أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سنان أحمد حقّي - إنها رسالة..!















المزيد.....

إنها رسالة..!


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 2157 - 2008 / 1 / 11 - 11:06
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


إنها رسالة!
(حول ندوة تلفزيونيةللشاعر أحمد عبد المعطي حجازي)
في الأسبوع الماضي شاهدت برنامجا تلفزيونيا عرض ندوة للشاعر الشهيرأحمد عبد المعطي حجازي مع مجموعة من الطلبة المصريين وكانت حلقة غنيّة بالمعلومات المفيدة لمن كان يستهدف ماوراء السطور كما يُقال.
وأشد ما عُرِض حزنا أن الشاعر سأل جمهور الحاضرين إن كان منهم من يحفظ شيئا من شعر شوقي ؟ أو حافظ أوعلي محمود طه أو محمود حسن اسماعيل أو سواهم فلم يحصل على واحد ولو واحد يلبّي ما أراد!
والمُحزن أيضا أن الكثير ذكروا أن العملية التدريسية في الجامعات ليست سوى حفظ واستذكار لمجموعة المختصرات التي يوزعها المدرسون والمحاضرون عليهم،أي لم يَعد هناك بحث ولا تعقّب للمعلومات في الكتب ومراجعة المكتبات وليس هناك عملية تفكير واستنتاج وإعمال للعقل!
الله يذكرك بالخير يا فيصل عودة! ..لقد كان يطلب منّا ونحن في المتوسطة أن نراجع المكتبة العامّة ونُحاول القيام بإعداد بحث عن شعراء وأعمال أدبية لم تكن من ضمن المنهج ولا أنسَ كيف أعددنا تقريرا عن الشاعر الكبير إبن الرومي يوم لم يكن من فاقنا مراحل عديدة قد سمع به بعد
الم يسمع الشباب أبداً بمبدأ التثقيف الذاتي؟
نعم هناك مناهج تعليمية وهي في أحسن الأحوال تعرض وتُعرّف القاريء على الأقل من القليل مما يتعلق بالأدب والحياة الثقافية فضلا عن تلبيتها هدف عدم التقاطع مع سياسة الحكومات المختلفة ..فكثيرا ما نجد أن ما يتم اختياره من شعر شاعرٍما هو أدناه فنيا بسبب من كون شعره في العموم يُمكن أن يَصطبغَ بصبغةٍ سياسية معينة يتعذّر معها عرضه
ولكن إذا ماختار معدّوا المناهج لبشار بن برد القصيدة التي يقول فيها :
ربابٌ ربّةُ البيتِ......إلخ فهل نفهم أن هذا هو مستوى بشار؟ وننسى :
وجيشٍ كجنحِ الليلِ يزحفُ بالحصى ـــــ وبالشّوكِ والخُطيِّ حُمرٌ ثعالبُهْ
وإن لم نجد علي محمود طه في الكتب المقررة فإننا لا بد أن نبحث عن أعماله لنطّلِعَ على الفن الرفيع في الوصف والموسيقى الراقيةوكيف أنه من الندرة التي طوّعت بحر المنسرح ليلبّي نداء الأدب الحديث! لتلبية حاجات المثقف المتفاعل مع الآداب العالمية!
إنني أجد شبابا يتمتع بذكاء أخّاذومواهب لامعة في أحيان كثيرة و في مختلف الميادين ولكن طاقاتهم تذهب سُدى وهباءً لأن القيادات التدريسية لم تعد تشعر بالمسؤوليّة وكلما طرقنا على المشكلة نسمع الإجابات التي تعلّقها على المرتبات والمردود المادّي ..ألم يكن هناك شعراءٌ صعاليك؟ ألم يجُع الأولون ؟ ألم يُعاني العلماء والمبدعون؟ ألم يتألم الرواد ؟ وعلى رأسهم وقبلهم وبعدهم ألم يُعاني الأنبياء والرسل والأولياء ؟
لقد بلغني يوما أن الرجل الذي كان له الفضل الأول في اختراع الصواريخ الجبارة والتي حملت فيما بعد مفتاح عصر الفضاء لم يكن ذلك الرجل ليجد قوت يومه وكان يقول أنا أهب الناس علما سيعود عليهم بما يوفر ألاف الأطنان من القمح وهم لا يوفرون لي خبزا لعشائي!
نعم نحن لا نرغب أن نكرس معاناة العلماء والمفكرين ولا تجويعهم كما كان يحصل في الماضي ولكن نداء الإبداع والمثابرة وحب العطاء لا يعرف المعوقات
هل كان الرصافي يكتب لقاء راتب أو مال؟ أم فعل ذلك الجواهري أم بدر أم حسين مردان أم صلاح عبد الصبور؟ ولو جمعنا الساعات الطوال التي يخصصها ويُنفقها الشعراء والكتاب والفنانون في عملية إبداعهم لحد هذا اليوم نجد أنها غير مدفوعة الأجر أبدا ولا يستوفي لقاءها من يبذلها بسخاء أي مردود مادّي
لو سألنا أحد الشعراء أين ومتى تكتب قصائدك فلربما يقول في ساعات ما قبل النوم وآخر سيقول لا أدري .. ربما في أي وقت ..وآخر ربما يقول في القطار وغيره في الطائرة وآخر بعد الغداء ووو..من يدفع لهم أجر هذه الساعات وهي أوقات راحة أو عمل أو سفر؟
نعم نحن نفهم أن أجر المعلم أو المدرس أو غيره غير كافٍ ولكن هل ننتقم في المقابل من المستفيد وهو طلبة العلم ونحرمهم من الجهد الذي يستحقونه؟
لماذا تحوّل المدرّس عن مهمته الوطنية وأهدافه النبيلة؟
هل بسبب الراتب نجد أن الأستاذ الجامعي يرد على أحد الطلبة الذي أعترض على حلّ لإحدى المسائل وقال أن والده وهو متخصص في نفس المواد،و أخبره أن الحل هو كذا أجاب الأستاذ الجامعي :وهل أبوك من سيضع الدرجة أم أنا؟
أي عفن هذا؟
يجب أن نُعلّم الناس لا أن نخلق منهم إمّعات وجماهير تصفّق لناأو أناسا يؤمنون انهم لن يبلغوا ما بلغناه لأننا عباقرة وهم ـ حيّا الله ـموظفون!
إنني آسفُ على الجيل الذي انقضى وهو لم يروِ ظمأه للعلم والمعرفةوحب الأطلاع والإستطلاع
كان منهم من يتجرّأ على صعود واعتلاء جيادالمعرفةالأصيلة وقتَ لم يكن ذلك أمرا معهودا بصبيةٍ لم يتعلّموا الريادة
كان منّا مرة من طلب كتاب الطاعون لكامو من أمين المكتبة فلم يوافق أمين المكتبة وقال له : يا إبني إنت صغيرجدا على هذا ..إقرأ مجلة السندباد أو مجلة سمير!
كانت النفوس كبارا
لقد كان منّا المرحوم عبد الخالق محمود الذي كانت الشاعرة المعروفة نازك الملائكة تعطيه درجة 100% في المواد التي تحاضر فيها وهي أستاذة جادّة جدا وفيما بعد أصبحت تُحاضر في أِشهر الجامعات العالميةوقد شاهدت بنفسي رقم 100% في الوثيقة التي استخرجها بعد التخرج بعدة سنوات وفي مادتين مهمّتين كانت تدرّس فيهما
لقد كان أول كتاب قرأناه أنا وصديق لي يشهد بصدق ما أقول هو والفولاذ سقيناه لأستروفسكي ونحن ما زلنا أطفالافي أولى سنوات المدرسة المتوسطة
كان منّا من عندما يذكر المدرس بيتا من الشعر ويتحدّى الطلبة في معرفة القائل ينهض له أحدهم ويقول له اسم الشاعر ويقرأ عليه جزءا كبيرا من القصيدة ويذكر المناسبة
كان منّا من يحفظ القصائد لأول قراءة أو ثانيها
لقد ملأنا جدران المدارس بالنشرات والمجلات المخطوطة والغنيّة بمقالات رصينة ومثيرة!
ليس في الأدب وحده بل في الفن والعلم وآخرون في اللغات أيضا
قرأنا ونحن لمّا نضع أولى أقدامنا على أعتاب الإعداديّة العديد من الآثار العالمية مثل الدون الهاديء وجحيم دانتي وآداب شكسبير وروايات سارتر وكامو و سيمون دي بوفوار وروايات جويس وشتاينبيك وهمنكواي وفولكنرولوركا وأراكون وإيلوار ومايكوفسكي وبوشكين وناظم حكمت وعبد الله كوران وبه كه س فضلا عن أدباء وشعراء التراث العربي مثل المتنبي وأبو تمام والبحتري وغيرهم كثير
أين ذهب كل هذا؟
كنّا عندما تأتلق أو تومض الخمرة في رأس احدنا يبدأ بقراءة مجنون ليلى كلها وربما يغنّي جزءا منها
لماذا لا نجد في أكثر من مائة طالب مصري من يقرأ علينا شيئا لشوقي ولا لإبراهيم ولا للمهندس ولا.. ولا.. ولا...
وماذا يعلّمهم هؤلاء الذين يملؤون أسماعنا بأحاديث قلّة المرتبات والفلوس؟
هل ترك طه حسين ثروة ؟ ألم يُعاني من العوز عندما تمت إحالته على التقاعد ثم حرمانه من الكتابة في الصحف؟والتفاصيل أصبحت معروفة
ولا أظن أن محفوظا باستثناء منحة جائزة نوبل قد استطاع أن يجني ثروة من وراء الأدب على وفرة كتاباته وما طبعه من كتب
وهي نفس الحال التي مات عليها مصطفى جواد والعالم عبد الجبار عبد الله الذي لا يستطيع احد إنكار مراجعاته المتكررة لإنجاز معاملة راتبه التقاعدي والذي لم يكن أمراً ميسورا بعد أن عُزِلَ عن الخدمة
وكم كان راتب جواد سليم؟ أو يوسف العاني ؟أو حتى العلماء والأطباء الكبار حيث وجدتُ الدكتور خالد القصاب يوما وهو من هو؟ جراح ربما يكون أكبر جراحي العراق وفنان من الرواد ومن مثقفي العراق وجدته وهو جالس وراء منضدة ربما لا تزيد مساحتها على متر واحد في العيادة الإستشارية والغرفة عديمة التبريد صغيرة جدا وليس فيها أثاث سوى كرسي ومروحة وعندما سالته هل هذا يناسب مقامكم يا دكتور؟ قال بالعراقي: شنسوّي!
لقد كانوا مثلا يُحتذى وتحمّلوا شتى أنواع العنت والحسد والجحود والحرمان ولكن واحدا منهم لم يتنصّل من خدمة طلبته أو المستفيدين من عمله
ولو بقينا نستعرض الرموز التي قامت عليها نهضة عريضة لوجدنا من هم أولى بأن نستذكر
وهكذا تقوم الأمم ..بمثل هذه التضحيات وليس بالتعكّز على التهافت على المنافع لتبرير التقصير
لقد بلغني أيضا أنه قيل أن أدوات النهضة هي المعلم والقاضي والطبيب وربما كانوا كلهم أوجها للمعلم فقد قال سيد الخلق قولا عظيما فيه: خيرُ قدمٍ سارت على الأرض هي قدمُ المعلّم!
إنها رسالة !
يا ناس ..إنها رسالة!



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخوة يوسف!
- صدفات البحر..لآلي لُغتنا
- فنطازيا ..المنافقون
- مساواة( للكشر)!
- النخل الغيباني
- فيصل القاسم.. محرّضا يساريا!
- فنطازيا نحيب الكيتار
- عودة إلى سد الموصل
- فنطازيا ..تعاويذ ألكترونيّة
- ذكريات وأسرار من المستقبل
- فنطازيا قاري مقام
- فنطازيا التنمية الإنفجاريّة
- أفكار فنطازيّة
- فستُبصِر ويُبصِرون(في تقسيم العراق!)
- بحور بلا حدود
- قضايا المرأة وغسل العار
- محمود عبد الوهاب
- صمتْ
- الأساتذة فيصل عودة ورفقاؤه من أعيان المعلمين عيد المعلم


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سنان أحمد حقّي - إنها رسالة..!