أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - المعرفة ُ في الشرق ... هل لها مستقبل ؟ ((2))















المزيد.....

المعرفة ُ في الشرق ... هل لها مستقبل ؟ ((2))


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 2133 - 2007 / 12 / 18 - 04:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كيف يمكن بناء أسس لنهضة (معرفية ) جديدة ؟
وكيف يمكن أن تكون منبعثة من إطار ثقافة الشرق ؟

نعلم ُ جيدا ً إن الحقيقة َ واحدة ، لا شرقية ٍ ولا غربية ْ ، إلا إن ما نطرحه في هذه الدراسة هو إن أسلوب الوصول إلى الحقيقة متناظر ، أي السير بإتجاه عكسي نحو الحقيقة ، ولا نقول بإتجاه مختلف ، فالغرب يسير حاليا ً بإتجاه الحقائق الكلية منطلقا ً من الجزئيات ، في حين اخفق الشرق وتخلف اليوم بهذا التوجه ، ونرى إن عليه أن يعود بالتوجه حسب طبيعة ثقافته العامة ، الإنطلاق من الكليات نحو الجزئيات ، وهذا ما سوف نفصله الآن .
مع إننا سنذكر في نهاية المطاف ، منهجاً جديدا ً في الإستدلال لا يمت لثقافة الغرب ولا الشرق ، منهج " تجردي " يضع الحقائق الكلية والجزئية في مدى واحد ، لكنه في الحقيقة ، خيار ٌ صعب ٌ مع إنه الأنجع و الابقى وسيكون المتبنى الفلسفي المعرفي النهائي الحتمي حسب ما يدلنا عليه سير خطوات التاريخ في النقطة التحولية الخامسة الإفتراضية ... !

منهج الإستدلال المعرفي ... بين الشرق والغرب

1. الشرق

في فجر المعرفة الأول ، في سومر ، كانت الحقيقة ووفق الإطار الإجتماعي الإستدلالي العام تبدأ من كلية الوجود ثم تهبط إلى جزئياته ، أي تبدأ من نتائج لا مقدمات حسب مفهومنا الحالي ، كالآلهة التي تتحكم بالكون وأقدار البشر ، فهذه الرؤية بإطارها العام هي سمة الإستدلال في شرقنا القديم ، ولم تبق هذه الرؤية على حالها ، حيث تطورت في البلاد التي نشأت فيها والثقافة التي أبدعتها في سومر إلى ذروة هذا التطور ، في حين بقيت هذه الرؤية تعاني من الجمود النسبي في البلاد الأخرى التي وصلت إليها من سومر في سوريا ومصر واليونان و الأناضول ، حيث ضلت مجرد آلهة تتصارع فيما بينها وتتحكم بأقدار العباد حسب المفهوم والرؤية الجمعية لتلك الشعوب ، في حين ، تطورت في سومر وتمخضت إلى علم التنجيم و إعتبرت حركة الفلك وتغييراته " لغة " الآلهة ترسمها على صفحة السماء .. !
إن إعتبار حركة الكواكب والنجوم ومجموعاتها النجمية " الأبراج " التي لا تزال رائجة الى يومنا هذا لغة توحي بها الآلهة للبشر يعني وجود " حلقة " وصل بين الإنسان والحقيقة الكلية ، ويعني أيضاً إن الفكر الشرقي الباطني في ذلك العمق الإجتماعي السومري الاول من التأريخ كان لاهثا ً في البحث عن السببية ، لذا ، فالسببية إرتبطت بالعقلية السومرية – البابلية كما يشير إلى ذلك الكثير من المؤرخين والباحثين في ثقافات وحضارات الشرق القديم .
هذه السببية المنطلقة من الوعي بالحقيقة الكلية ، تعني الإنطلاق من الكليات نحو الجزئيات ، وتعني أيضاً القيمة الإجتماعية والمجتمع أولا ً ثم الفرد وشخصيته ثانياً ، فالشمولية و الإستبداد والطاعة لولي الأمر وحتى القيمة " الأبوية "ماهي إلا مفاهيم ونظم راسخة ومؤثرة في الوعي الجمعي الشرقي كنتيجة لهذا الإتجاه في نمط الإستدلال العقلي لأهل الشرق.. !

إن تحول الآلهة العظيمة إلى إرسال إشارات للبشر عبر تحركات النجوم والكواكب إنما كان تمهيداً للرسالات السماوية التي ترسخت بالوعي الجمعي الشرقي كشرائع ومعارف يرسلها الإله العظيم إلى " بعض " البشر ، وهنا ، يأخذ مفهوم الباطنية بعداً جديداً قائماً على تبسيط الصلة بين الحقيقة الكلية ( الآلهة) والتي أصبحت ( الله وملائكته ) فيما بعد وبين الإنسان كحقيقة جزئية ، ففي السابق كان عليه أن يرصد النجوم ، فيما اللاحق كان عليه أن يتصل بالإله مباشرة عبر الدخول إلى اللاشعور .. الفردي الشخصي ، فكان الكهان في بابل ومصر يجرون الإتصال بالآلهة عبر تعاطي العقاقير وتحقيق رؤى و أحلام اليقضة ، في حين أن الأنبياء في بني إسرائيل كانوا يصورون الوحي الإلهي كهبة ربانية يعطيها لمن يشاء ، حدثت كل هذه التطورات عبر آلاف السنين من سومر إلى التوراة ، لكن ، هذه التطورات لم تخرج عن نسقها الأساسي المرسوم في حافظة الوعي الجمعي الشرقية القائم على السببية وربط الأحداث بعضها مع البعض الآخر ، متوجها ً في خطوط فعله بنفس النسق السابق :
الحقيقة الكلية تؤدي إلى الحقائق الجزئية
حيث هناك دائماً حقيقة كلية تمثل الوعي الكوني الأكبر ينتج عنها الحدث في العالم كفعل ناجم عن هذا الوعي الذي يتأثر بأفعال البشر ليثيبهم تارة ويعاقبهم أخرى !
لقد كان الفكر الإسلامي وفلسفته القرآنية " ذروة" هذا التطور التاريخي للقطب الباطني من الوعي الجمعي البشري ، وهو بحق ، خاتمة الباطنية السببية التي بلغها الشرق .

2. الغرب

في المقابل ، نجد الغرب ينطلق من الحسية التي كانت في جوهر ثقافته اليونانية ، التي وإن تأثرت كثيراً بروحية و قيمية الشرق ، لكنها ، وبالرؤية العلمية الخاصة المنبثقة عن إطارها الحسي تمكنت من التعبير عن حقيقتها بجوهر فلسفة اليونان ، والتي إنسلت " خلسة " بعيدا ً عن سطوة " كليات" الشرق المتمثلة بالآلهة و الأقدار نحو " جزئيات " الطبيعة ليؤسس فلاسفة اليونان " بذرة " الإستدلال الحسي المعاصر الذي يجعل من الجزئيات كعناصر الوجود الأساسية ( الماء والتراب والنار والهواء ) أساساً للتفلسف ورؤية العالم ، وهو ما يخالف توجهات الشرق .. !
فالتوجه من الجزئيات نحو الكليات يتناغم مع الفردانية ، التي تعني الفرد أولا ً ثم المجتمع ، الحرية ، الديمقراطية ، التي ولدت مع ولادة الغرب قبل التاريخ .. ما هي إلا نواتج هذا التوجه الذي تتوج أخيراً بظهور الليبرالية في الغرب .. !
إن صورة الإستدلال المعرفي الغربية المعاصرة وعبر مسيرتها التي قطعتها بإطار الفردانية المنطلق من الجزئيات نحو الكليات إنتهى إلى أن تكون ( الرياضيات) وقوانين الفيزياء الجوهرية كالنسبية الخاصة والعامة وميكانيكا الكم هي الحقائق الكلية التي توصل إليها الغرب عبر مسيرته في فحص الطبيعة ووجوده ، فالغرب .. كشخصية فردية .. يرى نفسه اكبر من الكليات هذه ، لذا ، فهي مجرد قوانين إنتظم بها الوجود المحسوس ، في حين إن الشرق وبمسيرته العكسية نحو الجزئيات وجد نفسه ضئيلاً أمام هذه القوانين ، التي أضفى عليها الصفات البشرية وسماها أخيرا ً بالملائكة بعد أن كانت آلهة .. ! (*)
الشرقي .. كفرد ..يرى نفسه خادما ً في هذا العالم للحقيقة الكلية ، وضئيلا ً جدا ً أمام عظمتها وجبروتها ، ويهبط هذا الإطار من اللاوعي إلى الوعي ليكون الشرقي عبداً مطيعا ً للمجتمع وللدولة ، في حين يحدث العكس في الغرب ، الفرد أعظم موجود ، والدولة والمجتمع في خدمة الفرد .. !
لكن ، الفرد الشرقي بإنسياقه خلف المجتمع يشعر بلذة " الذوبان " في حقيقته الكلية ويصل أحياناً به الحال إلى الموت في سبيل " هويته " الحضارية التي تمثل الحقيقة الكلية للوعي الجمعي لأمة من الأمم ، فلم نجد في أميركا كاليابانيين الذين نفذوا " بيرل هاربر" أو هجمات الحادي عشر من سبتمبر .. أو الفلسطينيين أو حتى عناصر حزب الله وهم يقاتلون أعتى جيوش الشرق الأوسط حتى آخر إطلاقة !
يتوهم الذي يعتقد إن العلمليات ( الإنتحارية) بلغة الغرب و الفردانية ، أو ( الإستشهادية ) بلغة الشرق و الكلانية هي نتاج عملية لغسل الأدمغة فحسب .. !
هناك شعور ٌ يعرفه الشرقيون أكثر من الغربيين ، شعور ٌ ولذة ٌ غامرة بالإنتماء إلى الكل ، إلى الحقيقة الجامعة ، شعور ٌ يتجسد في صميم عقيدة وفلسفة البوذية والهندوسية ، ويتجسد بصورة عملية في المسلمين أثناء تأديتهم لصلاة الجماعة و كأنهم كيان ٌ عضوي واحد ، يقوم ُ ويقعد ، ويركع ويسجد ، كانهم إنسان ٌ واحد ، أو بنيان ٌ مرصوص ٌ واحد !!
إن هذا كله ينبع من حقيقة الرؤية " الجمعية " العامة لكل قطب ٍ من أقطاب الوعي الجمعي البشري ، فالفرد في الغرب يفتقر إلى هذه المشاعر وربما لا يدركها إلا في أوقات تشجيعه للأندية في الدوري الإنجليزي أو الإيطالي أو الإسباني ، فهي مشاعر يدركها بعض الشيء جمهور ريال مدريد أو أي سي ميلان على سبيل المثال ، لكنها بعيدة جدا ً عن وعي الأثرياء في أحياء نيويورك المحمية بالحراسات الخاصة .. !
الفرد في الغرب رغم إمتيازاته بالتخلص من عبودية الدولة والمجتمع ، لكنه يعيش حياته كلها في التنافس مع الآخرين والتشكيك بهم وبنواياهم إلى درجة إنه يقع ضحية الإكتئاب وأمراض القلب والسرطان وغيرها أكثر من شعوب العالم الأخرى إضافة إلى ما يعانيه من كثرة إستهلاكه نسبة للعالم ، وهذا ايضا ً نابع ٌ من فردانيته والإطار الإستدلالي لثقافته المعرفية القائمة على البدء بالجزء نحو الكل .
الشرق ، ومن ناحية إجتماعية ، يتمتع بالعديد من المزايا مقارنة ً بالغرب ، لكن رزية الرزايا التي مني بها هي : الشمولية و الإستبداد من قبل أفراد ٍ معدودين يتسلطون على رقاب المجتمع ، والسبب هو "الإغراق" بمنهجية الباطنية المنطلقة من الكل نحو الأجزاء ، هذا الإغراق الرائج في ثقافة الشرق لا ينجم عنه " ووفق معطيات حركة التأريخ " الشمول والديكتاتورية فقط ، وإنما التسليم المطلق بالمقدسات بإعتبارها حقائق كلية تؤسس قاعدة أبجدية للتفكير وإهمال وعدم مراعاة التحديث بإعتباره قضية جزئية تقف ضئيلة أمام الحقيقة الكلية المقدسة ، وهذا هو من أهم أسباب " عقم " الحضارة الإسلامية عن إنجاب المبدعين ، فالإبداع متلازمة " عقلية " ناشئة من التفاعل بين معطيات البيئة ونشاطات الذهن ، هذه النشاطات التي ترتطم بجبروت الحقائق الكلية الراسخة في أذهان الشرقيين ، لذا ، فاللاوعي الجمعي للشرقيين يقوم بإستعارة صورية للخلاص من هذا المأزق عن طريق تمثل عقيدة ومفهوم الخلاص على يد مخلص آخر الزمان الموعود ، الذي لابد وان يقوم بتحديث الرؤية ووضع القواعد الجديدة للحياة ، ولعل هذا يبرز في وعي الأمة ِ الإسلامية الجمعي الذي يرى إن الإسلام قد بدا غريبا ً وسوف يعود غريبا .. !
في الحقيقة ، لاوعي الأمة يمثل هذا المفهوم في وعيها لأنه يدرك حقيقة المأزق الذي تعيشه الحضارات الشرقية جراء منهجية التسليم بالكليات وما ترسبه من " تحقير" لقيمة الفرد وما يؤديه ذلك من " جمود" وعقم في الإبداع ، لذا ، فالإسلام المنتظر الجديد هو " الإستثناء" الذي يعول عليه الشرق دائما ً بالأنبياء الذين وبطريقة ٍ " ما " يخرقون قوانين الوعي وما تضعه من قيود على التفكير وينجبون " بالوحي" فكراً جديدا ً وتحديثاً جديداً يضع ُ عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ، فالذين آمنوا به ، وعزروه ونصروه ، فأولئك هم المفلحون .. !

هنا نصل إلى نتيجة غاية في الأهمية بعد هذا التحليل ، وهي إننا بحاجة إلى " نبي " أو أنبياء يخرقون قواعد الكليات ويغوصون في الحقيقة الكلية ليعودوا منها بالتحديث ، بشرط ، إن المجتمع الشرقي يجد في رسالتهم حقيقة كلية جديدة تتفوق على الحقائق الكلية الراسخة في أذهانهم ولا شعورهم ، مثل الإسلام الذي جاء كإعصار عظيم مكتسحا ً كل التمثلات لحقائق الشرق الكلية القديمة على يد نبي الإسلام العظيم .. محمد بن عبد الله القرشي الحجازي ، ونذكر النبي محمد بهذا الإمتداد في القبيلة والمكان كإشارة ضمنية إلى نسق " الثقافة" الإجتماعية الخاصة التي تؤطر فكره كإنسان قبل بعثته بالنبوة على الأقل .
والسؤال الآن هو .. ولعله أهم الأسئلة الواجب إجابتها :
هل الأمة الإسلامية بحاجة ٍ إلى محمد ٍ جديد ... وإسلام ٍ جديد ، كي تعود مبدعة ، زاهرة تقود البشرية إلى عصر ِ حضارة ٍ جديد ..؟
لو فرضنا الإجابة بلا ، فهذا يعني إن الدين يبقى على حاله ، ولا شعورياً يبقى الفكر والإبداع الفردي ضئيلاً أمام كلياته ، و الأفضل حينها أن تقوم الأمة الإسلامية مبتهلة ً إلى الله لإنهاء وجودها ومسحها من على خارطة الأشياء .. فهي قد أدت رسالتها و إنتهى تاريخها ، فالوعي الجمعي الإسلامي " مغرق " بالكلية إلى درجة إن العلوم والمعرفة كلها تتمثل اليوم في إعجاز القرآن الرقمي والفيزيائي والفلسفي والطبي و الليزري والذري وإعجاز القرآن في علم النانو وإعجازه في ميكانيكا الكم والنسبية وما لانهاية من " إنعكاسات " الإبداع الغربي المعرفية الحسية ، فالغرب يبدع ، والمسلم يبحث عن " إنعكاس " هذا الإبداع في القرآن !
على سبيل المثال ، مهندس ، درس الرياضيات والهندسة ، مثل السيد " فلان " ملأ صفحات الإنترنت بهذه الإنعكاسات التي ربما تكون صادقة ونابعة من وجدان ٍ صاف ٍ وروح مثالية تسعى للنهوض بالأمة ، ولكن ، هل يستطيع أن يخرج للبشرية بعلم ٍ جديد " يتفوق" على علوم الغرب الحالية من جوهر إعجاز القرآن ؟
هل يمكنه إبداع واحدة مثل " أبو القنابل " الروسية التي هندسها مهندسوا النانو في روسيا ؟
لن يستطيع ، وهذا تحدٍ أمام التأريخ ، ولو مليون باحثٍ في الإعجاز القرآني مثله ولو كان بعضهم لبعض ٍ ظهيراً ..وعلى مدى ألف سنة ٍ قادمة !
وفيما العجب ، والسبب بسيط ، إنه " الإطار المعرفي " في الإستدلال القائم على الإنطلاق من المسلمات الكلية " آيات القرآن " و الإنتهاء بالحقائق الجزئية " قوانين الطبيعة وآخر المكتشفات " ، فهذه هي العمليات الذهنية الطبيعية للمسلم والشرقي الحقيقي ، فهي تجري بهذا الإتجاه من العام إلى الخاص .

أما لو فرضنا الإجابة بنعم ، بما يتعلق بظهور محمد ٍ جديد للامة ِ الإسلامية بإسلام ٍ جديد يعود ُ به غريبا ً ، وهذا غير مستبعد لأسباب سنذكرها ، فكم سيبقى " محمد الجديد " و" إسلامه الجديد " حقيقة ً مطلقة ً كلية جامعة تتضاءل أمامها أي فرص ٍ للتحديث للألف سنة القادمة ، وبعد أن تضعف الحضارة الإسلامية " الجديدة " يعود قطب " الفردانية " والحسية للبروز مرة ً أخرى ، وهكذا دواليك يسير التاريخ بمنهج الديالكتيك متمثلا ً الصراع والجدل بين الحسية والباطنية ، الحسية التي يؤسسها أفراد كـُثر من كمد ظلمات الطبيعة بجزئياتها المعقدة ، والباطنية التي يأتي فرد ٌ واحد ٌ بها من السماء .. بكليتها المقدسة المبسطة !

في الحقيقة ، وفي ضوء ِ دراستي لتموج " الوعي الجمعي " لعموم الإنسانية في التأريخ ، فإن الصحوة الإسلامية الحالية ، ونقطة التحول الباطنية القادمة تؤكد على إن هناك شخص ٌ ما ، لا على التعيين ، بمجرد أن تتمثل به كل مقاييس النبوة الشرقية القديمة والحديثة فإنه سيتفجر " الوعي الجمعي البشري" في ذهنه لينجب رسالة ً كونية جديدة ، قد لا تكون سماوية ( وحي ٌ يوحى ) لكنها ستكون كاسحة للتاريخ قديمه وحديثه ، وربما لا يتسمى " نبيا ً " لكنه سيعرف بأنه هو الإمام المهدي الموعود الذي عاد بالإسلام الجديد كما فعل محمد بن عبد الله من قبله عندما " عاد " بإسلام إبراهيم محدّثا ً، إبراهيم النبي الذي زرع النبوة في فلسطين ومكة قادما ً من ( بابل ) ، الذي سمى الناس بالمسلمين كما يقول القرآن والذي بنى كعبتهم ، وكل ما فعله النبي العظيم محمد بها هو تنظيفها من الأصنام ، سيكون من المؤكد ظهور هكذا شخصية تستوفي الشروط و أولها " الإخلاص" المطلق للقضية ، قضية تحرير الأمة المرتهنة من طنجة وحتى جاكارتا ، سيما وإن هذه السطور في هذا البحث وسواه مما سيجري عليه " المصلحون" من بعدي ستكون زاده وموئله ليعرف كيف يقود الامة من الظلمات الحسية إلى نور الباطنية الشرقية ، ليعود بالإسلام الصحيح مكسراً كل " أصنام " المذهبية والتكفير والجمود والتعصب ..
هل سيعتقد إنه قد جاء بجديد سوى تصحيح مسار الرسالة التي جاء بها النبي إبراهيم والتي صحح مسارها قبله النبي محمد بن عبد الله ؟
هل سيتمكن من رؤية محور تحرك التأريخ بين الباطنية والحسية ؟
لو ننظر إليه ، وتمعن فيه جيدا ً ، سنجد إن كل ما يحاول فعله هو " ركوب " موجة التأريخ والصعود بالأمة إلى الباطنية من جديد ، وبعد أن يقوم بتكسير الأصنام " في عصره" لن يمر مئة عام ٍ إلا وتعود نفس المشاكل الحالية بالظهور مرة ً أخرى ..
ثم لا يمر مئة عام ٍ أخرى حتى تعود الحضارة الجديدة إلى الغرق في ظلام جديد من الجمود وسيعود الإستبداد ليسلب الأمة ويهين كرامة الإنسان الشرقي إلى الحد الذي يعود فيها أعدائها بالتسلط عليها مرة أخرى بعد أن تعود إلى عقمها بإنجاب العقول بإنتظار ِ محمد ٍ آخر ، وهلم جراً ، وكما يبدو فلا مخرج إلى حل ٍ يتجاوز التأريخ إلا بظهور معرفة عقلية علمية جديدة لا تميل للشرق ولا للغرب ..
هل يمكننا " الخروج " عن كل الأطر النمطية في الإستدلال والتحول إلى المعرفة " الصرفة" التي ليست بالشرقية ولا بالغربية ... كنور الله البهي كما وصفه في صميم القرآن ؟
الحقيقة التي أضعها في هذا الكتاب بيد كل مسلم بعد هذا " السيناريو" المؤلم وربما الخادش لضمير الامة جمعاء ماهو إلا " وخزة " للإستيقاظ من نوم ٍ عميق مر بنا ، كنا ذكرناه مطلع هذه المقدمة البسيطة ، ولدنا لنجد أنفسنا متخلفين خارج المسار الذي يتحرك به التاريخ ، فنوم ُ الأمة ِ ثقيل ٌ .. ولم يعد بالإمكان إحتماله .. !
هامش :
(*) آلهة الماضي هي ملائكة اليوم ، فالتخصص في العمل كان سمة الآلهة القديمة في مختلف حضارات الشرق القديم ، هذا التخصص تحول بعد ظهور ديانات التوحيد إلى الملائكة الذين أخذوا وظائف الآلهة القديمة ، كالحكمة والوحي والخصب والأمطار والعدد والحبوب والحب والحرب وغيرها .



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعرفة ُ في الشرق ....... هل لها مستقبل ؟ ((1))
- النظرية ُ الإسلامية ِ...سوء ُ تطبيق ٍ ..أم سوءُ تخطيطٍ رباني ...
- المجتمع كما رآه الرسول محمد....العلاقة بين الديمقراطية والعل ...
- صراع الحضارات ، حوار الحضارات، مستقبل الحضارات، هذا العالم.. ...
- الدخول إلى فضاءات النفس الداخلية وفق الطريقة البابلية
- محاكمة صدام....ام محاكمة التاريخ ؟ للمرادي والبعثيين الجدد ب ...
- مرثية ُ بغدادَ لبابل
- سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر ...
- في الطريق الى عقيدة ليبرالية عربية ج1
- سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر ...
- سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر ...
- الديمقراطية والحداثة في العالم العربي
- سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر ...
- سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر ...
- بابلٌ تتحدث...فلتنصتي لها يا صحراء
- سيد الارض المعظم..ليتقدس اسمك..ليات ملكوتك على الارض ايها ال ...
- حقيقة الدين بين الوحي والفطرة
- الدخول الى فضاء العقل الكوني
- سفينة ٌ تبحث عن مرفأ
- الإعلام العربي.....بين مصداقية الشرف المهني...وطوفان العولمة ...


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - المعرفة ُ في الشرق ... هل لها مستقبل ؟ ((2))