أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - محاربو الغسق والشفق















المزيد.....

محاربو الغسق والشفق


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 649 - 2003 / 11 / 11 - 03:03
المحور: الادب والفن
    


1
أنا جنرال التاريخ العائد إلى الوطن
أنا مؤسس الحرس الجمهوري وقوات الطوارئ والحرس الخاص وتدربت على يد محاربي الغسق والشفق*
عدت اليوم لأبني وطنا ليس كما يحلم
الشعراء  المجانين فيه والكتاب بل كما يحلم المدلكون
والمصارعون
على شكل ثكنة أو مركز شرطة أو سيارة إسعاف
فليس هناك من يفهم العراقي غيرنا
انه لا يحتاج في مرحلة التحرير الأولى أكثر من علبة برسيم في فمه كي يسكت
وفلقة في غرفته كي ينام
وعصا تلوح أمامه كي يهدأ
فهذا المواطن صار مثل أرنب البرية لا يحتاج إلى خطة تنمية بل إلى صقر
ولا يحتاج إلى وسائل نقل بل مصائد
هذا المواطن يجب أن يعود هذه الأيام إلى المراعي
كي يتعلم الديمقراطية خطوة خطوة كبائعة ليل المساء الاول
فالحرية،على حد تعبير المغني عبد الله الرويشد، مثل درب (الزلق، ما تامن الطيحة!).
فمن يتزحلق مرة يجد نفسه عضوا في السي آي إيه!
 
2
فوق رأسي قبعة سوداء وقلبي أبيض
و"عضو" في مجالس عديدة
حين أنزع العمامة تعرفوني؟
من أنا يا صغار؟!

3
ألعب على كل الحبال من أجل القضية.
شربت الشاي على مائدة عبد الناصر
وأكلت الرز الصيني على مائدة ماوتسي تونغ
قبلت يد الطاغية
وكنت مستعدا أن أقبل نعله
من أجل القضية
قتلت  مخلوقات حمر جاءت تقاتل معي
وقتلت أبناء جلدتي
وتجسست على الجميع
وحرقت كل السجلات وقدمت أكباش فداء من حزبي
ومن حزب غيري
ومن يرفع رأسه فالمقصلة موجودة والقانون غائب.
طويل وشعري أبيض وأتكلم  من انفي
مدة رئاستي تزيد على 60 سفرة للمرحاض
وهي مدة كافية لاكتمال دورة القمر مرات
وتعادل دورة شهرية
وكافية لسرقة ما تبقى من أنابيب التغذية
من المحتضرين.
أنا أستاذ بلا أستاذية
وصاحب مدرسة في التكتيك والزهور والاغتيالات
ليس لي عنوان لأني مقيم في سيارة مفخخة
أو بندقية قنص
أو شاحنة سياسية جاهزة للدهس
وجاهز أنا للمشي في الجنازة
ليس لي لون ولا شكل ولا طعم ولا أيديولوجيا
ستعرفونني جيدا حين امشي في جنازات الرفاق
لأن صوت نشيجي يفضحني كحمار القرآن.
فمن أنا؟!

4
شعري أبيض
وقلبي أحمر
وضاحك بلا دغدغة
بابلي الشكل والهوى
والعالم وطني رغم أني مقيم هذه الأيام في حذاء لجنرال أمريكي
بلا نوافذ ولا أربطة من أجل السرية.

اسمي يختزن كل الصفات الحميدة
وليس للكلمة عندي معنى محدد
فكل شيء يصبح نقيضه
ومن يسأل؟
عندي قاموسي الخاص:
فالمساومة تعني تكتيكا
والرضوخ يعني شروط المرحلة
والهروب من شعارات التاريخ الكبرى
ودماء ضحايا الزنازين
يصبح معناها الجديد مراوغة من أجل الوقت.
ومن يفتح فمه بالاحتجاج والسخرية عندنا حجر نغلقه فيه
وعندنا عشب ومرعى
وعندنا صحف ووثائق تصنع على عجل
وعندنا حمار أبتر نضعه عليه
مع الطربوش دون أن يدري
ونطوف به المدن
وشعارنا في هذه المرحلة:
يد حمراء تبني
وأخرى بيضاء تمارس العادة الفكرية!

5
حفيد كلكامش وعفلق وعضو سابق في القيادة القومية
أتكلم الآن من خلف ستار الحمام لأني في حالة وضع فكري.
ليس عندي قبعة مرئية لكن عندي أرنبا
وليس عندي برسيم لكن عندي خرافا
من اجل هذا الوطن.
مقيم اليوم في علبة قمامة التاريخ
أحاسب ولا أُحاسب.
أوقع قرارات دورتي بمؤخرة السكرتير العام
لأن الجماهير تراها أوضح على ضوء القمر!

6
حين أكون في سلطة، أكون من أجل الجماهير
وحين أسرق وأهرب يكون ذلك من أجل الجماهير
ويتحول كل شيء إلى عكسه: يصبح الفرار بالدخل انقلاب
قصر.
وحين أعود مع أي قوة في العالم، أعود
من اجل الجماهير
وفي كل الأحوال ليس هناك من يفتح فمه
لا في الداخل ولا في الخارج
لأن الروابط بيننا كثيرة مثل رابطة
الحبال وكاتم الصوت والعازل
وحلم عراقي مشترك
في تدريب قوات الشرطة على آخر طرق الحداثة.
فمن أنا؟!

 7
عندي اسم من أسماء العطاء والسخاء
واسم أبي يعني الأخلاق الحميدة
ولن أشغلكم كثيرا في رمضان لأني اعرف
أن عقولكم منهكة
لست لاعبا ماهرا
ولا أصلح ديكورا جيدا
وجدت نفس مزروعا عند هذه الباب
التي لا يخرج منها أحد إلا وهو يرفع سحابة بنطلونه
ولا أحد يئن
أو يحبل
غير الأرض!

8
معذرة لأن صوتي مبحوح
ومهاجر ومسافر
كنت اغني نشيد الإنشاد في المحافل.
فيدراليون حتى آخر الشمس
حتى آخر الانفجار
حتى انقطاع النفس
فلن يمنعنا منها الطمث ولا التهاب المفاصل ولا تخيفنا السيارات المفخخة ولا انهيار البورصة أو انهيار خصور الراقصات
فنحن جيل  من المناضلين
نشبه في جودتنا آخر جيل أمريكي من المكانس الاليكترونية!

9

ليس عندي غير معطفي الأسود الطويل
أخبئ داخله ذيلي
وأحيانا أرتدي الثوب القومي
كي نعيد البهجة إلى قلوب الجماهير
 حتى لا تقذف علينا علب الكوكا كولا الفارغة ونحن نخطب
بل كي تقذف في الفراش
من أجل زيادة النسل والإنتاج.

متخصص في بيع الأراضي التي  تعود "للعدو" التاريخي
أبني دولة بصمت وكتمان
وهم يتدهورون.
أصعد الجبال بسرعة ماعز
وأنزل من أجساد" الإخوة الأعداء" برشاقة فهد.
زعيم هنا وزعيم هناك.
 برميل نفط لنا وبرميل نفط لهم
أما "الوطن" فللموساد! 

10
وجدت نفسي على هذا الباب كما يجد خروف نفسه على باب مسلخ.
أطرق ولا أحد يفتح.
لا سمسم ولا علي بابا
يتحدثون عن خطة طريق جديدة
وأمس فاجأني الانفجار
وأنا في الطريق إلى الشيخوخة المبكرة!

11
 أنا ابن من تعرف البطحاء
غضبته
والخيل والليل والعازل الجنسي يعرفني
جدي إذا غضب ترتعد الأرض
وتصاب النساء بالرعشة الجنسية
حتى في القبور.
اسمي على اسم الأسد
الصميدحي
شركاتي وصلت حدود الصين
وأنا كنت أدرس طوال السنوات الماضية
أحدث أساليب الغش في اللبن والتتن والروبة!

12
مدير استخبارات سابق
وخبير في الأمن القومي والحركات الأصولية والثورية وفي أمن الملاهي والمساجد والحرم الجامعي.
لا أعمل إلا في" مناخ" رفاقي القدامى
في أجهزة الترفيه الوطني
متخصص في قلع الأظافر
كي لا تعثر الجماهير وهي في الطرق إلى المرعى!

13
متعهد دفن عريق
لكل المشاريع
نقتل ونمشي في آن
آخر الأحلام متجر لبيع الكلاب البوليسية الأجنبية
بعد أن ثبت أن جميع الكلاب المحلية هي
من فلول النظام
إلا أنا!

14
خبير خراطيم مياه
وشوارع محتجة.
عندي ذيل طويل
كي أنش به الحساد!

15
ليس عندي وقت للكلام
أنا ذاهب الآن لمواجهة المستقبل
في حمام المربعة!

16
أعتذر عن المسابقات
لأننا نعيش فوضى التاريخ الكبرى
سأذهب الآن لمقابلة الحاكم  المدني
ومعي مترجم وكلب!

17
أعطوني أمس ساعة الكترونية
وقالوا لي أنك دخلت التاريخ من أوسع أبوابه
ولم يكن أمامي باب مفتوح
عدا دورة المياه!

18
ليس هناك  مقاومة ولا هم يحزنون
هناك حفل توزيع جوائز
لأجمل ثلاجة بعد التحرير!

19
اقترحت عليهم بناء أبراج
لمراقبة طيران العدو
ومراقبة الطقس
ومراقبة جراد الصحراء
ومراقبة الدخل القومي
فصدر قرار تعييني
خبيرا وطنيا نزيها في أبراج الحظ!

20
إذا لم تنسحب المخابرات من الوطن
والغبار من الشوارع
والشهوات من الأجساد
والقبور من الجثث
والضباب من المراكب
والاحتلال من المدن
فسأصدر أمرا بتحريم المحارم الورقية
ولبس الجينز  المثقوب من  الخلف
إلا لقاضي القضاة الجديد!

21
هذه الدولة الجديدة مثل
طائر الفينق
لا تنهض إلا من رماد الاستخبارات العالمية!

22
 أعطوني عكازي
لأني ذاهب لاجتماع هام
مع تاريخ أعرج
قد يحتاج شيئا يتكئ عليه
حتى لو كان عبارة عن قضيب مترهل!

23
ليس عندي وقت
ولكن عندي رصاصا
أنا عائد الآن من حمامات فلوريدا المشمسة
وذاهب إلى حمامات الدم
عندي خطاب
وليس هناك جماهير
سأبحث عنها في السيرك!

24
أقترح ثلاث خطط إستراتيجية لهذا الشهر:
حفر مخابئ محصنة من القصف الليلي للمجمع
وزيادة عدد أفراد الشرطة والكلاب
واستيراد عدسات رؤية في الأبواب
كي نرصد حركة الجماهير
وهي في الطريق إلى المقبرة!

25
نحتاج إلى سقوف لا يخترقها المطر
وسيارات  لا يخترقها الرصاص
وقلوب لا يخترقها الحزن
وعقول مصفحة لا يخترقها الوعي وأصوات الجماهير
ومنازل لا يخترقها السعال والتبرم والمرضى والمشردين
ونوافذ لا يخترقها البعوض أو العسس أو نوبات الاحتضار البعيدة  القادمة من الشوارع
نحتاج إلى زيادة مخصصات خطر
نحتاج إلى طهاة لطبخ آخر وجبات التاريخ
نحتاج إلى كلاب مدربة تحرسنا
وترشدنا على خارطة
الطريق الجديد
وتفكر وكالة عنا
بعد أن تعبنا من  التزحلق على صدور الجماهير!

ـــ
* جنود الغسق والشفق فرقة بريطانية عسكرية مخابراتية متخصصة في حرب العصابات ضد الجيش الجمهوري الايرلندي السري كانت قد أسست الحماية الخاصة للدكتاتور الهارب عام 79 وهي أول من أقترح إزالة الجزرة الوسطية في الشوارع التي كان يقف عليها شرطي المرور لأغراض أمنية عند مرور موكبه ودربت حمايته على القتال في الغرف المغلقة عند الخطف وأساليب القتال في القاعات عند الطوارئ وكذلك في المناطق المفتوحة وقواعد الهرب والاختباء والانسحاب والظهور.وحين يبحثون الآن عن الطاغية فإن الجنرال الإنكليزي المتقاعد والمشرف على فرقة حماية الدكتاتور يجلس أمام التلفاز مدخنا بهدوء ونشوة ساخرا من الجميع!( المصدر كتاب: محاربو الغسق والشفق، غير مترجم وصدر قبل عشر سنوات تقريبا في لندن!).



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسي العراقي من الخازوق إلى المسمار
- حنين إلى حفلة
- مغني الفيدرالية
- لصوص الأزمنة الاربعة3
- العراق نحو الهاوية
- لصوص الأزمنة الأربعة1 &2
- غيمة في بنطلون مبقع
- جنازة رجل شهم!
- علاء اللامي وبئر يوسف
- سليم مطر وردة لك وأخرى عليك!
- من يؤجج هذه الروح الكريهة؟
- دعوا زهور الخراب تتفتح
- الإمام المسلح
- انطلاق وحش وقبيلة مركبة مرة أخرى
- شهادة روائية مبكرة عن ظاهرة الاختفاء السياسي
- عطر غلوريا السياسي
- جثة تسلّم أخرى
- الروائي المغربي محمد زفزاف ـ ثعلب النوم والنبيذ والموت
- ضحكة النمر
- معارك الصغار


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - محاربو الغسق والشفق