أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصباح الغفري - حــروفُ الشــوْك بين مســرح الشــوْك وحكومــات الشــوْك!














المزيد.....

حــروفُ الشــوْك بين مســرح الشــوْك وحكومــات الشــوْك!


مصباح الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 662 - 2003 / 11 / 24 - 03:24
المحور: الادب والفن
    


حدثنا أبو يســار الدمشــقي قال :
رأيتُ أبا زيــد الســروجي بعد الفراق ، قلت أين أنت أيها الأفاق ، وكيف حالُ الأهل والرفاق ؟ ألا زلت زبوناً للمحاكم كعهدي ، أم أنكَ تبْتَ بعدي ؟ فنظر أبو زيد نظرة ، وتأوّهَ بحســرة . قال : لا تكثر القيلَ والقال ، واحمــد ربك ذا الجلال . ولا تظنّنّ بي الظنون ، فأنا عاقل لا مجنون . وهلمّ بنا يا أبا يسار ، إلى حانة أو إلى بار ، لأروي لكَ آخر الأخبار .

مَـصّ أبو زيد من كأســه مَصّــة ، وقال بحـرقةٍ وغصّــة ، قصتي أعظمُ قصّــة ! كنت في خَطْــبٍ وبيل ، بسبب سَـــند توكيل . فمنذ تســعة أشهر بالتمام ، أرسَــلَ لي أبو حســـام ، سَــندَ توكيلٍ عام . فهو يملكُ أرضــاً في النبك ، ويريدُ بيعها بسبب الإفلاس والضنك ، وملاحقة الدائنين والبنك . وعندما أبرزت الوكالة ، إكتشفت ما أنا فيه من جهالة . فالوكالة لا تقبلُ في الخصــومة والمنازعات ، أو في بيع العقارات ، إلا بعد تصديقها من المخابرات !

إشــتريت الأكفان والحنوط ، وذهبت إلى الفرع وأنا أشعر بالقنوط . فالداخل إلى أجهزة الأمن مفقود ، والخارج منها مولـــود . ذهبت كالساعي إلى حتفه ، بيده وظلفه . وبعد الإنتظار ، جاءني ماردٌ جبار ، قال أجب بتفصيلٍ واختصار . ما علاقتك بأبي حســام ، وهو عـلاّكٌ ونمّــام ، ومعادٍ للنظام ؟ ولماذا اختارَكَ أنت بالذات ، لبيع العقارات ؟ ثم إنه أعطاني كميّــةً من الورق ، وأنا أتصَبّــبُ من العرق ، وأتلو في سِــري سورة الفلق . قال أكتب لنا ســيرَة حياتك منذ الفطام ، وما تعرفه عن أبي حســام ، هذا المارق ابن الحرام .

لم يكن أمامي من خيار ، فأنا في الحبس والحصار ، فرحت أكثر من الإستغفار . كتبت كل ما تذكرت عن هذا الصديق ، وأنا كالغريق . وبعد أن ملأت عدة صفحات ، تعاورتني الأيدي بالصفعات . وضعوني في الزنزانة ، قالوا أكتب من جديد بصدق وأمانة . ورحــتُ أكتب حتى الصباح ، معللاً النفس بالارتياح . وبقيت عندهم بضعة شــهور ، أحسُـــدُ ســكان القبور . وبعد الوساطات والشَفاعات ، ودفع ما تيَسّــرَ من الليرات . صــادروا الوكالة ، وقالوا لي : إياك والرذالة !

قلت لأبي زيــد ، أيها القريــد ، وقعت والله في الصيد . لكنني لا أرى في الأمر غرابة ، وليس فيه ما يدعو إلى الكآبــة . ألا تعلم أن الوكالة من حروف الشــوك ؟ الشين هي الشراكة ، والواو هي الوكالة ، والكاف هي الكفالة . فلماذا دخلت مســرَحَ الشــوك ، وأنت في بلد الشوك ؟ وما ذنب الحكومة ، إذا أرادت حمايتك من الشوك يا ابن اللئيمة ؟

السلطات الرشيدة في البلاد ، حريصــة على راحــة العباد . وعندما اشترطت موافقة الأمن على هذه الوثائق ، فهذا لمصلحتك أيها الآبق . لكنني أعرف أنك ناكرٌ للجميل ، وتهوى نصبَ الأحابيل . أنت تنتقد من يسهر على راحــة الناس ، لينقذهم من وجع الراس ، ومن المشاكل والإفلاس .

صــاح بي أبو زيد كالملسوع ، وطفرت من مقلتيه الدمــوع . قال : ما هذا الكلام ، ومتى دَجّــنَــكَ الحكام والظــلاّم وأبناء الحــرام ؟ الله أكبر ، هل أنت جادّ أم أنّــكَ تســخر ؟

قلت : ما هذه التهمة والفريّــة ، هل عهدتني أتكلمُ  بغير الســخرية . حَــدَث معي ما حدث معك بالضبط ، فأنا من القهــر أكاد أنُـــطّ . قبل أن أغادرَ وطن المخافر بشــهور ، وكلت زوجتي ببعض الأمور . وعندما حاولت زوجتي إســتعمالَ التوكيل في مســألة ، تعرضَــت لهذه البهــدَلة . صادروا ســـند التوكيل في فرع المخابرات ، وكأنه الحشيش أو المخدرات .

قال والآن ما العمــل ، وما السبيلُ إلى الخلاص من هذا الخطب الجـلل ؟ قلت : خطــوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء ، وكُفَّ عن أكل الهــواء ، وإلا قالوا أننا عمــلاء ، أو اتهمونا بالغبــاء . هل تنتظر من الغراب المشؤوم ، أن يكون مُطرباً كأم كلثوم ؟

ثم إن أبا زيد تنهّـــد ، وما لبث أن أنشــد :

زمـــانٌ تعيـــشُ البــومُ فيـــه رَغيــدةً      ويشــقى هــزارُ الأيك في الكدح والجَــد
فيالـــــك دُنيــا تُنكٍــحُ العـبْـــدَ حُــــرَّةً       وتَتّخــذ الأحـرارَ مِمْـســـحة القــــــــــرد

                                                            



#مصباح_الغفري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايــة الواوي الذي بلع المنجل !
- الســيد - شن - وزوجته السيدة - طبقة - !
- الرفيـــق المنــاضـــــل كوجـــوك علي أوغــلو وولده - دده بي ...
- الرئيس - مسبق الصنع - !
- كتاب مفتوح من أبي يســــار إلى الطبيب الحكيم بشــار
- دائرة فلتانة سي!
- خصخصــة المفاوضات وخصخصة الكركونات!
- الصراعات العقائـــديـــة بين القبوقــــول والإنكشــــارية
- القطّـــة والطاسَـــة في العلاقة بين المقاولات والسياسة!
- الطَّشَــــرون
- الحصــن الحصــين في ذكر ما جرى في مؤتمر المقامرين!
- مــورِدُ الظـمـــآن في أسباب صَمْــتِ الأورانغوتان!
- أجهزة المخابرات مأكــولة مَــذمـــومَــة!
- رؤســاء الإنترنيت وحكام البامبرز !
- المســـألة الحِماريــّة! في توريث الجمهوريّـة والجماهيريـّـة
- فلسفة - الاستكراد - وديموقراطيــــة الإســـتعباد!
- يوم دخلت السُـلطة إلى حَمّــام الأســــطة!


المزيد.....




- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصباح الغفري - حــروفُ الشــوْك بين مســرح الشــوْك وحكومــات الشــوْك!