أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصباح الغفري - القطّـــة والطاسَـــة في العلاقة بين المقاولات والسياسة!














المزيد.....

القطّـــة والطاسَـــة في العلاقة بين المقاولات والسياسة!


مصباح الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 656 - 2003 / 11 / 18 - 06:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 حدثنا أبو يسار الدمشقي قال :
سألني بظرافة وكياسة، هل أتاك حديث القطة والطاسة ؟
 
ولم يمهلني للإجابة عن السؤال، بل بادر فوراً فقال :
-         في عصر المقاولات والتجارة، الجهلة والأميون لهم الصدارة . والمال لا يأتي عن طريق الكدح والعمل، وإنما عن طريق الرشوة والعمولة وقلة الخجل . لقد انقضى زمن الانتاج والصناعة، والاهتمام بالأرض والزراعة . وجاء زمن الفاكـــس والسكرتيرة الحسناء، وعن طريقهما تحقق الجاه والثراء . فلكي تصبح من أصحاب الملايين، عليك أن تتمسح بالحكام والسلاطين ، أو أن تشــارك أبناء المســـؤولين!  ولكي ترتاح وتعيش، عليك إتقان فن البخشيش، ولا بأس من الاتجار بالمخدرات والحشيش . وسأروي لك حكاية بائع القطط  في حلب، فهي جديرة أن تكتب بماء الذهب !
 
زعموا أن يهودياً في مدينة الشهباء، كان يجوب الشوارع والأحياء . قضى زهرة شبابه وعمره، يحمل كيسَــــهُ على ظهـــره . يُتاجــر بالأشياء القديمة، فيشتريها بأبخس ســـعر وقيمة، ويتحين الفرص للفوز بالربح والغنيمـــة . يبحث عن الآثار والتحف، حيثما حَــلّ أو دَلف . وكان هذا دأبه على الدوام، وعلى مدى السنين والأعوام .
وذات يوم كان يسير في الطريق وينادي، يا أهل الحضر والبوادي، من كان يريد بيع ما لديه من عتيق، فأنا له نعم الناصح والصديق . ومن كان يبتغي الشراء، ففي جعبتي الكثير من الأشياء .
وعندما تعب من السير والصياح، جلس على الأرض واستراح . وبينما هو يمسح عن جبينه العرق، ويحصي ما في محفظته من ذهَـــبٍ ووَرَق . إذ لمح رجلاً يجلس على باب دارِه، وقد ربط قطة جميلة بإزاره . وأمام القطة طاسَــة قديمَــة، تشرب منها مُعززة كريمـــة . فراح يعمل الفكر للاستيلاء على هذه الطاسـَــة، بكل ما لديه من حِنكــــة وسِـــياســــة .
وفكّر ونظر ودَبّر، ثم نهض بعد أن قرّر . قال في نفسه بحرقة وغصـــــة، يجب أن لا أضــــيع هذه الفرصة . فلو عرضت شراء الطاســة بالمال، فسيدركُ الرجل قيمتها في الحال، لذلك لا بُــدّ من الخديعة والاحتيال !
وتقدم من الرجل فألقى عليه السلام، وأبدى إعجابه بالقطة بجميل الكلام . وجلس يتبادل معه الأحاديث والآراء، ويقول له ها نحن أصبحنا أصدقاء . قطتك رائعة الجمال، وتمتاز باللطف والدلال . فهل لك أن تدخل على قلبي الغبطــة، وتبيعني هذه القطة ؟ " رغم أن القطط في تلك البلاد، شاردة في الأودية والوهاد. وهي ليست بضاعة لتباع، بل تعــــتبر من سقط المتاع ! "
نظر الرجل إليه وقال، والدمع من عينيه يكاد ينهال . لقد ربيتها منذ كانت صغيرة في الســن، ولو فارقتها فانني سَـــأجَن . لكنك أصبحت أخي وصديقي الحميم، وأنا لست بالغادر أو اللئيم . وليس من حســن الخلق والأدب، أن أردّ لك هذا الطلب . سأبيعك قطتي وفي القلب غصّــة، وكأنني أتجرع السُــم مصّـــة فمصّة . فمن شيمنا إغاثة الملهوف، وإكرام الطارقين والضيوف . وثمنها مئة دولار لا غــير، بدون حيف ولا ضير . وأقسم برب السماء، أن هذا عربون الصداقة والوفاء !
 
دفع اليهودي المبلغ بلا جدال، وضم القطة إلى صــــدره في الحال . ثم قال للبائع متصــــنعاً الغباء :
-         سآخذ الطاسة لتشرب القطة منها الماء .
 
وهنا أغرق الرجل في الضحك حتى اغرورقت عيناه بالدموع، وقال له هل أدركت الآن من هو المخدوع؟
وأضاف، إياك يا صديقي والغلط، أنا بفضل هذه الطاسة أبيع القطط ! وقد بعت منها حتى الآن مئتيـــن، نقداً وليـــس بالدين !
 
وهنا أدرك اليهودي أنه هو الغارم، بعد أن ظن أنه في الصفقة غانم . فرمى القطة من الكيس، وصاح إنك والله بئس الجليس . ثم أطلق ساقيه للريح، وهو يلعن هذا الزمن القبيح .
 
قلت لصاحبي وما علاقة هذه الحكاية الطريفة، بما يجري في بلاد العرب من أمور مخيفة . وما صلة القطة  والطاســـة، بمسألة المقاولات والسياســة ؟
 
قال : الصلة واضحة كالشمس، لا إبهام فيها ولا لبـــس . فنحن نرزح تحت حكم التجار والمقاولين، وبائعي الأوطان والمُرابين . وكل واحد منهم لديه طاسَـــة منصوبة، يَحيك عن طريقها ألف ألعوبة وألعوبة . فهناك طاســات للشيوخ والأمـــراء، وأخرى للملوك والرؤســـاء، وثالثة للزعمـــاء والعقــــداء والوزراء، ورابعَـــة للكتاب والصحفيين والأدباء . هناك طاســات حقــوق الإنســان ، وطاســات مقاولي الأوطـــان . وسنبقى في حال التخلف والخساســــة، حتى تضيع الطاســـة . فلنعد إلى الشـــعر، لعله يخفف ما نحن فيه من قهر . واستمع إلى ما أقول، فهو أفضل من الخمول :
 
نحن، بُناة الشـــــــــــّعر، آلهــة                      لا تظطنيها حَزازات وأوغــــــارُ
نحن الجبابرة الأعلون، يرهَبنـا                      إذ يُرهق الناس، فرعــون وجبّارُ
نحن الذين أعَــرْنا الكون بَهجته                     لكنّما الــــدارُ إقبــال وإدبــــــــارُ 
 
 



#مصباح_الغفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطَّشَــــرون
- الحصــن الحصــين في ذكر ما جرى في مؤتمر المقامرين!
- مــورِدُ الظـمـــآن في أسباب صَمْــتِ الأورانغوتان!
- أجهزة المخابرات مأكــولة مَــذمـــومَــة!
- رؤســاء الإنترنيت وحكام البامبرز !
- المســـألة الحِماريــّة! في توريث الجمهوريّـة والجماهيريـّـة
- فلسفة - الاستكراد - وديموقراطيــــة الإســـتعباد!
- يوم دخلت السُـلطة إلى حَمّــام الأســــطة!


المزيد.....




- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا لـ-حزب الله- في جنوب لبنان (فيد ...
- مسؤول قطري كبير يكشف كواليس مفاوضات حرب غزة والجهة التي تعطل ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع ومظاهرات في إسرائيل ضد حكومة ن ...
- كبح العطس: هل هو خطير حقا أم أنه مجرد قصة رعب من نسج الخيال؟ ...
- الرئيس يعد والحكومة تتهرب.. البرتغال ترفض دفع تعويضات العبود ...
- الجيش البريطاني يخطط للتسلح بصواريخ فرط صوتية محلية الصنع


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصباح الغفري - القطّـــة والطاسَـــة في العلاقة بين المقاولات والسياسة!