أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - فنطازيا قاري مقام















المزيد.....

فنطازيا قاري مقام


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 2112 - 2007 / 11 / 27 - 09:25
المحور: كتابات ساخرة
    


فنطازيا قاري مقام

ياسين الفرّاش يحب كثيرا تحريف الأسماء والألقاب ولا أحد يعلم هل يفعل ذلك عن قصد أم أنه يلفظها حسب استيعابه لها
هو يقول قاري مقام عن القائممقام
وكم حصد من الكلام القاسي الذي يكافئُه به القائممقامون عندما يسمعونه لأول وهلة
والحقيقة أنه ليس هو وحده الذي يفعل ذلك فأنا لي صديق مثقف كنّا نقرأ كتابا عن الفولكلور وضعته الكاتبة المعروفة سلافة حجّاوي كما أتذكر، لكن صاحبي يقول زكريا حجازي وعندما نحاول تصحيح قوله يعود ليقول في مرة أخرى سلامة حجاوي ثم يصححها إلى سلامة حجازي ويعود إلى زكريا حجاوي ولم ينطقها ولا مرة واحدة بصورة صحيحة أبدافلا عجب أن يفعل ياسين الفراش هذا
لقد خصص ياسين الفراش (قوري خاص ليعمل به شايا خاصّا لقاري المقام الجديد الذي التحق حديثا،وكنا عندما نرغب بشاي (يعدّل) الراس نقول له :من قوري القايمقام الله يخلّيك!
قاري المقام الجديد كما كان ياسين يلحّ على تلك التسمية ولا يتركها مهما كلفه الأمر ،كان غريب الأطوار تماما فهو فخور بنفسه كثيرا ويحمل ساعة جديدة ولكن ليست من الأنواع الفاخرة ولكنه يريها لكل من يدخل عليه ويقول مفاخرا أنها هديّة من السيد الرئيس!
ولا نعلم هل كان هذا صحيحا أم ادعاءً
ولمّا لم يجد أن في قضائه شرطة تقوم بتنظيم المرور فقد طلب من مديرية المرور تخصيص مفرزة ولكن مديرية المرور لم تعير الطلب أهميّة واعتذرت بسبب عدم توفر الموجود لديها ،لذلك أخبرهم وكل ذلك بكتب رسميّة طويلة عريضة كان رحيم كاتب الطابعة ينفق الساعات الطوال في نسخها على الآلة الطابعة أخبرهم أنه يستطيع أن يوفر شرطي من مراتب المعاونيّة فوافقت المديرية طالما أنها لن تكون مسؤولة مسؤولية مباشرة عنه وهنا اختار شرطيا (عنتيكة) بدر الشرطي كان طويل القامة جدا جدا ويتصنّع السذاجة والعبارات الشعبيّة وكل ذلك ممزوج بتلميحات ذكيّة وبليغة يشتهر بها أهل منطقته ،عندما يؤدي بدر تحيته العسكرية للقاري مقام كان يرفع قدمه إلى مصاف وجه من يقابله تقريبا ويطرق بقدمه بشدّة على
(كاشي) الأرضية ليحدث صوتا وكأنه انفجار
*****
عندما حضر المهندس من مركز المحافظة طلب القاري مقام من المجلس البلدي عقد اجتماع طاريء ليناقشوا موضوع الأبنية الجديدة التي سيتم تشييدها وحضر أعضاء المجلس بلا استثناء وكان منهم من لا يُجيد القراءة والكتابة ولكنه يبصم بختمه الحديدي الصغير وأكثرهم متعودين على الموافقة على كل ما يقوله القاري مقام بل أن جميع الأعضاء يضعون ختمهم على مجموعة الأوراق والقرارات وهي مربوطة بالخيط الأخضر(القيطان) دون أن يفتحونها !
طلب القاري مقام من المهندس أن يُريهم الخرائط ففعل ولم تكن هناك اعتراضات لكن بعد طرح جدول الكميات عليهم سأل القاري مقام كم تبلغ كلفة المشروع وما هي المدة المتوقعة للإنجاز وكان المهندس يُجيب كما هو مطلوب لكن القاري مقام سأل بعد أن شهد مخططات الأسس كم تبلغ تكاليف هذه الأسس؟ فأجابه المهندس ولكنه سأل مرة أخرى وكم هي نسبة تلك التكاليف بالنسبة لكلفة المشروع فقال له المهندس هي بحدود12%إلى 15% بسبب ضعف قابلية تحمل التربة في الموقع،هنا ارتجف القاري مقام وقال :تريدني أن أحفر الأرض وأضع فيها 15% من كلفة المشروع من الفلوس وأردمها عليها؟
تعالوا يا معودين شوفو؟! ترضون ؟تقبلون؟
طبعا ردّ الأعضاء :لا بيك ..لا ! شلون نقبل
وتعرقل المشروع الذي تم تنفيذ نصفه بعد عدة سنين وفي عهد قاري مقام آخر بضعف التكاليف التي كانت قد تم تقديرهاله في حينه وقد بلغت تكاليف الأسس أكثر مما تم عرضه بكثير!
*****
سلك ذلك القاري مقام نفس السلوك مع غالبية موظفي المحافظة واستعداهم على نفسه فقاطعوه ولم يزرهُ أحد لمدة طويلة فكتب رسالة رسميّة للمحافظ يشكو فيها موظفيه وأنه لم يعد قادرا على تأدية مهامه الوظيفيّة وأنه سيلقي نفسه في النهر ليسبح إلى الظفة الأخرى لعله يجد خلاصا مما هو فيه
فضحك المحافظ كثيرا وأوعز بجمع كبار الموظفين بالمحافظة للقيام بزيارة ترضية للقاري مقام هذا!
وحصل فعلا ولكن بعد أن ضيّفهم جميعا وانطلق وتم الصلح أخذ يعتب عليهم واحدا واحدا وهو يقول : شمالكم تزعلون بالعجل لعد لو شايفين أنا من كنت مدير تحرير سابقا شلون كنت أبهذل الناس؟ أشو ما كانوا يزعلون!
قال عندما كنت مدير تحرير جائني مهندس الإدارة المحليّة يطلب مقابلة المتصرف (المحافظ) وشفت المهندس شايف روحة زايد وسلامه خفيف قلت له انتظر ، ودخلت على المتصرف وقلت له :بيك هذا المهندس يريد مقابلتكم بس أنا شفت الأسعار بجدول الكميات كأنها عالية لكن تدري مو اختصاصنا ،لهذا أشوف لو تسوّي نفسك زعلان وتطلب منه أن يعيد النظر بالأسعار وبعدين نشوف، قال المتصرف إنت هالشكل شايف؟ قلت نعم بيك!
ففعل وعند دخول المهندس افتعل المتصرف التجهم ورمى الأوراق أرضا وقال :شنو هاي ؟ الأسعار كلش عالية ..أعيدوا النظر فيها ففوجيء المهندس ولكنه أجاب بالطاعة وخرج.
وبعد عدة أيام عاد المهندس يطلب مقابلة المتصرف ..فأخذها صاحبنا ودخل بسرعة على المتصرف وهو يقول بصوت شامت وخفيض : بيك .شوف ..لقد خفّض الأسعار! هاي شنو معناتها؟ معناتها أكيد كانت الأسعار زايدة وإلاّ شلون استطاع خفضها؟هذولة المهندسين يلعبون بكيفهم ماكو ضوابط لعملهم؟
وانشرحت أسارير المتصرف وقال : هسه شنسوّي؟
قال له صاحبنا ..بيك وبّخه واطلب منه أن يكون دقيقا لأنها أموال الشعب مو قشمرة.
وفعل المتصرف، لكن المهندس تحمّل التوبيخ والإهانة ولم يخضع لصاحبنا وهذا مما جعل المناوشات تتفاقم حتى تم نقل المتصرف
*****
وحدّثهم بعد شرب الشاي كيف أنه كان ببعض الوحدات الإدارية يبني بطابوق بعض الأبنية أبنية أخرى لأن لم تكن مواد البناء موفورة!
وضحك الجميع وخرجوا وهم يودون لو لم يتعرفوا به
لقد كان يوما مشهودا حين زار القضاء مسؤول مهم من العاصمة ..فقد أوعز لمركز الإطفاء بغسل الشوارع ورش النفط الأسود في كل الشوارع الترابية وخصوصا ذلك الشارع الذي سيسلكه موكب المسؤول المهم..وأخلى الشوارع الرئيسة من كل أنواع المركبات إذ أنها قد تُعيق موكب المسؤول الزائر المهم ووقف في منتصف أحد الشوارع نهارا طويلا لكي يحيي الموكب وأوقف بدر الشرطي على مدخل أحد الجسور المهمة لئلاّ يعترض أحد موكب المسؤول
وعندما اتصل أحد فرّاشي المتصرفية به مخبرا بتوجه المسؤول إليهم ارتبكت الأمور وكاد يحدث منع للتجوال تقريبا من كثرة التهويل والتخويف وما هي إلا بضعة دقائق حتى بدا الموكب وهو ينطلق سريعا جدا إذ أنهم كانوا يركبون سيارات مرسيدس جديدة ووقف القاري مقام والشرطي بدر ليحييوا الموكب ولكن لم يعبأ بهم أحد وانطلق الموكب إلى الجسر إذ ظهرت عربة يجرها حصان من الطريق الريفي الذي يتقاطع مع مسار الجسر وما إن انعطفت العربة لتتوسط الجسر وبسبب الهياج الذي أحدثه بدر الشرطي توقف الحصان وتوقف عن مواصلة السير فوصلت سيارات الموكب المسؤول وطبعا توقفت عند الجسر ولم يتم إزاحة الحصان والعربة بسهولة وتأخر الركب ففتح المسؤول الكبير زجاجة نافذة سيارته وهو متململ ليقول :هذا منو قائممقام هالقضاء؟ قالها بنبرة غاضبة ثم أغلق النافذة وبعد ثلاث دقائق انطلق الموكب مواصلا سيره
فأطرق القاري مقام طويلا وبدا حزينا ولم يُكلّم أحدا وعاد سيرا على الأقدام إلى ديوانه بعد أن اتصل به أحد مرافقي الموكب ونصحه أن لا يحاول مقابلة المسؤول لأنه ربما يسمع منه عبارات قاسية!
ودخل ديوانه الرسمي وهو يكاد يكون فارغا إلاّ من بعض أفراد الحرس وبعض الموظفين الصغار فالتفت ليجد بدر الشرطي وراءه فقال له تعال بدر تعال فدخل بدر معه وهو يتلمظ ويوزع ابتسامات الشماته والسخرية والتي كانت بادية بوضوح على حركة حدقات عينيه
جلس القاري مقام إلى مكتبه وقال:يا بدرإن المسؤول الكبير أمر لنا بهديّة تعال أهمس لك بها
إقترب بدر الشرطي ووضع أذنه أقرب ما يكون إلى فم القاري مقام فسارع القاري مقام إلى قضم أذن بدر الشرطي فصرخ بدر من الألم وصاح مع صرخته :آآآآآه هذا شلون قاري مقام هذا يعضّ!
وبسبب ألمه حاول أن يفلت من قضمة القاري مقام لكنّه بغير قصد دفع بإحدى رجليه الطويلتين جدا جدا مكتب القاري مقام وكل ماعليه من أوراق وكان يوما مشهودا
*****
أما عداؤه للمقاولين والمهندسين فليس له حدود
عندما باشر المقاول الجديد بأعمال المبنى الكبير وجد القاري مقام في ذلك ما يملأ عليه الفراغ سواء في أثناء الدوام الرسمي أو بعد أوقات الدوام الرسمي حيث رابط في الموقع وأخذ يتدخّل في كل صغيرة وكبيرة ويأمر ويقترح ويغيّر ويبدّل حتى سئِم المهندس من تدخلاته الكثيرة ولم يعد يزور الموقع إلاّ قليلا
وعندما أسفرت التدخلات الطويلة والعريضة عن خسائر كبيرة للمقاول أصبح المقاول يتهرّب عن إثبات حضوره فطلب القاري مقام من المتصرف أن يحجزه في موقع العمل وبذلك لم يعد أحد يستطيع التمييز بين القاري مقام والمقاول إلاّ بملامح بسيطة إذ أن كليهما لا يتحرّكان إلاّ بصحبة شرطي وكادت التكاليف الإضافية وكثرة طلبات القاري مقام أن تقصم ظهر المقاول فأصبح المقاول ملتحيا ويرتدي الدشداشة بدلا من البدلة الأنيقةوالحقيبة (السمسونايت )وصار مطرقا على الدوام يفكّر بصورة حال يخرج بها من المأزق الذي ألمّ به كما أصبح يأكل مع العمال البصل والخبز والخياروالطماطة بدلا من الدجاج المشوي وبدلا من ارتياد المطاعم الغالية
اقترح عليه أحدهم أن يلجأ إلى أب القاري مقام فهو شيخ له احترامه بين الناس في منطقته..وأخذ عددا من المشايخ ومن ضمنهم أحد السادة المعروفين وقام بزيارة والد القاري مقام هذا.
بعد ثلاثة أيام من الضيافة العربية والكرم الحاتمي كان لزاما عليهم أن يطرحوا مشكلتهم فشرحها المقاول،وطلب عطف الشيخ الكبير وتوسطه عند ولده لكي يخفّف من حجم مضايقاته ويفسح له المجال لإتمام ما بعهدته من التزامات و...إلخ
حار الأب الشيخ جوابا وانتصب واقفا وتخطّى قليلا إلى واجهة الخيمة ونظر بعيدا وهو يستذكر شكاوى عدد هائل من الناس لديه ضد ممارسات ولده ..وقال يحدّث نفسه..تُرى ما ذا أقول لهم؟ وهل يصدقون أنه لا سلطة لي عليه رغم أنني أبوه؟فهو الآن مسؤول وله حرس وحماية وقوّة ، وأنه قد أخجلني مرارا مع الناس!ولمعت في ذهنه حيلة!
التفت إلى الحاضرين وقال: يا جماعة ..هذا ما هو بإبني ..أنا كنت رايح أحج بيت الله ورجعت لقيت أمه حامل بيه! شلون ؟ ما أدري
وللفنطازيات صلة ..والسلام عليكم



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنطازيا التنمية الإنفجاريّة
- أفكار فنطازيّة
- فستُبصِر ويُبصِرون(في تقسيم العراق!)
- بحور بلا حدود
- قضايا المرأة وغسل العار
- محمود عبد الوهاب
- صمتْ
- الأساتذة فيصل عودة ورفقاؤه من أعيان المعلمين عيد المعلم


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - فنطازيا قاري مقام