة بتهمة:


لوثة ُ جنون.
...
..
.
على جمر ٍ , أنتظرُ اقتحام المـُحاضر في الأدب المقارن هذي الغرفة الرحبة, المطلّة على بحر .
تحاصرني عيونٌ فضوليــَّة ٌ من كل جهات القلق.
آهٍ, لو يدرون:

ما لم ترَ عين,
ما لم تسمع أ ُذُن
كانَ سيري
فوقَ حصَى
دربِ الآلامْ


اقتحمت خيالي صورة, راحتْ معالمها تتضحُ رويدًا رويدًا.
رأيتــُني كاللقلق المضروب ِ بلعنة ِ الوقوف دهرًا على ساق ٍ واحدة في ماء ٍ آسن ٍ. !!
انتفض َالقلمُ بين أناملي النحيلة وشرع بتسجيل المزمور الثالث لنواح ِ ما بعدَ النكبة:

إلى متى,
أزرعُ فسائِلَ
الأمل ْ
وأنتظرْ..
لا أقطفُ إلا َّ



صُبــَّارَ
الصَّبــْر ْ
لا أحصِدُ إلا َّ
قــَشَّ الرَّجـَاءْ..؟!

إلى متى,
أحملُ قلبي على طبق ٍ
وأسيرُ
أنِشُّ الذبابَ
عن هذا الكيان الهشّ,
الكفنْ
النعشْ
لا ألقَى
إلا َّ رجال ِ الظلّ ْ
لا أتلقـــَّى
إلا َّ
طعَنــَات الذُّلْ ؟

إلى متى ...
...
..
.


- فجأة -
غمرني الإحساسُ بكثافةِ حضور خالد في عروقي.
فُتِحَ الباب.
بانَ رجلٌ في جمال ِ الآلهة.


تهادَى في جوف الغرفة كرئم ٍ شارد ٍ.
بحذر,
رتـَّبَ أوراقَهُ.
بعثرَ أوراقَ إتــِّزاني.
طالعَ العيون المتراكمة ككثبان ِ الرَّمل ِ من حولهِ.
تورَّد وجهُه ُ وهو يبتسمُ ابتسامتــََهُ العفويّة كالأطفال.
فغرَ فاهُ فإذا بصوتٍ كصوتِ طيور ٍ كثيرة يوشوشُ :

أحبــَّائي ..

راحَ يتحدثُ عن ايزيس ..
وقلبي يقرعُ ويقرعُ كأجراس ِ الفرح ِ فجرَ العيد,
وكلّ رَنــَّة تــُرَتـــِّلُ :

.. خالد.. خالد .. خالد ..
.. حبيبي ..
أحقــًّا هذا أنت..؟!



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بنفسجُ الغربة- الباقة الثانية - البنفسجة الثالثة
- بنفسجُ الغربة---
- رواية : بنفسجُ الغربة ---
- بنفسجُ الغربة--- البنفسجة الثالثة
- --- بَنَفْسَجُ الغُرْبَة --- البنفسجة الثانية:
- --- بَنَفْسَجُ الغُرْبَة ---* روَايَة ُ الإختِلال *
- ّ ّ ّ تداعيَات ّ ّ ّ
- هُدْنَة ...
- - أنا الأنثَى -
- من مزاميِر الغياب
- طائر الرّوح
- دهشة ُ اللحظة
- الغريب
- مِسْكُ الكلام:
- شَغَبُ الأسئلة
- سِفرُ القيامة
- سوناتا الندى
- لا أشبهُ أحدًا
- زنبقة ُ الوادي
- كَلِمَات - - - لَكَمَات


المزيد.....




- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - بنفسج الغربة- الباقة الثالثة --- البنفسجة الأولى