أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كمال الجزولي - إنتَهَت اللَّعْبَة!















المزيد.....



إنتَهَت اللَّعْبَة!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1875 - 2007 / 4 / 4 - 11:30
المحور: سيرة ذاتية
    


(1)
ضحى الثاني من أبريل 1985م.
سيَّارة مسرعة تعبُر جسر النيل الأبيض باتجاه أم درمان ، ومنصَّة منصوبة قبالة الواجهة الجنوبيَّة للقصر الجمهوري بالخرطوم! خلف مقود السيَّارة رجل يسابق الزمن ، متمنيَّاً لو أن ساعات اليوم تطول أكثر من مجرَّد أربع وعشرين ، وفوق المنصَّة ثلة من كولونيلات النميري ودكاترته وموظفي اتحاده الاشتراكي ، يتناوبون الهدير بكلام هم آخر من يعلم أن نصفه محتشد حتى أسنانه بالمفارقات ، وأن نصفه الآخر فارغ تماماً من أيِّ معنى! فأبو ساق يُهَسْتِر محرِّضاً: "أضربوهم ضرب العقارب" ، دون أن تكون لديه أدنى قدرة ليعرف مَن سيضرب مَن خلال الأيام القليلة القادمة! وأبو القاسم يبتدئ كلَّ جملة بحرف التوكيد والنصب (إنَّ) ، دون أن يفكر حتى في ما سينتهي إليه من (خبر) لتلك الـ (إنَّ)!
وفي الحقيقة كان يلفهم أجمعين شعور عميق باليُتم ، جراء التوقيت غير الموفق الذي اختاره (رئيسهم القائد) كي يغيب عنهم ، يومها ، في أمريكا ، ويتركهم يواجهون وحدهم جماهير المستضعفين ، بعد أن هيَّجها عليهم بقوله ، في آخر خطبه ، ما لم تقله ماري أنطوانيت في زمانها عن .. (البقلاوة)! وإلى ذلك كان ثمَّة إحساس عارم بالغبن يعتمل في صدورهم ، يطيلون ، تحت وطأته ، التحديق ، بأعين واجفة وشفاه طبشوريَّة ، في جمع هزيل وقف أمامهم يصطلي ، مغلوباً على أمره ، بشواظٍ شمس آخذة في التلهُّب ، بينما غالبيَّته ما تنفكُّ تتضجَّر من الطريقة التي جرجروها بها ، حتف أنفها ، إلى ذلك المكان ، حيث لم يفلح سماسِرة المواكب في اصطياد عدد أكبر ، برغم المال السائب الذي جرى تبديده ، كالعادة ، ولكن للمرَّة الأخيرة ، في تحشيد ما أسموه، يوم ذاك ، ويا كَم كانوا شطاراً ، فقط ، في اصطناع التسميات ، بـ .. (موكب الرَّدع)!
......................
......................
كان المُستهدَف بذلك (الرَّدع) الحِراك النقابي والسياسي الذي علت هِمَّته ، أيامها ، أكثر من أيِّ وقت مضى ، وإلى الحدِّ الذي زرع ، ربما لأوَّل مرَّة ، خوفاً حقيقيَّاً في نفوس أولئك السادة الذين ما كانوا يتقنون غير التبضُّع بالشعارات الخاوية ، والتلهِّي بالكلام الساكت ، فإذا التبضُّع والتلهِّي لا يورثانهم ، في ذينك الزمان والمكان ، سوى الإحساس المرعب ببداية النهاية يسرى في دواخلهم مسرى الدَّم ، تماماً كجرذان السفينة المشرفة على الغرق!
ومِن عجب أن مَن كانت معلوماتهم الأمنيَّة تشير ، ساعتها ، إلى أنه هو المُنسِّق الأساسي للحراك/المؤامرة ، هو أمين مكي مدني .. الرجل نفسه الذي كان جالساً ، في تلك اللحظات ذاتها ، خلف مقود سيَّارته ، وهي تنهب الأرض نهباً ، في وضح النهار ، وتمرق ، كما السهم ، من جسر النيل الأبيض باتجاه بيت الصادق المهدي في أم درمان!

(2)
مساء الثامن عشر من يناير 1985م.
غداة إعدام الشهيد محمود محمد طه في السابع عشر من يناير ، إجتمع ، سِرَّاً ، ممثلو ثلاثة عشر نقابة ، على رأسها المحامون والأطباء والمهندسون والتأمينات وأساتذة الجامعات ، ليؤسِّسوا (التجمُّع النقابي) ، وليتداولوا خيارَي الاضراب أو تسيير موكب يسلم رئيس الجمهوريَّة مذكرة تطالب بإطلاق الحريات والحقوق ، وبالأخصِّ حريَّة العمل النقابي ، وإلغاء قانون النقابات ، وضمان استقلال القضاء ، والجامعات ، وحريَّة البحث العلمي ، واعتماد الحلِّ السلمي لما كان يُسمَّى ، حينها ، بـ (مشكلة الجنوب) ، فضلاً عن رفع المعاناة عن كاهل الجماهير ، وما إلى ذلك. وبدا الرأي الغالب أميَلَ للمزاوجة بين الخيارين.
من جهتها ، كانت أحزاب الأمَّة والاتحادي والشيوعي قد عكفت ، أصلاً ، ومنذ العام 1984م ، على بلورة (ميثاق) يوحِّد العمل الوطني الديموقراطي للاطاحة بالنظام بين أطراف جبهة المعارضة ، بما فيها الكتلة السياسيَّة التي كانت قد ائتلفت ، قبل سنوات من ذلك ، مع حزب البعث ، في ما عُرف بـ (تجمُّع الشعب السوداني).

(3)
صباح السادس والعشرين من مارس 1985م.
بادر طلاب جامعة أم درمان الاسلاميَّة بالضربة الأولى على رأس المسمار ، حيث سيَّر اتحادهم موكباً جسوراً جاب وسط المدينة ، لتلتحم معه أعداد غفيرة من الكادحين في منطقة السوق. وإن هيَ إلا ساعات حتى كانت أصداء الحدث تتمايح ، رويداً رويداً ، وتنداح إلى كل مواقع العمل والسكن في العاصمة المثلثة. وبدأت الجماهير تتدفق إلى الشوارع تدخل في صدام مكشوف مع ما عُرف ، آنذاك ، بـ (نظام الجوع والارهاب). فإذا بعطر أكتوبر يضوع ، بسرعة البرق ، وإذا بالشعب يغدو واضحاً أنه على أتمِّ الاستعداد للفداء في سبيل الاطاحة بالنظام ، وإذا بذلك كله يطرح من المهام الاضافيَّة، أمام القوى النقابيَّة والسياسيَّة ، ما استوجب الاسراع بالتصدِّي له!

(4)
صباح الثامن والعشرين من مارس 1985م.
حدث مفاجئ كاد يربك حسابات التجمُّع النقابي! إجتمعت الجمعيَّة العموميَّة للهيئة النقابيَّة الفرعيَّة لأطباء مستشفى الخرطوم بقيادة نقيبها أحمد التيجاني الطاهر ، وقرَّرت الاضراب ، منفردة، حتى الثلاثين من مارس ، إحتجاجاً على القمع الوحشيِّ الذي واجه به النظام المتظاهرين في الشوارع طوال اليومين الماضيين ، وكان من نتائجه اكتظاظ المشرحة والعنابر وعيادات الطوارئ بالشهداء والجرحى. أصدرت الفرعيَّة بياناً أعلنت فيه قرارها ، ودعت فيه مركزيَّتها ، بقيادة نقيب الأطباء الجزولي دفع الله ، وسائر النقابات الأخرى ، للدخول في إضراب سياسي لإسقاط النظام!
صار لا بُدَّ من عقد اجتماع عاجل للتجمُّع النقابي لاتخاذ قرار حاسم بشأن تلك الخطوة ، إما بالاستمرار في التحضير للموكب والمذكرة ، أو بالدخول ، فوراً ، في إضراب يؤازر تلك الفرعيَّة. واستقرَّ الرأي ، عبر اتصالات سريعة ومضنية ، على عقد ذلك الاجتماع مساء نفس اليوم ، بدار نقابة المحامين القديمة بشارع كلوزيوم بالخرطوم.

(5)
مساء الثامن والعشرين من مارس 1985م.
في الموعد المحدَّد للاجتماع ، وقع حدث آخر كاد يربك ، أيضاً ، حسابات الجميع! تقاطرت ، فجأة ، إلى دار النقابة ، ومن كل أنحاء العاصمة المثلثة ، جموع غفيرة من المحامين الذين اتضح أن تسريباً مغلوطاً قد وصل إليهم يدعوهم للاحتشاد هناك! أيَّاً كان الأمر ، فقد أمسى مناخ الدار غير مناسب لعقد الاجتماع! بل لقد تعذرت تماماً ، وسط ذلك الحشد الذي كان في أعلى درجات التعبئة ، حتى مواصلة التشاور الموسَّع حول ما يمكن عمله لإنقاذ الوضع ، والذي بدأ ، تلقائيَّاً ، بين العدد القليل من الحاضرين من مجلس النقابة وبين بعض المحامين الناشطين في معاونة المجلس من خارجه ، وكنت واحداً منهم. فاقترح النقيب ميرغني النصري الدخول إلى مكتبه لإتمام التشاور بهدوء وسرعة!
......................
......................
داخل مكتب النقيب كنا ما بين 12 ـ 15 شخصاً ، وكان وكيل النقابة ، حينها ، عمر عبد العاطي ، واقفاً على الباب يسدُّ مصراعيه بجسمه من الداخل. لكن ما أن بدأنا الحديث ، حتى سمعنا طرقاً على الباب ، وحركة دفع وجلبة غير عاديَّتين. قطعنا الحديث ، واضطر عمر لفتح الباب ، فكان بمستطاع كل منا أن يرى ، بوضوح ، أن وريقة قد سُلمت لعمر ، وأنه بدأ يطالعها وهو ما يزال واقفاً بالباب من الداخل ، وأن أربعة غرباء يقفون بالباب من الخارج ، على حين كان مشهد المكتب مكشوفاً لأربعتهم بالكامل!
لحظات ، ثمَّ التفت إلينا عمر قائلاً بصوت جهوري:
ـ "يا أساتذة .. الجماعة ديل من الأمن ، ومعاهم أمر قبض على بعض الأسماء ، فرجاءً البسمع إسمو يطلع ليهم: عمر عبد العاطي ، سليم عيسى ، أمين مكي مدني ، مصطفى عبد القادر ، كمال الجزولي ، و .."!
أسماء أخرى أنستنيها الذاكرة الضعيفة. غير أنني أذكر جيِّداً أن أمين مكي كان غائباً بلندن ، وقتها ، ولم يعُد إلا في الثلاثين من مارس ، وأن أفراد الأمن لم يتعرَّفوا ، في ما بدا واضحاً ، على أغلب المطلوبين ، بما فيهم عمر نفسه ، علاوة على أن إيماءات ندَّت عنهم أوحت بأنهم قد تعرَّفوا علينا ، مصطفى وشخصي ، فلم يكن ثمَّة مناص من إنهاء المسألة بخروجنا معهم .. وفوراً!

(6)
صباح التاسع والعشرين من مارس 1985م.
بتنا ليلتنا تلك في زنازين الجهاز. وفجر اليوم أخرجونا إلى حيث كان بانتظارنا ميني بص صعدنا إليه فوجدنا بداخله كلاً من بكري عديل والجزولي دفع الله ومحمد الأمين التوم وحسين أبو صالح ومروان حامد الرشيد ومامون محمد حسين ، فضلاً عن البطلين: محمد احمد سلامة رئيس اتحاد جامعة أم درمان الاسلاميَّة ، ومحي الدين محمد عبد الله سكرتير الاتحاد. فعلمنا منهم أنهم اعتقلوا جميعاً مساء البارحة ، وأنهم باتوا ، مثلنا ، في زنازين الجهاز.
إتخذ الميني بص طريقه باتجاه الشمال ، وغشي سجن كوبر ، حيث أنزلوا مروان ، ثم واصل سيره ، طاوياً بحري وريفها الشمالي ، حتى بلغ بنا إلى سجن دبك على الضفة الشرقيَّة للنيل!
......................
......................
أودعونا عنبراً تفوح منه رائحة الخفافيش النافقة ، في قِسم به عنبر آخر مشابه فتحوه ، في اليوم التالي ، لاستقبال منسوبي حركة الترابي المعتقلين ، والمُرحَّلين إلى هناك من سجن سواكن. وكانوا ، إلى ما قبل أسابيع من بداية الانتفاضة ، حلفاء للنميري الذي ما لبث أن شنَّ عليهم جردة اعتقالات وملاحقة في إطار (نكبة البرامكة) التي حلت بهم آنذاك!
بدا واضحاً أن القِسم ظلَّ مغلقاً لسنوات ، وأنه جرى تجهيزه ، على عجل ، لاستقبالنا ، لكن بيئته كانت ما تزال رديئة ، حتى أن بكري عديل فضل أن يسحب سريره من داخل العنبر ليستقرَّ به تحت ظلِّ شجرة أمامه. وسرعان ما أصبح ذلك السرير ملتقى سحابات نهارنا ، نناقش ، ونحلل ، ونحاول، في عزلتنا تلك ، حيث لا جرائد تصل ولا راديو يُسعِف ، استقراء ما قد تكون سارت عليه الأحداث منذ اعتقالنا!

(7)
مساء الأوَّل وضحى الثاني من أبريل 1985م.
علمنا ، لاحقاً ، أن التجمُّع النقابيَّ تمكن من تجاوز ارتباك أمسية الثامن والعشرين من مارس ، وأن مشاوراته تواصلت باتجاه تسيير موكب ، حدَّد له الثالث من أبريل موعداً ، لتسليم مذكرته إلى السلطة ، وأنه عقد ، مساء الأول من أبريل ، عشيَّة (موكب الرَّدع) ، أحد أهمِّ اجتماعاته ، على نجيل نادي الخريجين بالخرطوم بحري ، حيث خلص إلى وضع تصوُّره النهائيِّ للموكب ، وللمذكرة ، ولتصعيد المواجهة ، ثمَّ كلف أمين مكي بحمل تلك المقترحات إلى القوى السياسيَّة.
......................
......................
هكذا ، وعندما وصل أمين إلى منزل الصادق ، ضحى اليوم التالي ، الثاني من أبريل ، في سباق مع (موكب الرَّدع) ، كان الأخير يتأهَّب للاختفاء تفادياً لشلِّ حركته في تلك الظروف. هكذا ، وعلى عجل ، سلمه أمين تصوُّر النقابات ، واستلم منه الميثاق المقترح من القوى السياسيَّة ، مكتوباً بخط يده ، كما حصُل منه ، مثلما كان قد حصُل ، قبلها ، من القوى السياسيَّة الأخرى ، على دعم وتوجيه بالمشاركة في موكب الغد ، ثمَّ اتفق الرجلان على استمرار اتصالاتهما عن طريق المرحوم عمر نور الدائم والمرحوم صلاح عبد السلام وآخرين.
......................
......................
خرج أمين من بيت الصادق ، ليلحق باجتماع سكرتاريَّة التجمُّع النقابي ، عند الظهر ، بمكتب عثمان عبد العاطي في وسط الخرطوم ، حيث استنسخت صور من بيان جماهيريٍّ أعِدَّ لأغراض الموكب ، يزاوج بين أعم مشتركات النقابات والأحزاب. وفي المساء انعقد اجتماع آخر للتجمُّع النقابي في منزل بمنطقة كوبر ببحري ، وُضِعت فيه اللمسات الأخيرة على جهود التحضير للموكب والمذكرة.

(8)
نهار الثالث من أبريل 1985م.
غير مسبوق ، بكل المعايير ، هذا الانفجار الجماهيريُّ الذي ظلَّ يشهده وسط الخرطوم ، منذ الصباح الباكر. فقد أخذت جموع المواطنين والعاملين تتقاطر ، على بكرة أبيها ، وتتجمَّع ، نساءً ورجالاً ، شيباً وشباباً ، حتى الكسيح جاء محمولاً على ظهر الأعمى ، لتتدفق أنهاراً ، ومن كلِّ فجٍّ عميق ، صوب شارع القصر ، تملأه حتى يفيض ، من السكة حديد إلى ساحة الشهداء ، وتتمركز ، بالأخصِّ ، في ما يشبه التحدِّي لموكب (ردع) البارحة ، في ذات الساحة! لكن .. شتان بين هذا الطوفان البشري الهادر ، وبين ذلك الجمع الهزيل الذي تمت جرجرته بالأمس إلى هنا ، ليستمع ، متضجِّراً ، إلى مبتدءات (إنَّ) التي لا (خبر) لها ، وليتلقى ، مستهزئاً ، تحريضات (ضرب العقارب) في الجحور! لقد كان أكتوبر آخر يتخلق في تلك اللحظة ، وساعة النظام قد أزفت لا ريب فيها!
......................
......................
في ما بعد حدَّثني عمر عبد العاطي ، قال:
ـ "رغم كل الجهد الذي بذلناه في صياغة بيان التجمُّع النقابي كي يجئ معبِّئاً للجماهير بقوَّة ، إلا أنني ، وأقسم بالله العظيم ، حين رفعوني بالقرب من سور مستشفى الخرطوم لألقيه ، وواجهت مئات الآلاف من العيون التي تقدح شرراً ، وغضباً ، ورفضاً ، وتصميماً ، أحسست بالقشعريرة تسري في أوصالي ، وتأكد لي أن كارثة ما ستحيق ، حتماً ، بنا ، نحن أنفسنا قادة ذلك الموكب المهيب ، إذا لم أتصرَّف أثناء الإلقاء ، على نحو ما ، باختزال بعض فقرات ذلك البيان وعباراته ، وبشحن الأخريات بشحنات إضافيَّة من مزاج تلك اللحظة الشعبيَّة المتفجِّرة بالسخط والثورة .. وقد كان"!

(9)
الرابع والخامس من أبريل 1985م.
أخذت في التصاعد ، أكثر فأكثر ، حركة النقابات والأحزاب ، واكتظت الشوارع بالهتافات الداوية ترفع شعارات الاضراب السياسي ، والعصيان المدني ، وتدعو لإسقاط النظام ، والقصاص من قادته ورموزه ، في ذات الوقت الذي راح يستعر فيه نشاط جهاز الأمن متجاوزاً لكلِّ الحدود ، حتى لقد ازداد تساقط الشهداء ، وعلى رأسهم الشهيد عبد الجليل طه ، والشهيد أزهري مصطفى ، والشهيدة الطفلة ذات العام الواحد مشاعر محمد عبد الله ، وغيرهم ، جرَّاء إطلاق زبانية النميري الذين اندسُّوا وسط المتظاهرين رصاصهم الحيَّ عليهم من مسافات قريبة لا تزيد على المترين! وضاقت الزنازين بالمعتقلين ، ما أنْ تفرغهم شاحنات الأجهزة بالمئات في السجون ، حتى تعود لتمتلئ بغيرهم! وإلى ذلك عاثت الهرَّاوات الغليظة ، والعصيُّ الكهربائيَّة ، تنكيلاً في جموع الثوار العُزَّل إلا من تصميمهم على إسقاط النظام البغيض. وانتشر الغاز المسيِّل للدموع في الشوارع والساحات يلوِّث هواء المدينة ، ويتسلل من فرجات الأبواب والنوافذ إلى غرف المستشفيات والبيوت. وصحف النظام ما تفتأ ، أثناء ذلك ، تلعب دورها المرسوم ، فتختزل الطوفان بأسره في محض "عناصر مخربة تحدث بعض الشغب!" ، و"غوغاء يخربون ممتلكات المواطنين!" ، و"فلول أحزاب عقائديَّة تطلُّ برأسها من جديد"! كل ذلك بأمل محاصرة وإيقاف المدِّ الشعبيِّ الزاحف بإصرار ، والذي لم يشهد النظام له مثيلاً من قبل .. ولكن هيهات!
......................
......................
ظلت بيانات ومنشورات القوى السياسيَّة والنقابيَّة تصدر ، أثناء ذلك ، ممجِّدة لانتفاضة الشعب الباسلة ، ومحرِّضة لجماهيرها على التمسُّك بأهدافها الباسلة ، وعلى الاستمرار في الاضراب وتوسيع قاعدته. وفي صلاة الجمعة ، بتاريخ الخامس من أبريل ، ظهر الصادق المهدي ، فجأة ، بين أنصاره ، يؤمهم بجامع السيد عبد الرحمن ، مفتتحاً الخطبة بقوله تعالى:
"حتى إذا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وظنُّوا أنَّهُم قد كُذِّبُوا جاءَهُم نصرُنا فَنُجِّيَ مَن نشاءُ ولا يُرَدُّ بَأْسُنا عن القوم المُجرمين" (110 ؛ يوسف)
وحيَّا حيويَّة الشعب وإقدامه ، ونبَّه إلى أن شعاعات الصبح قد أسفرت واتحدت الكلمة ، وحضَّ على مواصلة الانتفاضة حتى سقوط النظام ، ثم ما لبث أن نزل من المنبر ، ليعود للاختفاء ، متسللاً من باب خلفيٍّ!

(10)
مساء الخامس وفجر السادس من أبريل 1985م.
توالى حضور مندوبي التجمُّعين النقابي والحزبي إلى المنزل الذي جرى تأمينه ، بحيِّ العمارات بالخرطوم ، لعقد أوَّل اجتماع مشترك بين الطرفين بشكل مباشر ، بعد أن كان التنسيق غير المباشر يتمُّ بينهما ، حتى ذلك الوقت ، عن طريق أمين مكي الذي اختفى عقب موكب الثالث من أبريل مباشرة ، ثمَّ حضر مساء اليوم إلى مكان الاجتماع بصحبة عمر عبد العاطي ، مندوب المحامين الذي اختفى هو الآخر. وحضر عبد الرحمن إدريس عن الأطباء ، وعوض الكريم محمد احمد عن المهندسين ، وعبد العزيز دفع الله عن التأمينات ، وعلي عبد الله عباس عن أساتذة جامعة الخرطوم. كما حضر المرحوم عمر نور الدائم والمرحوم صلاح عبد السلام عن حزب الأمة ، وسيد احمد الحسين والمرحوم ابراهيم حمد عن الاتحاديين ، ومحجوب عثمان عن الشيوعيين.
كان الاجتماع عاصفاً ، تخللته حِدَّة وملاسنات وعنفٌ لفظيٌّ متبادَل ، خاصة بين عبد الرحمن إدريس وعمر نور الدائم ، مِمَّا كاد يودي به إلى الفشل في أكثر من لحظة ، لولا تدخلات محجوب عثمان!
تركزت نقاط الخلاف ، أساساً ، حول رئاسة الوزراء الانتقاليَّة التي كان التجمُّع النقابي يطالب بها ، وإلى ذلك مطالبته بأن تخصَّص له نسبة 60% من مقاعد مجلس الوزراء الانتقالي ، علاوة على مطالبته بأن تكون الفترة الانتقاليَّة ثلاث سنوات ، مقابل مطالبة الأحزاب بألا تتجاوز الفترة سنة واحدة.
أخيراً ، وعند الثالثة من صباح السادس من أبريل ، تمكن الاجتماع من التوصُّل إلى صيغة توافقيَّة لما صار يُعرف بـ (ميثاق التجمع الوطني الديموقراطي) ، صاغها أمين مكي بخط يده ، وأرفق معها ، وفق ما قرَّر الاجتماع ، النقاط الخلافيَّة التي كانت ما تزال عالقة حتى ذلك الحين ، لكن لم يُعلن عنها مطلقاً في أيِّ وقت بعد ذلك! واستطراداً ، فقد تمَّ تجاوزها ، عمليَّاً ، في ما بعد ، وبالأخص الخلاف حول مدى الفترة الانتقاليَّة ، حيث تنازل التجمُّع النقابي عن مطلبه بشأنها حين قامت لديه استرابة جديَّة في الأسلوب الذي جرى به الاعلان عن تشكيل المجلس العسكري الانتقالي ، والمناورات التي انتهجها في أيامه الأولى ، فأوحت بتطلعه للعب دور سياسيٍّ أكبر في تقرير مصير الانتفاضة!
......................
......................
على حين كان اجتماع (التجمُّعين) ذاك ما يزال منعقداً ، كان ثمَّة حدثان آخران ، لا يقلان جسامة ، يجريان على جبهة النظام وما تبقى له من (فتافيت) السلطة!
فمن ناحية كان كبار قادة القوَّات المسلحة ، وقتها ، يعقدون اجتماعاً تاريخيَّاً آخر ، في القيادة العامَّة ، مع المشير سوار الدهب ، القائد العام ووزير الدفاع ، ويضغطون عليه ضغطاً مكثفاً كي يوافق على إعلان انحيازهم للانتفاضة بالاطاحة بالنظام ، ورئيسه ، وأجهزة حكمه. وقد نجحوا في ذلك ، بالفعل ، مع الساعات الأولى لفجر السادس من أبريل!
لكن ، من الناحية الأخرى ، وفي ذات تلك اللحظات العصيبة ، كان اللواء عمر محمد الطيِّب ، النائب الأوَّل لرئيس الجمهوريَّة ورئيس جهاز الأمن ، يحاول اللعب بآخر كرت توهَّم أنه ما زال في جيبه! فعندما أحسَّ ، على ما يبدو ، بتحرُّكات كبار القادة ، بعث ، مع اثنين من كبار ضباطه ، برسالة شفهيَّة تنضح بالسذاجة واليأس إلى ممثلين لجهاز الاستخبارات الأمريكى CIA ، كانا ناشطين ، بعلم الجهاز ، خلف قناع دبلوماسيٍّ من داخل سفارة بلادهم بالخرطوم ، طالباً تدخل قوات الانتشار السريع من القواعد المتوسِّطيَّة لحماية (البلاد!) ، بزعم اكتشاف مخططٍ ليبيٍّ لشن غزو داهم على السودان خلال الساعات القادمة! غير أن الردَّ الصاعق سرعان ما جاء ، شفاهة أيضاً ، من ذينك المندوبَين إلى رسولي اللواء عمر ، بأنه لم يعُد ثمة متسع من الوقت لمساعدة (النظام!)، فقد انتهت اللعبة the game is over! ، على حدِّ تعبيرهما ، وليس بمستطاع أيَّة قوَّة على الأرض أن توقف الانقلاب الذي سيقع بعد قليل ، والذي ائتمر قادة الجيش على تنفيذه انحيازاً للانتفاضة الشعبيَّة!
الشاهد أن الاجتماع التاريخيَّ (الأوَّل) لـ (التجمُّع الوطني الديموقراطي) الذي انعقد وأنجز (ميثاقه) ، إنما كان يجري في سباق محموم مع قرار القوَّات المسلحة بالاطاحة بالنظام ، ومؤامرة جهاز الأمن لخنق الانتفاضة!
......................
......................
مع البيَّاح ، فجر السادس من أبريل ، إنفضَّ ذلك الاجتماع ، حيث قرَّر أمين مكي والمرحوم عمر نور الدائم قضاء ما تبقى من وقت حتى شروق الشمس في نفس المنزل ، بينما راح الآخرون يتسللون، تحت جنح الظلام ، ليتفرَّقوا في شوارع حيِّ العمارات.
خرج عمر عبد العاطي بصحبة عبد العزيز دفع الله قاصِدَين سيَّارة عمر التي كان قد جاء بها مع أمين، أوَّل المساء ، وأوقفها أمام منزل أحد أصدقائه ، على بُعد شارعين من مكان الاجتماع! وهو نفس المنزل الذي غشيه معظم ممثلي النقابات والأحزاب ، ومنه تحرَّكوا إلى مكان الاجتماع! لكن ما كاد عمر وعبد العزيز يقتربان من السيَّارة حتى اكتشفا أنها مفتوحة ، وأن (مجهولين) ينتظرون بداخلها مستغرقين في غفوة ، فأطلق الاثنان سيقانهم للريح! وعندما أحسَّ (أهل الكهف) بحركتهما ، أفاقوا ، لتشهد شوارع الحيِّ الهادئ مطاردة عنيفة ما كان عمر ليتصوَّر أنه يقدر عليها ، وهو الذي يشكو من آلام الظهر والمفاصل! في ما بعد اتضح أن شقيق زوجة صاحب المنزل ، والذي شارك في استقبال كل ضيوف صهره قبل أن يتوجَّهوا إلى اجتماعهم ، عضو بالجهاز! ولولا أنه انشغل أكثر شئ بالمسارعة للابلاغ عنهم ، قبل أن يعرف المكان الذي توجَّهوا إليه من منزل صهره، لما قامت لذلك الاجتماع التاريخيِّ قائمة!
واستطراداً ، فإن الوحيد الذى عثروا عليه واعتقلوه ، ذلك المساء ، هو التيجاني الكارب الذي كان قد أوصل المرحوم عمر نور الدائم والمرحوم صلاح عبد السلام بسيارته إلى ذلك المنزل ، ثمَّ عاد إلى بيته ، حتى قبل أن يبدأ المندوبون في التوجُّه إلي مكان الاجتماع! وهكذا قدِّر للكارب أن يكون آخر مواطن تعتقله سلطة نميري ، وهي في برزخ المنزلة بين المنزلتين ، تلفظ أنفاسها الأخيرة ، قبل سقوطها الداوي!

(11)
نهار السادس من أبريل 1985م.
لم يقيَّض لنا ، بطبيعة الحال ، إلا بعد عودتنا من دبك ، أن نعلم بكل تلك التفاصيل ، خاصة أحداث الثالث من أبريل والأيام الثلاثة التالية. ومع ذلك لم يخلُ ملتقانا حول (سرير بكري) من بعض (التسريبات) الشحيحة ، الله وحده يعلم بمصدرها! فهناك بلغتنا بعض أصداء الموكب. وهناك علمنا أن الأمور لم تنته بنهايته ، بل ما تزال ثمة أحداث تجري ، وما تزال الجماهير في الشوارع. وهناك رفعت من معنوياتنا ، بخاصَّة ، أخبارٌ لم تتأكد لنا ، إلا لاحقاً ، عن تغييرات ذات مغزى في مواقف القوَّات النظاميَّة والعاملين بجهازي الاذاعة والتلفزيون! لكن حصولنا على مصدر موثوق به لتلقي أخبار البي بي سي ومونتي كارلو ، أوَّلاً بأوَّل ، كان له أكبر الأثر على حياتنا في ما تبقى لنا من أيام هناك! وعلى أهميَّة كل أخبار السودان التي ارتقت ، فجأة ، إلى واجهة نشرات المحطتين ، إلا أن ثمَّة تقريرين خبريَّين كان لهما دويُّ الزلازل ، في نفوسنا ، ودمدمة البراكين: أولهما تمحور حول التصريح الجسور الذي أدلى به سفير السودان لدى باكستان ، وقتها ، صديقنا الحبيب محمد المكي ابراهيم ، عقب انقطاع أخبار الأحداث في إثر إضراب العاملين بالإذاعة والتلفزيون ، يؤكد فيه انتصار الانتفاضة وزوال النظام فعلياً! أما الآخر فقد اتصل سياقه ، بدءاً من تأكيد ملازمة الجماهير للشوارع ، ومبيتها الليالي فوق الجسور ، وانتقال الانتفاضة إلى أنحاء السودان الأخرى ، وانتهاءً ببيان المشير سوار الدهب يعلن ، صباح السادس من أبريل الأغر ، عن انحياز القوَّات المسلحة إلى الإرادة الشعبيَّة!
......................
......................
عند ذلك الحدِّ كانت قد انتفت ، بطبيعة الحال ، كل مبرِّرات وجودنا في ذلك المكان. ولكن .. من يقنع مدير سجن دبك؟! سمع بأذنيه البيان في نشرة السادسة صباحاً ، فسارع بإحضار خروف نحره تحت أقدامنا ، وهو ما ينفكُّ يهتف بأعلى صوته ، في وسط السجن ، والدموع الصادقة تنهمر مدرارة من عينيه: "جيش واحد .. شعب واحد" ، "عاش نضال الشعب السوداني" ، ونحن نردِّد الهتافات من ورائه ، ولا يكاد يكفُّ عن رفع ساعديه يهزُّهما فوق رءوسنا على أنغام الأغنيات والأناشيد الوطنيَّة يصدح بها جهاز الترانزيستور الصغير الذي أخرجناه للعلن ، وأدرناه بأعلى صوت أيضاً ، دون أن يبدي اهتماماً بمعرفة الطريقة التي تسرب بها إلينا!
كل ذلك كان ، بالطبع ، وتحت تلك الظروف ، طيِّباً جداً ، ومدعاة لسعادة حقيقيَّة ، إلا شئ واحد .. أن سيادته لم يُبدِ أيَّ استعداد كي يفتح أبواب السجن ليدعنا نخرج! كان ، كلما أثرنا معه هذا الموضوع ، يصيح آمراً المساجين الذين أحضرهم لإعداد الطعام:
ـ "يا آدم استعجل المرارة .. يا هارون سِيب الفِي إيدَّك ده ونضِّف الكَمُّونيَّة كويِّس .. وانت يا كوكو لِحَدِّي دِلوَكت ما جهَّزتَ البصل والشطة"؟!
و .. لم يستطع أيٌّ منا أن يقنعه ، في تلك اللحظات ، بأننا لا نريد كَمُّونيَّة ولا مرارة ، بقدر ما نريد أن نخرج .. أن نذهب إلى بيوتنا!
تهامسنا بأن نصبر عليه ، فقد كان رجلاً طيِّباً ولطيفاً بحق. وبعد أن أكلنا سويِّاً الملح والمُلاح ، توجَّه إلى مكتبه ، فاجتمعنا وقرَّرنا أن نرسل إليه وفداً يناقشه هناك بهدوء. تم اختيار الوفد من حسين أبو صالح ومصطفى عبد القادر وشخصي. وفي المكتب تحدثنا ، وسقنا الحُجَّة تلو الحُجَّة ، حتى بحَّت أصواتنا ، وقلنا له إننا سمعنا من العساكر أن الناس زحفوا إلى سجن كوبر الأسود ، وتسلقوا أسواره المنيعة ، وحطموا بوَّاباته الغليظة ، وحرَّروا المعتقلين! لكن .. هل أجدى ذلك فتيلا؟! كلا .. مطلقاً ، فقد استعصم بمنطقه الذي أبى أن يتزحزح عنه قيد أنملة:
ـ "الشغل شغل يا أساتذة .. أيْ نعم نميري انتهى ، لكن برضو لازم ننتظر التعليمات من الرئاسة ، فـ .. ساعدونا من فضلكم بالصبُر"!
هكذا عدنا إلى من انتدبونا نجُرُّ أذيال الخيبة ، حيث اجتمعنا ، مرَّة أخرى ، وقرَّرنا ، احتراماً للرجل الذي أحسن معاملتنا طوال الأيام التي قضيناها بين ظهرانيه ، أن "نساعده من فضلنا بالصبُر" ، وأن نسلم أمرنا لعزيز مقتدر ، وأن نواصل الاستماع إلى الراديو ، عسى تتنزل علينا ، فجأة ، رحمة من عند الله وفرج قريب!
......................
......................
قبيل المغرب بقليل جاء الفرج ، من جهتين لا جهة! فقد عاد أهالي قرية دبك من الخرطوم ، بعد أن قضوا سحابة نهارهم هناك يؤدون واجب الوطن ، ولمَّا علموا بأننا ما زلنا رهن الحبس ، هبُّوا لنجدتنا ، وأحضروا كل ما لديهم من وسائل توصيل ، حتى لواري التراب! تلازم ذلك ، في وقت واحد ، مع وصول عدد من سيارات ذوي وأصدقاء وزملاء بعضنا ، حيث كانوا قد قضوا اليوم بأكمله يبحثون عنا، ولم يعرفوا بمكان اعتقالنا إلا متأخراً جداً! إكتظ الموقع بالرجال والنساء والأطفال وأبواق السيارات والهتافات والأناشيد المنطلقة من مكبِّرات الصوت ، فتنازل سيادة المدير عن موقفه ، بعد أن ظلَّ مرابضاً في مكتبه طوال اليوم يحاول الاتصال بـ (الرئاسة) ، حتى أصابه الإعياء واليأس من وصول (التعليمات)!
هكذا عُدنا إلى بيوتنا ، ومنها إلى نادي أساتذة جامعة الخرطوم.
......................
......................
حدَّثني أمين مكي ، لاحقاً ، بأنه حرص ، بعد إذاعة بيان سوار الدهب ، على استساخ صورة من (الميثاق) والنقاط الخلافيَّة بتوقيعات المندوبين ، وسلمها لعوض الكريم. ثمَّ قام ، في ما بعد ، بوضع أصل تلك الوثيقة في إطار زجاجيٍّ وسلمها للصادق المهدي. وأرجو أن تكون محفوظة ، الآن ، بدار الوثائق المركزيَّة ، فما أضرَّ بتاريخنا الوطني الحديث غير ضياع الكثير من مصادر وقائعه ، دُفن بعضها مع شهودها الموتى ، وترك ما تبقى منها لمشافهات الأحياء وذواكرهم الخربة!



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سَفِيرُ جَهَنَّمْ!
- برُوفيسورَاتُ تُوتِي!
- العَقْرَبَةُ!
- لَكَ أَنْ تَرمِيَ النَّرْد!
- شَمسٌ كَرَأسِ الدَّبُّوس!
- قصَّةُ بَقرَتَيْن!
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ - الأخيرة
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (6) (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ ال ...
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (5) (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ ال ...
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ - 4
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ الاعتِ ...
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ -3
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ ..بَينَ خَريفٍ وخريفْ: مائ ...
- طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى (الأخيرة) - ...
- طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى(2) الدِّيمُ ...
- طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى - 1
- دَارْفُورْ: شَيْلُوكُ يَطلُبُ رَطْلَ اللَّحْمِ يَا أَنْطونْي ...
- عَضُّ الأصَابع فِى أبُوجَا!
- بَا .. بَارْيَا!
- إسْتِثناءٌ مِصْرىٌّ وَضِئٌ مِن قاعِدةٍ عَرَبيَّة مُعْتِمَة!


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - كمال الجزولي - إنتَهَت اللَّعْبَة!