|
إغتيال تموز ... إغتيال ٌ للأمة ، في ذكرى الثامن من شباط الأليمة
وليد مهدي
الحوار المتمدن-العدد: 2185 - 2008 / 2 / 8 - 07:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تمر اليوم ، الثامن من شباط ، ذكرى إعدام الزعيم عبد الكريم قاسم على يد من إدعوا حمل لواء القومية العربية ، بتحريض من " عبد الناصر " رمز القومية العربية ، وتأثير ٍ كبير من قبل الغرب الذي تهلل فرحا ً بمثل هذا اليوم من العام 1963 ... قتلوه لعيون الوحدة العربية ، التي لم تتم ، وربما لن تتم يوما ً .. وعلى النقيض مما يشاع عن " زعيم الأمة العراقية " بأنه كان عميلا ً للسوفييت ، فإن الأخيرين قد تخلوا عنه في محنته تلك ، وأثبتت الأيام إن عبد الكريم كان قائدا ً وطنيا ً صدق في مبادئه التي كان فيها " الوطن ... فوق الميول والتوجهات " .. ولعل هذا كان من أسباب ضعف النظام في زمانه الذي وقع بين مطرقة القومية العربية وسندان المد الشيوعي في العالم ، يتحامل الشيوعيون على عبد الكريم بأنه كان " ضعيفا ً " ومتسامحا ً مع القوميين ، فهو الذي عفا عن قياداتهم بعد أن ظفر بهم ومقولته المشهورة محفوظة في الذاكرة السياسية العراقية " عفا الله عما سلف " ، كان وطنيا ً متسامحا ً ، يحترم كل أطياف الشعب العراقي بتعدد تلوناته ،و كانت للرجل أخطاء ، وجل من لا يخطئ ، لكنه أفضل من حكم العراق طيلة قرون رغم مدة حكمه الوجيزة التي لا تتجاوز الأربعة سنوات ، نفس المدة التي حكم فيها الخليفة الرابع العراق قبل أكثر من ألف سنة ... وعلى الرغم من إن الزعيم كان ينحدر من أصول ٍ سنية ، إلا إن شعبيته كانت في الأوساط المسحوقة المضطهدة من الشعب ، وهي في الغالب شيعية ، وموقفه كان واضحا ً من القضية الكردية ، فالكرد شركاء في الوطن ، وأثبتت الأيام فيما بعد إن عبد الكريم أكثر اللذين أنصفوا القضية الكردية من الأولين والآخرين ...بإعتراف مسعود البرزاني مؤخرا .. كانت ثورة تموز ، المتمخضة عن ثلاث تنظيمات مسلحة في الجيش العراقي ، ثورة تأريخية كبرى أعد لها ضباط الجيش الخطة ، لكن ، عبد الكريم لم يحدد ساعة التنفيذ ، ولم يكتب ضباطها خطتهم على ورق ، واحيطت بالسرية التامة .. وبسبب ظروف سياسية كانت تمر بمنطقة الشرق الأوسط التي رهن فيها نوري السعيد العراق لجانب الغرب في صراعه ضد الشيوعية في حلف بغداد ، ووضع العراق في المواجهة مع الوحدة السورية المصرية ، .. كانت مفاجئة وصادمة ومغيرة لكل التوقعات التي كانت تجري عليها الامور في ذلك الوقت ، كانت القوات العسكرية متوجهة إلى الاردن لتدعيم التحالف الهاشمي أو لضرب الوحدة العربية بين سوريا ومصر كما يقول العروبيون ، وأثناء مرورها في بغداد نحو الأردن ، اعلن البيان رقم واحد ، كانت بالفعل " إنقلابا ً " عسكريا كما تسمى لدى الليبراليين أنصار الحرية ، لكنها ثورة أحبها بسطاء الشعب ... وحققت آمالهم وطموحهم ولا يزال الناس حتى اليوم يترحمون على أيام الزعيم ... وهي ظاهرة قلما تحدث لدى أمة ٍ مثل العراق كثيرا ما تجادل زعمائها ولا ترضى عن حاكميها كما يقول الجاحظ ... غيرت تلك الثورة ، التي إغتالتها القومية والغرب في مثل هذا اليوم خريطة المنطقة السياسية كثيرا ً وكاد الغرب يفقد صوابه ، وبقيت ثورة تموز وصدمتها راسخة في الفكر السياسي البريطاني الأمريكي إلى يومنا هذا ، ولا تزال أمريكا تخشى " تموز " لتترك العراق حتى اليوم وبعد خمس سنوات من الإحتلال بلا جيش وقوات عسكرية ، خشية أن يعاود تموز " الإنبعاث " مرة أخرى تماما كما تروي لنا أسفار سومر ...، حينها سيتغير وجه المنطقة إلى الأبد ... إن ما فعله " تموز " جعل بريطانيا واميركا تخسران نصف قرن من بناء " نظام حليف " في العراق ، واليوم يعاودان بناء عراق ٍ جديد " حليف " ولكن بحذر شديد من إيقاظ مارد " تموز" النائم في روح الشعب العراقي . ما تفعله أمريكا ، من إضعاف ٍ للجيش ، قد يبشرنا بتموز ٍ شعبي جديد يجتاح العراق من أقصاه إلى أقصاه ، وما نحتاجه هو ... الهدف الذي كانت تنشده الثورة ...بناء الوطن على أسس طبيعية سليمة بمقاييس وآمال كل تلوناته المتعددة ، الخصبة ، القادرة على الإبداع إذا ما أتيحت لها الفرصة بالتعبير عن كوامنها لتفجر قدراتها الخلاقة .. لم يكن الزعيم قوميا ً ، لكنه لم يعاد القومية العربية ، ولم يكن شعوبيا ً ... أو شيوعيا ً ولهذا السبب لم يعاديهم وقربهم ، كان وطنيا ً بمعنى الكلمة ... وعلى الرغم من إن المآخذ عليه إنه كان مستبدا ً ... لكن العدو قبل الصديق يشهد بنزاهته وعدالته .. وتسامحه مع خصومه ، خصوصا ً لو كانوا أخوة ً في السلاح .. وبينهم " عيش وملح " كما يقول المثل العربي ، وهو ما لم ياخذ به عبد السلام والبعثيين ، اللذين لا يردهم إل ٌ ولا ذمة ولا يدينون حتى بالعروبة التي زايدوا عليها ، في النهاية ، أعدموا عبد الكريم ، وأعدموا فرصة العراق التاريخية للمسير البنائي الفكري الطبيعي الذي يحترم كل تنويعات النسيج العراقي .. مع هذا ، أساطير سومر تخبرنا ، إن تموز سيعود للحياة بعد موته ، ويتجدد خير العراق مرة ً اخرى ، وفي إنتظار تموز ٍ آخر ... نبقى على أمل أن تعاودنا أيام التحرر والإستقلال التموزية ، خصوصا ً وإن " الإله " تموز هو الرمز القومي لثقافة الامة العراقية ويمتد لأكثر من سبعة آلاف سنة ، أمل ٌ بعود المسار الطبيعي لنمو وتطور الفكر السياسي في العراق الذي يجعل من الوطن بحق .. فوق الميول والتوجهات .. المجد لشهيد الامة العراقية ... عبد الكريم قاسم ، الذي نطق بحياة الشعب قبل أن تزهق رصاصات الغدر روحه : عاش الشعــــــــ ....................ب
#وليد_مهدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشرق والغرب .. بين الثقافة والسياسة
-
وجهة نظر في : جغرافيّة الفكر لريتشارد نيسيت ، ورسالة إلى الل
...
-
المعرفة ُ الشرقية (1)
-
المعرفة ُ في الشرق ... هل لها مستقبل ؟ ((4))
-
المعرفة ُ في الشرق ...هل لها مستقبل ؟ ((3))
-
المعرفة ُ في الشرق ... هل لها مستقبل ؟ ((2))
-
المعرفة ُ في الشرق ....... هل لها مستقبل ؟ ((1))
-
النظرية ُ الإسلامية ِ...سوء ُ تطبيق ٍ ..أم سوءُ تخطيطٍ رباني
...
-
المجتمع كما رآه الرسول محمد....العلاقة بين الديمقراطية والعل
...
-
صراع الحضارات ، حوار الحضارات، مستقبل الحضارات، هذا العالم..
...
-
الدخول إلى فضاءات النفس الداخلية وفق الطريقة البابلية
-
محاكمة صدام....ام محاكمة التاريخ ؟ للمرادي والبعثيين الجدد ب
...
-
مرثية ُ بغدادَ لبابل
-
سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر
...
-
في الطريق الى عقيدة ليبرالية عربية ج1
-
سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر
...
-
سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر
...
-
الديمقراطية والحداثة في العالم العربي
-
سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر
...
-
سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر
...
المزيد.....
-
وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا
...
-
مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
-
استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
-
عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
-
بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
-
الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
-
ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا
...
-
-بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات
...
-
الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
-
سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|