خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 2072 - 2007 / 10 / 18 - 12:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جرائم الاحتلال كثيرة لا تعد ولا تحصى، وجرائم المستوطنين-- الذين هم مخلب الاحتلال واحد أهم إفرازاته-- تفوق بوحشيتها كل ما قد يتخيله العقل البشري.. والسلوك الوحشي للمستوطنين، ينبع من العقائد الموغلة بالتطرف التي يغرسها في عقولهم حاخاماتهم الأشد تعصبا وعنصرية بين حاخامات إسرائيل، أولئك الحاخامات الذين يعبئون المستوطنين بالحقد والكراهية ضد كل ما هو عربي وفلسطيني، ويحرضونهم على ارتكاب كل الجرائم ضد سكان البلدات الفلسطينية كجزء من عباداتهم، وذلك للضغط عليهم لهجر أراضيهم وتركها كي يسهل على المستوطنين الاستيلاء عليها، وكان للدعم والحماية والتشجيع الذي يتلقاه المستوطنين من قبل جيش الاحتلال وقادة دولة إسرائيل، الأثر البالغ على حجم وقسوة أنشطتهم، فهم دائما فوق القانون بل وبحمايته، وبالنسبة للفلسطينيين يعتبر المستوطنون اخطر ذراع للاحتلال، فهم ميليشيا مسلحة ومدربة تلقى معظمهم تدريبا في صفوف الجيش، وهم الفئة المدللة التي وحسب الإحصائيات الإسرائيلية تسخر لهم الدولة كل الموازنات، ويسخر لهم الجيش جزءا كبيرا من طاقته لحمايتهم، وتوفير الأمن والأمان لهم في مساكنهم وأعمالهم وفي تنقلاتهم، وبالاعتماد على ذلك الدعم اللا محدود الذي يتلقاه المستوطنون من قبل الجيش-- يخوض أولئك المستوطنون حربهم الدائمة ضد السكان العرب، ولم يعد هناك من سلاح إلا واستخدمه المستوطنون ضد شعب فلسطين، وجرائمهم تتنوع وتتطور باضطراد، وأدوات حربهم غير محددة، فمن عمليات القتل المباشر بإطلاق النار على الفلسطينيين، إلى حوادث الدهس على الطرقات، ومن حرق المحاصيل وقطع الأشجار وتجريف الأراضي، إلى مصادرتها وإقامة البؤر الاستيطانية الجديدة عليها، ومن تخريب مصادر المياه بتسميم الآبار أو ردمها، إلى توجيه مجارى المستوطنات نحو أراضي الفلسطينيين وأماكن سكناهم، ومن منع الفلسطينيين من جني ثمار كرومهم المحاذية للمستوطنات، إلى تحويل أراضيهم إلى مكب للنفايات السامة.. وتطول قائمة الجرائم أكثر فأكثر، وكلها وفق القوانين الدولية تعتبر جرائم حرب، وهو ما أكدت عليه فتوى لاهاي التي نظرت في قضية جدار الضم والاستيطان، واعتبرت في نصوصها أن وجود الاستيطان غير شرعي.
لكن العقلية الإجرامية للمستوطنين اليهود لم تتوقف عند هذا الحد، وتفتقت عبقريتها الجهنمية عن سلاح جديد لم يستخدمه احد من قبل، انه الخنازير البرية، السلاح الشيطاني الرهيب المضمون الفعالية، وقد بدأ المستوطنون باستخدامه بهدوء وبعيدا عن الأضواء منذ سنوات، وهو سلاح موجه لا يلحق الضرر بالمستوطنين ولا بدولة إسرائيل-- نظرا لوجود الأسلاك الشائكة التي تحيط بالمستوطنات من كل الجهات، ولوجود الجدار العازل الذي يحيط بالمناطق الفلسطينية برمتها، لكن آثار هذا السلاح المدمرة لم تبدأ بالظهور المكثف في المناطق الفلسطينية إلا قبل مدة قصيرة.
لقد بدأت قصة استخدام هذا السلاح بقيام غلاة المستوطنون بجلب أعداد من الخنازير البرية، بسرية تامة إلى حظائر خاصة داخل مستوطناتهم، ثم قاموا بإطلاقها باتجاه القرى والأراضي التي يملكها الفلسطينيون، وقد تمت عملية الإطلاق من أكثر من مستوطنة وفق خطة مدروسة بعناية، وقد أفاد شهود عيان فلسطينيون أنهم شاهدوا بأم أعينهم شاحنة إسرائيلية تتوقف بالقرب من أراضي قرى سبسطية والناقورة ودير شرف الواقعة غربي مدينة نابلس وبمحاذاة مستوطنة ( شافي شومرون اليهودية ) وقام مستوطن إسرائيلي بفتح أبواب الشاحنة وإطلاق عشرات الخنازير لتدخل الحقول الواقعة في تلك المنطقة ( وهي رواية سبق أن نشرتها الصحف الفلسطينية اليومية ).. وبدأت هذه الخنازير بالعيش والتكاثر في الأودية-- حيث مجاري المياه العادمة-- وفي المناطق المهجورة التي لا يستطيع السكان الوصول إليها، لقربها من المستوطنات، ونظرا لان الخنازير تعتبر من الحيوانات الأكثر تكاثرا-- حيث تلد الأنثى في البطن الواحد ما بين 4 إلى 6 خنانيص في فترة حمل قدرها 115 يوم فقط-- وقد وصلت أعدادها الآن إلى الألوف، وهي متواجدة اليوم في معظم المناطق الفلسطينية-- وخصوصا مناطق الأغوار والمناطق الشفا غورية والمناطق المحاذية للمستوطنات وخاصة منطقة نابلس وواد الفارعة-- وأصبحت هذه الحيوانات مع الأيام تشكل خطرا فعليا على حياة السكان ومزارعهم، وأصبح مألوفا أن تتواجد هذه الخنازير ( فرادى وعلى شكل قطعان ) بالقرب من بيوت المزارعين لتسبب رعبا للسكان، وتقوم باستباحة مزارعهم بشراهة منقطعة النظير، وتقتات على محاصيلهم بسرعة فائقة، ملحقة بهم أفدح الخسائر ، ونظرا لضعف إمكانيات السلطة الوطنية ووزارة الزراعة الفلسطينية، ونظرا للقيود التي تفرضها سلطات الاحتلال على تحرك السلطة الفلسطينية في المناطق المسماة ( C ).. فانه لمن المنتظر أن تتحول هذه الحيوانات الخطيرة وفي غضون سنوات قليلة، إلى وباء كبير يهدد حياة السكان ويهدد الإنتاج الزراعي الفلسطيني برمته..
وقد تسببت هذه الحيوانات الخطيرة بموت اثنين من المواطنين الفلسطينيين-- من قريتي سبسطية ودير شرف-- ويقول مزارعي واد الفارعة أن الخنازير تتسبب لهم باستمرار بخسائر كبيرة، جراء التهامها لمحاصيلهم وخاصة النباتات التي ثمارها تحت الأرض كالبطاطا، كما وأفاد سكان قرية تل الواقعة إلى الغرب من مدينة نابلس-- أن الخنازير تتكاثر في منطقتهم بشكل مضطرد، وتسبب الهلع لأطفالهم، وقال احد سكان القرية انه اضطر لملاحقتها واستطاع القضاء على ثلاثة منها.. أما سكان مناطق الجدار شمال وغربي محافظة جنين، فقد أكدوا من خلال بحث قام به احد الناشطين في الحملة الشعبية لمقاومة الجدار-- أن ظاهرة الخنازير موجودة وان التكاثر المتسارع لهذه الحيوانات، وعدم وجود الوسائل الملائمة لمكافحتها، سيجعلها في غضون سنوات قليلة عدو رئيسي وخطير للسكان، وفي منطقتي قلقيلية وسلفيت يقول سكان القرى المحاذية للمستوطنات، أن ظهور الخنازير في أراضيهم وبالقرب من منازلهم أصبح أمرا غير مستغرب، ولا يملك المواطنين الوسائل الملائمة التي تعينهم في القضاء عليها، أو حتى طردها من كرومهم وحقولهم.
إن مكافحة هذه الآفة تعتبر الآن ضرورة قصوى ولا تحتمل التأخير، ولا بد من النظر إليها كجزء لا يتجزأ من الكفاح الوطني.. الأمر الذي يتطلب حشد طاقات العديد من الوزارات والدوائر الحكومية الفلسطينية وكذلك المؤسسات الأهلية العاملة في المناطق الريفية، والقيام بحملة وطنية شاملة لإرشاد وتأهيل الفلاحين في سبل مواجهة هذه الآفة وتدريبهم على أساليب مكافحتها وتنظيم فرق عمل من المتطوعين لملاحقة هذه الخنازير والوصول إلى أوكارها مباشرة.
مسئول العمل الجماهيري في الإغاثة الزراعية
مخيم الفارعة
17/10/2007
#خالد_منصور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟