أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - الظلّ ..














المزيد.....

الظلّ ..


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 2125 - 2007 / 12 / 10 - 11:03
المحور: الادب والفن
    


ما أجمل الشجر, الشوارع والبنايات وهي تغتسل بالمطر, تنفض عنها الغبار. تتجدد. أشعر وأنا أراقب هذا الوابل التشرينيّ الأول أنّ لي جناحيّ فراشة وأنّي قادرة على الطيران.
- قوة الفراشة في هشاشتها, لذلك هي تطير.
نزعتُ جناحيّ عنّي وعدتُ إلى المقعد المقابل لهذا الرجل النحيل أواصل الإصغاء إلى ما كان قد بدأه من ثرثرة فلسفيّة, في انتظار مدير المكتب.
انتزعتُ عينيّ عن عينيه وعدتُ أراقب المطر وصوته ما زال يملأ فراغ الغرفة:
- أنت ِ فراشة هاربة من الاحتراق..
- ماذا..؟
( ولولتُ ..)
- يقال إنَّ تاريخ المرأة هو تاريخ اضطهادها.
نظرت إليه بامتعاض . تمنيت لو أركل وجهه بقدمي.
سألته:
- هل سيطول انتظاري..؟!
- - لا أظن. مؤكدا سينتهي المدير من المقابلة مع تلك الأديبة الشابّة ويتفرغ لكِ.
سألته ببرود:
- هل حقا وافقت اللجنة على كتابي؟
أجاب عن ظهر قلب:
- لقد وافقت اللجنة بالإجماع على طباعته على نفقة الوزارة . لا عليكِ. لكن,لن يفوتك أن تطيّبي خاطر المدير ببضع كلمات.
حدجته بنظره, ثمّ سألت:

- هل ممكن أن أطلب منه أن يكتب لي المقدمة؟
ضحك حتّى بانت أسنانه الصفراء ثمّ أعلن وهو يسعل:
-أنا الذي أكتب وهو الذي يوّقع. هو لا يعرف عن أمور المكتب شيئا, ولا يتذوق الأدب أصلاً.


***


فُتحَ الباب وانطلقت ضحكة ماجنة . أبصرتُ فتاة تمشي وتجذب فستانها الضيّق إلى أسفل باتجاه ركبتيها.
تبعها ظلّ.
بحلقتُ فيه.
إذن هذا هو المدير .
سرتُ خلفه . اقتحمت غرفته. أشار إلى مقعد فجلستُ وجلس يحدثني عن هواياته ومزاجه وشغفه بالبساطة والأناقة والعطر. وأنا أنصت وأنصت وأعجب كيف لم يمت كلامه للأدب بصلة.
اضطررت أن ألقي مقصلة فوق عنق ثرثرته:
- متى تباشر في طبع الكتاب..؟!
بدا لي ممتعضا, مع هذا أجابَ:
- حسنا, لقد وافقت اللجنة على طباعة كتابك على نفقة الوزارة, لكني أملك حق الفيتو.أنا من يقرر بشأن طباعة الكتب وبشأن جائزة التفرغ الأدبي. أنا.
- ماذا..؟!
- عودي اليوم مساء, حين يكون المكتب هادئا, لا سكرتيرات ولا ضجيج, فنتحدث..
وقف. بدا لي كالمارد وكرشه يغادر المقعد الوثير. بدا لي كأنّ قناعا ما سقط عن وجهه. ارتجفت. ماذا أتوقع الآن. يحاصرني جسده السمين وهو يحاول أن يعبر الفسحة الضيقة بيني والجدار.
فجأة شعرتُ بيدين غليظتين تمتدان من خلفي. تتحسسان كتفيّ. انتفضتُ برعب. هربتُ نحو الباب. وقبل أن أخرج قلت:
- لستُ من سباياك..


***


استقبل الشارع دموعي التي اختلطت مع مطر السماء. استقبل قلبي الطعنة بأنين. فكرتُ في أن أعود مساء لأسجل حديثه وأفضح هذي العتمة.
اتصلت بصديقتي المحامية . نصحتني بإجهاض الفكرة لأن الكفّة ستكون في صالحه فهو مسئول كبير والقضية قد تطول ...
حقًّا..
الخسارة فادحة..
حرمان أدبي , تهميش, إقصاء عن الساحة الأدبيّة..
مع هذا, لن تفلح أيّ من الخفافيش في أن تجعل كلماتي تكفّ عن أن تشهر إصبعها الأوسط في وجه كهذا قبح.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خبزُنا كفافُنا
- تعددت الأقنعة والوجه واحد
- في انتظاري...
- معموديَّة القَلَق
- هكذا نغني...
- قصة ليست قصيرة جدا
- نصوص ُ منتصف ِ الصَّمت
- الحوريَّة
- رواية - - - طوبى للغرباء
- أ يّها الدوريّ حلِّق (8) - - - قطرات شعريّة
- أ يّها الدوريّ حلِّق (7) - - - قطرات شعريّة
- أ يّها الدوريّ حلِّق (6) - - - قطرات شعريّة
- أ يّها الدوريّ حلِّق (5) - - - قطرات شعريّة
- أ يّها الدوريّ حلِّق (4 ) - - - قطرات شعريّة
- أ يّها الدوريّ حلِّق (3) - - - قطرات شعريّة
- أ يّها الدوريّ حلِّق (2) - - - قطرات شعريّة
- أ يّها الدوريّ حلِّق - - - قطرات شعريّة
- أميرة الحكاية --- قصة قصيرة
- مفردات الوعد الصادق
- - أنتَ ,, لا سِوَاك -


المزيد.....




- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى
- -الأشرار 2- مغامرات من الأرض إلى الفضاء تمنح عائلتك لحظات ما ...
- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - الظلّ ..