أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - ناصر الياسرى - قصة السيد القرقيزى ..... فكم قرقيزيا بين ظهرانينا ياترى ؟؟















المزيد.....

قصة السيد القرقيزى ..... فكم قرقيزيا بين ظهرانينا ياترى ؟؟


ناصر الياسرى

الحوار المتمدن-العدد: 2141 - 2007 / 12 / 26 - 03:42
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


جمعتنا زنزانه واحده فى دائرة الاستخبارات العسكريه فى الكاظميه فى مطلع الألفيه الثانيه هو بسب اجتيازه الحدود وانا بدعوه كيديه !!
كان عليا حلو المعشر فكها سريع البديهيه اسلاميا معتدلا ينحدر من مدينة النجف
كان هاربا من الخدمه العسكريه فأراد التسلل الى السعوديه للعمل هناك فتم القبض عليه من قبل خفر الحدود السعودى وتم تسليمه للجانب العراقى. !!
ثم تم تسفيره الى مديرية الاستخبارات العسكريه للتحقيق معه كونه عسكريا
كانا فى الزنزانه المرقمه ( 11 ) فى الشعبه الخامسه والاربعين وكان معنا ثلاثه آخرين أى كنا خمسا فى غرفه ذات ابعاد 2x2 م !!
انا و على النجفى واحمد من الفلوجه وشوكت من بعقوبه وهاشم من العماره
فى وضع كهذا تتلاشى فيه الخصوصيات بعد ليله او ليلتين من التوقيف وبعد ان يطمئن فيها النزيل من رفقائه !!
كنا نقضى الليل كله فى سرد الحكايات .... انا شهرزاد والمستمعين كلهم شهريار !!
كانت الحكايات تتولى حتى تباشير الصباح حين ذاك اخلد الى النوم والباقين يؤدون طقوس عباداتهم كلأ على مذهبه سويتا !!
ان من خصائص المحاجر الصغيره كالتى تجمعنا لا يمكنك ان تسر احدا بأى موضوع دون ان يعلم به الآخرين !!
فضيق المساحه لا تسمح لك بسرد الاسرار لأحد دون غيرهم
كنت احس ان لدى صديقى النجفى سرا يريد ان يبوح لى به .. لكن كيف لايعرف ؟!
كانت فترة ما بعد الغداء هى الفرصه الوحيده التى يمكن فيها الاختلاء مع صديقى حينها يخلد الآخرين الى النوم الذى حرموا منه نتيجة سهرنا الطويل.
اسندت ظهرى الى حائط الزنزانه مستلقيا على كتفى الايسر وهو فى فى قبالتى ممتدا ومستندا على جهته اليمنى
بعد ان علا شخير البعض أو انتظم تنفسهم وهو دلاله على نومهم العميق !!
تدانا رأسينا ... واقتربت شفاهنا .. ثم تكلم همسا
قال على :
حدثنى والدى رحمه الله قال ( فى مطلع الثلاثينات من القرن الماضى كنت فى الصحن الحيدرى منتظرا آذن المغرب وأذا بشخص يحمل ملامح وسنحة البربر
يجلس بجانبى بعد ان سلم عليه بلسان عربى واضح دون لكنه اعجميه مثلما كنا نسمعها ممن يدرسون فى الحوزه العلميه فى النجف من الجاليات الأسلاميه وهم كثر
وبعد الأنتهاء من الصلاة وددت ان اتحدث اليه ... فتبين ان الرجل سيد و من نسل الفاتحين العرب المسلمين ومن الشيعه الاثتى عشريه وينحدر من جمهورية قرقيزيا الاسلاميه وقد حضر الى هنا من اجل اكمال دراسته الحوزويه فرحبت به أيما ترحيب وطلبت منه بعد اللحاح ان يكون ضيفى هذه الليله )
توطدت علاقة والدى مع هذا السيد القرقيزى .. فأسكنه فى دارا لنا متروكه فى محلة ( الحوش ) وكانت والدتى تعد له طعام الفطور والعشاء كل يوم بينما كان يتناول وجبة الغداء فى فترة فرصه الدرس اثناء تلقيه دروس الحوزه .. وكان والدى هو الذى يقوم بأيصال الطعام للسيد القرقيزى يوميا!
ادركت السيد القرقيزى فى مرحله الستينات حين بلغت السابعه من عمرى حيث توليت ايصال الوجبات الغذائيه اليه بدل من والدى والذى كان يوصينى به خيرا
كنت اطرق الباب فيئذن لى بالدخول فأجده منكبا على القراءه او الكتابه وهكذا دواليك وعبر اكثر من عشرون سنه دون انقطاع الا لماما .
كان السيد القرقيزى مستمرا على هذا المنوال ... يفطر صباحا ... ثم يعود عصرا ويبقى داخل البيت بعدها يتعشى ثم ينكب على الدراسه والبحث وقلما كان يذهب الى الصحن الحيدرى عكس اقرانه الذين كانوا يقضون المساء داخل الروضه الحيدريه
فى التشاور والحديث
توفى والدى فى مطلع الثمانينات وكان قد كتب بوصيته ان نعتنى بالسيد القرقيزى ويكون الدار الساكن فيه السيد وقفا ذريا له .. حينها كان هذا الضيف قد مرعليه ما يقارب الخمسين عاما على ضيافته .. دون ان يغادرمدينه النجف او زيارة اهله أو زاره احد من اهله أو استضاف أحد !!
كنت مستمرا فى اداء واجبى اليومى فى ايصال الطعام الى السيد القرقيزى دون انقطاع الا بعض الاحيان وكنت اوصى احدهم بأداء هذه المهمه
وفى اثناء الحرب العراقيه الايرانيه كنت قد دعيت لآداء خدمة العلم لهذا اوكلت المهمه لآحد شقيقاتى والتحقت بالجبهه
كانت الحرب الظروس مشتعله ... وقد انستنى السيد القرقيزى فلم اعد اسئل عنه اثناء اجازاتى الا قليلا !!
وفى احدى الاجازات نبهتنى والدتى بان السيد القرقيزى غير موجود فى الدار منذ اكثر من شهرفلقد كانت شقيقتى تطرق الباب دون يرد عليها احد فتعود ادراجها
وهى تحمل الطعام
علما ان الباب مغلقه بسلسة حديد من الداخل وليس من الخارج كما هو معلوم لمن يرد مغادرة الدار !؟
ارتديت ملابس على عجل وكأنى تذكرت وصية الوالد حينها ..كان الباب موصدا من الداخل ومعنى ان السيد بداخلها حتما ........ والاحتمال الاكثر انه متوفى
لكن لم اشم رائحه عفونه لجسد متوفى منذ أمد !!
طرقت الباب ... فلم يرد السيد القرقيزى كما كان يفعلها معى فى كل مره كنت فيها احمل الطعام اليه
دفعت الباب بقوه فنخلع رتاجها ... دخلت الدار متوثبا ومتحسبا فلم اجد احدا بداخله كان باب الغرفه الوحيده مواربا فدلفتها فكانت المفاجئه المتوقعه .. كان السيد متوفيا وكان منحنيا على كنبه صغيره وقد تساقطت عليه بعض الكتب وبقى على هذه الحاله لحين دخولى عليه .. لم اعرف سبب الوفاة هل كانت بسبب الكتب التى سقطت عليه ام من سبب الشيخوخه التى تجاوز الثمانون عاما او اكثر؟؟
عدت ادراجى ... غالقا باب الدار وذهبت لمن يعاوننى فى اتمام مراسيم الغسل والدفن .
حملنا نعش السيد القرقيزى الى مغتسل ( بير عليوى ) واخبرت المشرف على غسل الموتى ان المتوفى قربيا لى وليس له احد غيرى وارجو اتمام عملية الغسل والتكفبن بأسرع وقت ممكن من اجل الالتحاق بالجبهه نظرا لأنتهار اجازتى هذه الليله
كنت ومجموعه من الاصدقاء مجتمعين فى فناء المغتسل منتظريا انتهاء مراسيم الاغتسال والتكفين ...
نبهنى احد الاصدقاء ان المشرف على اداء الاغتسال قد طلبنى شخصيا .. فتوقعت ان مهمته قد انتهت او قاربت الانتهاء .. فذهبت اليه
كان واقفا بجوار دكة الموتى .. والسيد القرقيزى مسجى عليها .. انتحى بى جانبا وهمس فى أذنى .... ( هل انت متأكدا ان هذا الرجل هو من اقاربك ؟؟!! )
فأجبته مرتبكا.. نعم .. نعم !!
اعاد السؤال ولكن بصيغه أخرى ( هل قربيك هذا مسلم ؟؟؟ )
سحبنى نحو الجثه المسجاة ... ثم كشف عن ( ذكر ) السيد القرقيزى فكانت المفاجئه الغير متوقعه .... انه غير مختون !!
رجوت منه اخفاء الامر والاسراع فى اتمام عمليه الغسل والتكفين
عدت الى اصدقائى وهم فى فناء المغتسل .. وطلبت منهم الاسراع فى تهيئة القبر
حملنا النعش وكان مكان القير غير بعيد عن المغتسل
اكملنا مراسيم الدفن .. وعدت الى المغتسل مرة اخرى واختليت بالمشرف على الاغتسال ورجوته بطى هذا الموضوع وكأن شيئا لم يكن
رجعت للبيت وانا متعبا جدا .... اخفيت هذا الموضوع حتى عن والدتى
لكن كنت قلقا بما تركه السيد القرقيزى من اسرار داخل بيته
فعدت ادراجى اليه كى استوضح الحقيقه المخفيه طوال خمسون عاما
دخلت الغرفه الشبه مظلمه والتى كانت فى الماضى تضيئها لبابه فانوس نفطى نفذ وقوده منذ ازل بعيد !!
وعلى ضوء مصباح يدوى رحت اكتشف الحقائق الرهيبه
اكوام من الاوراق التى خطت باللغه العبريه والبعض الآخر باللغه الانكليزيه !!
اهتزت فرائصى وجف ريقى .... جمعت الاوراق على عجل محاولا احراقها قبل ان يكتشف امرها وخاصه وان الحرب العراقيه الايرانبه قد دخلت فى منعطف حاد بعد ان استرد الايرانيون مدينة المحمره
وبأرتباك واضح صببت صفيحه من النفط علي كومة الاوراق التى جمعتها فشتعلت النيران فيها لتمتد نحو الغرفه وتأتى على ما فى داخلها !!
خرجت من الدار وانا اتابع اللسنة اللهب وهى تتصاعد منه
وكأن هما ثقيل كان يجثو على عاتقى قد ازيح !!!
سكت صاحبى عن القول الغير مباح ... بعد ان جف ريقه
نهض وارتشف قليلا من الماء ثم عاد الى مكانه جوارى
ثم قال
هل تعلم يا سيدى ان هذا الموضوع لا يعلم به الا انا وصاحب المغتسل وثالثنا انت
واخيرا رب العالمين .. العالم بكل شيئا
حينها أقسمت له بكتمان الخبر ... ولكن بعد الاحتلال الامريكى لبلدى العزيزوحين استبيحت كل المحرمات فآن الأوان لكشف كل الحقائق
فكم من قرقيزيا يعيش بين ظهرانينا الآن .... فى سراديب واقبية خفافيش الليل فى النجف والكاظميه ! ؟
وعذارا لصديقى !!



#ناصر_الياسرى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين ضمن لى اية الله .... دخول الجنه !!
- ابو ريشه حين فقد بوصلة الاتجاه !!
- ايام ...............ز مع حفيد الخمينى / 13
- ايام .................. مع حفيد الخمينى /12
- ايام .................. مع حفيد الخمينى / 11
- ايام .................... مع حفيد الخمينى / 10
- ايام ..............مع حفيد الخمينى / 9
- ايام ....... مع حفيد الخمينى / 8
- ايام ......... مع حفيد الخمينى / 7
- أيام ......مع حفيد الخمينى / 6
- أيام .. مع حفيد الخمينى / 5
- ايام ................. مع حفيد الخمينى
- ايام مع ..................... حفيد الخمينى / 3
- أيام ........................... مع حفيد الخمينى / 2
- أيام ..................... مع حفيد الخمينى /1
- كنت ضيفا على المقاومه / الخاتمه
- كنت ضيفا على المقاومه !!!!! / 6
- كنت ضيفا على المقاومه /5
- كنت بضيافة المقاومه /4
- كنت بضيافة المقاومه/3


المزيد.....




- سوناك: تدفق طالبي اللجوء إلى إيرلندا دليل على نجاعة خطة التر ...
- اعتقال 100 طالب خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بجامعة بوسطن
- خبراء: حماس لن تقايض عملية رفح بالأسرى وبايدن أضعف من أن يوق ...
- البرلمان العراقي يمرر قانونا يجرم -المثلية الجنسية-
- مئات الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بالإفراج عن الأسرى بغزة ...
- فلسطين المحتلة تنتفض ضد نتنياهو..لا تعد إلى المنزل قبل الأسر ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب ويطالبون نتنياهو بإعاد ...
- خلال فيديو للقسام.. ماذا طلب الأسرى الإسرائيليين من نتنياهو؟ ...
- مصر تحذر إسرائيل من اجتياح رفح..الأولوية للهدنة وصفقة الأسرى ...
- تأكيدات لفاعلية دواء -بيفورتوس- ضد التهاب القصيبات في حماية ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - ناصر الياسرى - قصة السيد القرقيزى ..... فكم قرقيزيا بين ظهرانينا ياترى ؟؟