أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الحسن - جنازة رجل شهم!














المزيد.....

جنازة رجل شهم!


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 589 - 2003 / 9 / 12 - 02:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



( أمس ضحيت بمدير مكتبك، وغدا بوزير دفاعك، ولكن يجب أن ترحل أنت أيها الكذاب رئيس الوزراء).
* زعيم المعارضة في مجلس العموم البريطاني اليوم
 مخاطبا بلير رئيس الوزراء!

 كنت أتصور أن السيد بلير سيطلق النار على زعيم المعارضة البريطانية هذا اليوم بعد كل ذلك الكلام الخشن والجارح الذي وصل إلى تهمة الكذب، لكن بلير الذي لم يتعلم  لعبة الديمقراطية على مشارف العمر، أو مشارف القرن، أو مشارف الحاويات، أو يتدرب بها في رؤوس المساكين في مواقع غرام بدايات القرن، بل تربى عليها  وهو " جرسون" في بار في باريس، نهض، كما تنهض شجرة سرو مشعة، معذبة بهذه العاصفة، وابتسم برجولة لخصمه وشرع في الكلام.

وفي مقابلة مصورة مع الشاعر الجواهري بعد سحب الجنسية منه سئل عن السبب الذي جعله لا يشتم الطاغية حتى اليوم، فأجاب بأن هذا الطاغية لا يحفز عنده الشهية للشتيمة لأنه لا يستحقها أبدا، وذكر الشاعر كيف أنه لا يزال يتذكر بإعجاب كيف أنه وقف يشتم نوري السعيد وهو يخرج من الوزارة ويقول له" يا  خائن!" لكن نوري السعيد، يضيف الجواهري، بعد أن أصغي إلي هز يده وزم شفتيه وركب السيارة ومضى!

وكان الملك فيصل الأول قد أقام وليمة لوزير المالية اليهودي ساسون من أجل إقناعه  بالرجاء والتوسل لشراء سيارة جديدة له لأن القانون لا يبيح للملك شراء شيء بدون قرار وزاري، ولأن السيارة الحالية قديمة فرفض الوزير وهو يمسح بوزه بمائدة ملك العراق المتوج!

ليس لتاريخ الحرية من حدود ولا لمواقف الرجال أو النساء من حدود أيضا، وليس هناك قانون في العالم يعاقب على" النوايا" وما تخفي الصدور أو خلف السطور أو خلف الجبل، فوق التل، وطالعك يا عدوي  طالع من كل جحر وبار وشارع وصرخات" نزلوني ضاعت قندرتي!".

 كان أمير الفقراء علي بن أبي طالب يقول لأولاده والمحيطين به، من خلال فراسة بدوي، وملاحظة، ودقة، ومراقبة تصرفات ابن ملجم، وصلاته بمعاوية، بأن هذا الرجل سيقتلني يوما. فقال له الحسن" ولماذا لا تقتله يا أبتي؟" فرد الإمام العظيم" لا يحل القصاص قبل البينة" وهو الشعار نفسه الذي استخدمته الثورة الفرنسية بعد ذلك بقرون والقائل" المتهم برئ حتى تثبت إدانته".

والوحيد الذي شرّع القتل على النوايا، وما تخفي السطور والصدور، أو ما في القلب" من بقع سود!" هو الطاغية الهارب اليوم. وهناك فقرة تقول "كل من نوى الهرب إلى بلد معاد واكتشفت "نيته" قبل الشروع في الفعل يعدم حالا!".

وحراس النوايا كما يقول الروائي الجزائري واسيني الأعرج في رواية" سيدة المقام" :( ينتشرون في المدينة مثل رياح الجنوب الساخنة، ولا يأتون إلا عندما تخسر المدينة سحرها الأسود وتعود بخطى حثيثة إلى ريفها الشتوي، الذي لا يقبل إلا بطقوسه. مدينة ساحلية كانت تعشق الألوان ووقوفات النوارس البيض، صحّرها بنو كلبون ويجهز عليها حراس النوايا. نتشممهم من بعيد، فنغير المعابر والطرقات. رائحة عطورهم القاسية والعنيفة تسبقهم. عطر يشبه في قوته العطر الذي يسكب على جثث الموتى).

ويوما قال "اللمبجي" مشعل الفوانيس في الطرق في الخمسينات يوم كانت خوابي الزيت تضيء بالحب الحارة والحي، قبل أن يأتي زمن الأحزاب والاغتيالات والانقلابات ويطفئ الضوء،والبراءة، ويغتال المطر، ويطارد الضباب، قال لـ " فطومة"  بأن مختار المحلة أهانه اليوم  وعليها أن تبلغ المحلة كلها لكي يعرف مدى حب وتقدير الناس له، وكانت تعرف أن رأسه في الوحل بسبب مواعيدها التاريخية بعد خروج اللمبجي في عدة الشغل بنفطه ومصابيحه.

وحين شاع الخبر في كل مكان جاء المعزون والمحتجون والمعتذرون وقدموا له التعازي بهذا المصاب الجلل. وبعد أيام مات اللمبجي فجأة فخرجت المدينة في وداعه بحشد من الرجال دون النساء في جنازة تليق بملك أو امبراطور أو فارس.

لكن الشيء الذي لا يعرفه هذا" اللمبجي" هو أن كل هؤلاء الذين  خلف الجنازة هم عشاق فطومة!
 
قد يلقى القبض على الطاغية الهارب في الجحور كالأرانب والفئران، لكن الذي سيبقى منه هو الكثير، الكثير، حيث ستظل ثقافة فكر الابادة والسحل وحذف الآخر وغياب حس العدالة  قائمة من قبل حراس النوايا الذين تشبه رائحتهم العطور المسكوبة على جثث الموتى!

 11/9/03



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاء اللامي وبئر يوسف
- سليم مطر وردة لك وأخرى عليك!
- من يؤجج هذه الروح الكريهة؟
- دعوا زهور الخراب تتفتح
- الإمام المسلح
- انطلاق وحش وقبيلة مركبة مرة أخرى
- شهادة روائية مبكرة عن ظاهرة الاختفاء السياسي
- عطر غلوريا السياسي
- جثة تسلّم أخرى
- الروائي المغربي محمد زفزاف ـ ثعلب النوم والنبيذ والموت
- ضحكة النمر
- معارك الصغار
- مسيح البنتاغون عجل بظهور المهدي!
- الخروج من الجبة والثورة إلى النشوة
- أبطال أو ضحايا
- نايم يا شليف الصوف، نايم والبعورة تحوف
- الشاعر المنسي إبراهيم عوبديا ، أو اليهودي الجميل
- شاهد على قلعة الموتى من خلال فيلم وثائقي
- تاريخ الغوغاء
- العفالقة الجدد


المزيد.....




- رئيسة وزراء إيطاليا تدعو -أسطول الصمود- إلى -التوقف فورا-.. ...
- تقرير يكشف عن تجاوز -حدود السلامة- على كوكب الأرض!
- القضاء الإسباني يكشف تورط نائبين سابقين في البرلمان في قضايا ...
- فرنسا: توقيف حليمة بن علي ابنة الرئيس التونسي الأسبق زين الع ...
- الأب عبد الله يوليو للجزيرة نت: نتنياهو يكذب ومجتمعات المنطق ...
- نتنياهو يطلع حكومته على خطة ترامب وفرنسا تدعو حماس لقبولها
- -ما وراء الخبر- يناقش خيارات حماس والمقاومة الفلسطينية في ال ...
- زلزال في إندونيسيا وآخر في الفلبين يقتل 5 أشخاص
- فرنسا تعتقل ابنة زين العابدين بن علي بطلب من تونس
- قاضٍ أميركي يحكم بانتهاك إدارة ترامب الدستور في استهداف المؤ ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الحسن - جنازة رجل شهم!