أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصباح الغفري - الوصــايا العشـــر














المزيد.....

الوصــايا العشـــر


مصباح الغفري

الحوار المتمدن-العدد: 663 - 2003 / 11 / 25 - 06:39
المحور: الادب والفن
    


حدَّثنا أبو يســار الدمشــقي قال :
سُــدَّت في وجهي الآفاق، وشحَّت الأموال والأرزاق، واجتواني حكام الشام والعراق. لكنني لم أفقد الأمل، وقلت لا بدَّ من العمل، دون كَلَل أو مَلَل. وتمَثَّلتُ بقول الحريري صاحب المقامات:
إعمَـــل لرزقك كلَّ آلَــــة              لا تَقعُدَنَّ بذُلّ حالــــة
خرجت من الدار في الصباح، ولما تبدأ الديَكَةُ بالصياح. ورحتُ أتمشى في الطريق، باحثاً عن صاحبٍ أو صديق. لعلَّ ذلك يُفَرّجُ عني الكُربَــة، وأنا في بلاد الغُربــة. وبعد أن ســرت ســاعة على غير طائل، إذ أنا ألتقي بصديق مناضل، وهو صحافيٌّ فاشل. عرفته منذ الصغر، لا يُفرّق بين الأنثى والذكر. صـاح بي حياك الله يا أبا يســار، أما زلتَ تجوب الأقطار، وتلعبُ القُمــار؟
قلت له على رسلك أيها الصديق، أنا اليوم غريقٌ أو كالغريق، لقد ضَلَلتُ الطريق! ذهبت أيام المال، وأصبحت في أسوأ حال. فقصدت هذه المدينة، أبحث عن غنيمة. فهل لك أن تساعدني في الحصول على عمل، قال: أجل ثم أجل! ألم تسمع أنني أصبحت من أصحاب الجَرانيل، والمال يتدفّقُ عليَّ كالطير الأبابيل؟ أنا الآن صاحب دار للنشر والصحافة، وتحت إمرَتي يعمل ذوو الحصافة. لم أعُد فاشلاً وغبياً، لقد أصبحت رجلاً ثرياً. أنا اليوم كاتب مشرق البيان، يُشــارُ إليَّ بالبنان. لقد أصبحتُ من أصحاب الملايين، خلال بضعة سنين!
قال أبو يسار الدمشقي:
فأصبتُ والله بالاستغراب، من هذا العَجَبِ العُجاب. فكيف أمكن لهذا الفاشل الجاهل، أن يصبح من الكتاب الفطاحل؟ لكنه حين لمَحَ على وجهي علامات الاستنكار، ضحك بغرور واستكبار. ثم راح يُتحفُني بالنصيحة، ويدعوني إلى ما يشبه الفضيحة. قال: إذا أردتَ أن تُصبحَ من حَمَلَة الأقلام، في خمســة أيام. فما عليك سوى اتباع وصاياي العشر، فبها تقبر الإفلاسَ والفقر. قلت : لقد شــوّقتَني والله للسماع، فهات ما عندك قبل أن أصابَ بالصُداع. قال:
• إذا أردت العملَ في الصحافة، فاترك الثقافة وأتقن السخافة.
• أكتب كما يُريدُ الحكام، تَعِش برَغَدٍ وســــلام.
• إمــدَح من يملك المال، تصبحُ بأحســن حال.
• غيّر رأيك صباحَ مساء، كما يريد المسؤولون والشيوخ والأمراء.
• وَثّق علاقاتك بأجهزة المخابرات، تتدفقُ عليك المليارات.
• كن صديقاً لضباط الجيش، تَنَل أفضَلَ عيش.
• أكتب عن حكمة الرؤساء، ولو كانوا أغبياء.
• سَــبّح بحمد زيت الكاز والنفط، تأمن الفاقــةَ والقحط.
• إعلم أن من تزوّجَ أمَّـــك، هو لا شـــكَّ عمــك.
• وأخيراً ، لسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن خنته خانك.
• ثم أردفَ يقول، وعمر القارئين يطول:
أنا رئيس التحرير، وســأعيّنك نائباً لي أيها الكاتب النّحرير. فما رأيك، دامَ فضلُك؟
قلت : أنت تعرف أنني اشتهرت بالوفاء، لا أخلع الأصحاب والأصدقاء. والفقرُ صديق حميم، عرفته من قديم. ثم إن الجوع والإفلاس والتعتير، أفضل من الرزق ببيع الضمير.
ضحك صديقي حتى قَلَبَ على قفاه، وصاحَ أواه ثم أواه. ألا زلتَ تبحثُ عن الصدق، هذا وايمُ الله عين الجنون والحُمق. أدُلُّكَ على طريق الأثرياء، وتدلني على طريق المساكين والفقراء؟
وأطلق صاحبي ســـاقيه للريح، وكأنني مجذوم يفرُّ منه الصحيح.
وبكى أبو يسار وتنهّد، ثم مالبث أن أنشـــد:

خطـــان ما افترقا: فإما خِطّـةٌ             يَلقى الكَميُّ بها الطغاةَ مُناصـــبا
الجـوعُ يَرصُدُها، وإما حِطّـةٌ              تَجــترُّ منهـــا طاعمـاً أو كاســبا

 



#مصباح_الغفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكــلامُ المُــباح في مســـألة الحَمْــلِ والسّــــفاح
- مرشــد الحيران في ذكـر ما جـرى في بطـــــانة الســــلطان
- حــروفُ الشــوْك بين مســرح الشــوْك وحكومــات الشــوْك!
- حكايــة الواوي الذي بلع المنجل !
- الســيد - شن - وزوجته السيدة - طبقة - !
- الرفيـــق المنــاضـــــل كوجـــوك علي أوغــلو وولده - دده بي ...
- الرئيس - مسبق الصنع - !
- كتاب مفتوح من أبي يســــار إلى الطبيب الحكيم بشــار
- دائرة فلتانة سي!
- خصخصــة المفاوضات وخصخصة الكركونات!
- الصراعات العقائـــديـــة بين القبوقــــول والإنكشــــارية
- القطّـــة والطاسَـــة في العلاقة بين المقاولات والسياسة!
- الطَّشَــــرون
- الحصــن الحصــين في ذكر ما جرى في مؤتمر المقامرين!
- مــورِدُ الظـمـــآن في أسباب صَمْــتِ الأورانغوتان!
- أجهزة المخابرات مأكــولة مَــذمـــومَــة!
- رؤســاء الإنترنيت وحكام البامبرز !
- المســـألة الحِماريــّة! في توريث الجمهوريّـة والجماهيريـّـة
- فلسفة - الاستكراد - وديموقراطيــــة الإســـتعباد!
- يوم دخلت السُـلطة إلى حَمّــام الأســــطة!


المزيد.....




- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصباح الغفري - الوصــايا العشـــر