أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (6) (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ الاعتِبَارِ التَّاريخِى) مَا جَاءَتِ المَهديَّةُ لإِعمَارِ خَرَابِ التُّركِ بَل لأَسلَمَةِ العَالَمِ أَو الشَّهَادَة!















المزيد.....

الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (6) (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ الاعتِبَارِ التَّاريخِى) مَا جَاءَتِ المَهديَّةُ لإِعمَارِ خَرَابِ التُّركِ بَل لأَسلَمَةِ العَالَمِ أَو الشَّهَادَة!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1653 - 2006 / 8 / 25 - 11:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


"الخير فيما اختار الله .. إلاَّ نصرة ما فى"!
(ابراهيم الخليل فى مجلس الخليفة لقادة التشكيلات عشية كررى)

(12/أ)
أطفأت القاعة الفخيمة التى شهدت انعقاد (مؤتمر برلين) ، بمبادرة من ألمانيا وفرنسا ، ثريَّاتها الكريستاليَّة الضخمة التى ظلت بهـرة أنوارها تتلاصف تحت قبَّتها على مدى ثلاثة أشهر شتائيَّة ، من نوفمبر 1884م إلى فبراير 1885م. وعلى حين كان السادة مندوبو الدول الأربع عشرة المشاركة فى المؤتمر يجمعون أوراقهم من على الطاولات ويعيدونها بحرص إلى إضباراتها ، ثم يحكمون وضع معاطفهم وقبعاتهم استعداداً للرحيل ، كانت لا تزال كل العبارات والكلمات الطنانة التى انشحنت بها قراراتهم ، من سنخ (حريَّة التجارة فى حوض الكنغو) و(حريَّة الملاحة عبر الأنهار الأفريقيَّة) وما إلى ذلك ، غير كافية ، بعد ، لإخفاء الهدف الأساسى من ذلك المؤتمر: إقتسام مناطق النفوذ وسط أفريقيا بين ضوارى الإمبرياليَّة العالميَّة ، وتدشين مرحلة جديدة تخزى تاريخ العالم باختزالها لواقعه الجيبوليتيكى ، على أعتاب القرن العشرين ، إلى محض (متروبولات) و(مستعمرات)!
فى نفس تلك اللحظة التاريخيَّة كانت جحافل (الفقراء الذين لا يُعبأ بهم) تنداح على شوارع الخرطوم ، مدينة الترك حتى ذلك الوقت ، لتستكمل حلقات انتصارها المؤزر على جيوش الصلف الأجنبىِّ ، ولتمسح عرق النضال المتفصِّد فوق الجباه الأنصاريَّة النبيلة ، ولتغسل آخر قطرات الدم الغازى العالق بصفحات السيوف الوطنيَّة الماجدة ، ولتعلن ميلاد الدولة الوطنيَّة الموحَّدة والمستقلة الأولى فى تاريخ السودان ـ دولة المهديَّة.
كان ما أنجزته (الثورة) كافياً ، عند ذلك الحد ، لإعلان انتصارها الحاسم بكلِّ المعايير ، والدخول فى مرحلتها التالية: بناء (الدولة) لإعمار ما خرَّبه الترك ، وتحقيق (الوجود المغاير) ، كمردود مستحق لأولئك الكادحين (الذين لا يُعبأ بهم) ، والذين جعلوا ذلك الانتصار ممكناً ببلائهم وفدائهم العظيمين. لكن ، لئن كان ذلك هو منطق (التاريخ) ، فإن منطق (المهديَّة/الثورة) استدار ليشكل مأزق (المهديَّة/الدولة) الأكبر ، وليفرض عليها أن تعيد ترتيب أولوياتها كى ترمى بثقلها كله ، لا على طريق (تثوير) ذلك (الوجود) ، بل (هدمه) جملة وتفصيلاً ، باستكمال رسالتها الكبرى على الوجه المار ذكره: تحرير جميع البلدان الإسلاميَّة على نموذج السودان ، وحمل قيم ومبادئ دعوتها ، ولو بالقوَّة ، إلى كلِّ (العالم الماثل) ، وعلى رأس ذلك ركل الدنيا بأسرها لأجل بناء (العالم الآتى)!
كان ذلك العبء ، فى تلك المناخات الجديدة التى اجتاحت العالم خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر ، هو ، على وجه الدقة ، التحدى الأكبر الذى واجه الخليفة ، منذ أول بيعته فور وفاة قائد الثورة فى 9 رمضان سنة 1302 هـ ، الموافق 22 يونيو سنة 1885م ، بعد أقل من خمسة أشهر من انتصارها وإعلان دولتها فى 9 ربيع الثانى سنة 1302 هـ الموافق 26 يناير سنة 1885م. لذلك فإن أى تثمين لدولة الخليفة يقع ناقصاً ما لم يستصحب عِظم تلك المسئوليَّة العقديَّة (المستحيلة) التى ألزمتها بها القوانين الباطنيَّة لحركة المهديَّة ، وبالأخص على صعيد امتداداتها الإقليميَّة وبعدها العالمى ، بالدرجة التى طغى معها هذا الهمُّ الرسالى (الكونى) على الشأن (الداخلى) ، ليقلصه فى ميزان الأهميَّة ، على خطره ، إلى محض محطة عبور transit لا تكاد لحظة بلوغها تفى بأكثر من مشغوليَّة التهيُّؤ لاجتيازها! وقد كان سيدى الإمام الثائر ، عليه السلام ، هو الذى حدَّد بنفسه هذه الأوزان والمقايسات ضمن النسقين الفكرى والسياسى للدعوة. ففى رسالته الشهيرة ، مثلاً ، إلى خديوى مصر ، خاطبه بقوله:
ـ ".. أظهرنى الله طبق الوعد الصادق رحمة لعباده لأنقذهم .. وبشرنى سيد الوجود (صلعم) بالنصر .. وأخبرنى بأنى أملك جميع الأرض .. و .. هذا أوان المؤمن المصدِّق بوعد الله لا يرى لجميع ما فى الحياة الدنيا من الفانيات قيمة ولا يأسف على ما فاته .. وإنما يكون مطمح نظره إلى ما عند الله من النوال فى دار الكرامة والأفضال .. فدقق النظر واجمع عليك فكرك .. ولا تغتر بقوة حصن بلدك .. ومظاهرة دول أهل الكفر لك .. وقد حرَّرت إليك هذا الكتاب وأنا بالخرطوم شفقة عليك .. وها أنا قادم على جهتك بجنود الله عن قريب إن شاء الله تعالى ، فإن أمر السودان قد انتهى" (ن. شقير ، ص 590 ـ 594).
فى إطار ذلك المشهد ، وفى ذلك الظرف التاريخى المحدَّد ، أخذت فى التكشُّف ، رويداً رويداً ، ملامح الصدام المحتوم بين المشروع الإمبريالى القائم فى (تصدير رأس المال) والمشروع المهدوى القائم فى (تصدير الثورة)!

(12/ب)
وإذن "فإن أمر السودان قد انتهى" بانتصار (الثورة) وإعلان (الدولة). كان ذلك هو المعطى الفكرى شديد التناقض والتعقيد ، الكامن فى صلب المشروع السياسى والاقتصادى والاجتماعى للدولة الوليدة ، فى عين اللحظة التى تمت فيها البيعة لسيدى ود تورشين ، وفى حدود الممكن المتاح من مستوى الوعى الاجتماعى العام بالعصر وبالذات. فإن كان مفهوم (الدولة) ينطوى ، فى بعض تعميماته ، على دلالة الآليَّة التى تبرز ، فى درجة معينة من التطور ، للتحكُّم فى حركة إعمار (الحياة الدنيا) ، وإدارة علاقات الناس الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة التى تنشأ من خلال نشاطهم القائم فى إنتاج الخيرات الماديَّة ، تلبيةً لحاجاتهم البشريَّة ، باعتبار أن ذلك النشاط هو المحدِّد الأساسى والأهم لكافة التغيرات التى تقع فى مسار تطور المجتمع ، وفى ظل القدر المعقول من عوامل ديمومته واستقراره ، فإن مشروع (المهديَّة/الدولة) ، رغم كل الجهد الذى بذله الخليفة فى تنظيمها ، وما أبدى من عبقريَّة فذة فى هذا الشأن ، ظل مطروحاً بإلحاح على خط التناقض الجوهرى مع هذا المفهوم ، حيث كان مكبلاً تماماً بثوابت الخطاب المهدوى الصارم الذى لا محيد عنه ، والذى شكل مرجعيَّته الأساسيَّة (الزهد) المطلق فى (جاه الدنيا الفانى) و(متاعها الخسيس) ، والطلب الصادق (لنعيم الآخرة) وحده دون سواه ، دَعْ البعد الخارجى المتمثل فى (تصدير) هذه القيم والمعانى إلى العالم بأسره ، ولو بحدِّ السيف وعلى أسنة الرماح!

(12/ج)
ولمَّا كان ذلك كذلك ، فقد كان لا بد أن تصطبغ كافة ترتيبات الدولة وأولوياتها بصبغة هذا المشروع نفسه المتوطن فى معنى الإعراض المطلق عن الدنيا والتطلع للاستشهاد بإلحاح. هكذا فرض على السيوف أن تبقى مسلولة لا تهجع فى أغمادها حتى بعد انتصار الثورة ، وأن تتسارع من حولها وتائر تأسيس الدولة ، وبالأخص حاضرتها أم درمان ، لا كخليَّة حركة مدنيَّة عاديَّة تكدح فى (إعمار الحياة) ، وتحرس استقرارها وتطورها بمبادىء المساواة والإخاء والشورى وحكم القسط وسائر قيم العدالة الاجتماعيَّة ، وإنما كثكنة عسكريَّة هائلة لجنود فى حالة طوارىء مستمرة ، وجاهزيَّة دائمة stand by للقتال فى أيَّة بقعة فى العالم يُطلب منهم (تحريرها) و(أسلمتها) أو نيل (الشهادة) دون ذلك ، علاوة على ما هو مفترض فيهم أصلاً ، وفق ذات المنطق ، من "إعراض تام عن هذه الدار الفانية التى لا تزن عند الله جناح بعوضة" (كتاب المهدى لأهل مراكش المستوطنين مصر ، ضمن: ن. شقير ، ص 594).
هكذا ، وبينما كتب على العسكريَّة militarism ، من جهة أولى ، أن تتقدَّم فى مرحلة (الدولة) لتحتل ، وفق هذا التصور الدينى الخاص ، وبكل خصالها المتمثلة فى الصرامة والجديَّة وشدَّة الحزم ، موقع الصدارة من النشاط الاجتماعى ، وتطبع الحياة كلها بطابع الجفاء الغليظ على هذا النحو الذى لا يعترف بتوسُّط فى الدين أو الدنيا ، ناهيك عن عدم واقعيَّته ، أو ، بالأحرى ، عدم تأهله ذاتياً لتقدير ميزان القوَّة على الصعيدين الاقليمى والدولى ، فقد كان محكوماً أيضاً ، وبالضرورة ، أن تتراجع ، من الجهة الأخرى ، إلى المرتبة الثانية كلُّ الأنشطة الإداريَّة ، والتجاريَّة ، والزراعيَّة ، والحرفيَّة ، والتعليميَّة ، والثقافيَّة ، والإبداعيَّة ، بل وحتى الأنشطة المتصلة بالأمزجة العاديَّة ، والاحتياج الطبيعى للترويح عن النفس فى أكثر تعبيراته براءة وبساطة ، وأن تتقلص لتصبح إما محرَّمة تصعب ممارستها فى العلن ، وإما مباحة تستلحق بالمجهود الحربى ، تكرَّس لخدمته ، وتستمد مبرِّراتها من مقتضياته.
بالتبعيَّة كان منطقياً تماماً أن تترجَّح كفة الكوادر العسكريَّة فى جهاز الدولة على كفة الكوادر المدنيَّة لجهة السلطة والنفوذ والمكانة السياسيَّة والاجتماعيَّة. وفاقمت من أثر ذلك الملمح المهم لعسكرة الدولة والحياة الاجتماعيَّة عمليات التهجير الضخمة (لأولاد العرب) من الغرب إلى أم درمان والسهول الوسطى الزراعيَّة عموماً ، فى سياق تلك الموازنات القبليَّة والجهويَّة التى عَمَدَ الخليفة لانتهاجها ، كما سلفت الاشارة ، من أجل إعادة صياغة مركز الحكم فى الوسط ، وهيكلة بيئته التى اعتبرها دائماً غير مواتية لسلطته حال غلبة الأشراف و(أولاد البلد) عليها. فقبائل (أولاد العرب) الرعويَّة كانت هى القوى التى تحمَّلت القدر الأكبر من عبء القتال طوال سنوات الثورة. ثمَّ ها هى الآن تخرج من دائرة نشاطها الرعوى ، وتقاليد حياتها المتوطنة فى معانى الحريَّة والطلاقة التى لا تلائمها قيود الاستقرار الحضرى ، لتشكل عبئاً إضافياً على بيت المال ، وتستنزف غلة الجزيرة التى حُبست عليها (مكى شبيكة ؛ تاريخ شعوب وادى النيل ، دار الثقافة ، ط 2 ، بيروت 1980 ، ص 698) ، وذلك فى واقع ثقافى وديموغرافى مغاير ، بين قبائل زراعيَّة وتجاريَّة مستقرة ، تتمتع بدرجة أعلى من الوعى الاجتماعى القومى ، وتأهيل أكثر ، تبعاً لذلك ، فيما يتصل بقيادة المجتمع وتسيير دفة الحكم وبلورة فكرة الأمة (القدال ، ص 165 ـ 168) ، ويسيطر عليها الإحساس بأنها أكثر دراية بشئون الإدارة والدين والتجارة (مكى شبيكة ؛ السودان فى قرن ، لجنة التأليف والترجمة والنشر ، ط 2 ، الخرطوم 1957م ، ص 248). وبالنتيجة فإن سياسة التهجير تلك تتحمَّل المسئوليَّة كاملة عن الدمار الذى حاق بالقطاعين الزراعى والرعوى فى تلك الحقبة ، مما كان له أفدح الأثر فى حدوث مجاعة سنة 1306هـ (1888م ـ 1889م) التى حصدت من الأنفس ما لم تحصد حروب المهديَّة مجتمعة (مكى شبيكة ، تاريخ شعوب .. ، ص 698).

(12/د)
لا يخفى بالطبع ، حتى على النظر العابر ، التناقض الصارخ بين (الإعراض) عن الدنيا كقيمة أساسيَّة فى الخطاب المهدوى الذى أعاد تشكيل الوعى الاجتماعى خلال مرحلة (الثورة) ، وبين (الإقبال) عليها كاستنتاج أولى يستفاد من وقائع الصراع الذى نشب حول (السلطة) و(الثروة) ، بعد تأسيس (الدولة) ووفاة قائدها ورمزها الاستثنائى ، أى بين (خطاب الزهد) وبين (ممارسات) الشرائح الأوتوقراطيَّة والثيوقراطيَّة العليا فى المجتمع وجهاز الدولة ، وبخاصة قوى العصبيَّة العشائريَّة والقبليَّة والجهويَّة لمركز الحكم فى (الحزب التعايشى) ، والتى انطلقت تستثنى نفسها من ذلك الخطاب ، بغير أدنى مرجعية (دينيَّة) أو استحقاق (دنيوى) ، فلم تورث جماهير الفقراء الكادحين ، مِمَّن كانوا يستحقون حياة أفضل ، سوى السراب والفجيعة. لقد ظلت تلك الشرائح تبدى من روح التكالب على السلطة والثروة ، وبكافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة ، ما أدى ، فى نهاية المطاف ، إلى تفكيك الوحدة القديمة ، وتجريف الجبهة الداخليَّة ، واستشراء القهر الاجتماعى ، والاستعلاء الجهوى ، والفساد المالى والإدارى ، والاستقواء بالسلطة السياسيَّة ، والاحتماء بالمنعة الحربيَّة ، والانفراد بمرجعية التأويل الدينى لظواهر الصراع السياسى ، على النحو الذى أفاض الشيخ بابكر بدرى فى وصفه وتفصيله.
ولئن كان ذلك التناقض مستبعداً ، يقيناً ، خلال مرحلة (الثورة) ، حيث لم يكن لدى الثوار ما يخشون فقدانه ، وحيث شكلت أيديولوجيَّة (الزهد) ذاتها القوة الرافعة والمفجِّرة ، أوان ذاك ، لطاقاتهم الثوريَّة ، فإنه ، بعد تأسيس (الدولة) ، كان بالقطع أمراً محتوماً ، حتمية الصراع نفسه كسنة كونيَّة وقانون تاريخى ، بكلِّ ما حمله الاستبشار بتلك (الدولة) من طاقة الانعاش للشعور الذى ظلَّ كامناً ، ولا بُدَّ ، فى وجدان أولئك الكادحين ، بحقهم المستحق فى بناء ذلك (الوجود المغاير) الأكثر عدلاً وإنسانيَّة واستقراراً بعد القضاء على أوضاع الظلم التركى.
بعبارة أخرى فإنه لا يصعب على النظر المستبصر لأصل هذه الإشكاليَّة أن يلحظ بكثير من اليسر ، كما سبق وألمحنا ، أن فكرة (الحياة الدنيا) لم تكن مطروحة أبداً فى سياق الخطاب المهدوى (كعلاقات) تستهدفها (الثورة) بالرشد والصلاح ، وفق مبادىء العدالة الاجتماعيَّة نفسها فى الإسلام ، أو تتناولها برامج (الدولة) بالتغيير الشامل لصالح الثوار الكادحين الذين حملوا عبء ذلك التغيير المنشود على عواتقهم منذ البداية ، وإنما (كمفسدة) مطلقة و(باطل) صراح ينبغى (الزهد) فيه و(الإعراض) عنه فى كل الأحوال! ولما كان ذلك مطلباً عصيَّاً على الفطرة وطبائع الأشياء ، فقد كان محتوماً أن تتخد (الدنيا المحرَّمة) لنفسها مسرباً آخر (ملتوياً) ، وأن يصطدم (الحلم) ، فى نهاية المطاف ، بالتناقض الفاجع بين (الخطاب) وبين (الممارسة) ، بين (مثال الثورة) الذى تشرَّبته جماهير الكادحين من تعاليم الامام الثائر ، وبين (واقع الدولة) حين ألفى أولئك الكادحون أنفسهم فى جحيم الفقر والمجاعة ، بينما الشرائح المتحلقة حول مركز الحكم لا تكفُّ عن جنى ثمار (قربها) و(ولائها) بكلِّ السبل! وكم كان الأمير الزاكى عثمان صادقاً ، للعجب ، ويا له من صدق مرذول ، وهو ينطق بلسان تلك الشرائح فى مجلس شورى الخليفة الأخير قبل (كررى) ، فيستثير غضبه بكلماته الخشنة وتعبيراته الخرقاء ، مِمَّا سلفت الاشارة إليه.
(نواصل)



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (5) (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ ال ...
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ - 4
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ الاعتِ ...
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ -3
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ ..بَينَ خَريفٍ وخريفْ: مائ ...
- طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى (الأخيرة) - ...
- طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى(2) الدِّيمُ ...
- طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى - 1
- دَارْفُورْ: شَيْلُوكُ يَطلُبُ رَطْلَ اللَّحْمِ يَا أَنْطونْي ...
- عَضُّ الأصَابع فِى أبُوجَا!
- بَا .. بَارْيَا!
- إسْتِثناءٌ مِصْرىٌّ وَضِئٌ مِن قاعِدةٍ عَرَبيَّة مُعْتِمَة!
- خُوْصُ النَّخْلِ لا يُوقِدُ نَاراً!
- التُّرَابِى: حَرْبُ الفَتَاوَى!
- سِيْدِى بِى سِيْدُوْ!
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ (الحلقة الأخيرة) مَا العَمَ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (13) الوَطَنُ لَيسَ (حَظَّ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (12) وَطَنيَّةُ مَنْ؟!
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! إِشَارَاتُ -أُوْكامْبُو- و ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (10) إنقِلابُ اللِّسَانِ ا ...


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (6) (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ الاعتِبَارِ التَّاريخِى) مَا جَاءَتِ المَهديَّةُ لإِعمَارِ خَرَابِ التُّركِ بَل لأَسلَمَةِ العَالَمِ أَو الشَّهَادَة!