أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصباح الغفري - صناعة القرار في زمن التراجع والفرار














المزيد.....

صناعة القرار في زمن التراجع والفرار


مصباح الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 664 - 2003 / 11 / 26 - 04:30
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


حدثنا أبو يســار الدمشقي قال :
ما أعرفه أن الصناعة، وسيلة لانتاج البضاعة . فمن مصانع الأخشاب، نشتري الكراسي والأبواب . ومن معامل القنابل والسلاح، نحصل على أدوات الحرب والكفاح . أما مشاغل الأقمشة والملابس، فتعطيك ما تتقي به البرد القارس .

وأعلمُ أن صناعة الكلام، رائجة في بلادنا على الدوام . فنحن أئمة الشعر والخطابة، وليس في ذلك أي غرابة . فتاريخنا هو تاريخ الشعر، والحكايا والمقالات والنثر .

لكن قاموس السياسة والإذاعة، أتحفنا بنوع جديد من الصناعة . فقد سمعنا عن صناعة القرار، في زمن لم نحقق فيه أي انتصار، بل عانينا من الانهيار بعد الانكسار . وسرعان ما تلقف المقاولون هذه العبارة، وراحوا يستخدمونها بحذق ومهارة . فلا تخلو جريدة من الجرائد، من الحديث عن هذا الفن الرائد . ففي عصر الانفتاح، كل شيء مُبــاح ، وكل شيء مستباح .

أعترف  أنني في كثير من  المسائل، أميّ وجاهـل . وعلاقتي بالســـادة الحكام، ليست أبَـــداً على ما يرام . لذلك جنحت إلى الظن والتخمين، وبعض الظن إثم مُبين . واستنتجت أن هذه الصناعات، متخصصة في إنتاج القرارات . والإنتاج لا بد أن يُباع في الأسواق، ويجلب للمنتجين الأرباح والأرزاق .

وشعرت أن الحياة أصبحت بهيجة، عندما توصلت إلى هذه النتيجة . وقصدت أقرب بقال في الحارة، وتقدمت أسأله بجرأة وجسارة :
- أعطني يا رعاك الله ثلاثة كيلو غرامات، من أجود أصناف القرارات !
لكن الرجل نظر إلي بغرابة، ولمحت على وجهه علامات الكآبة . قال :
- هل أصبت يا هذا بمس من الجنون، أم أنك مهذار مأفون ؟
قلت مهلاً  يا صديقي البائع، عقلي والله في رأســي وليس بضائع . وأقسم بالواحــد القهار، أنني سمعت عن صناعة القرار . فأين يذهب الصانعون بالبضــاعة، بعد التولــيف والتوضـيب  والصناعة ؟
ضحك صاحبي وهو يقــول، لا شك أنك رجل بهلول . إن صناعة القرار تحتاج إلى مواد، وهي مفقودة من البلاد، لذلك يأتون بها عن طريق الاســتيراد . فقراراتهم مصنوعة في الخارج، وهي تسبب الكساح والفالج. لكنها مترجمة إلى لغة العرب، وهذا ما يثير الدهشة والعجب . وهذه البضاعة لا تباع للفقراء، بل هي حكــر للأثرياء . يأخذونها مجاناً بلا ثمن، فافهم إن كنت من أهل الفــطن . وثمّــة قرارات تأتي عن طريق التهــريب ، فافهــم أيها اللبيب ! واحفــظ لسانك، فهو حصــانك، إن صنته صــانك ، وإن خنتــه خانك .

قلــت :
ـ  وكيــف تتحــدث القيادات التاريخيــة ، عن صــناعَــة القرارات الوطنيــة والقوميــة ؟ الكل يتحدث عن اســتقلاليّــة القرار، من أهــل اليمين إلى أهـل اليســار . لدينا مصــانع للقرارات ، من قصــر المنهــل إلى الصخيرات .  لكنني لا أعلَم إن كانت هذه الصــناعَــة حكراً على  القطاع العام ، أم أنهــا متداوَلَــة بين الأنام .

جحَظــت عينا البقــال ، وتلفت حوله ثم قال : عِنــدي أطفال يا ابن الحَــلال ، فلا تكثر من القيل والقال ، خصــوصــاً في هــذا المجـال ! 
قال أبو يســار:
شكرت صديقي البقال على هذه الشروحات، ورحت أنشــد هذه الأبيات :

أبصــرت شمطاءً  تتيـه وفوقهــا        تشكو الضياعَ ، قِـــلادة وسوارُ
         جَسَــدٌ تعَـوّض بالحُليّ وجَـرْســِه       إذ غاض منــه شــــبابُـه الفـوّارُ
         ورأيت كيف المُســــــــتبد بغيره        يوحي ويوهِـــمُ أنه جَـــــــــيارُ



#مصباح_الغفري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغييــر الأدوار بين القظـــلار والدفتــردار !
- الوصــايا العشـــر
- الكــلامُ المُــباح في مســـألة الحَمْــلِ والسّــــفاح
- مرشــد الحيران في ذكـر ما جـرى في بطـــــانة الســــلطان
- حــروفُ الشــوْك بين مســرح الشــوْك وحكومــات الشــوْك!
- حكايــة الواوي الذي بلع المنجل !
- الســيد - شن - وزوجته السيدة - طبقة - !
- الرفيـــق المنــاضـــــل كوجـــوك علي أوغــلو وولده - دده بي ...
- الرئيس - مسبق الصنع - !
- كتاب مفتوح من أبي يســــار إلى الطبيب الحكيم بشــار
- دائرة فلتانة سي!
- خصخصــة المفاوضات وخصخصة الكركونات!
- الصراعات العقائـــديـــة بين القبوقــــول والإنكشــــارية
- القطّـــة والطاسَـــة في العلاقة بين المقاولات والسياسة!
- الطَّشَــــرون
- الحصــن الحصــين في ذكر ما جرى في مؤتمر المقامرين!
- مــورِدُ الظـمـــآن في أسباب صَمْــتِ الأورانغوتان!
- أجهزة المخابرات مأكــولة مَــذمـــومَــة!
- رؤســاء الإنترنيت وحكام البامبرز !
- المســـألة الحِماريــّة! في توريث الجمهوريّـة والجماهيريـّـة


المزيد.....




- صورة سيلفي لوزير مغربي مع أردوغان تثير انتقادات وردود فعل في ...
- سيارة همر -مسروقة- في دمشق تظهر ضمن سيارات الأمن السوري... ك ...
- -فضيحة الصندل-.. برادا تعترف باستلهام تصميمها من الصندل الهن ...
- مقتل 18 فتاة في -حادث المنوفية- يهز مصر وسط مطالب بإقالة وزي ...
- مئات الملايين والمليارات: حفلات زفاف باهظة الثمن في القرن ال ...
- ترامب: أنا -لا أعرض شيئا على إيران ولا أتحدث معهم-
- مشروع مغربي طموح يربط دول الساحل الإفريقي بالمحيط الأطلسي
- توتر الوضع الأمني في الشرق الأوسط : كيف يؤثر على خطة لبنان ل ...
- بعد شهر من الغياب.. العثور على جثة الطفلة مروة يشعل الغضب في ...
- حل مئات الأحزاب الأفريقية.. خطوة نحو التنظيم أم عودة لحقبة ا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصباح الغفري - صناعة القرار في زمن التراجع والفرار