أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - شَغَبُ الأسئلة














المزيد.....

شَغَبُ الأسئلة


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 2158 - 2008 / 1 / 12 - 08:51
المحور: الادب والفن
    



أضعُ الفاصلة َ قربَ الفاصلة,, فتــَأخُُذانـِي إلى متاهة السؤال: (من أنا؟). لو افترضتُ أنَّ النصَّ هو نسيجُ الكتابة, من أكون أنا من بين
الذوات الأخرى؟
أتأملُ علامات الترقيم الواحدة تلوَ الأخرى.تراني هذه(,) أم هذي(!) أم تلك(:) لعلّي تلك: (.) ؟
من زاوية الكيبورد السفلى يتصاعد صوتٌ بكبرياء:
- أنا هنا, أنتِ أنا.
- أبحلقُ فيها........(؟)
أهتفُ بذهول:
-أنتِ؟
تجيبُ ببرود ٍ متزن:
- صديقتي, لمَ لا أكون؟
- وتتابعُ بخشوع:
أليستِ الكتابةُ فنَّ طرح ِ الأسئلة؟ فلسفةُ البحث ِ عن الذات ِ والآخر؟
أتمتمُ بخنوع:
-ربـَّما.
تتقاذفها موجة ُ غضب ٍ تطرحها على شاطئي.
تتربَّعُ فوقَ الرّمال فأتربّعُ أمامها. تبعثرُ بطاقات الأسئلة بيننا.
تنتقي إحدى البطاقات وتقرأ ما عليها:
- لمَ تكتبين؟
تتقاذفني موجة ٌ من الحيرة. أتمالكُ فوضايَ. تزدحمُ الأفكارُ في رأسي. أهتفُ:
- أكتبُ لكي أدقَّ مسمارًا آخر فوق حائط ِ المسكوت عنه/ الكبْت.

-هذا هو القلقُ الإيجابيّ الذي يسيّرُ أشرعة َ النصّ .
-فعلا.
- وهل تملكين ألا تكتبي؟
-لا خيار لي في ان أكتب أو لا أكتب.
-لمَ؟
- الكتابة تفرضُ حضورها / شروطها/ مخاضها عليّ .
تسيّرني , تأسرني , تتملك كلَّ حواسي إلى أن يولدَ النصّ.
صمتتْ برهة ثمّ تابعتْ :
- لكنّكِ تملكين خيارات أخرى.
- عن أيّ خيارات ِ تتحدثين؟
-أكونُ أو لا أكون/ أكونُ أو كيفَ أكون.
-لا أفهم !
حدجتني بنظرة, مع هذا احتفظت بهدوئها الوقور وهي تقول:
- حسنًا سألقي بعض الضوء على هذي النقطة:أنتِ تملكين خيار ( كيفَ) تكتبين لأنّ الكتابة عطيّة ٌ مباركة , نعمة ٌ استثنائيّة, تحتاجُ كالنبتة إلى ظروف ٍملائمة كي تنمو.
أخني كلامها إلى قمة الذهول. من هناكَ أعلنتُ:
- فعلا. الكاتب مسؤول عن صقل ِ موهبته.
حينَ لا حظتْ صمتي, واصلتْ:
- وأنتِ مكن يملك خيار ( ماذا) تكتبين.
على الفور أجبتُ:
- كيفَ أملك خيار ماذا أكتب والكتابة تفرضُ ذاتها عليّ كما تفرضُ الغيومُ ذاتها على البساتين؟
حدجتني بنظة تخللتها ابتسامة ٌ باهتة وواصلت قولها:
- قد تغرفينَ من معون ِ الذات ِ . تجمِّلينَ الحقائقَ أو تشوهينها كما يحلو لمزاجيتك في لحظة الخلق ِ تلك , فيكونُ النصُّ ابنُ النزيف. وقد تغرفينَ من معون ِ الآخر وهذا يتطلبُ وعيًا ووقتًا. لكنّ الوجع الجماعيّ كفيلٌ في أن يضفي الألقَ على النصّ لأنّه يزّفه لاحتمالاتِ الخلود.
تملكني شعور أنَّ المحاورة بيني وبين علامة السؤالهذي مغموسة بحبر سقراطيّ . أصختُ السمَعَ للأسئلة التي بدأتْ تتزاحمُ بشغب ٍ في رأسي. شعرتُ بالحرجِ وهي تطرحُ عليّ سؤالها الافتراضيّ:
- لو افترضنا أنّ الرسمَ هو صورة/نصّ بالألوان , فهل الكتابة هي صورة/ نصّ بالحروف؟
- لا اعرف!
- أعطِ مجالاً للفكرة أن تختمر في رأسك.
- حسنًا.
أبحرتُ مع الفكرة بعيدًا بعيدًا وعثرتُ على مكمن ِ الضعف, فأتيتها بالسؤال:
- لو افترضنا أنّ الكاتب يلتقطُ الصورة كما هي, ألا تهمّشُ هذي الفكرة وجوده ككيان ٍ يحملُ من الأفكار/ الآراء/ المشاعر الكثير ممّا يخوله حقّ التعبير عمّا يقومُ بنقله؟
أجابت على الفور:
- التقاط الحدث بحدِّ ذاتهِ فيه من الذاتيّة الكثير. أليسَ الكاتب هو من يقرر أيّ الصور يلتقط؟ هنالك من يلتقط صورًا عاطفيّة وهنالك من يذهب إلى المدى الأبعد فيلتقط نملة / نحلة/ بتلة ؟ جُندب/ صرصار/ حبّة رمل ٍ/ غيمة...... فيسلــّطُ الضوء على وجع أحد هؤلاء المهمشين ليفضحَ مكائد العتمة.
- ماذا عن الحلول؟
النصّ الجيّد لا يطرحُ الحل إنما يلقي حجرًا في بئر ٍ راكد ٍ ويترك الماء يستوعب الدوائر,والحجر الذي يأتي بدوائر أكثر هو ذاكَ الذي لا يجامل العتمة ولا يتجملّ لها.

أرخيتُ كتفيّ وهي تسـاذنني بالانصراف. سألتها أن تعود ذات نصّ كي نُعاودً ممارسة ِ شغب الأسئلة . ابتسمتْ برضا ومضتْ إلى الحقول تلتقطُ السنابل, تطارد الفراشات وتقودُ الغيومَ إلى الأفق المطرز بقوس قزح.
______________
10/1/2008



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سِفرُ القيامة
- سوناتا الندى
- لا أشبهُ أحدًا
- زنبقة ُ الوادي
- كَلِمَات - - - لَكَمَات
- أحزان شهرزاد
- أنا هو..
- نصوص مرتبكة
- الخامسةُ شوقًا
- زهور بريّة
- لقطََات فوتوحبريَّة -2-
- لقطََات فوتوحبريَّة
- الخامسة ُ عشقًا
- في غير موعدها
- مخاض ُ حُلم
- أحارسٌ أنا لأخي..؟!
- زُرقة ُالبَحْر
- جراح الروح والجسد
- الظلّ ..
- خبزُنا كفافُنا


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - شَغَبُ الأسئلة