أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - قُبَيْلَ حَظْرِ التَّجْوَالْ!















المزيد.....


قُبَيْلَ حَظْرِ التَّجْوَالْ!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 2110 - 2007 / 11 / 25 - 11:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


رزنامة الأسبوع 13-19 نوفمبر 2007
الثلاثاء:
مخطئ من يتوهَّم، كما يشيع بعض أدعياء النقد والمتطفلين على موائد الأدب، أن شخصيَّة الشاعر (الاجتماعيَّة/الخارجيَّة) هي، بالضرورة، مرآة قامته (الشعريَّة/الباطنيَّة)، حذوك النعل بالنعل، وأن العكس صحيح، وبالضرورة أيضاً! مثل هذا النظر الزائف مُضِرٌّ بقضيَّة النقد والتذوُّق، فضلاً عن كون (تعاليميَّته) الفظة تقيِّد العمليَّة الابداعيَّة ذاتها بأشراط ليست من جنسها!
قفزت هذه الخاطرة إلى ذهني وأنا أتأمَّل، هذا المساء، قول أبو ذكرى، الرقيق (اجتماعياً) كما النسمة: "إنْ كانَ هذا عصرُنا فإنني أهجمُ في ضَراوةٍ عليهْ/ وإنَّني، مِن بعدِ إذنِكمْ، أبُولُ فوقه وأزدَريهْ"! كما أتأمَّل كيف أن جيلي عبد الرحمن الذي لا يكاد صوته يستبين، عادة، من شدَّة الحياء في مستوى العلائق (الاجتماعيَّة) العامَّة، هو نفسه الذي انفجر، في قصيدته التي أهداها إلى صفيِّهِ عبد الله علي ابراهيم مطالع السبعينات، يهجو، بمرارة، (شاعراً) خان مبادئه وباع قضيَّته: "في الشَّهر الأوَّل مِن عَام القحْطْ/ شاعِرُنا هَمْهَمَ: مثل المِشْطْ/ سَواسِيَة أقدارُ القاتِل والمقتولْ/ قد باعَ العَهْدَ، السَّيْفَ النَّوْرَانِيَّ المَسْلولْ/ واسوَدَّتْ لؤلؤة بصيرَتِهِ مثل جُذوع السَّنْطْ"!
وبعد، ليس أبلغ ولا أصدق من قول الشاعر الاسكتلندي هيو ماك ديارميد، وهو يصف (ورطة) الشاعر الاسكتلندي الآخر روبرت بيرنز، حين سعى بعض هؤلاء الادعياء لأن يجعلوا منه، بتصوُّراتهم المتحجِّرة، (مقياساً) لكلِّ (الفضائل الشعريَّة): "لقد قِيلَ باسمِهِ مِن السَّخَفْ/ أكثرُ مِمَّا نسِبَ إلى الحُرِّيَّة والمَسيحْ"!

الأربعاء:
في حواره مع قناة الجزيرة مساء اليوم 14/11/07، قال رئيس الجمهوريَّة: "أتمنَّى أن يكون عمر البشير الرئيس السابق"، وأضاف: "كنت هيَّأت نفسي، وشرعت في إنشاء منظمة خيريَّة أواصل من خلالها العمل العام".
أمنية نبيلة ما في ذلك شك. ولا بُدَّ أنها اتفقت للرئيس من تأمُّل عميق في أحد أهمِّ دروس التاريخ الوجوديَّة الاساسيَّة، وهو أنه بشرٌ من حمأ مسنون، وما مِن بشر خالد لا يزول، لا في الحياة، ولا حتى في المنصب. ولذا فمن واجب أهل السلطة أن يعينوه على تحقيق هذه الامنية بألا يفعلوا معه ما فعل جماعة عبد الناصر ومن بعده النميري، يوم أراد كلٌّ منهما أن يتنحَّى، فإذا بهم يرتمون تحت أقدامهما، يقبِّلون التراب الذي يمشيان عليه، ويستعطفونهما بألا يدعانهم (يتيتمون) بعدهما! كما وأن من واجب أهل المعارضة أن يعينوه عليها، أولاً بالاشادة بمحض إفصاحه الجهير عنها، وثانياً بالتشاور معه ومع أهل السلطة حول أسلم (خارطة طريق) لتحقيقها!
ولئن لم يدخل الرئيس، بعد اكتمال تنفيذ هذه (الخارطة)، في المنافسة للفوز بجائزة (مو) للحكم الراشد، كون هذه الجائزة مخصَّصة، فحسب، للرؤساء الأفارقة الذين جاءوا إلى السلطة بالطريق الديموقراطي، ثمَّ تخلوا عنها بطوعهم وبالطريق الديموقراطي أيضاً، رغم أنني لا أفهم الحكمة وراء هذا التخصيص، فإن الرئيس سوف يكون مستحقاً لجائزة أرفع وأعلى قيمة هي .. دخول التاريخ من أوسع أبوابه!
لكن، بالغاً ما بلغ الخيال بأيٍّ من الفريقين، فإنهما، في سبيل وضع هذه (الخارطة)، لن يبلغا منبراً أفضل، ولا أكثر أماناً، ولا أضمن مردوداً، من منبر قومي يجتمع فيه عموم أهل السودان، مدنيين ومسلحين، دونما عزل أو استثناء لأحد، سواء كان هذا العزل أو الاستثناء سياسياً أم إثنياً أم جهوياً أم دينياً أم ثقافياً، وبالاختصار المفيد (مؤتمر) أو (لقاء)، (جامع) أو (دستوري)، أو .. سمِّه ما شئت!

الخميس:
لم أحظ بمشاهدة اللقاء الذي أجراه ستيفن ساكور، عبر برنامجه الشهير (Hard Talk)، أو (الكلام الجَّد)، بقناة البي بي سي، مع يان الياسون، مبعوث الامم المتحدة الخاص لمحادثات سلام دارفور، غير أنني اطلعت على نصِّه الكامل الذي نشرته بعض الصحف اليوم، حيث لفت نظري، بوجه خاص، الوصف السديد الذي أطلقه الياسون على هذه العمليَّة المستمرَّة منذ أبوجا، وربَّما ما قبل أبوجا، بـ "الحلقة المفرغة" (الأيام، 15/11/07). أما لماذا هي "مفرغة"، فهذا ما لم يجب عليه المبعوث الدولي، أو فلنقل إنه لا يستطيع، لأسباب معلومة، أن يقدِّم إجابة أمينة فحواها أن (فهمهم) هم لـ (المشكلة)، كوسطاء، ومن ثمَّ (تصوُّرهم) لـ (حلها)، هو السبب المباشر لـ (فراغ) هذه (الحلقة) في الوقت الراهن! فعبد الواحد، على سبيل المثال، يقول إنه لا بُدَّ من بداية صحيحة تتجاوز وهدة أبوجا، وإن هذه البداية المطلوبة لا يمكن أن تكون غير عمليَّة متكاملة، تؤخذ حزمة واحدة، بما يؤكد الارادة السياسيَّة لدى السلطة، لأن استمرار غياب هذه الارادة ينفي جدوى التفاوض أصلاً. وتشمل هذه العمليَّة، على الأقل، طائفة من المطلوبات لا يُتصوَّر، عقلاً، إخضاعها للتفاوض الذي يعني احتمالات القبول والرفض، كنزع أسلحة الجنجويد، وتأمين عودة النازحين واللاجئين إلى قراهم الاصليَّة، والشروع في تصريف العدالة لتعويض الضحايا فردياً وجماعياً. بعد هذا، وليس قبله بأيَّة حال، ينفتح الطريق أمام طائفة القضايا السياسيَّة الكبرى الصالحة، بطبيعتها، كأجندة للتفاوض، كالاقليم الواحد، والترتيبات الأمنيَّة، وقسمة السلطة والثروة، والمشاركة في الحكومة المركزيَّة، وما إلى ذلك.
لكن الوسطاء يصرُّون على فهم هذه المسألة البسيطة فهماً عجيباً يصادر، بكلِّ المعايير، على المطلوب، حين يخلطون، خلطاً مريعاً، بين قضايا الطائفتين، وهو ما عبَّر عنه الياسون بقوله، ردَّاً على ما أثار ساكور حول نفس هذه النقطة: "إذا نظرت إلى شروط عبد الواحد سترى أنها، بدرجة أو أخرى، هي نفس النتائج التي نريد التوصُّل إليها عن طريق المفاوضات، بمعنى أنه إذا كان من الممكن تنفيذ هذه الشروط المسبقة، فلسنا، إذن، في حاجة إلى مفاوضات"!
وإذن، فتلك هي غاية ما فهمه الياسون من الموقف الرافض لمفاوضات سرت بشكلها الراهن! ولا شكَّ في أن هذا هو نفس فهم سالم احمد سالم، و .. اللهم طوِّلك ياروح!

الجمعة:
نبَّهني صديقي حسن ابو زيد، الطبيب الفنان المقيم ببريطانيا، إلى مقالة صديقي الآخر الكاتب النابه مصطفى عبد العزيز البطل الموسومة بـ (خاطرات على ضفاف "عنف البادية")، والمنشورة في موقع (منتدى حوارات الجالية السودانيَّة بأمريكا) على الشبكة العنكبوتيَّة، وكانت نشرت، أيضاً، بصحيفة (الأحداث) بتاريخ 31/10/07، لكنني كنت غائباً عن البلاد أشارك في ورشة عمل بنيروبي فلم أطلع عليها في حينها.
ومع أن المقالة مخصَّصة، في أصلها، للتعليق على كتاب حسن الجزولي (عنف البادية)، إلا أن الكاتب الصديق، وبأسلوبيَّته المائزة، أبى إلا أن يذكرني، في صدرها، بكلمات طيِّبات، طيبة طبعه وعشرته الحلوة التي لطالما افتقدناها، منذ منتصف التسعينات، بعد هجرته الباذخة إلى أمريكا التي يرى أنها "أفضل من ضرابها!"، حيث أومأ إلى ذلك (العشاء الاخير) ببيته العامر بالمنشيَّة، والذي شهد إزالة جفوة كانت قد تطاولت، في المستوى الانساني، بين المرحوم محمد طه وبيني!

***

كتب البطل يقول: "صديق عزيز يعرف ولعي بمتابعة وتوثيق التاريخ المعاصر، أو، بالاحري، التاريخ المعاش، برَّني الاسبوع الماضي بنسخة من كتاب د. حسن الجزولي (عنف البادية: وقائع الايام الاخيرة في حياة عبد الخالق محجوب)، الصادر عن (منشورات مدارك)، بتقديم من د. محمد سعيد القدال. في مطلع الفقرة الاولي من الاهداء أقرأ: (إلى عوض الجزولي دياب)، فأعرف، علي الفور، أن المؤلف شقيق للمحامي والسياسي والكاتب المثقف الاستاذ كمال الجزولي، وتشع من دخيلتي، بصورة عفويَّة وتلقائيَّة، شعاعات من حبٍّ و مودَّة تجاه المؤلف، كونه شقيق كمال. وكمال من ذلك السنخ من خلق الله الذين إذا عرفتهم عن قرب أحببتهم حباً يزيد ويفيض وينداح علي من حولهم مجَّاناً ولوجه الله تعالى! كمال شيوعي امَّنه رسول الله (ص) من عذاب يوم القيامة، إذ جاء في الأثر: (إن لله عباداً اختصهم بقضاء حوائج الناس، حبَّبهم في الخير و حبَّب الخير إليهم، أولئك الآمنون من عذاب يوم القيامة). و قد حبَّب الله المكرمات إلى كمال وحبَّب كمال في المكرمات، وقد رأيته يسلك مسالكها، ويمشي في مناكبها، وإليه النشور. وآخر عهدي به ليلة متميِّزة في يوليو ١٩٩٥م حملت في صبحها عصا التسيار مهاجراً في أرض الله الواسعة. كان الصديق المغفور له محمد طه محمد احمد قد بدأ تلك الانعطافة الحادَّة في مساره الفكري ونهجه السياسي، فانفتح علي التيارات المضادَّة للاسلام السياسي الحركي المنظم، يسمع ويحاور ويتأمل. وارتاحت نفسه القلقة إلي ذلك المسار. وكنت أعرف أنه قد جلس إلى الاستاذة سعاد ابراهيم احمد، إحدى القيادات التاريخيَّة للحزب الشيوعي السوداني، بدارها بالخرطوم مثني وثلاث و رباع، وحاورها حوارات متعمِّقة مستفيضة. أسرَّ اليَّ محمد بأن لديه رغبة عارمة مستبدَّة أن يلتقي بالاستاذ كمال الجزولي، وأن يتعرف إليه، وأن يناقشه في بعض أمور السياسة والفكر. فكان ذلك اللقاء الذي جمع بين القطبين المتناقضين الرائعين بمنزلي بضاحية المنشيَّة، واستطرد واستطال حتي الهزيع الاخير من الليل. أقلَّ بعدها كمال محمداً في سيارته متجهين إلي كوبر (الحي السكني، حيث أقام محمد، لا السجن)! و لم أر أيّا منهما بعد تلك الليلة. تقبَّل الله ذلك الفتى الزاهد القلق في الفراديس العلا، و أطال في عمر كمال وبارك فيه".

***

أنعشت كلمات صديقي العزيز ذاكرتي بوقائع فات عليها الآن أكثر من عقد، بل ويعود تاريخها إلى أبعد من ذلك بكثير، إلى عهد الديموقراطيَّة الثالثة، فلعله أراد أن يحفزني لمواصلة ما وضع دونه (النقطة) في (نهاية السطر)! حسناً، لقد كان المرحوم يتولى، عقب الانتفاضة، إدارة تحرير (الراية)، لسان حال الجبهة الاسلاميَّة القوميَّة، والتي كانت لا تفوِّت فرصة للتهجُّم على قيادات الاحزاب، ورموزها، وواجهاتها، بالأخص الشيوعيين منهم والديموقراطيين واليساريين الناشطين في شتى حقول السياسة والثقافة والعمل الاجتماعي العام. وكان ذلك أمراً معتاداً، أيامها، في نهج كل صحف الجبهة التي ناهز عددها الخمس. لكن المرحوم بدأ، فجأة، وبقلمه المتميِّز، يخصُّني، بمناسبة وبغيرها، كما في الندوات، بهجوم كاسح يتجاوز الشأن العام، لينضح، بين ثنيَّاته، بكراهيَّه شخصيَّة لم أفهم سبباً محدَّداً لها في ذلك الحين، خصوصاً أننا لم نكن حتى قد التقينا من قبل، ولو بالمصادفة!
عام 1989م وقع انقلاب الجبهة الذي نالني منه التنقل، بلا انقطاع، ضمن رفقاء آخرين، بين سجون كوبر وسواكن وبورتسودان حتى العام 1991م، حيث خرجت ليعاد اعتقالي، بعد شهور قلائل، في بيت الاشباح هذه المرَّة، حتى أغسطس 1992م. وظل هذا الأمر يتكرَّر، لكن لفترات أقصر، حتى العام 1995م. وكنا في سجن بورتسودان نتابع مقالات المرحوم التي كان يسطرها، بعنف منقطع النظير، في مهاجمة المعارضة، وتأييد النظام الجديد. وحدث أن كتب ، ذات مرَّة، أنه رافق وفداً نقابياً إلى المغرب، فأقامت لهم السفارة هناك ندوة أمَّها جمهور من الجالية، وتحدث فيها أحد المتداخلين، بغضب، عن أن النظام تعمَّد اعتقال كمال الجزولي في بيئة صحيَّة سيِّئة حتى أصيب بالجرب! وقال المرحوم إن المعلومة أقلقته في حينها، ولذلك شرع، فور عودته، يتحرَّى حقيقتها، فما لبث أن اكتشف، على حدِّ تعبيره حرفياً، "أن كمال الجزولي قابع سميناً أميناً في سجن بورتسودان .. ليته أصيب بالجرب"! فضجَّ المعتقلون بالضحك مستغربين تلك الكراهيَّة الشخصيَّة التي فاقت كلَّ حد!
دارت الايام. وذات أمسية من يوليو 1995م، توجَّهت إلى بيت صديقي مصطفى البطل بضاحية المنشيَّة، ألبي دعوة كريمة منه، بين اعتقالين، إلى مأدبة عشاء كان أقامها بمناسبة اعتزامه الهجرة، في اليوم التالي، إلى أمريكا. هناك فوجئت بوجود المرحوم ضمن مجموعة من الاصدقاء، أذكر منهم عادل الباز وفيصل الباقر وخالد فتح الرحمن وآخرين من جماعة (ظلال)، صحيفة التابلويد المستقلة الأنيقة المقتحمة التي سجلت، أيامها، فتحاً مؤزراً بين صحف الحكومة! ولم يكن البطل قد ذكر لي اسم المرحوم، أو ربَّما تعمَّد ذلك، عندما سألته عن المدعوِّين! فكرت، للوهلة الاولى، في الانسحاب، لكنني سرعان ما صرفت الفكرة لسخافتها! كما وأن المرحوم نفسه لم يترك لي مجالاً لذلك، فقد أحاطني، على غير ما توقعت، بقدر من الودِّ أدهشني تماماً!
ثمَّ أن ثمَّة مفاجأتين أخريين كانتا بانتظاري! الاولى وقعت عند نهاية السهرة، حين خاطبني المرحوم، عبر الصالون، والناس قيام للمغادرة، إذ كان موعد حظر التجوَّل يقترب:
ـ "أستاذ كمال يا خي لو سمحت وصِّلني معاك في سكتك .. حأنزل منك في كوبر"!
ولم يكن من الممكن أن أرفض بطبيعة الحال! أما المفاجأة الاخرى فقد وقعت عندما وجَّهت السيارة باتجاه الغرب، قاصداً أن أبلغ شارع (الستين)، بحيث نمرُّ أمام بيت فخم على يسارنا مصابيحه الخارجيَّة مضيئة، وثمَّة رهط من الشباب على كراسي منتثرة أمامه. لكن، ما أن صرنا على بعد مسافة قصيرة منه، حتى سمعت المرحوم يصيح بغتة وهو يستحثني:
ـ "لا .. لا .. لف يمينك .. لف يمينك"!
أدرت المقود، بسرعة، ناحية اليمين، متوجِّساً، على حين راحت السيارة تخور وتتقافز، في ذلك الليل البهيم، مثل عِجل معدني، فوق الحفر والانقاض التي اكتظ بها الشارع الجانبي الذي عبرناه كقذيفة، قبل أن نجتاز شارعاً بعد شارع بعد شارع، لنلفى أنفسنا منطلقين، أخيراً، باتجاه جسر القوَّات المسلحة! عند ذاك فقط حرَّكت التروس ، واحداً بعد الآخر، حتى الرابع، فهدأ المحرِّك شيئاً، وأشعلت لفافة، ثمَّ التفت إليه:
ـ "خبر إيه"؟!
ـ "عارف البيت الكنت ماشي عليهو داك بيت منو"؟!
ـ "لا"!
ـ "بيت الترابي"!
ـ "وفيها شنو .. الشارع فاتح"!
ـ "فيها شنو كيف؟! يشوفونا الاتنين زي الوكت ده مع بعض؟! حسبي الله ونعم الوكيل"!
ساد الصمت بيننا برهة، لكنه قطعه قائلاً:
ـ "بالمناسبة يا كمال .. وقد تندهش من الكلام الحأقولو ليك ده .. لكين أنا مدين ليك باعتذار"!
فترة صمت قصيرة أخرى، والسيارة تنزلق، قبيل حظر التجوال، من فوق ربوة سنام الجسر باتجاه الشمال، وهواء النيل الازرق العليل يهبُّ مِن النافذتين، ثمَّ يعود المرحوم لمواصلة الحديث مفترَّ الثغر عن ابتسامة عريضة هي بعض عاداته، كما لاحظت لاحقاً، حتى خلال المناقشات الجادة:
ـ "أنا طبعاً كنت بهاجمك كتير .. أكتر كتير من مجرَّد الخلاف السياسي رغم إنو يُفترض ما في بيناتنا غيرو .. وانت قد تكون مستغرب المسألة دي"!
ـ "يعني"!
ـ "أيوه .. لكين الحقيقة العايزك تعرفا إنو أنا ذاتي كنت ضحيَّة كذبة مِن (....) ـ وذكر لي اسم رمز كبير في الجبهة ـ جانا مرَّة في (الراية) .. وده كان تقريباً قبل انتخابات 1986م .. قال لي أعمل حسابك .. اللجنة المركزيَّة للحزب الشيوعي قررت تصفي بعض قيادات الجبهة .. وكمال الجزولي أصرَّ يخت اسمك على راس القائمة .. نحنا مفتحين عيونا .. لكين انت برضو أعمل حسابك"!
لم أتمالك نفسي من الضحك وأنا أقاطعه:
ـ "لكين يا محمد الكلام ده ما صحيح .. خليك من حكاية إنو ما وارد في خط الحزب من الناحية الفكريَّة .. كمان لو اخدتو من الناحية العمليَّة ما ممكن يكون صحيح .. الحزب إلا يكون مجنون عشان يدخل نفسو في وكرة زي دي .. ثمَّ حاجة تانية مهمَّة .. أنا عمري ما كنت عضو في اللجنة المركزيَّة"!
ـ "ده كلو ما مهم دلوكت .. لأنو أنا ذاتي بالتجربة الشخصيَّة وصلت من سنين لقناعة إنو دي وحاجات كتيرة غيرها حاول يدفعنا ليها كانت كلها كذب في كذب .. يا خي الزول ده إنتو ما بتعرفوه .. دي طريقتو باستمرار"!
ـ "يا خي الله يكون في عونكم"!
أوقفت السيارة أمام بيته ، وواصلنا الحديث ، في الظلمة ، زهاء نصف ساعة أخرى ، قبل أن أودِّعه.
هاجر مصطفى البطل، بعد ذلك بسويعات إلى أمريكا، لكن العلاقة الانسانيَّة التي عمد إلى توثيقها بيني وبين المرحوم لم تنقطع، منذ تلك اللحظة، قط، وحتى صعود روحه الطيِّبة إلى بارئها، بل إنها توطدت، مع كرِّ الايام. ولأنه كان يعمل معظم ساعات اليوم بصحيفته (الوفاق) ولا يعود إلى البيت إلا آخر المساء، فقد كان هو الذي يبادر إلى زيارتي بالمنزل، بصحبة صديقنا المشترك فاروق هلال أغلب الاحيان، فيشيع في مؤانساتنا مزاجاً من الحيويَّة والالفة لم يكن ليفسده، البتة، تباين رؤانا الفكريَّة أو مواقفنا السياسيَّة. وكانت تلك العلاقة مثار دهشة، إن لم تكن حيرة، للكثيرين من الاصدقاء والمعارف! ويوم قدِّم للمحاكمة في قضيَّة (مقالة المولد) الشهيرة، وجاءني فاروق، ذات صباح باكر، ليبلغني بأن المرحوم يرغب شخصياً في ظهوري للدفاع عنه، لم أتردَّد، لحظة، في الاتصال بمكتبي لإلغاء مواعيدي وارتباطاتي كافة، ومرافقته، فوراً، إلى القسم الأوسط بالخرطوم، حيث كانت بانتظارنا، خارجه، حجارة المتشنجة وهتافاتهم المعادية، فلم نستطع الدخول إلا تحت حماية الشرطة! وقبل بداية الجلسة استجابت المحكمة لالتماسي تأخير موعدها قليلاً كي يتسنى لي لقاءه والاستماع إلى روايته، حيث جئ به من الحجز وسط حراسة مشدَّدة. لكنني ما أن انفردت به، وأصداء الهتافات العنيفة تصكُّ مسامعنا، حتى جاء فاروق مهرولاً ليبلغه، بعفويَّة، أن أحد المهووسين أصاب شقيقه رحاب بحجر في رأسه! لحظتها قدِّر لنا، فاروق وشخصي، أن نشهد حالة من الضعف النبيل الذي لا يلغي إنسانيَّة الانسان، بل يعززها ويؤكدها، بما لا يستطيع أن يتصوَّر ذوو الأفئدة الهواء والقلوب الصمَّاء! لقد انكفأ المرحوم على حجري يجهش ببكاء مُر، ويقول لي: "لقد تسبَّبت لهذه الأسرة يا كمال في متاعب لا قبل لهم بها .. بالامس أبلغوني أن صحة أمِّي قد تدهورت كون نساء كوبر يسألنها عمَّا يُشاع من أن ابنها قد كفر، والله أشهد على أن تلك المقالة نشرت نتيجة خطأ فني غير مقصود"! فظللت أربت على رأسه، طوال الوقت، محاولاً مواساته وإخراجه من تلك النوبة! لكن ما أن بدأت الجلسة حتى شهدته القاعة أسداً هصوراً ينافح عن شرفه الشخصي بمخلب الحُجَّة البهيَّة وناب المنطق القويم، متحمِّلاً وحده المسئوليَّة بجرأة الشجعان وأخلاق الفرسان!
رحم الله محمداً، وأكرمه خير الاكرام بالغفران وحسن القبول، وجازاه بالجنة على وداعته التي لم يقدَّر للكثيرين أن يلامسوها، وعلى بسالته، وإنسانيَّته الرقراقة، وقوَّة تشبُّثه بمبادئه، وإخلاصه لما كان يعتقد، وأمدَّ ، سبحانه، في أيام صديقنا الودود مصطفى البطل، ومتعه، هو وأسرته، بالصحَّة والعافية ، وردَّ غربته التي تطاولت، وسوح الفكر والثقافة والصحافة في بلادنا أحوج ما تكون إليه، ونحن، من قبل ومن بعد، أحوج ما نكون إلى رائق صحبته وطيب معاملته وحلو معشره.

السبت:
كلُّ العبارات الملتهبة التي وردت ضمن خطاب رئيس الجمهوريَّة في الاحتفال بالعيد الثامن عشر للدفاع الشعبي بود مدني، مساء اليوم 17/11/07، كان مقدوراً على فهمها كمحض تصعيدٍ زائدٍ (حبَّتين) مقابل ما يعتبره المؤتمر الوطني تصعيداً بدأته الحركة الشعبيَّة بتجميد مشاركة عناصرها من وزراء ومستشارين في حكومة الوحدة الوطنيَّة، وقد لا تكون أنهته بتصريحات الفريق سلفاكير بواشنطن مؤخراً. غير أن أمراً واحداً انفلت عن مدار هذا التقدير، دافعاً الامور برمَّتها كي تتجاوز، فجأة، كلَّ الخطوط الحمراء، لتضع البلاد بأسرها، مجدَّداً، وبشكل عملي، على شفا جرف هار .. الحرب! ذلك هو توجيه الرئيس لقيادة الدفاع الشعبي بإعادة فتح المعسكرات، والبدء في تجميع المجاهدين، فلا يخفف منه شيئاً، للأسف، استدراك الرئيس عليه بقوله: "ليس لأننا طلاب حرب، ولكن لنكون مستعدين!" (صحف ووكالات ومحطات راديو وتلفزة، 17 ـ 18/11/07). وقد جاء أوَّل ردِّ فعل ذي مغزى عنيف من جانب الحركة على خطاب رئيس الجمهوريَّة أن حوَّل سلفاكير، رئيس الحركة ورئيس حكومة الجنوب والنائب الأوَّل لرئيس الجمهوريَّة، محطة وصوله من زياراته الخارجيَّة إلى جوبا بدلاً من الخرطوم (الأيام، 18/11/07).
هكذا أخرجت (ثنائيَّة) نيفاشا أثقالها، بعد أقل من ثلاث سنوات على إبرامها. ولعلَّ وسطاءها وميسِّريها يدركون، الآن، ما لم يستطيعوا إدراكه في ما مضي من المحاذير التي ظلَّ يثيرها الحادبون حول أن (صناعتها) خارج الحاضنة الوطنيَّة لن تورثها خيراً بأيَّة حال، إن عاجلاً أو آجلاً! مع ذلك، وبمقتضى الأمر الواقع، حيث أن ما حدث لا يمكن ألا يكون قد حدث، فقد احتضنت قطاعات الشعب كافة هذه الاتفاقيَّة، على قصورها البائن، إعلاء من شأن (الجوهر الفرد) فيها .. إيقاف الحرب، بأمل أن يساعد ذلك على خلق الظروف الملائمة لتوسيع الحريَّات والحقوق، وتحقيق العدالة والانصاف، وإنجاز التفاهمات الوطنيَّة، باتجاه المصالحة الشاملة والتحوُّل الديموقراطي. غير أن (عِلة الثنائيَّة) شكلت، دائماً، ومنذ البداية، العقبة الكئود في طريق هذه الاحلام، إذ لم يبق للجماهير وقواها الحيَّة من دور سوى (الفرجة) المأساويَّة، بقلوب واجفة، على (كرة مضرب) العدائيَّات التي لم تتوقف يوماً بين الشريكين، في كلِّ ما يتصل بالتطبيق، من النفط إلى الحدود إلى أبيي إلى إعادة نشر قوَّات الطرفين، حتى لامس اللهب، أخيراً، طرف ثوب (السلام) ذاته، فبات يحتاج، الآن، إلى معجزة حقيقيَّة .. لإنقاذه!

الأحد:
في رزنامة 21/8/07 أبدينا قلقنا من كون نتائج التحقيق في ملابسات وفاة الزعيم الراحل جون قرنق ليست ، في ما يبدو، مقنعة بما يكفي، لا بالنسبة لأرملته السيِّدة ربيكا، ولا بالنسبة لمصادر جنوبيَّة غير بعيدة عن دوائر الحركة الشعبيَّة ، كالتي أعدَّت ملف SUDAN TODAY على الشبكة (ع/5، بتاريخ 12/7/07)، ولا بالنسبة لوزير الدولة السابق، عن الحركة، بوزارة الداخليَّة السودانيَّة ، أليو أجانق ، الذي صرَّح في أغسطس الماضي بأن "مقتل قرنق كان مدبراً ولم يكن قضاءً وقدراً" (الصحافة، 17/8/07)، وأنه ".. قتل بأيدي مَن كان يعتقد أنهم أصدقاؤه!" (الأيام، 18/8/07)، وهي التصريحات التي كلفت أجانق موقعه الوزاري، فوراً، حسب توصية المجلس القيادي للحركة في جوبا مساء 17/8/07، والذي اعتبر تلك التصريحات ".. غير مسئولة ، ولا تمثل موقف الحركة، وقد أدلى بها دون تكليف منها" (المصدر)، بل وإلى الحدِّ الذي أعلن فيه الجنرال إماما امبابزي، وزير الدفاع اليوغندي السابق، ووزير الأمن الحالي، استعداد حكومته لإعادة فتح التحقيق إن كانت ثمَّة أدلة جديدة تعارض ما توصَّلت إليه اللجنة من أن الحادث وقع قضاءً وقدراً، وليس بفعل فاعل (الصحافة، 17/8/07). وقلنا إنه، وفي ضوء كلِّ تلك المستجدَّات، فإنه لا يبدو ثمَّة مناص من إعادة فتح التحقيق! أما تجاهل الأمر فيعني ، بالضرورة ، أن يتحوَّل إلى (حِبْن!) غائر ما يلبث أن يتسبِّب في (غنغرينا!) أخرى لا شفاء منها إلى يوم يبعثون!
والآن، ها هو أليو أجانق يعود، مجدَّداً، إلى حديث الشكوك، عبر اللقاء الذي أجرته معه، في مشفاه بأمريكا، صحيفة (نيو سودان فيشن) الالكترونيَّة التي تصدر من كندا، مبرِّئاً، هذه المرَّة، ساحة موسيفيني، ومفصحاً عن أن الجيش اليوغندي ضالع في (المؤامرة!) على خلفيَّة اعتقاده بأن الراحل كان يدعم جيش الرَّب، وأن لدى وزير الدفاع اليوغندي السابق معلومات عن حادث (الاغتيال!)، وأن زيارة قرنق لكمبالا كانت تهدف، أصلاً، لاسترداد دبَّابات وصلت للجيش الشعبي عن طريق يوغندا (السوداني ـ الأيام، 11/11/07).
وزير الدفاع اليوغندي السابق استعصم بالصَّمت، رافضاً التعليق على تصريحات أجانق الاخيرة، مع أن الصَّمت في موضع الحاجة للكلام .. كلامٌ! لكن، حتام تنأى الحكومة المركزيَّة بنفسها عن هذا الملف، وكيف تكتفي الحركة الشعبيَّة بمحض قرار يتيم بفصل أجانق، بينما القيح يتكاثف تحت الجلد، و(الغنغرينة) تنخر داخل الجرح، وتنسرب، حثيثاً .. حثيثاً، إلى النخاع!

الإثنين:
بعث جاك برسالة إلى صديقه الأثير مايكل يعاتبه على ما أضحى يشعر به من جفاء في علاقتهما. فأراد مايكل أن يطمئنه بأن شعوره هذا خاطئ، وأنه ما زال وفياً لصداقتهما، فرد عليه قائلاً: "يجب أن تعلم، يا عزيزي، أنك ما تزال أحب أصدقائي إلى نفسي .. إذا فرحت فإن ذلك سيجعلني أفرح، وإذا حزنت فإنني سأحزن لحزنك، أما إذا بكيت فإنني سأبكي فوراً، وأما إذا قذفت بنفسك من الجسر فكن واثقاً من أنني .. سأفتقدك كثيراً"!




#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قَانُونٌ .. دَاخلَ خَطِّ الأَنَابيبْ!
- أَلاعِيبٌ صَغِيرَةْ!
- النَيِّئَةُ .. لِلنَارْ!
- أوريجينال!
- يَا لَلرَّوْعَةِ .. أَيُّ نَاسٍ أَنْتُمْ؟!
- وَمَا أَدْرَاكَ مَا .. حَدَبَايْ!
- كَابُوسُ أَبيلْ!
- غابْ نَجْمَ النَّطِحْ!
- بُحَيْرَةُ مَنْ؟!
- دِيْكَانِ عَلَى .. خَرَاب!
- صُدَاعٌ نِصْفِي!
- كَجْبَارْ: إِرْكُونِي جَنَّةْ لِنَا! - سيناريو وثائقي إلى رو ...
- عَوْدَةُ الجِّدَّةِ وَرْدَةْ!
- الحُرُّ مُمْتَحَنٌ!(صَفْحَةٌ مِن مَخْطُوطَةِ ما بَعْدَ السِّ ...
- طَاقِيَّتي .. التشَاديَّةْ؟!
- كانْ حاجَةْ بُونْ!
- إنتَهَت اللَّعْبَة!
- سَفِيرُ جَهَنَّمْ!
- برُوفيسورَاتُ تُوتِي!
- العَقْرَبَةُ!


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - قُبَيْلَ حَظْرِ التَّجْوَالْ!