أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاضل الخطيب - الأكراد بين شرعية الحدود والوجود!















المزيد.....

الأكراد بين شرعية الحدود والوجود!


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 2064 - 2007 / 10 / 10 - 08:03
المحور: حقوق الانسان
    


عندما سألته: هل أنت كرديّ؟
أجابني فوراً: "لا,... أنا شيوعيّ"!
كان ذلك قبل أكثر من ثلاثين عاماً, وكنت وقتها أحمل في ذهني حكماً إيجابياً مسبقاً تجاه كل كردي.

لا شيوعية بكداش ـ الكردي الأصل ـ, ولا سياسة الأنظمة القومية في المنطقة, ولا السياسة الأممية السوفييتية تجاه القوميات, ولا حقوق الإنسان والديمقراطية الغربية, ولا زعماء الأكراد أنفسهم ـ وما أكثرهم ـ استطاعوا حل أو حلحلة الظلم الذي يعانيه كل من وُلد كردياً في أرض أهله وأجداده!

لم يشفع لهم إسلام صلاح الدين الأيوبي وفروسته لا عند العرب ولا عند الفرس ولا عند الترك, لم يشفع لهم نضال يوسف العظمة ولا إبراهيم هنانو, لم تشفع لهم العشرات والمئات من الأعلام الكردية والتي تحشو كتبنا, بأنها عربية.

إذا كان العرب "خير أمة أخرجت للناس", واليهود "شعب الله المختار", فهل يكون الأكراد "أتعس أمة أخرجت للناس", وهم بنفس الوقت "شعب الله المحتار"!

مما لاشك فيه أن المسألة أو المشكلة أو القضية الكردية حقيقة موجودة وهي وصمة عار في جبين حكومات وزعماء وشعوب المنطقة والعالم كله, لأن الجميع مسؤول عنها ومنذ زمن طويل.

في مؤتمر جبهة الخلاص الوطني المنعقد في برلين الشهر الماضي أخذ هذا الموضوع وقتاً ليس بالقليل, وكان مليئاً بالصراحة, وتمّ تناول الموضوع من زوايا عديدة ـ أحياناً حادة وأخرى منفرجة ـ, لكن حيف(ظلم) السنوات الطويلة وما خلّفه وحمله معه من ترسبات وشوائب إجتماعية وقانونية وقومية وأخلاقية, ليس من السهل تجاوزه وتقديم الحلّ المنشود والمشروع وفق علاقات العصر وأخلاقية إنسانه وحضارته.

إنه من السذاجة تصوّر أن إصدار قرار أو مرسوم تشريعي كافٍ لحل القضية, لكنه بالتأكيد لا بدّ من وجود النية والقرار السياسي, والموقف السياسي الإيجابي تجاه حلٍّ عادل وحضاري للمسألة الكردية موقف مطلوب لكنه لا يكفي.

بين العرب قوميون متزمتون وعنصريون ـ مثل أية قومية أخرى ـ وحل القضية الكردية يجب ألا يكون سبباً لخلق قضايا جديدة وصراعات جديدة,
وندرك أن العالم يكافئ دائماً من يقوم بحل المشكلة وليس مسببها! فهل يستطيع المُسَبِّب المساهمة في الحل؟.
وجوهر المشكلة بأن الغالبية ـ وهنا العرب ـ يقومون بتنفيذ كل شيء كما لو كان غالبية سكان المناطق الكردية عرباً, أي أن السياسة الحكومية تجاه المناطق التي تقطنها غالبية كردية لا تختلف عن السياسة الحكومية تجاه باقي مناطق البلاد ـ من الناحية القومية ـ وربما أسوأ, وبالمقابل تريد وتسعى "الأقلية" وهم في هذه المناطق "أغلبية" لانتهاج سياسة ثقافية وتعليمية وحتى في الإدارة الذاتية تكون لها خصوصيتها وطابعها الذي يميزها.
ويمكن القول أن الأكراد لا ينتظرون تنازلات من العرب, بل يطلبون حقوقاً مشروعة!.

كان لي حديث في يوم من الأيام مع أحد السوريين وهو يحمل شهادة دكتورة ويعيش في أوربا وينحدر من أصول مسيحية, قال بقناعة البعثي أن السريان والآشور والكلدان وغيرهم من أبناء بلاد الهلال الخصيب ـ قال ـ إنهم عرب الشمال!
وفي لقاء قبل سنوات مع أحد القوميين العرب ـ بعثي قديم ومسؤول حكومي وحزبي سابقاً ـ طرح أحد أصدقائي الأكراد بأنه هل يحق له أن يحلم ببناء دولة كردية؟ طالما أن ظروف إقامتها في هذا الزمن غير متوفرة أو غير مسموح بها, لكنه هل مسموح الحلم بها؟
وكان رد الرفيق البعثي: أن وجود دولة كردية يضعف الأمة العربية!!
لا أفهم الربط المنطقي بين الإثنين ـ ضعف الأكراد قوة للعرب ـ وحتى لو كان ذلك صحيحاً فما ذنبهم ليكونوا مادة لقوة "أمتنا العربية".
بعد هذا اللقاء قال صديقي مازحاً "هل كان ابن بلدكم سلطان باشا الأطرش بحاجة لهذه المرجلة والوطنية ضد الفرنسيين حتى جاءنا هذا الفكر وهذا العصر", ورددت عليه مازحاً ومتسائلاً "وماذا تقول عن ابن جلدتكم صلاح الدين الأيوبي".
دُعيت مرة إلى احتفال كردي ـ وللحقيقة أنني دائماً أحضر غالبية المناسبات الكردية ـ وعند مدخل باب القاعة حييّت شاباً مسؤولاً عن تنظيم الاحتفال باللغة العربية ولم يرّد عليّ التحية لأنني لم أتكلم بالكردية (أو لأنني تكلمت بالعربية)! وبعدها قلت لأصدقائي الكرد "أن الشعب الكردي من أفضل شعوب العالم, لكن العربي أفضل منه شوية", وضحكنا عن وعلى الشوفينية أينما كانت!
أردت من هذه الأمثلة ملامسة تشعبات المسألة القومية في بلادنا, إنها مشكلة إجتماعية وسياسية وحقوقية وهي بنفس الوقت مشكلة سياسية خارجية ـ تركيا وإيران ـ. والتعصب القومي موجود هنا وهناك, ولا يجوز تجاهل أنه في سوريا قوميات أخرى غير الكردية "عرب الشمال".

إنني على قناعة بأن تطور بلدنا الحضاري مرتبط لدرجة كبيرة بمستوى الوعي الاجتماعي والسياسي التي سيتم فيها التعامل مع القوميات والديانات الأخرى صغيرة كانت أم كبيرة ومن خلال الموقف من المرأة, وقبل كل شيء الحدود التي يقف عندها الدين واستقلاليته عن الدولة, إنها أمور متعلقة ببعضها بشكل قوي.
وعندما يقول الأوروبي أن العرب يعيشون في بداية القرن الخامس عشر ـ نسبة للتقويم الهجري ـ وأننا نعيش عقلية وحضارة القرون الوسطى التي عاشتها أوربا, وأمثلتهم كثيرة ليس فقط التقويم(الروزنامة), منها بن لادن وعندنا أمثلة أكثر ندركها ونعيشها, منها بن لادن "لايت", أو حماس وحزب الله والتنظيمات الأصولية الشبيهة والتي نتمنى أن نستطيع التمييز بينها وبين المعتدلين, أو يتبين فيما بعد أننا كنا ساذجين!
وعلينا عدم النسيان أنه حتى أغبى السياسات تجد لها جماهير!

مهما حاول البعض تجنب المشكلة ـ أو التقليل من حجمها ـ لكنها حقيقة موجودة, والسؤال الرئيسي هو: يا ترى هل نحن قادرون على حلّها بالمستقبل؟ بعد إقامة البديل الديمقراطي, وهل توجد النيّة الصادقة؟.
إن تنظيمات المعارضة الوطنية السورية سواء جبهة الخلاص أو إعلان دمشق بحاجة ـ برأيي ـ أن يكون لها سياسة واضحة ومتفق عليها من قبل الجميع تجاه الأقليات.
إن حكّام العرب تضطهد الأكراد منذ مئات السنين, تارةً باسم الإسلام وتارةً باسم القومية ووحدة الأرض وكأنّ ذلك أمرٌ طبيعيً, ونشنّ حملة هستيرية لو قام أحد الأكراد أو مجموعة منهم بالمطالبة بحقوقهم.
أعتقد أن الموقف الأخلاقي والحضاري يدعو للوقوف مع الأكراد من أجل استعادة حقوقهم, والموقف الأخلاقي والحضاري يدعو للوقوف ضد الذين يتحدثون عن وحدة العراق من خلال تفجيراتهم.

رغم قناعتي بأن الاعوجاج لا يقوّم بالاعوجاج, لكن تقرير المصير لا يسمى شوفينية, وقنابل الزرقاوي وفكره لا تسمى صوت الأرض ووحدة الوطن!

إن الأقلية الكردية بحاجة إلى أقلية سياسية عربية تقف بجانبها قبل أن يعتذر صلاح الدين ويوسف العظمة وإبراهيم هنانو وغيرهم من الأكراد الذين "يضعفون أمتنا القوية"!
بودابست, 10 / 10 / 2007. د. فاضل الخطيب.



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضبابٌ سوريٌ في يومٍ مشمس!
- دمشق تنتقل إلى برلين!
- سورية- معارضات بلا حوار في دولة بشار
- رابعة العدوية والعشق الإلهي السوري
- حزيران بين الصُوَر
- سبع وسبعة ودبيكة و-كمشة- تسعات
- تليفون الإستفتاء
- قبل الإستفتاء
- الديكتاتور والديكتاتورية قديماً وحديثاً
- انتخابات ديمقراطية في سورية الأبية
- أريد أن أكون وزيراً
- وجهتي نظر لقضية واحدة-لباس المرأة
- بيعة وبيّاعين في سوق البعثيين
- السارق والسرقة
- حلمٌ غريبٌ في بلد إسمه سوريا
- نفاق الرفاق ديالكتيك العبد والقبضاي
- الحوار السياسي, هل نتعلمه؟
- تزمير وتثاؤب
- محطات ليست بعيدة عن السياسة
- من نظام الحزب الواحد إلى الديمقراطية! تجربة المجر


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاضل الخطيب - الأكراد بين شرعية الحدود والوجود!