أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - سِيْدِى بِى سِيْدُوْ!















المزيد.....

سِيْدِى بِى سِيْدُوْ!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1493 - 2006 / 3 / 18 - 11:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


"لئن نطرح سؤالاً واحداً صحيحاً خيرٌ من أن نعرف كلَّ الاجابات"!
ـ جيمس ثيربر ـ

قد لا يحتاج المرء ، أصلاً ، إلى بذل أىِّ قدر يذكر من الجهد لتحشيد البيِّنة على ما ظلت تعانيه (المؤسَّسة الانقاذيَّة) ، طوال سنواتها الماضية ، من بؤس فى إدراك العنصر الجوهرى للبعد الخارجى فى الأزمة السودانيَّة الداخليَّة. فمثل هذه البيِّنة ظلت مبذولة على الدوام ، وبأريحيَّة تامَّة تيسِّر للرائح والغادى التقاطها ، فى قارعة طريق السياسة العام ، منذ تأييدها انتهاك صدَّام حسين (لسيادة) الكويت ، مروراً (بتورُّطها) فى محاولة اغتيال حسنى مبارك ، وليس انتهاءً (بغرقها) الفادح فى (شِبر ماء) أزمة دارفور التى لم تكتف بإشعال فتيل الأزمة فى العلاقات مع تشاد ، فحسب ، بل ها هى (تسحب) معها أرجل النظام إلى أزمة أكبر مع القارة بأسرها!
عنوان هذه الأزمة هو: النزوع (الانقاذى) المزمن لإحلال (الوهم illusion) محل (الواقع reality) ، بما يطوِّح بغالب خيارات النخبة الحاكمة فى سباسب لا إعلام لها من (الألاعيب الصغيرة) ، بتعبير صديقنا عادل الباز ، و(الساذجة) بالاحرى ، بدلاً من التماس شئ من نفاذ البصيرة ، ولو بأقلِّ القليل من إعمال النظر كما ينبغى ، فى حقائق الجغرافيا السياسيَّة المتداخلة ، من حولنا ، مع متغيرات الاستراتيجيات الدوليَّة التى ما انفكُّـت تمور وتصطرع على أسس وكيفيَّات جديدة متجدِّدة ، منذ الأحداث الدراماتيكيَّة الكبرى لانهيار جدار برلين وزوال الاتحاد السوفيتى والمعسكر الاشتراكى ، والتى تزامن وقوعها ، لسوء حظ (الانقاذ) نفسها ، مع أول بروزها فى الساحات الثلاث ، الوطنيَّة والاقليميَّة والدوليَّة ، فى خواتيم ثمانينات القرن المنصرم ومطالع تسعيناته.
لكن هذه البيِّنة ، مع كلِّ وفرتها الوافرة ، لم يحدث أن تجلت بمثل هذه الفداحة البادية الآن ، وسط هذا (المهرجان) المنصوب للحرائق الوطنيَّة من اقصى البلاد إلى أقصاها ، دَعْ المكابرة والمغالطة ، ضغثاً على إبالة ، فى شأن تحمُّل تبعاتها والمسئوليَّة عنها ، مِمَّا أضحى طابعاً يسِمُ ، بثبات مدهش ، أداء هذه النخبة كلما حزب الأمر وتمخض قصر نظرها عن كارثة وطنيَّة ماثلة أو محدقة. أقرب مثال على ذلك كونها ، وبعد أن فرغت نهائيَّاً من تقعيد بلادنا جيِّداً فى عين عاصفة التدخلات الاجنبيَّة ، بتغليبها ، هى وليس سواها ، التعويل على (الألاعيب الصغيرة الساذجة) فى جبهة السياسة الخارجيَّة ، بدلاً من الالتفات ، بجديَّة وواقعيَّة ، إلى أهميَّة وضرورة ترميم شروخات الجبهة الداخليَّة ، تنقلب الآن لتحمِّل مُجمل الحركة السياسيَّة الوطنيَّة تبعات ذلك والمسئوليَّة عنه! وليتها فعلت هذا بالاقدام على توسيع قاعدة الحكم ، والمشاركة فى اتخاذ القرار ، وإجراء الاصلاحات السياسيَّة والدستوريَّة والقانونيَّة المطلوبة فى جبهة الحقوق والحريات والمساءلة والشفافيَّة والعدالة الانتقاليَّة وكلِّ ما يستحيل (نعم يستحيل) بدونه إنجاز أدنى فلاح فى تطبيق اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالى .. ولكن هيهات! فقد عمدت ، بدلاً من ذلك ، إلى ابتزاز الجميع بكفكفة أطراف المسألة برمتها إلى صيغة سؤال يتيم بائس وممعن فى الخطأ ، قذفت به ، من ثمَّ ، فى وجوه الجميع: هل تفبلون التدخل الأجنبى أم لا؟! وإن جاز لنا أن نستطرد هنا فإن (البؤس) قد حاق بالآخرين أيضاً ، للأسف ، حين قبلوا ، وبسلاسة منقطعة النظير ، أن يُستغفلوا بمثل هذه (الشطارة) ، دون أن يجرؤوا على استبدال سؤال (الشارع) بسؤال (السلطة) ، حتى من تحت قبَّة البرلمان (الافتراضى) الذى يُعتبر ، وإلى حين إشعار آخر ، المنبر الوحيد المرموق الذى يجدر طرحه فيه: كيف نتفادى التدخل الأجنبى؟!
الشاهد أن الحكومة ما أن تلقت الاجابة المتوقعة ، والتى تناسبها (الآن) تماماً ، والتى لا أرضاً ستقطع ، بالمناسبة ، ولا ظهراً ستبقى ، حتى انطلقت ، لا تلوى على شئ ، تواصل التحضير للقمَّة العربيَّة القادمة ، مؤمَّلة أن تحقق فيها من النجاح ما لم تصادف فى القمَّة الأفريقيَّة الفائتة ، دون أن تسأل نفسها: كم من رؤساء عرب أفريقيا (تفضَّلوا) وشرَّفونا بحضور قمَّتها؟! فلكأنها لم تدرك ، بعد ، أن مواقف هؤلاء وأولئك ليست مِمَّا يمكن أن يُتوسَّل إليه (باليخوت) و(القصور) و(الكرم الحاتمىِّ) أو ، للدِّقة ، (بالمال المُهدَر) على حساب ميزانيات القوت والصحة والتعليم!
ما ينبغى أن يُقال (للانقاذ) بالصوت العالى ، بدلاً من الزعيق والمزايدة وممارسة شتى أصناف الهروب إلى الامام ، هو:
(1) أن السودان ليس مُهدَّداً ، فحسب ، بخطر التدخل الاجنبى ، بل لقد انحشر ، بالفعل ، فى قلب هذا الخطر!
(2) أن هذا الواقع المُزرى لم يحدث الآن فجأة أو بالصدفة ، وإنما ظل يحدث من زمن طويل ، بسبب قصر النظر (الانقاذى) الذى فضل الحلول (الخارجبَّة) على (الداخليَّة) ، ربما (توهُّماً) من عند نفسه بأن تؤمِّن له (التحالفات الأجنبيَّة) قبضة أقوى على البلاد والعباد ، فرتب لأن يعود الحذاء العسكرى الأجنبى ليطأ تراب الوطن مجدَّداً ، وذلك باتفاقيَّة سويسرا لجبال النوبا ، واتفاقيَّة السلام الشامل نفسها التى مهَّدت طريق القوات (الدوليَّة) إلى الجنوب والنيل الازرق والشرق .. بل والخرطوم ، وربما ليس انتهاء بجحافل جيوش (الدول الأفريقيَّة) فى دارفور!
(3) أن هذه الجيوش ، أفريقيَّة كانت أم آسيويَّة أم أوربيَّة أم أمريكيَّة ، جميعها فى انتهاك (السـيادة) ، بالمفهوم التقليدى ، سواء! فعناصرها ، فى النهاية ، إن كان لا بُدَّ من فتح سيرة (السيادة) عن آخِرها ، ليسوا من الفور أو الزغاوة أو الدينكا ، ولا حتى من الجعليين أو الشايقيَّة أو البجا! ويدهشنى ، بل يحيِّرنى كثيراً ، كيف فات على (الهارجين بالوطنيَّة) فى الشوارع والصحف إدراك مسألة (وطنيَّة) واضحة كهذه! أم تراهم يدركونها ولكنهم يزايدون؟!
(4) أن طاحونة المصالح الاستراتيجيَّة الدوليَّة تدور .. تدور ، ولا تكفُّ عن الدوران. وواهم ، بل ساذج من يظن بها خيراً ، أو بمن يقفون وراءها مثقال ذرة من الطاقة (الاخلاقيَّة) على حفظ (جميل) يسديه إليهم كائن من كان! ولذا فإن من يفكك جبهته الداخليَّة طمعاً فى (دعم) أجنبى ، إنما (يقامر) بفتح بوَّابات بلاده على مصاريعها لأضراس هذه الطاحونة كى تعمل (طحناً) فى مقدَّرات الشعب والوطن. وتأسيساً على هذه الحقيقة الساطعة ، والتى تعضدها الشواهد الاقليميَّة بأكثر من وجه ، فإن أصوب وأقوى وأأمن ما يمكن عمله ، ليس المظاهرات والمواكب أو الشعارات والخطب الرنانة ، بل ببساطة .. توحيد الجبهة الداخليَّة. لكن هذا الهدف ، بدوره ، مِمَّا يستحيل الوصول إليه ، كما نوَّهنا ونوَّه الحادبون كثيراً ، إلا بمراعاة أشراط محدَّدة لطالما بُحت الحناجر وأهرقت الأحبار فى تصنيفها والتنبيه إلى ضرورتها الحاسمة.
بدون وضع هذه الحقائق فى الاعتبار فسنظل ندور فى حلقة شيطانيَّة مفرغة ، نتصايح مطالبين ، والوطن يصرخ تحت حدِّ السكين ، بأننا (نفضل) ذبحه بأيدى (الاخوة) الأفارقة ، أو نستنجد ، فى الساعة الخامسة والعشرين ، بنخوة (الاشقاء) العرب ، متغافلين ، فى الحالين ، عن الحكمة الشعبيَّة القائلة: إن (سيدى بى سيدو)!
على الانقاذيين أن يدركوا أن دونهم فرصة قلما يجود التاريخ بمثلها. فليعكفوا الآن ، الآن .. وليس غداً ، على توحيد الوطن باصطفاف جديد يضمنون لهم موقعاً فيه ، وإلا أمست السلطة جمرة فى أكفهم! وليدعوا الركض وراء السراب تعويلاً على حوائط (خارجيَّة) مائلة (يعربنونها) بتخوين الآخرين فى وطنيَّتهم! وليعلموا ، يرحمهم الله ، أن (اليخوت) و(القصور) وسائر (الصرف البذخى) ، تقطيعاً من لحم الفقراء ، على قمة (أفريقيَّة) مضت وأخرى (عربيَّة) آتية ، لن يجلب لبلادنا عُشر معشار (سلعة تام زينو) المُحرَّمة ، كما فى المثل الشائع!



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ (الحلقة الأخيرة) مَا العَمَ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (13) الوَطَنُ لَيسَ (حَظَّ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (12) وَطَنيَّةُ مَنْ؟!
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! إِشَارَاتُ -أُوْكامْبُو- و ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (10) إنقِلابُ اللِّسَانِ ا ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (9) سَيادَةُ مَنْ؟!
- التَوقِيعُ على -نِظَامِ رومَا-: غَفْلَةٌ أَمْ تَضَعْضُعْ؟ومَ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (7) طَريقَانِ أَمامَكَ فَا ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (6) مَطْلَبٌ ديمُقرَاطِىٌّ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (5)المَسَارُ التَّاريخِىُّ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (4) الحَرْبَانِ العَالَميّ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ!
- وَمَا أَدْرَاكَ مَا الآىْ سِىْ سِىْ مِنْ حُقوقِ الدُّوَلِ إل ...
- السُّودَانْ والآىْ سِىْ سِىْ: بَيْنَ المَبْدَئِى وَالعَارِضْ ...
- القَابِليَّةُ للقَمْعْْ!
- الكِتَابَةُ: شِفَاءٌ أَمْ .. تَشَفِّى؟!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 66
- كَوَابيسُ السَّلام!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 4ـ6
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 5ـ6


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - سِيْدِى بِى سِيْدُوْ!