أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - بنفسجُ الغربة- الباقة الثانية - البنفسجة الثالثة














المزيد.....

بنفسجُ الغربة- الباقة الثانية - البنفسجة الثالثة


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 2185 - 2008 / 2 / 8 - 11:59
المحور: الادب والفن
    


أفــَلـَتِ الأنوارُ من حولي.
بقيتُ وحدي و"حبيبــَة".

شبكتْ ذراعَها بذراعي, وسرنا معًا خطوة ً خطوة, في المطر, نعبرُ معًا بُقعَ الوحل ِ المتراكم ِ على الطريق ِ المُؤدي إلى متجر ِ الورد.

...
..
.

هنا..
كانتْ لحظة ....
بل طفرة ٌ زمنية ..
حيثُ التقى النصف ُ المعتمُ منَ التوأم بالنصفِ المضيء,
هنا .. اكتملَ الكيانُ الأسطوري ..
هنا.., كانَ البنفسجُ شاهدًا على جنون اللحظة.
...
..
.
بحلقتُ بالمكان.
لم أعثر إلا على بضع ِ زهراتِ بنفسج ٍ ذابلة ,مبعثرة داخلَ سلَّة ِ


القمامة.., دونما ماء.., دونما عطر.., دونما رونق :
تمامًا...
تمامـــًا كما أنا الآن..,
وإلى ما لا نهاية....! .
...
..
.
شعرتُ كأنّ عاصفة ً ثلجيّة تقتربُ من كياني المتهالك.
أرعدتْ سمائي وأبرقتْ.
انهمرتِ العبراتُ من مآقي الوجع المزمن.
فوقَ الرّصيفِ هويتُ كورقة ِ شجر متعفنة.
اهتزّ صوتُ "حبيبة" مع الريح وهي تهتفُ بوجل:
- مريم , ما بكِ حبيبتي؟!
علا صدى المزمور الثاني ما بعد النواحْ:

-آه, حبيبة !
تائهةٌ أنا, في غاب ْ,
والدليلُ غرابْ..
لا أرى إلا أطلال مهدَّمة ,
يبابْ..
لا أسمع إلا عواءُ ذئاب,
نباحُ كلابْ
آهٍ , حبيبة !
كأنّي لا أرَى , لا أسمع, لا أتكلمْ ...
لكنــِّي أتألمْ




آهٍ , حبيبة !
أضغاثُ أحلام ٍ
أضغاثُ أوهامٍ
أضغاثُ آثامْ
تطاردني
صَحـْوًا ومنامْ

...
..
.
امتزجَ ملحُ الدّمع ِ بطحينِ راحتيها , فنضجتْ أرغفةُ الحنان.
اقتربتْ من زاويةِ القلبِ. جلستْ على حافة ِ بؤسي.
مدَّتْ يدها وضمَّتني إليها.
راحتْ تحرر خصلاتِ شعريّ الكستنائيّ من الضفيرة الطويلة كما حبل ِ مشنقة.
همستْ :
-هيا بنا نعود إلى البيتْ.
موجةٌ أخرى من العَبَراتِ اكتسحتْ كياني الهشّ , سجلـَّت سيرَة فـُـتوحتـِها المتكررة فوقَ جبيني.
_ آهٍ, حبيبة !
كم أتوقُ اللحظةَ إلى صدر ِ أمّي!
...
..
.

( أمـِّي !!!)
وقعتْ المفردة في رحم ِالآلام المتقدّة.
فأخذتُ أناجي طيفها:



أيــَّتها النفسُ المطمئنة,
نامي حيثُ أنتِ وأبي وبقية أهلي,
راضيةً ً مرضيّة..
ودعيني
;
أنا اليتيمة, المهزومة, المنشطرة, الجريحة, المنذورة لوحشة ِ الغربة والوحدة منذ الشهقة ِ الأولى
;
أموتُ بسلامْ.
...
..
.

سرتُ وحبيبة والقمرُ ثالثنا إلى البيتْ.
حينَ خيمَ الوجومُ على الغرفةِ, تناولتُ قصاصة َ الورق ِ من جيبي وطرحتها كما حجر النّرد ِ على المنضدة.
- ما هذه؟
حدجتني بسؤال.
تثاءبَ الجوابُ على شفتيّ:

- دعوة عشقـِـيَّة.
- من خالد..؟!!
اتسعتْ دائرةُ بؤبؤيّ عينيها.
(خالد !!!)
عصفَ اسمهُ بكلِّ كياني.
نقلني إلى متاهة ِ الجنون:



تراهُ حقيقة أم وهمٌ من صُنعِ خيالي المهووس بالكتابة؟!
بدأ اليقينُ والظنون يتأرجحان ِ على حبالِ ِ :
"لو"
لو أنـَّهُ حقيقة, لمَ غابَ وكأنــّهُ فصّ ملح ٍ وذابَ في بُحيرة؟!
ولو أنــّه وهمٌ , لمَ أشعر بحضوره الطاغي في عروقي!
لمَ أشهقُ وأزفرُ عطره؟!


- مريم, مريم..!!
عدتُ من شرود ي .
- أهو خالد؟! عادتْ وطرحتْ السؤال بفضولٍ .
- لا.
- من إذن؟!
- أبي.
- ماذا..؟!
- (حدجتني بنظرة وكأنّ بي مسٌّ من جنون)
- أقصدُ, هو رجلٌ في مقام ِ أبّي.
- كيف؟!
وقصصتُ عليها حكايتي مع الرجل الذي وجهُهُ كالشمس وهي تضيء في قوّتها, رأسه وشعره أبيضان كالصوفِ الأبيض , كالثلج, وعيناهُ كلهيب ِ نار.
قهقهتْ , فبكيتْ.
تأففتْ :
- والآن, لمَ تبكين؟
قلتُ: أشعرُ كأنّي أسيرُ خلفَ جنازة ِ حبّي , وبينَ الهنيهة ِ والأخرى تطلُّ وجوهٌ من الشرفاتِ على وجعي, تشيّعُ الجثّة بقهقهات ٍ مرتفعة , تمدُّ ألسنتها وتبشُ قبري!
مرّة ً أخرى حدجتني بنظرة ٍ كأنَّ بي مسٌّ من جنون. احتارتْ ماذا تقولُ , فقلتُ :


_ آه ٍ , حبيبة!
لو تدرينَ كم أفتقدهُ.
لو تدرينَ عمقَ الألم!

اتجهتْ نحوَ النافذة فحررتْ ضلفتيها.
فجأة, فاحَ عبيرُ البنفسج ِ في الغرفة.
بكلمات ٍ متهدجة قالتْ:

- من يتعلمُ معنى الفراق, سيدركُ عُمقَ المحبة. *

أسدلتُ رأسي فوقَ صدرها. أغمضتُ عينيّ .
رحتُ أناجي الطيفَ الأثيريّ الذي تدفقَ بحرًا في عروقي:
...
..
.
خالد
يا طائر الروح
يا غريب
يا حبيب
بكَ وحدكَ
...... أكـْـتــَمِـلْ ......




* اكتملتْ الباقة الثانيـــــة *


-----

* صالح سعد," أيام الغربة الأخيرة " , ص 132



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بنفسجُ الغربة---
- رواية : بنفسجُ الغربة ---
- بنفسجُ الغربة--- البنفسجة الثالثة
- --- بَنَفْسَجُ الغُرْبَة --- البنفسجة الثانية:
- --- بَنَفْسَجُ الغُرْبَة ---* روَايَة ُ الإختِلال *
- ّ ّ ّ تداعيَات ّ ّ ّ
- هُدْنَة ...
- - أنا الأنثَى -
- من مزاميِر الغياب
- طائر الرّوح
- دهشة ُ اللحظة
- الغريب
- مِسْكُ الكلام:
- شَغَبُ الأسئلة
- سِفرُ القيامة
- سوناتا الندى
- لا أشبهُ أحدًا
- زنبقة ُ الوادي
- كَلِمَات - - - لَكَمَات
- أحزان شهرزاد


المزيد.....




- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - بنفسجُ الغربة- الباقة الثانية - البنفسجة الثالثة