أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم الحسيني - النخلة - قصة قصيرة -














المزيد.....

النخلة - قصة قصيرة -


إبراهيم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 2167 - 2008 / 1 / 21 - 10:12
المحور: الادب والفن
    


حمل الحاج والي البندقية علي كتفه ووارب الباب, ثم أطل برأسه , ينظر الطريق و قتامة الليل , تسلل علي أطراف أصابعه, مضي في الحواري , والدنيا كحل , يتلصص حواليه , يرهف السمع إلي أنفاس وخلجات أهالي " بهتيم " , خلف جدران البيوت , يلقي قطعا من لحم حسن الحوفي , الذي مزق بدنه أشلاء , للكلاب التي تنبح في طريقه , إلي أن وصل كوبري ترعة الشاويش , تلفت يمنة ويسرة , وتنهد , ثم أضاء بطارية وأطفأها ثلاث مرات .
دمدم موتور سيارة نصف نقل , كانت مخبأة في دغل من الأشجار , محملة بالرجال الملثمين . قادهم الحاج والي مترجلين , بمحاذاة طريق القبور وسيدي الأعسر , إلي ترعة الخضراوية ,وهنا كانت النخلة سامقة .
قال : لقد تخلصت من الحوفي بمفردي , وعليكم النخلة , خذوا ما طاب لكم من البلح والجريد , إما هي لا أريد أن أراها , فتتوها , وارموا كل قطعة بعيدة عن الأخرى .
ووقف علي أياديهم , وهم يعملون بالمناشير الكبيرة والبلط إلي أن اجتثوها .
فكلم نفسه : الحفاة , أولاد الكلب , الجياع , طالت قامتهم , وتطاولوا علي أسياد البلد , ويساوون رءوسهم برءوسنا , ها هي نخلتكم , جثة , تحت قدمي , ولن تعطيكم , بعد اليوم , المربي والعجوة والبلح , فقدتم زيت النخيل وأقفاص الخبز , ولن تجدوا -من الآن- المكانس لتنظيف بيوتكم .
ثم عاد إلي داره , ونام ملء جفونه .
شقشق النهار...
لمت نعيمة الثوب الملون بين فخذيها , وهي لا زالت تحس بلل الحوفي بين وركيها.
وقالت : هديت حيلي من اللف وراءك , من بيت لبيت , ومن حارة لحارة .
ومالت تصب مياه ساخنة مبخرة, من إبريق نحاسي علي جسد الحوفي , الذي يدعكه بالليفة و الصابونة والحجر
قالت : خذ بالك من نفسك , الريح اليوم عاصفة , والسماء ملبدة بالغيوم .
قال , و رغاوي الصابون تغطي رأسه : ربما تكون معنا , أن لم يكن , فقد وضعت الليلة فيك بذرتي .
رمي حسن الحوفي بصره . عند قمة النخلة , يتأملها بدهشة وزهو وفرح , وهمس
" حتى الأمس لم تكن النخلة عالية هكذا "
ثم خلع جلبابه , وتعري إلا من سرواله , وربط طرف السلب حول وسطه , وابتعد بضعة أمتار , يتأمل النخلة مرة ثانية , وثمة عاصفة تهز الجريد و سبائط البلح , وتثير التراب والغبار, ولف السلب علي زنده , نفخ في كفيه , فركهما , وبكل عزمه , طوح الهلب : ليدور في الهواء دورة ودورة , ليستقر بين الجريد .
مطر .. مطر .. مطر ...
في الضحى , استشاط الحاج والي غيظا , وكاد يجن , لما رأي , من نافذة حجرته , الرجال والنساء والصبيان والبنات يروحون ويجيئون , بسبائط البلح حمراء وصفراء وسمراء , وهم يغنون :
يا جريد النخل العالي ..
العالي ..
ميل , وارمي السلام .
هب مذعورا , ينادي أحد خفرائه , الذي هرول إليه ,وقال:
- تطلع السما وتنزل الأرض , وتقول لي من أين هذا البلح ؟
هز الخفير كتفيه مندهشا ,
وقال: من النخل يا حاج .
هوي بكفه علي وجه الخفير ,وقال:
- نخل ايه يا روح امك ؟!
وسار بنفسه إلي ترعة الخضراوية , ليستطلع الخبر اليقين :
كانت الأرض تمتلئ بالنخيل , وأحفاد حسن الحوفي يملئون الوديان .



#إبراهيم_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العائلة - قصة قصيرة -
- لهو
- أفخاخ - نصوص -
- فالس - قصة قصيرة -
- النهار الذي غاب
- جلسة ليست عائلية - قصة قصيرة -
- الحدود - قصة قصيرة -
- بيضة الصباح و المساء - قصة قصيرة -
- الغائب - قصة قصيرة -
- عرس
- اللعبة (قصة قصيرة)
- الشاويش والدرويش1
- ليل
- ثقافة الحرمان بين الكاب و العمامة
- إيران في مرمي نيران العولمة


المزيد.....




- ظهور خاص لبيلا حديد في كليب فنان عربي (فيديو)
- وفاة الملحن المصري الشاب أمير جادو
- -فنان العرب- يظهر في عيد ميلاده.. -روتانا- تحتفل به وآمال م ...
- فنانة لبنانية ترقص وتغني على المسرح في أشهر متقدمة من الحمل ...
- “فرحة للعيال كلها في العيد!” أقوى أفلام الكرتون على تردد قنا ...
- موسيقيون جزائريون يشاركون في مهرجان الجاز بالأورال الروسية
- الشاعر إبراهيم داوود: أطفال غزة سيكونون إما مقاومين أو أدباء ...
- شاهد بالفيديو.. كيف يقلب غزو للحشرات رحلة سياحية إلى فيلم رع ...
- بالفيديو.. غزو للحشرات يقلب رحلة سياحية إلى فيلم رعب
- توقعات ليلى عبد اللطيف “كارثة طبيعية ستحدث” .. “أنفصال مؤكد ...


المزيد.....

- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم الحسيني - النخلة - قصة قصيرة -