أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حمزة الحسن - السياسة والشعوذة














المزيد.....

السياسة والشعوذة


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 653 - 2003 / 11 / 15 - 03:25
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


يوجد نوع فريد من الشعوذة السياسية نمارسه منذ قرون دون أن يفطن لذلك أحد عدا قلة من المفكرين والأطفال والكتاب وربما الأبرياء الذين تجعلهم براءتهم يرون أدق وأوضح مما ينبغي لأن الصفاء الداخلي والتناسق والانسجام النفسي ضروري في حالات الرؤيا البعيدة.

وفي القرن العشرين مورست هذه الشعوذة السياسية على نحو علني ومكشوف بعد أن وُضع لها عناوين مبهرة وبراقة و"علمية/وأيديولوجية"حتى انتقل أهل السحر من غرف البخور وطقوس الدجل في الأنفاق إلى  القاعات ومحطات التلفزة والصحف والساحات العامة، وخلع الدجال القديم ثيابه القديم  لتحل بدلها أزياء عصرية.

وهذه المرة تحت أسماء جديدة هي: المناضل، والسياسي، والرفيق، والمجاهد، والمكافح، والمقاوم( حتى لو كان يقاوم البعوض أو يقاوم الصيف الحار!) والبطل الصنديد( حتى في حمام السباحة مثلا أو في البار!) وصار المشعوذ القديم ينظر بعينين ذاهلتين إلى النجاحات الخارقة التي حققها( المشعوذ أو الساحر ) الجديد دون أن يعاقبه احد رغم انه فتح أنهارا وأنفاقا من الدم وحوّل أغنى وأعرق شعب في العالم إلى قطيع مشردين وشحاذين سواء كان حاكما أو مساندا أو معارضا.

في لغة الشعوذة يتحول كل شيء إلى نقيضه: تصير ( الهزيمة!) نصرا،ويتحول الانهيار الاقتصادي إلى( تجربة ناجحة!) وينقلب  إرهاب الدولة إلى ( حماية أمن المواطن) وتتحول الغارات الليلية لبيوت الناس وحرماتهم إلى حملات من أجل( الطمأنينة!) ويصير في لغة الشعوذة المناضل العفيف( قابضا!) ويتحول القابض إلى( مناضل!) وتصبح الخيانة( وجهة نظر!) ويصير الواشي والدليل (ليبراليا!) والكاتب الأعزل النائي البعيد( هاربا!) في حين يصير النشال( ضحية من أجل الحرية!) ويتحول كاتب الخواطر الإنشائية التافهة الذي أغلق فمه عن جرائم السلطة حتى لحظة سقوطها مثل أي دكان مفلس ومغلق إلى صاحب كتاب( جمهورية صحراوية!) في حين تتحول كلمات فاقعة شاحبة زعفرانية إلى ( قصائد وطنية!) وفي عرف هذه اللغة يمكن، في دقائق لا أكثر، أن يتحول أصلب الناس إلى( شخص يعمل في الخفاء!) ويصير حارس الفراشات( مجرما!) ويتحول المجرم، حسب هذه اللغة السحرية، إلى ( موسوعي، وفنان، وصاحب ضمير لا يكتب إلا بدافع منه، ومن وحده!)، وفي هذه اللغة المقلوبة، المشوهة، الممسوخة، حسب المرحوم المفكر الصادق النيهوم، يصبح( الحاكم المتسلط) تبعا للشعوذة( قائدا شعبيا) وتتحول قوانين الملك الماجن إلى( مراسيم شريفة) وعصابات القتلة إلى( قوات وطنية) والمرأة السجينة إلى( امرأة مصون) والفقيه الجاهل إلى( عالم في الدين) والإدارة البوليسية( حكومة رشيدة) والحكم العائلي المنقرض( تطبيقا لأحكام الشريعة الخالدة)، وهذه اللغة السحرية تؤمن أرخص هروب من الواقع لكن من المستحيل أن تحل مشكلة بل تخلق وتراكم، وهي مفيدة لكل من يتدرب في لعب السيرك والضحك على ذقون الناس بلا حسيب ولا رقيب.

آخر أطروحة سحرية لهذه اللغة تقول أن (فشل) مجلس الحكم الانتقالي الذي انتقده صانعه الأصلي، هذا الفشل هو بسبب( النجاحات!) التي حققها للشعب العراقي النائم في العراء وتحت القصف واللصوص والموت الذي صار هو المتجول الوحيد في مدن لا يحرسها سوى الغبار والرصاص وأقدام ثقيلة جديدة آخر الليل!  



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلب الأرقط النابح على العالم
- محاربو الغسق والشفق
- السياسي العراقي من الخازوق إلى المسمار
- حنين إلى حفلة
- مغني الفيدرالية
- لصوص الأزمنة الاربعة3
- العراق نحو الهاوية
- لصوص الأزمنة الأربعة1 &2
- غيمة في بنطلون مبقع
- جنازة رجل شهم!
- علاء اللامي وبئر يوسف
- سليم مطر وردة لك وأخرى عليك!
- من يؤجج هذه الروح الكريهة؟
- دعوا زهور الخراب تتفتح
- الإمام المسلح
- انطلاق وحش وقبيلة مركبة مرة أخرى
- شهادة روائية مبكرة عن ظاهرة الاختفاء السياسي
- عطر غلوريا السياسي
- جثة تسلّم أخرى
- الروائي المغربي محمد زفزاف ـ ثعلب النوم والنبيذ والموت


المزيد.....




- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا لـ-حزب الله- في جنوب لبنان (فيد ...
- مسؤول قطري كبير يكشف كواليس مفاوضات حرب غزة والجهة التي تعطل ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع ومظاهرات في إسرائيل ضد حكومة ن ...
- كبح العطس: هل هو خطير حقا أم أنه مجرد قصة رعب من نسج الخيال؟ ...
- الرئيس يعد والحكومة تتهرب.. البرتغال ترفض دفع تعويضات العبود ...
- الجيش البريطاني يخطط للتسلح بصواريخ فرط صوتية محلية الصنع


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حمزة الحسن - السياسة والشعوذة